16
يتربع ذلك الشاب على كرسيٍ ضخم
لم يكن كأي كرسي
بل لنصفه،بكرسي تعذيب…
كان دويّ صراخه في كل مكان،دخل عليه ذلك الرجل الأشقر
انتزع جسده النحيل من ذلك الكرسي بكل سهولة،وضع بكفه على كتفه المرتعش،اردف بهدوء
“وليام،هل انت بخير..؟”
اومأ وليام بالإيجاب،بالرغم من شعوره بالألم..
فهو لم يستطع ذرف الدموع..
اشار المساعد لويس للعمال بالخروج من تلك الغرفة،ابتدأ ذلك المساعد بمسح الأدوات الملطخة بالدما،..دماء وليام
تسائل وليام بنبرةٍ هادئة
“هل تجاوزت تلك التجربة؟”
امال برأسه واضعا تلك الادوات جانبًا
“بنسبة سبعون بالمئة،لا بأس بهذه النسبة،لا احد استطاع تجاوزها اساسًا_”
قاطعه و هو ينطق
“إلا مئتان و سبعة”
سكت لبضع ثوانٍ ليلتفت نحوه،نطق حينها
“كان وضعه مختلفًا،اعني أنه اعتاد على التجارب بشكل مخيف،في عمر التاسعة اصبح فقط…يبحلق ناظريه في عيني…بلا أي خوف…”
“يبدو عنيدًا”
“عنيد..؟تبدو كلمةً مناسبة لوصفه…هو ليس فقط بعنيد…إنه…يحب أن يأخذ بثأره ربما،يتعطش للإنتقام”
عقد وليام حاجبيه إستغرابًا،اخفض اكمام قميصه و هو يتسائل
“لماذا قد يرغب بالإنتقام..؟”
“إنه يكرهني منذ نعومة اظافره،لقد حاول قتلي في إدحدى الإختبارات حتى،اعطيته سهمًا و اخبرته أن يصيب هدفًا،لكن سرعان ما وجه بذلك السهم نحو رأسي!!”
انهى حواره ضاحكًا و هو يستذكر هذا الموقف،كأنه يأخذ محاولة اغتياله كمزحة طفل…
اردف وليام بتوتر
“ي…يبدو مجرمًا…”
ابتسم المساعد لويس و هو يتلاعب بتلك السكين
اللامعة
“عندما رأيت نظراته في ذلك اليوم…أيقنت…بأن ذلك الصبي…سيحدث جلبةً في هذا العالم…”
بحلق ناظريه في السقف كما لو كان يتذكر شيئًا،مما جعل ملامح التوتر تعتري وجه وليام
سرعان ما التفت ناحيته،ضرب وليام بخفةٍ على ظهره و هو يقول
“لكن لا تقلق،سأتخلص منه بسهولة..قد يكون ذكيًا،لكنني اعرف كيف استدرجه!”
تمتم وليام بنبرةٍ قلقه
“كيف…لإيفا أن تعيش برفقة شخص مثله..؟”
جلس المساعد امام كرسي وليام،لينطق ببرود
“بعد ان تأكدنا ان اختك برفقته،و الفضل يعود للغبي روكي،سنقضي عليه،و احضر اختك الى هنا بنفسي،لكنك تحتاج للصبر إن كنت تتوق للقائها”
“ماذا لو قام مئتان و سبعة بقتلها؟!”
“لم اضمن لك بأنها في أمان،لكنني اعدك بأنني سأحضرها لك!”
شد وليام على ثيابه و هو يلعن القدر…
لكن سرعان ما ادرك،رفع برأسه و هو يتسائل
“سيدي…لا اريد ان ابدو فضوليًا…”
“انت كذلك بالفعل!”
“لا!هذا سؤال مهم!!…لماذا تتوق لقتل مئتان و سبعة..؟أعني…فهمت من ملامك بأنك بالفعل ذهبت خلفه بعد هروبه و التقيت فيه…لكنك لم تمسه بأذًى…”
وضع المساعد الساق فوق الأخرى،ابتسم و هو يجيبه
“سابقًا…لم اقم بقتله…لأنني ضننت بأنه سيموت على أي حال،ارسم في مخيلتك!طفل في الثانية عشرة وحيد و غارق في الثلوج الباردة لم يأكل منذ مدة و محاط بالجثث من حوله،كيف له ان يصمد؟..لم أرد قتله حقًا حينها…تركت القدر يرتكب جريمته و رحلت..لكن…”
تسائل وليام
“لكن..؟”
استكمل المساعد
“اضن بأنه هزم القدر بطريقةٍ ما و نجى…يجب ان يموت ذلك الطفل،ان اصبح وريثًا للمخبر و اعاده السيد سيبيستيان…فتلك ستكون نهايتنا!انه مختل بحق!…”
تسائل وليام و القلق يعتريه
“اذا…من سيخلف السيد سيبيستيان..؟”
ابدى ابتسامةً جانبيه و هو يشير لنفسه قائلًا
“مساعده الوفي بالطبع”
يبدو بأن ذلك المساعد..كان يسعى للحكم لا اكثر..
بالرغم من ذلك،كان يأتوي وليام جيدًا و يهتم بتدريبه
على عكس الإشاعات،يبدو شخصًا لطيفٌ و مرح..
لقد حسم وليام قراره بالفعل..
و قرر..مساعدة ذلك الرجل لبلوغ القمه..
