اليائسون - ch-2
” كل شىء داخل روايه من وحي خيال الكاتبه ولا يصل للواقع بشىء ”
“شعرْتُ بألمٍ حادٍّ في جمجمتي، بلعْتُ ريقي بصعوبةٍ؛ لكوني أحسسْتُ بجفافٍ شديدٍ وعطشٍ، أتفقد محيطي، أبحث عن إِنْسِيّ ينجيني، لم يقابلْني سوى أربعةُ جدرانٍ تحيطني، ومساحتُها غيرُ ملائمةٍ لإنسانٍ.
لا أعلمُ لمَ أنا هنا، لا أستطيعُ تذكُّرَ شيء.
عادَ الألمُ بنفسِ الشدةِ التي كان عليها سابقًا، وشعرتُ وكأنَّ جمجمتي ستنقسمُ إلى نصفين.
جذبَ انتباهي صوتُ صريرٍ، نظرْتُ لمصدرِ الصوت، أرى شخصاً قد فتحَ البابَ، ويتقدمُ إليَّ، كان قويَّ البنية، طويلَ القامة، بسيطَ الجمال، يوحي بأنَّه في الثلاثينيات من العمر، تحدَّثَ بهدوءٍ، لكنِّي لم أستطع أن أستقبلَ الكلام.
“من أنت؟” سألتُ بتشوش.
“اليومَ سوفَ تتمُّ محاكمتُك” نطق بها.
توسعتْ عيناي، ولم أدركْ جملتَه، ماذا يقصد بالمحاكمة؟ عادَ الألمُ أشدَّ منَ السابق،
إنه حقاً مزعجٌ، أريد فقط أن أنتزعَ جمجمتي، أمسكت رأسي بقوةٍ محاولاً تخفيفَ الألمِ، لكنْ لا فائدةَ تُرجى، أحسسْتُ بظلامٍ يبتلعُني ……”
~
سوادٌ قَاتِمٌ يحيطُ بي، تدفُّقُ ذكرياتٍ رديئةٍ سابقةٍ مع والدتي وأختي.
أثناءَ تركيزي على ذكرياتي، خيالُ والدتي اقتربَ من أجلِ أنْ يخنقَني، تمتمَت بأشياءٍ لمْ أفهمْها ، لكنِّي أدركتُ عبارةً قبلَ أنْ أستيقظَ من حُلُمي..
“لقد هدمتي جميعَ خططي” خاتمةَ جملةِ والدتي.
~
استفاقتْ عينايَ ببطء، ضَوْءٌ آذَى عيناي، لا أعلمُ ما هو منبعُه، سعيتُ للتكيفِ معه، أشاهدُ منطقةً غامضة، أين أنا؟ أصابني الذعر، فَحَصَتُ المنطقةَ بعينايَ لدقائق، نهضت، اتَّخَذَتُ قراراً بأنْ أنطلقَ حتى أعثرَ على إِنْسِيٍّ يعينني، جريتُ لساعة، أثناءَ السير ، لم أرَ حيواناً ، طائراً، أو حتى بشريّاً، كما لو أنَّها غابةٌ مسكونة.
للحظةٍ أحسستُ بابْتِهَاجٍ لرؤيَتي ضوء، لا بدَّ أنَّه المخرج، عندما بلغتُ حدودَ الغابةِ دُهشْت ، رأيتُ مكاناً عَصْرِيّاً وغَامِضاً، عندما أردتُ أنْ أتقدمَ حاوطني أشخاصٌ بملابسَ غامضة، يحملون بين ذراعيهم شيئاً غريباً..
موجِّهَهُ نحوي “توقفي، ضعي يديك فوقَ رأسِك” صاح بي أحدهم،
مضطربةً قبلَ أنْ أرفعَ يديَّ فوقَ رأسي، ضربَني أحدٌ من خلفي أدَّى إلى فقداني الوعي.
~
استيقظتُ بهلعٍ وجسدي ممتلئٌ بالماء، حاولتُ أنْ أتحركَ، لكنَّ جسدي يأبى الحراك..
“استيقظي أيتها الغريبة” تحدثَ بها فتًى بشعرٍ بني.
“من تكونون؟” ساءَلتُ بسخط.
“سوف أطرحُ عليكِ بعضَ الأسئلة، أجيبي بنعم أو لا” تجاوزَ سؤالي، عفواً هل هو يأمرُني؟ من يظنُّ نفسَه؟
“ومن أنتَ لكي تقررَ–” أصدرَ صوتَ سَوْطٍ يستهدفني، آلمني، شعرتُ برَهْبةٍ لوهلة، تدفقتْ ذكريات، فيما مضى كانتْ والدتي تستخدمُ العنفَ ضدِّي، لا أريدُ تذوُّقَ التجربةِ ذاتِها من جديد.
“هل كنتِ بمفردكِ عندما غادرتي الغابة؟” فأوماتُ.
فيما بعد قدَّم لي المريضُ النفسيُّ -أو كما أطلقتُ عليه- أسئلةً ساذجة، عندما أنتهَوْا من تساؤلاتِهم نزَعوا قيْدي، وجرني ذلك المريضُ النفسيُّ بقوة.
“هيْ أنت! فلتتعاملْ معي بنُبْل”
تجاهَلني وكأنِّي لا شىْء، وصلتُ إلى غرفةٍ بيضاء، وأشارَ إليَّ أنْ أرتديَ ملابسَ غريبة، رفضتْ، وقد نسيتُ للحظةٍ عاقبةَ الرفض.
