تهويدة الملائكة - ch-4
( تهويدة الملائكة )
______________________________________
2 : 00 بعد منتصف الليل
صوت أنين و بكاء خافت كان يدنو في صدى أركان المنزل الهادى
أستيقظ جون على هذه الأصوات الخافتة لقد ظن في بادئ الأمر أنها أصوات من داخل حلمه ألا عندما أستيقظ أدرك أنها حقيقية
على أية حال هو لم يستغرب كثيراً فهذه ليست اول مرة ، احياناً كان يستيقظ بسبب تلكَ الأصوات
و لكن الأن الصوت كان واضحاً ليعلم من صاحبه ! هذه المرة لا داعي للخوف فهو تأكد من انه ليس بشبح….
رغم الظلام الدامس هو قد قام بترك فراشه ليتعثر و يمسي محتظنناً الأرض و هو كان يحاول اخراج مصباح صغير من الدُرج
السيد و السيدة مينهارد غير متواجدين في المنزل فهم قد ذهبا لرحلة عمل منذ يومان تقريباً ، لذا لا يوجد أحد بالمنزل غير روما و هو و هاي سو الخادمة و التي لا يراها كثيراً فهي تكون مع روما في أغلب الأوقات
خرج من غرفته ليقصد غرفة روما في أخر الرواق دخل لها بهدوء لينظر بغرابة حوله
” نونا ! هل أنتِ بخير ؟ ”
قال جون بقلق بسبب أنين الأخرى ، هو يظن انها تبكي لانها تشتاق لوالديها …؟
لم يسمع رد من الاخرى تقدم من سريرها ليرى أنها تبكي أثناء نومها !!؟
قام بعضّ شفتيه بتوتر
” هل هو كابوس ؟ ”
كان على وشك إيقاظها إلا أنها نبست بخفوت
” أخي ! ”
نظر جون بتفاجئ لما قالته ! لقد قالت ‘ أخي ‘ منع ابتسامته من الظهور ظانناً انها تقصده
” لا تذهب توقف أخي …”
قالت ذلك أثناء انينها نظر جون لوجهها الشاحب بينما أنفها و خديها محمران بسبب البكاء وجهها كان يتعرق بينما الدموع تأخذ مجراهما
أمسك يدها بكلتا يديه ليقول بهمس
” لن أذهب لأي مكان نونا ، انا بجانبك”
كان ينظر لها بقلق ، أي نوع من الأحلام التي تبكيها هكذا
” أدم ”
همست مرة أخرى لينظر جون باستغراب فهو لا يزال لا يعلم من هو ادم ؟ هل كانت تقصد أدم بأخي ؟
أستيقظت روما بفزع لتنظر حولها بغرابة
ثوانٍ حتى لمحت جون الذي يقف بقارعة رأس السرير بينما يمسك يدها بيديه الباردة
” نونا هل أنتي بخير ؟ لقد كنتِ تبكين أثناء نومك ! ”
بدى القلق واضحاً بصوته
قامت روما بدفع جون عنها ليسقط الاخر على الأرض الباردة … استقام جون بألم يحملق بروما بغرابة
بدت أنها ليست على ما يرام لهذا قام بالتقرب منها ليقول بحزن
” لا تخافي انه….”
لم يكمل جون كلامه بسبب صراخ روما الهائجة
” أبتعد ! أبتعد عني ”
قالت بصراخ ليفزع الصغير منها
” ماذا ”
استقامت روما من السرير لتأتي ناحية جون الذي لا يفهم ما الأمر حقاً
” أنتَ ! توقف عن كونك موجود فقد أختفي أرجوك ! لا يمكنك الاستمرار في أخذ مكانه ”
قالت روما باندفاع و غضب لجون الذي لا يفعل أي شيء سوى النظر بذهول لها
لم يستطع قول شيء بسبب كلامها الذي أخذ يحاول فهم ماذا تقصد
” أختي روما انتي حقاً لستِ بخير ؟ ”
قال جون لها لتجفل الأخرى لتقوم بمسك جون من معصمه بقوة
نظر جون الى معصمه بين قبضتها رغم ان يديها ناعمة و صغيرة ألا انها كانت تقبض بكل قوتها
” أختي ؟ قلتَ أختي ….تشه ! انتَ لستَ بأخي و لن تكون ، هل تفهم ؟ انا اكرهك للغاية جون لذا لا تظن أنني سأعتبركَ أخي يوماً ..أيها اليتيم والداي ليسا والديك ، هل تفهم هذا ؟ ”
قالت روما و انهت كلامها تلفظ الكلمات الاخيرة مشددة على حروفها
أطلق جون شهقة صغيرة من بين شفتيه كان على وشك البكاء
كانت يده تؤلمه حقاً لكنه توقف عن المقاومة و أبعادها فقلبه بدأ بالخفقان بقوة
قامت روما بترك يديه ليخرج جون من غرفتها دون إغلاق الباب ، نظرت الى باب الغرفة لتبلع ماء جوفها … لا تعرف و لكنها تشعر بألم حيال فعلتها هذه
لقد كان ينظر لها بنظرة لا يمكن تفسيرها لذا هي تشعر بشعور غريب و مؤلم في ذات الوقت ، لربما شفقة
ذهبت ناحية النافذة لشعورها بالاختناق بسبب الكابوس و ايضاً صراخها على جون جعلها تشعر بالإعياء
قامت بفتح نافذة غرفتها المُطلة على الغابة أخرجت رأسها لتهب الرياح الباردة وجهها لتشعر بحرقة و سخونة في عينيها
ألقت نظرة خاطفة الى الأسفل لتلمح جون الذي يركض باتجاه الغابة !؟ …..
