الحلم: حلم وريث عائلة الياكوزا - 5
الفصل الخامس
لعنة عائلة يامازاكي
داخل منزل عائلة يامازاكي وفي المنزل الأساسي المتواجد وسط الغابة، حيث تتلألأ أشجار الساكورا بأزهارها الوردية الجميلة وتتداخل أوراقها الخضراء الكثيفة، تجمعت أسرة يامازاكي في الغرفة الرئيسية للعشاء، غرفة فخمة وفسيحة تمتد أبعادها بأناقة وجمال يتجاوز الوصف.
تستقبل هذه الغرفة الرائعة ما يصل إلى 500 شخص بكل راحة وفي تفاصيل تعزز من جماليتها وأهمية اللحظة التي تجتمع فيها العائلة.
جلس جميع افراد العائلة لتناول العشاء مع بعض احتفالا بعودة السيد كينتا بعد فترة غياب طويلة.
الغرفة تزخر بالتفاصيل اليابانية التقليدية، حيث تتوسطها أعمدة خشبية ضخمة، مزخرفة بزخارف نقشت يدويًا تحكي قصصًا عميقة من تاريخ وحاضر عائلة يامازاكي العريقة.
تتناغم الأنوار الناعمة المنبعثة من فوانيس الأندون التقليدية، المصنوعة من ورق ممتد فوق إطار خشبي فاخر، مع أرضية خشبية مصنوعة من خشب الكورديا مغطاة بحصائر التاتامي ذات الألوان الدافئة. تتميز حصائر التاتامي بملمس ناعم ومظهر طبيعي يعكس درجات دافئة من البني والبيج، مما يعزز تناغمها مع أضواء الفوانيس التقليدية.
تبرز تلك الحصائر بتصميمات هندسية دقيقة وجميلة، مما يخلق جوًا من السكينة والدفء تنتشر تلك الطاولات القصيرة المنحوتة بدقة من خشب الساكورا التي تتماشى بأناقة مع هذه البيئة المترفة.
ذات نقش اخاذ يعبر عن اصالة وعن هيبة عائلة يامازاكي، حيث يُمثل شكلها المنحوت تنينًا طويلاً يتأرجح في الهواء، محاطًا بأزهار الساكورا الجميلة والمتلألئة. هذا التصميم ينقل بشكل ساحر جمالية الطبيعة وأناقة التقاليد عائلة يامازاكي.
أما الوسائد الخضراء الصغيرة المطرزة بنقشات هندسية متقنة، فتضيف لمسة من الفخامة والأناقة إلى الطاولات القصيرة. تتكامل هذه الوسائد مع حصائر التاتامي وفوانيس الأندون، مما يخلق جوًا من السكينة والدفء يلهم الاسترخاء والتأمل، داعمًا للأحاديث الودية والاجتماعات الممتعة بين أفراد العائلة.
وتفتح أبواب الفوسوما الفريدة، المصنوعة من الخشب المطعم بأعمال فنية معقدة، على منظر ساحر للحديقة الخارجية المضاءة بضوء القمر الفضي.
وتتسلل أصوات الحشرات الليلية من الغابة المحيطة، تعزف سيمفونية هادئة تزيد من سحر اللحظة وتضفي على الوقت طابعًا خاصًا من السحر والأمل.
في الزاوية الشمالية من الغرفة وبداية الصف الشمالي، تجلس السيدة ناتسومي ببساطة بين أفراد الأسرة، تبتسم بود وهدوء في وجوههم المليئة بالحب والاحترام. تتأمل ناتسومي ابن أخيها هوشي، الذي يجلس بجوارها بنظرة محبه وحنونة. نظرتها له وابتسامتها تعكس الود والمودة العميقة التي تربطهما ببعضهما البعض وبالعائلة ككل.
ومن الجهة المقابل يجلس في بداية الصف السيد دوني بوقار وبعده جلس بقية افراد الاسرة كما جلس بعد هوشي رفاقه جين ومارك وهاتوري وبقية افراد الاسر كان ترتيب الجلوس وسط الغرفة بناءا على مرتبة كل شخص وقربه للسيد كينتا رئيس العائلة.
وتبرز المنصة الخشبية الرفيعة التي يجلس عليها السيد كينتا بكرامة. المنصة مرتفعة قليلاً عن باقي الغرفة، مما يمنحها منظرًا بانوراميًا لجميع الحضور. النقوش على الأعمدة الخشبية المحيطة بالمنصة تتألق بأناقة فنية، مع رموز تجسد تراث وقوة عائلة يامازاكي. خلف المنصة، تعلو سيوف الكاتانا المعلقة بأناقة على الحائط، تشكل رمزًا للشرف والتقاليد القديمة التي تتميز بها العائلة، وتعلو فوهم لوحة مرسومة بفن رفيع تصور شعار عائلة يامازاكي، وهو تنين ضخم يمسك بكرة نارية مشتعلة يتداخل مع التنين الأزهار والأوراق، وسط بركة من الدماء الحمراء. يظهر اسم العائلة “يامازاكي” بالكانجي بلون أحمر غامق، يشير إلى تاريخ العائلة العريق والأسطوري.
هذه اللوحة ليست فقط جزءًا من التراث الثقافي للعائلة، بل هي تحفة فنية محفوظة بعناية عبر الأجيال، تعبر عن قيم الشرف والوحدة التي تجسد عائلة يامازاكي وتجعلها محورًا للاحترام والتقدير.