أحسستُ بألمٍ مرةً أخرى بسببِ السوط، أمرني أنْ أرتديه، ارتجفتُ وعيناي ممتلئةً بالدموع، أتتْني غصة.
“حسناً.. فلتخرجْ؛ لكي أرتدي” أردفتُ بصوتٍ مهزوز.
“٥دقائق” وخرج، حاولتُ جمعَ شتاتِ نفسي،أجبرتُ نفسي على الصمودِ ومنعتُها من الانهيار، أخذتُ شهيقاً وزفيراً..
“دقيقتين” صاح بها المريضُ النفسي، لذا أسرعتُ بالتبديل.
~
أدخلوني لغرفةٍ صغيرة، تتبعتْ عينايَ الغرفة، لم أرَ سوى سريرين، أتتْني فتاةٌ بشعرٍ أسودَ قصيرٍ وعينَيْن بنيتنَيْن..
” هل أنتِ جديدةٌ هنا أم نقلوكِ من غرفةٍ أخرى؟” تساءَلتْ.
“جديدة؟! ما هذا المكان؟” سألتُها فأنا بقمةِ فضولي.
“ماذا؟! لا تعرفين! هذا غريب، هل أنتِ من سكانِ المملكة؟” يبدو بوجهها الحيره والتساؤل.
“لا ، فأنا أعيش في مدينةِ أمبيريا” أجبتُ على سؤالها، ورأيتُ اندهاشَها.
“ماذا؟! هل أنتِ تمزحين؟!، نحن بمدينة أمبيريا” تحدثتْ بها بسخرية.
أحسستُ بصدمةٍ وحيرة، حاولتُ أنْ أوضحَ لها أنَّي أعيشُ بمدينةٍ مختلفةٍ عن هذه، وربما تشابهتْ الأسماء، لكنَّ جهودي ذهبتْ هباءً.
قالتْ لي ” لا تخبري أحداً من الحراسِ بهذه التفاهات، ذلك إنْ كنتِ تقدرين حياتَك”
دُهشت! ماذا هل سأموت؟ هل سأقتل؟ لا، لا أريد الموت، ما زلتُ صغيرة على ذلك!
قررتُ أنْ أطبقَ فمي، فمن ذا الذي يتجرأُ على فتحِه؟!
نعم، سأحلُّ مشاكلي بنفسي، فعلى أيةِ حالٍ ذلك ما اعتدتُ القيامَ به.
بعدَ فترةٍ أخبرونا أنَّ وقتَ العملِ قدْ حان..
سألتُ الفتاة “ماذا يقصدون يا–” لم أكملْ جملتي؛ لأنِّي لم أعرفْ ما هو اسم الفتاة.
” سيا، اسمي سيا، نحن نعملُ بأمورٍ عديدة، كحفرِ الكهوف أو ما شابه ذلك”
أومأتُ واتبعتُها، بالطبع لم أفهمْ شيئاً مما قالته.
~
أتتمتُ عملي الذي كانَ حفرَ نفقٍ ما، لكنِّي لم أستطعْ أنْ أحصلَ على أيةِ معلومات، بالكاد أتنفس.
حان وقتُ الغداء، لذا توجهتُ إلى مكانِ استراحةِ الغداء، وبالطبعِ كنتُ اتبعُ الآخرين؛ لكي لا يتعجبوا من أمري.
رأيتُ عجوزاً، وقررت أنْ أستخلصَ منه بعضَ المعلومات، لربما تنفعني في شيء، جلستُ مقابله ورحبتُ به، ابتسم لي ورحب بي..
سألتهُ باستعجالٍ قبل أن يداهمنيَ الوقت وتنتهي استراحة الطعام ” أيها العجوز، لماذا بعض الأشخاص لديهم عمل قليل مقارنة بالأخرين”
“يبدو أنَّكِ جديدة، في هذا السجن يوجدُ ٣ مستويات:
المستوى الأول مهمتهم الأعمالُ الصعبة.
المستوى الثاني الأعمالُ متوسطةُ الصعوبة.
المستوى الثالث الأعمالُ الخفيفة، ونحن في المستوى الأول” أجابَ بابتسامة.
“لماذا نحن بالمستوى الأول؟ –” لم أستطعْ أنْ أستكملَ كلامي؛ فوقتُ الاستراحة انتهى..
ماذا؟! فأنا لم أتناولْ سوى لقمة، أتى المريض النفسي، تشاجرتُ معه، حاولتُ أنْ أبديَ احتجاجاً على الوقتِ الضيق.
“إنْ لم تذهبي إلى منطقةِ العمل فستذهبين إلى غرفةِ العقاب” هددني.
أما أنا فعروقي أصبحتْ ملتهبة، وأحسستُ بجسدي قد ازدادَ سخونة “حقا؟ وهل تعتقدُ أنِّي سأخاف، هيا فلنذهب ”
جرَّني المريضُ النفسي، وأثناء ذلك رأيتُ وجهَ العجوز قد أصبحَ شاحباً، واعتلتْه علاماتُ القلقِ والتوتر، حينها أدركتُ أنِّي قلتُ ما لا يجبُ قوله..
~
يتبع..
كتابة:
تدقيق لغوي:com.banankawarei