أنليف و فيلنا - 4
الفصل يحتوي على مشاهد مرعبة قد لا تعجب الجميع .
وجه “أنليف” كلامه لـ “ريميسا” :
_سأمنحك فرصة أخيرة، هل ستخبريني بما تعرفين؟… ما هدف المنظمة ؟ ومن يتزعمها ؟
” ريميسا” :
_لا تحاول، فأنا لن أخون منظمتي حتى لو أدى هذا لمماتي.
_أحببت إصرارك هذا، أتمنى لو كان كل البشر مخلصون مثلك يا “ريميسا”.
رفع “أنليف” يده التي تحمل السوط عاليا، وجلد بها السجينة المسكينة ، صرخاتها تدل على العذاب الشديد الذي تتعرض له ، لكن مهما اشتدت الصرخات لن يسمعها أحد لأن الغرفة عازلة للصوت، وهكذا يكون كل ما يحدث سريا، لا يعرفه سوى الجلاد وضحيته.
جلدة وراء جلدة ، جلدة بعد أخرى، حتى تورم جسدها تورما وسال دما.
قال “أنليف” بخيبة أمل:
_ألن تبوحي بما تعرفينه؟
ثم قال بغضب:
_هذا مؤسف لك، لأنني لم أنتهي بعد.
أخذ “أنليف” هذه المرة حذاء المسامير.
( حذاء المسامير هو حذاء خشبي بداخله مسامير حادة جدا )
البسها الحذاء بعدما أزال السلاسل التي تلتف حول كعبيها، ثم أقفله بإحكام. لم يكتفي بذلك بل أخذ مطرقة حديدية كبيرة و بدأ يطرق على الحذاء الخشبي بقوة إلى أن اخترقت المسامير جلدها.
_ أخبريني بما تعرفينه!
فأجابته “ريميسا” وسط صرخاتها وبكائها :
_أبدا … يا … عديم الرحمة … يا أيها الشيطان…
_كيف عرفتي أنني شيطان؟ أنا لم أخبر أحدا بذلك .
توجه “أنليف” ناحية الطاولة التي وضع عليها شتى أنواع الأسلحة، فوضع المطرقة وأخذ سكينة صغيرة، وقال: ما رأيك بهذه السكينة اللطيفة؟ أنا بصراحة أحبها، لقد مررنا بوقت جميل ،الجميع يستهينون بسكيني، لكنهم يندمون عندما يتذوقون الألم الذي تسببه لهم.
ظل يحدق بها طويلا، حتى قال:
_ ألا تصدقينن؟
شرع في تقطيع أطراف رقيقة من ساقي “ريميسا” .
قطع ما يقارب عشرين قطعة بطول أربعة سنتيمترات، كل قطعة نزعت ببطئ شديد، حيث استغرق “أنليف” ربع ساعة حتى ينتهي من التقطيع.
انتقل مباشرة إلى ذراعيها، وقطع ثم قطع حتى أغمي على “ريميسا”.
نزفت الضحية كما كبيرا من الدماء.
غادر “أنليف” غاضبا من الغرفة وأمر الحارسان أن ينظفا المكان ويُحررا المرأة من القيود، ثم أمرهما بنقلها إلى الزنزانة السابقة خشية فقدانها قبل نيل مراده منها.
لكن هذا ما حصل بالضبط ، شنقت السجينة نفسها عند حلول الليل بإحدى الحبال التي كانت ملقاة على الأرض وهكذا ماتت دون الحاجة لخيانة منظمتها.
صباح اليوم التالي ، نقل أحد الحارسان خبر شنق “ريميسا” لنفسها. تفاجأ “أنليف”، وقال له بعد تنهد عميق :
_حسنا، هذا غير متوقع.
سكت برهة ثم أكمل:
_تخلصوا من الجثة، ارموها بعيدًا أو احرقوها، لا تهم الكيفية.
_حاضر سيدي.
عندما خرج الحارس، قال “أنليف” في نفسه :
_( لقد استهنت بهن )
بعد أسبوع من اختطاف “ريميسا”، لاحظ أعضاء المنظمة غيابها الطويل وانقطاع أخبارها. فأدركوا أن الأمر له علاقة بالامبراطورة ونائبها، فأحسوا بخطر قريب. لذا تم الاتفاق على الاجتماع يوم الأربعاء في منزل زعيمهم المدعو بـ “أسموديوس” بغية وضع خطة متقنة للتخلص من “فيلنا”.
العضو “أ” :
_ما العمل الآن يا بوروديتسيو “؟ لقد خسرنا عضوا بالفعل.
العضو “ب” :
_أما حان الوقت للتخلص من “فيلنا”؟
العضو “ج” :
_أقترح أن نسممها عن طريق شراب أو طعام.
“بوروديتسيو” : اقترح شيئا آخر، فاسمحوا لي بشرح خطتي.