السيد كينتا، بوجوده القوي والعاطفي، جذب انتباه الجميع. وقف، ورفع كأسه عالياً، قائلاً، “إلى جميع الرجال وأفراد أسرتنا أسرة يامازاكي الحاضرين اليوم للعشاء، أنتم فخري وسعادتي. لنشرب نخباً باسم عائلتنا، نخبكم جميعا.” تلاعبت الأضواء على وجه السيد كينتا لتزيده هيبته وفخامته وبينما كانت كلماته تغمر الغرفة بدفء المودة والفخر.
رفع الجميع كأسهم نخبا لسيدهم واحتراما وبدأوا يتبادلون الأحاديث والضحكات. كانت الأطباق الشهية تُقدم تباعًا، مما جعل الجميع يشعرون بالسعادة والرضا”. وجوهم السعيدة ومنظر السيد وهو يأكل اطباقه باستمتاع منح توماس وريكي الفخر والسعادة كانت سعادتهم هي برؤية العائلة وخاصة السيد كينتا يأكلون اطباقهم وهم سعداء وراضين، علق دوني وهو يتحدث مع السيد كينتا “الطعام مليء بأطباقك المفضلة ” ضحك السيد بابتسامته الساحرة وقال “من الواضح انه طبخ ريكي وتوم، يكون الطعام دائما لذيذ عندما يقومون هم بالطبخ” ضحكت ناتسومي وقالت “والأسواء عندما يقرر صغيرنا الطبخ” وهي تنظر لهوشي الذي لم يكن تركيزه معهم انما غارقا في أفكاره حول يوي.
ضحك الجميع على تعليق السيدة ناتسومي الساخر ثم وقفت السيدة ناتسومي وأخذت كأس النبيذ واردفت قائلة “أتمنى أن يكون الجميع مستعدًا للاستمتاع بهذه الليلة الخاصة”، قالت السيدة ناتسومي بابتسامة للجميع، مما أثار حماس الرجال. ناتسومي، بطبيعتها الدافئة والحانية، كانت دائمًا تجلب الفرح والأمان للأسرة لقد كانت تحاول دائما ان تكون مرحة وملجئ للجميع وان تعوضهم على ما فقدوه وان تكون الشخص الداعم لهذه الاسرة.
بدأت الأحاديث تتدفق بحرارة، كل فرد يشارك قصصه وتجارب يومه. تحدثوا عن أحداث اليوم، والمشاريع الجديدة التي قام بها اثناء غياب السيد، والتحديات التي واجهتهم.
هوشي كان يجلس بهدوء، يراقب الجميع بابتسامة خفيفة. كان يشعر بدفء العائلة يحيط به، لكنه لم يستطع التخلص من القلق الذي يعتريه بشأن يوي. نظراته كانت تلتقي بأعين عمته ناتسومي بين الحين والآخر، التي كانت تحاول بمهارة قراءة ما يدور في داخله. “هوشي، هل كل شيء على ما يرام؟ تبدو شاردًا”، سألت ناتسومي بلطف، محاولًة قراءة مشاعره من خلال عينيه.
ابتسم هوشي ابتسامة ضعيفة وأجاب، “نعم، كل شيء بخير، فقط أفكر قليلاً.” لاحظ السيد كينتا، بنظراته الثاقبة، أن هناك ما يشغل ذهن ابنه وقال بوقار “هوشي، إذا كان هناك شيء يزعجك، نحن هنا لدعمك. لا تتردد في التحدث”، قال السيد كينتا بصوت هادئ ولكن مليء بالقوة والحنان. هوشي نظر إلى والده وعمته، شعر بدفء، دعمهم وحبهم له يغمر المكان، اومئ هوشي برأسه شاكرا وقال ” لا شيء لا بأس..”
رد هوشي الفتار وملامحه المهمومة جعلت الجميع يشعر بالثقل لم يكن معتادا على وجه الهم والنكد بل كان محياه دائما جادا او مسترخيا واغلب الوقت يشعر بالضجر لدى قررت السيدة ناتسومي تغيير الاجواء وفتح موضوع مبهج وإغاضة ابن اخيها.
“كينتا اسمعت ان الطفل الصغير وقع في الحب؟” قالت ناتسومي بابتسامة واسعة، نظر لها السيد كينتا ورفع حاجبه.. كان قد سمع ان ابنه يلاحق فتاه من مدرسته وحتى انه احظرها أمس لمنزله لكنه تظاهر بالجهل وقال ” اوه. هل حقا؟!” بنظره ساخرة على وجهه مما أثار ضحكات الجميع وأدى إلى احمرار وجه هوشي بشدة. بدا هوشي كأنه غارق في دوامة من المشاعر المختلطة، محاولًا الهروب من هذا الحديث المحرج.
حاول هوشي تغيير الموضوع بضحكة مضطربة، لكن السيد كينتا لم يفوت الفرصة “ربما يجب عليك أن تُعرِّفنا على الحبيبة الصغيرة، بنيّ هل هي طالبة في ثانويتك؟”
تردد هوشي للحظة، نظر إلى والده كينتا بتردد وكأنه يبحث عن الكلمات المناسبة في ذهنه. بقي جالسًا في صمت، يفكر في كيفية الرد على تساؤلات والده وعمته، شعر بوجنتيه تحترقان خجلاً وحيرة وأومئ برأسه.