…في الجانب الآخر
يجلس ماثيو في غرفته…
و هو يبحلق ناظريه في السقف…
يستذكر لحظة قتله لهذان الرجلان…
لتتوالى الإبتسامة لملامحه..
فتنقلب تلك الإبتسامة في ثوانٍ لتجهم و عبوس..
فور تذكره لملامح تلك الملاك الخائفة..
يحدث نفسه و الحيرة تتجلى..
لماذا..قد يهتم بشر لأمره..؟
أ هي تريد استغلاله..؟
ربما تكذب بشأن قلقها!!
ربما تريد ان تنال منه!
السؤال الاكبر…
لماذا يهتم بشأنها..؟
هل تتغير ملامح وجهه عندما يشاهد ابتسامتها..؟
كيف ترسم تلك الإبتسامة أساسًا..؟
هل الأمر بهذه السهولة؟!
لماذا يشاهد ماثيو ملامح صديقه الراحل في عينيها..؟
كأنها عادت لحياته كي تذكره بمأساته..
أحيانًا،يتملكه الخوف و يمنعه من النظر في عينيها..و احيانًا اخرى..يرغب في التحديق بها لا أكثر..
تتضارب مشاعر ذلك الشاب..كقاربٍ صغير بلا شراع..يعوم في البحر العاصف و المخيف…
التفت ماثيو حيث استوعب وجود روكي في غرفته،نطق روكي و هو يقرأ احد كتبه
“لم اعلم بأنك تحب الكتابة…لكن هذا كتاب عن انواع الوحوش!”
اخذ ماثيو الكتاب من بين يديه و هو يقول
“ليست وحوش،بل حيواناتٍ مهجنة”
“أيًا يكن!”
قالها بلا مبالاةٍ و قد ارتمى بجسده على ذلك الفراش
لحظاتٌ من الصمت،حتى التفت ماثيو نحوه و تسائل
“روكي….ما هو الحب..؟!”
التفت روكي نحوه و قد انفجر ضاحكًا!
عقد ماثيو حاجبيه انزعاجًا…
لكن سرعان نا مسح روكي دموعه لشدة الضحك،رفع جسده من عند الفراش و استلام في جلسته،تسائل بدوره
“هل انت واقع في الحب؟!”
ضيق ماثيو عينيه قلقًا…
و هو يشد على ذلك القرم الذي تمركز في كفه…
قال بنبرةٍ سادها الهدوء
“لا…اعلم…”
تعجب روكي لرد فعله،امال برأسه و هو يجيبه
“الحب…كيف اصفه…انه شعور جيد!”
“حقًا؟!..”
“اجل انه كذلك!في الواقع..لم اجرب الحب من قبل..و لا اضن بأنني سأنجح فيه..”
ابعد ماثيو بكرسيه عن طاولته
“و هل هو صعب لتلك الدرجة؟!”
قالها بإندهاش،اجابه روكي
“حسنًا…بالنسبة لشكلك فأجل انه كذلك…اهتم بنفسك يا رجل…تحب الفتيات الشارب!اجعل شاربك يطول!اوه و اجعل شعرك قصيرًا!جسدك هزيل يجب ان تصبح ضخمًا!..و ايضًا..القي بعض الدعابات لا احد يحب تلك الشخصية البليدة”
وضع ماثيو بقلمه جانبًا و قد سيطرت عليه ملامح الكراهية
نطق بنبرةٍ هادئة رافقها الغضب
“هل تسخر مني يا ابن مارلو..؟انظروا من يتحدث!يجب ان تستحم قبل ان تعطي نصائح كتلك!”
صرخ روكي بتعجرف
“على الأقل لا تفوح مني رائحة زهور كالفتيات!!”
توسع بؤبؤ ماثيو للحظات،اخذ يستنقش رائحة قميصه،اردف بتعالٍ
“اوه…يبدو بأنني كنت استخدم الشامبو الخاص بإيفا..أ تعلم..؟رائحته جيدة”
نهض روكي و هو يصرخ بصخب صوته فاتحًا باب الغرفة بعنف
“ايفا!!!دودة الكتب يستخدم الشامبو الخاص بكِ!”
امسك ماثيو بفمه و هو يسكته صارخًا
“فلتغلق فمك أيهالعفن!أ تريدني أن ادخل في صراع مع ايفا!؟”
ابعد روكي يداه بعنف و قد اخذ يبحلق ناظريه فيه لدقيقة…عم الهدوء..حتى استوعب روكي ان ما يرتديه ماثيو هي ثيابه!!
صرخ روكي و الغضب يعتريه و هو يشير بسبابته نحوه
“أ ليس هذا قميصي!؟؟”
اجابه ماثيو و هو يستفزه
“اوه..انه كذلك…ياللأسف..حشرة مثلك ترتدي شيئًا كهذا..”
تعالى صراخ روكي و هو يطارد ماثيو في ارجاء البيت!!
بينما كانت ايفا تتربع بجانب ايدواد و هما يتناولان وجبةً خفيفة،تسائل ايدوارد
“لماذا هما صاخبان هكذا..؟”
“و ما ادراني،اصبح ذلك العشريني يتصرف كالأطفال الآن..”
هز ايدوارد برأسه و هو يوافق ايفا
نظر اليهما فيكتور و التعجب يعتريه
نطق بهدوء
“انظروا من يتحدث..”
امالت ايفا برأسها و الابتسامة تعلو محياها و هي تشاهد ماثيو…
رؤيته يندمج هكذا مع الجميع…
تبعث الطمأنينة في نفسها لا أكثر…