أولا، نقيم حفلا وندعوها إليه.
العضو “ب” :
_وكيف نضمن حضورها؟
“بوروديتسيو” :
_دعوا الأمر علي، فأنا ذو مكانة هامة في البلاط الامبراطوري.
العضو “د” :
_وماذا بعد يا “بوروديتسيو”؟
“بوروديتسيو” :
_نوكل شخصا بمهمة قتلها. لنستأجر قاتلاً أو أكثر، سيكونون متخفين في الحفل، ويحضرون كأنهم مدعوون كالبقية.
العضو “د” :
_هذا عَملِيٌّ أكثر، ما رأيك يا “أسموديوس” ؟
“اسموديوس” :
_ فلنعتمد خطة القاضي “بوروديتسيو” .
_من فضلك، نادني بوروديتسيو فقط دون قاضي، يا مُخَلِّصنا.
“اسموديوس” :
_إنه لمن الواجب علينا تقدير الآخر وإظهار الاحترام له، فلا وجود للفوارق الطبقية بيننا، نحن واحد.
هتف الأعضاء :
_فليحيى مُخَلَّصنَا وليؤيده الرب!!
“أسموديوس” :
_بعد نجاح هذا الاغتيال سوف أدعو كل واحد منكم إلى حفلة عشاء على شرفي.
الأعضاء:
_هذا كرم منك سيدي !!
العضو “د” :
_ لم تحدد موعد الاغتيال بعد.
العضو “أ” :
_يوم السبت سيكون كافيا، ريثما نقوم بالتحضيرات اللازمة.
“بوروديتسيو” :
_سنستأجر القاتل “كوركيس” ، الذي سيتكفل بطعن الامبراطورة، وبعدها يأتي دورنا نحن من أجل إكمال المهمة.
وهكذا اتفق الأعضاء الستة الذين يُسَيِّرون التنظيم، والأعضاء الاثنان وسبعون الباقين على الطريقة التي سينهون بها “فيلنا” وسيرتها.
في اليوم التالي توجه “بوروديتسيو” إلى البلاط الامبراطوري، وذهب قاصدا “أنليف” بخصوص الحفل الذي تخطط المنظمة لإقامته.
“بوروديتسيو” :
_مرحبا يا سيادة النائب، لقد مر وقت طويل منذ أن التقينا.
كان “أنليف” مشغولاً ببعض الوثائق والمخطوطات وكان واضحا الانزعاج على ملامحه، فازداد غضبه بعدما عرف أن الزائر هو أحد الخونة.
رفع “أنليف” رأسه نحو الخائن ببطىء، ثم قال:
_ ما سبب مجيئك؟
_لما العبوس يا “أنليف” ؟ لا تك…
قاطعه “أنليف” بانزعاج :
_ لا تناديني باسمي الأول، هل تفهم ذلك؟، أنا لست في مزاج لفكاهاتك، اخبرني بسبب مجينك.
“بوروديتسيو” :
_اعذرني يا سيادة النائب، أتيت اليوم لأخذ إذنا منك ثم أغادر.
(عم الصمت لبضع ثوانٍ )
“بوروديتسيو” :
_أريد إقامة حفل بشرف سمو الامبراطورة.
لم يرد عليه “أنليف”، بل ظل يفكر لوهلة قبل أن يرد عليه ، حيث كان يتمتم بينه و بين نفسه قائلا:
( لا بد أن يكون الحفل إحدى مخططات المنظمة … من الغباء أن يطلب إحتفالا مفاجئا تحت هذه الظروف – وفاة والدة الامبراطورة والصراع الذي ينشب بين الشعب الروماني – … لكن أراها فرصة مناسبة لكي أكتشف المنظمة أكثر، سانهي أمرها في ثوان عندها ).
“أنليف” :
_افعل ما تشاء.
_أشكرك يا سيادة النائب.
ثم انحنى وغادر.
استغرب “بوروديتسيو” مما جرى، فليس من عادة “أنليف” أن يوافق بهذه السرعة على أمور كتلك. حاول تجاهل الأمر لكنه ظل يشعر بخطر قادم.
في اليوم التالي أرسل “بوروديتسيو” اثنين من خدمه لإحضار “كوركيس” وظل ينتظر عودتهما.
“كوركيس”. هو قاتل معروف في مجال الجريمة. حيث عرف بطيشه وتسرعه في القرارات والاختيار. يملك قصرا بعيدا عن المدينة التي تستقر بها الامبراطورة، يعمل في قصره أكثر من عشرين خادما وخادمة، وهو يعد أحد أغنياء البلاد .
عاد الخادمان ومعهم القاتل إلى قصر القاضي “بوروديتسيو”، فتفاوض الاثنان على مبلغ ذو شأن، وشرح له عن كل تفاصيل المؤامرة. فوافق “كوركيس” دون عناء يذكر.
يتبع…