تكلم جين بصوت ساخر، “بوتشان وقع في حبها من النظرة الأولى … سيدي، عندما ذهبنا في أول يوم رأها وهي تساعد في امرأ عجوز فوقف متجمدًا في مكانه.” ضحك جين وأكمل بطرافة، “فاتك منظر لا يمكن تعويضه، لو كنت هنا يا سيدي.. ورأيته كنت لتضحك.. تخيل بوتشان مرتبك ووجه أصبح احمر بالكامل.. لقد وقع في غرامها بالكامل حتى انه أصبح بعدها يذهب كل يوم للمدرسة ويتبعها بنظراته.” هوشي نظر إلى جين بحدة متوعدا اياه انه سينال عقابه على ما قاله دون أن ينبس ببنت شفة فقط بنظراته.
نظرت ناتسومي إلى هوشي بابتسامة تملؤها الفضول، “هل تشعر بالخجل؟ ألم تعترف لها بعد؟”
هوشي تردد للحظة، يتأمل الكلمات بحذر قبل أن يجيب بصوت هادئ وخافت، “لا.. لا أجرؤ على ذلك…”
“أوه، لماذا لم تفعل … رجال عائلتنا دائمًا جريئين عندما يتعلق الأمر بالحب.” علق كينتا بابتسامة وهو يرفع كأسه.
تنهد هوشي بأسى وقال بتعب، “الأمر صعب ومعقد … أخشى أن أجرحها … أن أؤذيها.” هوشي أبتسم مجددًا، لكن عينيه كانت تعكسان القلق الذي يختبئ في داخله. كل كلمة كانت تخرج منه كانت مليئة بالحذر، وكأنه يخشى أن يكشف الكثير.
ابتسم السيد كينتا له ثم سأل وقال ” هل هي الفتاة التي احضرتها بالأمس للمنزل … ومن اجلها جعلت طبيب اسرتنا العجوز يأتي اليك جاريا.؟” نظر هوشي الى والده كان يعلم ان كل ما يحدث في المنزل وكل المعلومات تصل الي والده حتى وهو في الخارج ثم ابتسم وقال ” نعم انها هي…” سأله والده بجدية ” هل انت حقا تحبها ؟!” نظر له هوشي تم أجاب بحزم ” نعم” عرف ان سؤال والده لم يكن من باب الفضول انما أراد ان يتأكد من مشاعره الصادقة.
نظر له السيد كينتا وقال بمحبة وسعادة ” انا أرى.. أخيرا الطفل أصبح رجلا … لنشرب نخب هوشي بداية ربيع هوشي” شرب الجميع نخبه وأكملوا الاكل ثم وقف السيد كينتا وقال شكرا على الطعام انتهت الجلسة بتلك الملاحظة، وغادر الجميع الغرفة، تاركين هوشي مع أفكاره المتضاربة. بينما كانت أصوات الضحك تتلاشى في الخلفية، بقي هوشي في مكانه، يفكر في كيفية حماية يوي دون أن يجرها إلى عالمه المعقد.
نظرت ناتسومي إلى هوشي بتركيز، تحاول قراءة ما يدور في داخله بمهارة. “هل هناك شيء ما يقلقك حول فتاتك؟”
هوشي أبتسم ابتسامة ضعيفة، محاولاً إيجاد الكلمات المناسبة للتعبير عن مخاوفه العميقة، بينما ينظر إلى كأسه الممتلئ بالشاي الساخن، “أنا فقط… أشعر بالقلق حيالها.”
“هل هي بسبب الرسالة التي وجدوها في صباح اليوم؟” سألت ناتسومي بصوت مليء بالقلق، تريد أن تحمي الشاب الذي اهتمت به منذ كان طفلاً.. لا ترغب بان يكون منحوسا مثلهم ولا ان يقع في لعنة هذه العائلة.
قال هوشي بصوت متعب، “نعم.. لم أستطع أن أعرف من وراءها مهما بحثت.”
سمع السيد كينتا النقاش الدائر بين أخته وابنه، وقال بصوت ثابت وقوي، “لا أعرف ما يجري، ولكن لا يوجد شيء لا يمكن لعائلتنا الحصول عليه إذا كانت المعلومات فهي متاحة ولديك دوني. أما إذا كان التهديد شخصًا، فسنجده ونجعله يعرف من هم عائلة يامازاكي.”.. السيد كينتا والجميع أراد السعادة لهوشي متمنين ان تكون حياته أفضل منهم ان يجد السعادة والامل في هذا العالم القاصي والموحش بعيدا عن لعنات الأسى والحزن.
نظرات هوشي إلى والده كانت مليئة بالتقدير والثقة، ومع ذلك، كانت هناك لمحة من القلق العميق في عينيه. “لا أريد أن تتورط العائلة في هذا… إنها مسألة خاصة. سأحلها بنفسي.”
برؤية العزم في عيني ابنه، ابتسم وأومأ برأسه، “كما تشاء، لكن تذكر أننا هنا دائمًا لدعمك. لا تتردد في طلب المساعدة.” ووقف السيد كينتا ووضع يده على رأس ابنه مواسيا له وقال بصوت حازم وحنون” يمكنك الاستعانة بدوني كما تعلم لجمع المعلومات التي تحتاجها لن تتورط العائلة بجمع المعلومات فقط” وغادر السيد كينتا وبعدها غادر ناتسومي وبقي هوشي وحده في الغرفة.
تأمل هوشي في النافذة، حيث كان ضوء القمر ينعكس على وجهه، وأخذ نفسًا عميقًا. كان يعرف أن الطريق أمامه لن يكون سهلًا، لكن كان عليه المحاولة. لأنه في النهاية، كانت يوي تستحق كل جهد وكل مخاطرة.
بينما كان جالسًا في الظلام، شعر بالثقل الذي كان يضغط على قلبه. كانت يوي تحمل في عينيها بريقًا خافتًا من الحزن، وابتسامتها المشرقة كانت تخفي وراءها آلامًا لا تُرى. كان يشعر بالعجز أمام تلك الآلام، غير قادر على تخليصها مما تعانيه. تمنى لو كان بإمكانه أن يمحو كل لحظة حزينة عاشتها، وأن يمنحها السعادة التي تستحقها.
نهض هوشي من مكانه، وعيناه تلمعان بعزيمة جديدة. كان يعلم أن الطريق أمامه مليء بالتحديات، لكنه كان مستعدًا. لأن يوي تستحق كل جهد وكل تضحية. وبكل حزم، قرر أنه لن يسمح لأي شيء أو أي شخص بأن يؤذيها مرة أخرى. وقرر هوشي اللحاق بالسيد دوني.
كانت الأجواء في الخارج هادئة وكئيبة، حيث بدأ الضباب يزحف ببطء على الحديقة الخلفية للمنزل، مضيفا جوًا من الغموض والرعب الخفيف. في هذه اللحظة، اقترب هوشي من السيد دوني بهدوء.
“سيد دوني، أحتاج إلى مساعدتك في أمر مهم”، قال هوشي بصوت خافت. انحنى دوني برأسه، مشيرًا له بالجلوس.
“ما الأمر، هوشي؟ تبدو قلقًا”، قال دوني بجدية.
قال هوشي بحذر ” اليوم طلبت من الشباب البحث عن معلومات عن يوي ولكن.” سكت هوشي وهو يحاول تنظيم أفكاره.
نظر له السيد دوني ورفع حاجبه “وقال هل تقصد الفتاة التي وقعت بحبها؟!” أومئ هوشي بإيجاب على كلامه ثم سأل السيد دوني” ما هي المعلومات التي طلب منهم البحث عنها” قال هوشي ” لاحظت انه هناك من يعتدي عليها ويسبب لها الحزن لدى طلبت منهم معرفة السبب وراء ذلك ولكنهم” تنهد هوشي واخذ نفساً عميقاً. “وجدوا رسالة تهديدية، ولم يعرفوا من هو المرسل وأخشى على سلامة يوي. أحتاج لمساعدتك لمعرفة من وراء هذا”، تابع هوشي بصوت متوتر.
أومأ دوني برأسه بتفهم، وقال بجدية: “سأساعدك بمهاراتي في جمع المعلومات؟”. كان الجو مليئًا بالتوتر، حيث بدأت الرياح تهب برفق، متسللة عبر الأشجار، وكأنها تحمل أسرارًا مخفية.
“لا يجب ان تقلق عليك ان تتمالك نفسك. انت وريث عائلة يامازاكي” قال دوني وهو يضع يده على كتف هوشي.
“أعلم ذلك، وأقدر مساعدتك. يجب أن نجد هذا الشخص قبل أن يتسبب في المزيد من الأذى.. سأجعله يدفع الثمن غاليا اقسم”، قال هوشي بعزم.
بينما كان الجميع مشغولين بأفكارهم ومشاعرهم تواجد كل من جين وهاتوري مع ديون ويوكي وسول في غرفة الألعاب، حيث كانوا يستمتعون بأوقاتهم ويتبادلون الضحكات بين أصوات كرات البلياردو ونكاتهم الساخرة.
قال جين وهو يقلب عينه باتجاه هاتوري، هل لاحظت كيف كان هوشي هادئًا خلال العشاء؟ كان مغموما!”.
هاتوري، الذي كان دائمًا الأكثر جدية، أعطى نظرة متسائلة رافعًا حاجبه وقال، “نعم، ربما كان يفكر في يوي.”
“بالتأكيد يفكر فيها!” علق جين بسخرية وتابع بابتسامة ماكرة، “هاتوري.. تخيل ان يقوم هوشي بالاعتراف ليوي؟ وكيف سيكون اعترافه؟”
هاتوري، الذي كان دائمًا الأكثر جدية، أجاب بلطف، “اعتقد هوشي يواجه تحديات حقيقية. ربما يحتاج للمزيد من الوقت لكي يستطيع التقرب من يوي بالشكل الكافي قبل الاعتراف.”
قال جين ساخرا” لو اعترف هوشي بحبه الان لملاكه الصغير لحصل على الرفض.. ستخاف منه وتهرب”
تدخل سول في الحديث ورد مازحا” لقد كانت تبدو مثل السنجاب الذي دخل عرين الأسد بالخطأ”
ضحك جين وتذكر مظهرها في الصباح عندما كانت مع سيدهم الصغير.. بشكل مضحك أصبح يتخيلها كسنجاب صغير.
في هذه الأثناء، اقترب ديون ويوكي، الذين كانوا يلعبون لعبة البلياردو باحتراف في قاعة الألعاب.
متسائلين عن سبب ضحكهم وراغبين في الانضمام لهم يعد الرباعي المكون من يوكي وجين وديون وسول أكثر رباعي يحب المزاح والمرح…وبينهم جلس هاتوري الذي لا يملك حسا فكاهيا ولا يفهم في المزاح ولا يحب المرح.. ولكنه مبتلي برفاق لا يبقون ثانيه واحد دون المزح والسخرية والاستمتاع بوقتهم.
بعد تساؤل الشابان عن نوع النقاش المثير الذي يجرونه اجابهم جين ” نتخيل اعتراف هوشي ليوي ”
قال يوكي ” ماذا عن ان يدعوها على العشاء وبعدها يعترف لها ؟!”
تكلم ديون، معلقا، واقترح بحماس، “ماذا لو قام هوشي بإرسال رسالة غرامية مجنونة ليوي؟ تخيلوا، ‘عزيزتي يوي، كلما أنا بجانبك، تتساقط النجوم ويشع القمر بنوره عليك.. يزيدك جمالك جمالا وبهاءاً!'”
وافق يوكي وسول بضحكات صاخبة، مما جعل جين ينضم إلى الضحكات ويردف، “نعم، وإذا لم تستجب له، وقبلت اعترافه، يمكن أن يعتقد أنها مازالت تفكر في الجواب!”
هاتوري أدار عينيه بابتسامة طفيفة، “ربما يكون هناك طرق أكثر تقليدية للتعبير عن المشاعر.”
الأصدقاء استمروا في مشاركة الضحكات والنكات، مع مزيج من الفكاهة والسخرية التي أدخلت البهجة إلى الجو الخفيف في غرفة الالعاب.
بعيدا عن الأجواء الصاخبة للشباب وهم يمزحون وفي زاوية احدى الغرف المظلمة، حيث يتلاقى ضوء الشموع برقة على الجدران المطلية بالأحلام المتلاشية وأشباح الماضي البعيد حاملا في طياته ذكريات مؤلمة، وقف مارك يراقب السيدة ناتسومي من بعيد، كانت السيدة تجلس وحيدة. عيناها الزمردتين تعكسان بريق الألم والحنين، وهي تسكب الخمر ببطء في كأسها، وتشرب الكأس تلو الاخر حتى تسكر. لمست قلادتها بحزن والدموع تتساقط بصمت على خديها، مثل قطرات المطر التي تروي أرضًا جافة تشتاق للحياة.
حركت السيدة شفتيها الصغيرتين وبدأت تغني، أغنية حزينة تملأ الغرفة بلحنها الذي يلامس القلوب، كلماتها كالشهقات الحزينة تروي قصة حب تلاشت، حكاية لا يزال صداها يتردد في أروقة الذكريات.
وبينما تتراقص الأضواء الخافتة على وجهها المحمر وعيونها الحمراء، كانت تأخذ نفسًا عميقًا وتغني، وتترك كلمات الأغنية تخرج من قلبها كالنار الهائجة، تحرق كل ذكرى وكل أمل باستعادة ما فات عندما اقتربت من نهاية الأغنية، كانت الكلمات تتراقص في الهواء كالأرواح الطائرة، ملتصقة بالقلوب المتألمة، وهي ترنو إلى شيء لا يمكن استعادته. بدا وكأن الزمن قد تجمد، وكل شيء حولها توقف عن الحركة، إلا آلام الذكريات التي تتجدد في كل لحظة.
مارك، الشاب الذي كان يحمل في قلبه الحب الذي لا يُبادَل، كان يشعر بأنه يغرق في بحر من اليأس والإحباط. كان يدرك أن مشاعره لن تتحول إلى واقع، وأن علاقتهما لن تكون سوى قيود من الذكريات الجميلة والألم العميق. في هذه اللحظة المؤلمة، وبينما تغرق ناتسومي في بحر من الحنين، قالت خاتمة اغنيتها وهي تمسك كأس من النبيذ ” أغوص في ذكريات لا تنسى، تحتضن صدري العطشى كأنها أمواجٌ من الحب تلامس شواطئ الذكريات أنا هنا أغني لك، لأنك جزءٌ من روحي تعيش في دهاليز قلبي اهديك اغنيتي اغنية الحب الضائع” بصوت مليء بالحزن والحرقة والشوق..
وفي صمت الغرفة، وبينما تتساقط الدموع بصمت على خديها، انعكست على وجهها مشاعر الأسى والبؤس. بدا وكأنها تعيش في عالم مظلم لا يُباح الحب فيه، حيث يبقى الشوق محتجزًا في أعماق قلبها دون أملٍ في النور المشرق.
وفي هذه اللحظة المؤلمة، وبينما تغرق السيدة ناتسومي في بحر من الحنين، وتشرب وحيده. كان مظهرها المؤلم والوحيد وقلبها الزجاجي المكسور الذي لا يمكن إصلاحه، كان أكثر من كاف لتجديد اداركه أن قلبها لن يكون له أبدًا، وأن الأمل في انها قد تبدأ قصة حب جديدة كان ولازال مجرد خيال.
مارك، الشاب الذي يحمل في قلبه حنيناً لا يُبادل، بقي يراقبها من بعيد بعينين ممتلئتين بالتعاطف، بدون أن ينطق بكلمة، تمنى في صمت ان تعود تلك الأيام حيت كانت تضحك وتبتسم طوال الوقت.. ولكن من منذ رحيل ذلك الشخص عنهم … وهي تتظاهر انها بخير امام الجميع في الصباح وفي كل ليلة تجلس لتشرب وتسكر وحيدة حتى تنام والدموع في عينها.. دون علم أحد غيره.. هو الذي لم يكن يستطيع تركها لوحدها منذ اليوم الذي اكتشف فيه حالتها.. تمنى لو انه يستطيع ان يبدد عنها حزنها وآلامها ان يمسح دموعها وان يكون خلاصها كانت عيناه المليئتان بالحزن تحاولان فهم العالم المعقد الذي يحيط به ويرثي حبه الذي لا يملك املا بان يرى النور.
علم بأنه لا مكان له في قلبها، ولن تراه الا كالطفل الصغير الذي حملته بين ذراعيها منذ الطفولة، وحتى اليوم لا تزال تعتبره كأجزاء أساسية من نفسها نظرتها له لا تختلف عن نظرتها لهوشي ابن اخيها… من المحال ان يأتي يوم وتراه بشكل مختلف.
كان مارك اكتر من يعرف كيف انها لن تتخطى حبها القديم ولن تقبل بأحد بعده وستكون مخلصه له للأبد حتى تلفظ اخر انفاسها لعن مارك العالم الغير العادل الذي حرمها من حبها والعالم الذي جعله يقع في غرامها ويبتلى بهذا الحب بلا مقابل ولعن نفسه لتفكيره بمشاعره بدل ان يواسيها.
عندما فتحت الزجاجة الثانية وبدأت في شربها اقترب مارك وبدون أن ينطق بكلمة، سحب كأس النبيذ من يديها برفق ووضعها على الطاولة بجانبها. تنفست ناتسومي بعمق، عيناها تعبر عن مزيج من الاستغراب والغضب، وسألت ناتسومي بصوت غاضب مليء بالاستفهام والانزعاج، “ماذا تفعل؟”، رد مارك بصوت مهموم ” امنعك من قتل نفسك!”
شتمت ناتسومي في قلبها ولعنته واراد ان تخبره ان يتركها وشأنها لأنها تريد الموت ولكن الحزن العميق الذي يملأ قلبها كان يمنعها من التفكير بوضوح ردت عليه بغضب “أنا لست في حاجة إلى مساعدتك ولا أن تأخذ شيئاً مني، أنت لا تفهم شيئا!”
اجابها مارك وهو يحاول ان يتمالك نفسه. “أنا أعرف أنك لا تحتاجين الى مساعدتي،” أجاب بصوت هادئ، “لكن الخمر لن يساعدك على نسيان أي شيء”. نظرت ناتسومي إليه بعيون تحمل غضبا شديداً، وتنفست بعمق قبل أن تواصل، “أنا لا أحتاج إلى أخذ تعاليم من طفل لا يفهم شيئاً عما مررت به اتركني وشأني يا زيني وإلا قمت بضربك”. لم يستجيب لها مارك علم انه لا جدوى من نقاشها وان الكلام معها الان لن يكون له فائدة.
حاولت السيدة ان تأخذ زجاجة النبيذ وتشرب منها من دون الكأس الذي اخذه لذا مدت يدها بسرعة وحاولت اخذ زجاجة النبيذ ومع ذلك مارك منعها من اخذها ووقف حاجزاً بينها وبين النبيذ.. قد تكون ناتسومي قوية وطويلة القامة ولكن مارك كان ضخم البينة جسده الضخم يصرخ من بعيد ويقول انا روسي بعيونه الزرقاء وشعره الأصفر المائل للبياض ورموشه الكثيفة وملامح وجهه الأجنبية لو لم يكن يتكلم اليابانية لما اعتقد أحد انه عاش في اليابان.
كانت الغرفة تغمرها أجواء من التوتر المشحون بالمشاعر المتضاربة، والألم العميق، تذكرهما بكل ما فات ولم يُكتب له أن يكون. مارك كان يشعر بالعجز والحسرة، لكنه أراد الوقوف بجانب ناتسومي حتى لو كان في قلبها مجرد الطفل الصغير الذي تحبه، وحتى وإن كانت كلماتها وهي في سكر تؤذيه مثلما تؤذيها هي.
. في النهاية، بعد أن واصلت ناتسومي الصراخ والصراخ، وتأزم الوضع بينهما، شعرت بدوار شديد وضعف في الجسم كما يحدث في كل مرة بسبب البكاء والجدال وأثر شرب كل ذلك النبيذ، مما أدى الى انهيارها وفقدانها الوعي. مارك، الذي كان يحاول إيقافها عن الشرب، أمسك بها بسرعة قبل أن تصطدم بالأرض، ثم حملها برفق وكأنه معتاد على فعل نفس الشيء كل يوم واخدها لغرفتها ووضعها على السرير.
كانت عينيه مليئتين بالقلق والحزن. لم يكن يعلم كيف يتعامل مع هذا الموقف مهما تكرر، وغادر مارك الغرفة بعد ان تأمل وجهها المتألم لفتره من الوقت حاملا معه الحزن والأسى، غير قادر على إيجاد حل او نهاية لحزنها جلس مارك خارج غرفتها كأنه حارس للغرفة الهادئة بعد نومها، يخشى ان تعود لعادتها القديمة وكان ضوء القمر الداخل من النوافذ هو رفيقه الوحيد وسط هذه الوحدة والليلة الطويلة التي سيقضيها هنا.
ما حدث هذه الليلة كان يتكرر في كل ليلة تشرب فيها السيدة ناتسومي وتتذكر حبها القديم… الجميع كان يعلم انها لم تتخطاه ولكن لم يعلم أحد ان روحها لازالت محطمة وأنها وغارقة وسط بحر الأسى والحزن غير قادرة على العوم او إيجاد طوق النجاة.. الشخص الوحيد الذي رآها في ضعفها وحاول مساعدتها في كل مرة بعد ان تسكر.. حتى لا تذكر انه كان هنا او انه رآها في ضعفها لم يكن غير مارك الشاب الصغير الذي وقع في حبها من الطفولة والذي استمر باتباعها هي وحبها القديم عندما كان طفلا… لم يكتشف حالها الا قبل سنوات قليلا بالصدفة.
وفي غرفة السيد دوني كانت غرفة نزم يابانية كلاسيكية يوجد بها مكتبية خشبية انيقة وتوزعت في الغرفة نباتات الظل في كل ارجاء الغرفة، حيث عكست الغرفة بشكل واضح جدية السيد دوني ونظامه وحبه للأناقة والكلاسيكية.
جلس السيد دوني على مقعده وهو يفكر حول كيفية انجاز مهمته التي اوكلها له هوشي، عرف حق المعرفة انه يحتاج للاستعداد جيدا وان مهمته ليست سهلة، صحيح ان جين مبتدئ في مجال جمع المعلومات ولكن مع ذلك يبقى تلميذ يوجي لدى يجب ان يكون هناك مشكلة حقيقية تمنعه من الوصول للمعلومات، تنهد السيد وهو يفكر في سيده الصغير تم ضحك شعر انه مرت سنوات عديده منذ ان قام هوشي بطلب شيء منه، تأمل وصلى ان تكون حياة هوشي سعيدة وان تتحقق جميع أحلامه وامانيه.
في الجزء الخلفي من جناحه، جلس السيد كينتا وحده في الحديقة الخلفية، عاد اليوم بعد سفره للخارج استمر لعدة أشهر. ومع انه بقي هناك لكي يطمأن عليها وكان معها لمدة طويلة ولكنه شعر بالشوق لها مرة أخرى بمجرد دخوله للحديقة اخذ السيد كوب الساكي وشربه تحت ضوء القمر الفضي. كانت الحديقة مهجورة، تملأها أصوات الليل وعبق الأزهار الذابلة، وكأنها تعكس حالة قلبه المكسور تلك الازهار التي ذبلت في فتره بقائه في الخارج.
كانت أفكاره تتجول بين الذكريات، يلمس خاتم زواجه بحزن، مستعيذا لحظاته الجميلة معها. كانت أصداء ضحكاتها تتردد في عقله كصدى بعيد، لم يتلاشَ تمامًا مع مرور الزمن.
كان صوت الحشرات الليلية يزيد من شعوره بالوحدة، وكأن الطبيعة كلها تشاركه أحزانه. ارتشف جرعة من الساكي، محاولاً أن يرغم نفسه في النسيان المؤقت، لكن الألم كان أعمق من أن يُنسى بسهولة..
“آه، يا حبيبتي، هل تعرفين ان ابننا أصبح رجل.. لقد وقع في الحب.. كان يجب ان تري ذلك” تنهد بحزن تم قال “لقد افتقدتك.”، تمتم السيد كينتا بصوت مبحوح وهو ينظر إلى السماء المرصعة بالنجوم. كان القمر يبدو كعين ساهرة تراقبه، يذكره بكل الليالي التي قضاها معها تحت نفس السماء. كانت ذكرياتهم معًا تتدفق في ذهنه كالنهر، تحمل في طياتها الحب والألم والحنين.
نظر إلى الزهور التي كانت زوجته تعتني بها بحب، والتي ذبلت منذ رحيلها. “لم أستطع حتى الحفاظ على حديقتك الجميلة، مثلما لم أستطع الحفاظ على حياتي بدونك”، قال بصوت مختنق بالحزن.
“أحيانًا أشعر أنني أسمع صوتك بين نسائم الليل”، قال السيد كينتا بحزن، وكأنها تسمعه من بعيد. كان الليل صامتًا، لكنه شعر بأنفاسها الدافئة بجانبه، بلمساتها الحنونة التي تواسيه في وحدته. تمنى لو يستطيع لمسها مرة أخرى، أن يضمها إلى صدره ويشعر بوجودها الحقيقي.
مد يده إلى مقعدها الفارغ بجانبه، وكأنها ستظهر فجأة لتملأ الفراغ القاتل الذي تركته. لكنه لم يجد سوى الهواء البارد والصمت الثقيل.
امسك بالخاتم بقوة، كما لو كان سيعيدها إليه. كانت الذكريات تملأ روحه بالحنين، ولكنها في نفس الوقت تعمق جراحه التي لم تلتئم أبدًا.
في تلك اللحظة، كان السيد كينتا يدرك أن الحزن الذي يعيشه لن يتلاشى أبدًا، وأن الفراغ الذي تركته لن يُملأ بأي شيء آخر. وكلما مر الوقت، كان الحب والألم يتشابكان في قلبه، يذكرانه بأن الحياة بدونها ليست سوى سلسلة من الأيام المظلمة المليئة بالحنين والوحدة كم تمنى ان يكونا معاً وان يروا ابنهم وهو ينمو ويكبر معا.
كل ما ذهب اليها وقصص عليها قصصه متأملا ان تفتح عينها وان يسمع صوتها من جديد.. يتمنى فقط ان تسمعه وان تجيبه …. فقط لو ان الامنيات تتحقق… كان لديه المال والثروة وعائلته الضخمة كانت اقوى عائلة ياكوزا في اليابان ومع ذلك لم يستطع هو ولا أحد من عائلته الهروب من اللعنة التي لفت هذه العائلة من سنوات وهي لعنه الأسى والحزن…التي دمرت حب وسعادة الجميع بلا استثناء…لدى حاول ان يملأ المكان بالدفيء وان يمنحهم القوى وان يكون هو ومنزله ملاذا لهم جميعا.
لأنه لا يمكن لأي أحد من عائلة يامازاكي ان يعيش بسعادة وان يهرب من اللعنة كانت اللعنة كأنها عقاب لهم على الدماء التي تم سفكها قبل مئات السنين عندما تشكلت الاسرة لأول مرة.. وعوقب الاحفاد بلعنة بسبب اعمال الاسلاف السابقين.
في تلك الليلة الموحشة، وجد هوشي نفسه محاطًا بالظلام والخوف، تلك الرسالة ومنظر يوي الحزين يتوارى في ذهنه، كانت تلك الذكرى كالسيف الذي يطارد كل خيوط الأمل.
جلس هوشي في سريره يتأمل الرسالة التي اثقلت كاهله وجعلت قلبه يتأمل أراد ان يعلم من هو السبب في كل هذه المعاناة التي تعيشها أراد ان يعمل من يقوم بإيذائها وتذكر وجود يوي أمس نائمة بسلام على سريره، هذه الذكرى كانت تبدو كالحلم، وجد نفسه يفكر بشدة في يوي، وخاصةً بعد أن شاهدها تجلس تحت الشجرة وحدها.
قرر أن يبحث عن الطريقة المناسبة للتقرب منها ومعرفة ما يجول في خاطرها وحمايتها من البؤس وحزن، تعبيرها الحزين جعل قلبه يتألم.
توعد هوشي بانه سيجعل الشخص المسؤول عن حزنها والمها يذهب للجحيم وانه لن يرى النور.
….
+الاغنية التي غنتها ناتسومي
أغوص في ذكريات لا تنسى، تحتضن صدري العطشى كأنها أمواجٌ من الحب تلامس شواطئ الذكريات أنا هنا أغني لك، لأنك جزءٌ من روحي تعيش في دهاليز قلبي اهديك اغنيتي
أغنية الحب الضائع
في أرجاء الذكريات، بقيت وحيدة
أنغمس في لحن الألم، والوجع يملأ قلبي
كأن السماء تبكي، وأنا أغني لحبٍ مرَّ
أين أنت؟ وأين نحن من ذكريات الحب القديم؟
ذكراك مازالت حية، حية في دهاليز قلبي
أذكر كل لحظة، كل قبلة، كل وعدٍ وردي
كانت أيامنا كالنجوم، تتلألأ في سماء الليل الوحيد
اليوم، أنا هنا، أشتاق إليك بكل ذرة في الوجود
فأين تذهب الأحلام عندما تموت القلوب؟
في هدوء الليل، أغني لك وأنت بعيدٌ
لكن الحب يظل هنا، لا يموت ولا يزول
أتركني أحتضن ذكراك، تعانقني وتطوقني
فأنت الحب الذي لا ينتهي، والوحيد الذي يدوم
أنا هنا، تحت السماء المظلمة ذكراك في البال
بينما تمطر الذكريات، أسمع صوتك يناديني
كأنك هنا، وفي كل مكان، وفي كل لحظة
أنا هنا، أغني لك بحنينٍ لا ينتهي
رحلت وتركتني وحيدة غارقة في الحنين
أغني لذكريات الحب الضائع، وقلبي الجريح
سأبقى مخلصة لك حتى بعد انقطاع انفاسي
أنت الحب الذي لم يتبدل، والذي لن يمحى
أغني لك، يا حبيبي، في ظلمة الليل العميق
فأنت النجم لا يختفي، ولا يزال يضيء
أنا هنا، أغني، لذكريات الحب القديم
أغني لحبٍ تلاشى، وظل خالدًا وسط قلبي الجريح
أين ذهبت يا حبيبي؟ هل ما زلت تذكرني؟
كلما أغني، يعود الزمان ليحملني إليك
لكنك رحلت وتركتني وسط عالم من الجليد
أنا هنا، أغني ، بينما أحتضن ظل ذكراك
كانت أيامنا كالأحلام، مليئة بالضحكات والسرور
أما اليوم، فأنا وحدي في زنزانة الاسى والحنين
أغني لذكرياتنا التي لن تعود، وأنا هنا أتأمل
كم أنت عزيزٌ على قلبي، كم أنت محفور في كياني
أحن إليك كل لحظة، كأنك عالمي الوحيد و رحيق الربيع
في كل نسمة، تعيد لي ذكرى حبنا الذي ذهب كالريح
سأظل هنا، وحدي، مخلصة لذكراك وذكرى الحب القديم
أغني لك، أنت النجم الذي لا يختفي في سماء قلبي
أنا هنا، أغني، وأنت بعيد، ولكن الحب لا يموت
سيبقى حبنا خالدًا، كأنه قصةٌ لا تنتهي
أغني لك، حتى يأتي اللقاء الأخير بيننا
فأنت بقلبي دائما، أنت حبي القديم
أنا هنا، وحدي، أغني لك من جديد
وعيناي تبكي، تنزف الدماء، على ذكرى حبنا القديم
في زنزانة الحنين، أنا محبوسٌة
كانت أيامنا كأنها أحلامٌ مستحيلة
ضاعت وكرماد تطاير في الرياح
أنت غادرت وتركتني وحدي وسط العتمة
أغني هذه الأغنية بالأسى والألم ممزوجة
أين ذهبت، هل ما زلت تسمعني؟
صوتي يهمس اسمك بين شفتي
ولكن الصدى يعود ليخبرني
أنك رحلت بعيدًا، ولن تعود
أغني للذكريات الجميلة التي تركتني بها
كأنها وردةٌ تذبل في يدي العطشى
أشعل شموع الأمل وأنت تتركني في الظلام
وحدي أجلس، أغني، وأبكي دموعاً لا تنتهي
أغنية الأسى تتراقص في زوايا الروح
تسافر إلى أعماقي حيث تنزف الجراح
وأنا هنا، أحمل قلبي المحطم وأغني
لنجمٍ فقد سطوعه في سماء الفراق
لكن الأغنية تموت ، كما مات الحبيب
وأنا هنا، وحيدة، أنتظر انتهاء الليل بصمت
في قفص الحنين، أغني لك آخر أغنية
تنام معي في أرض النسيان، تغيب ولا تعود