فتحت عينيها بذعر وهي تشاهده من النافذة
‘ أعتني به من أجلي روما ‘
فجاة أتى كلام والدتها على ذهنها المشوش هذه ذات الكلمات التي قالتها لها والدتها عندما كانت في التاسعة من عمرها و هي ايضاً قالتها منذ أيام لم تمض
لقد كانت يدى روما ترتجف و هي تتذكر أحداثاً مشابه من الماضي تكرر الأن في هذه اللحظة
” لماذا يتكرر ذلك ؟ ”
قالت روما باختناق لتقوم بالخروج من الغرفة و نزول السلالم بسرعة كبيرة ، خرجت من المنزل وهي لا تزال بثوب نومها الرقيق فالجو بارد كالصقيع في الليل
هي حتى لا ترتدي خفاً
” جون ! جون ؟ أين انتَ جون ”
كانت تنادي بصراخ على الآخر وهي ترتجف من البرد لتقوم بحضن نفسها بيديها لعلها تشعر بشرارة الدفء
الاشجار العالية و الكثيفة كانت تحجب عنها ضوء القمر لتجعل المكان مظلماً و دامساً
هذا جعل من روما تشعر بالخوف أكثر رغم خوفها من الظلمة و رهبتها من الحيوانات هي أتت الى هنا لأجل جون
عدم وجوده بالجوار جعلها تشعر بالذنب و الندم لا يمكنها ان تخسر أخٍ آخر ….
” جون أين انتَ ؟… أرجوك ”
أكملت حديثها ببكاء لتنهار على الأرض لا يمكنها ان تعرف ان عاد الى المنزل ام ضاع في قلب الغابة في كلتا الحالتين هي تحتاج لرؤيته سليماً الأن
ثوانٍ لتَستجمع شتات نفسها لتستقيم من الأرض و تعاود البحث عن الأخر
في ذات الوقت و لكن بمكان أخر
يمشي جون بينما شهقاته ترسو خافتة ، كلمات روما الجارحة جعلته يتذكر كيف كان يعامله أطفال الميتم الأخرين
” أنا مكروه ! حتى نونا لا تحبني . ”
هو كان يعتقد ان شخصيتها قاسية هكذا لكنه لم يعتقد ان تكن له كل ذلك الكره الذي أنفجر أمامه اليوم
بووووه
سمع صوت نعيق كان غريب بالنسبة له جعله يفزع بخوف ليركض هارباً من المكان ، لكن الصوت لم يكن سوى صوت بومة كانت تجلس على غصن الشجرة
…
سمعت روما أصوات عواء الذئاب من مكان ليس بقريب
هذا جعلها تقلق أكثر
لقد مرت نصف ساعة وهي الى الأن لم تجد جون بالجوار ، لا يمكن ان يكون انه قد حصل له أي مكروه
هي خائفة الآن و كثيراً ، صحيح انها صغيرة و لكن جون أصغر لا بُد انه خائف أكثر
هذا ما كانت تفكر به روما
أقتربت من احدى الشجيرات تسمع منها أنين خافت و كأن هناك من يحبس بكائه
اقتربت روما اكثر لتقوم بأبعاد تلكَ النباتات المورقة لتبصر جون الذي يحظن نفسه بينما يرتجف ، و اخيراً هي وجدت ظالتها
ابتسمت بسعادة فور رؤيته تقوم بأحتضانه دون سابق أنذار ، فزع جون الباكي بخوف ليبصر شعرها الأسود على عنقه
” نو نونا…”
قال جون بينما يمسح سيل أنفه بكم قميصه
ابتعدت عنه روما بينما تحدق به بابتسامة
” جون انتَ بخير ؟! ”
كان الاخر مذهول من وجودها هنا و ايضاً هي سعيدة ؟… لرؤيته !
اومى بهدوء ليعاود حظن الأخرى فهو أستشعر الدفء عندما حضنته ، الجو بارد و هي دافئة
أبعدته روما عنها عنوة لتقول له
” هيا جون ، علينا العودة للمنزل قَبل أن نصبح طعاماً للذئاب ”
لتقوم بتشابك يده لتستقيم و لكنها تفاجئت عندما رأت الأخر لا يستجيب لها
” ماذا هُناك ؟ هيا قُم ”
بلل جون شفتيه قَبل أن يردف
” لقد لويت كاحلي عندما كنت أركض ”
جلست روما القرفصاء على الارض امام الاخر الذي ينظر لها بغرابة
” هيا أصعد على ظهري ماذا تنتظر ! ”
قالت بغضب ليقوم الاخر بإحاطة ذراعيه على كتفيها لتستقيم روما بصعوبة
لقد قامت تمشي بثقل و صمت بينما جون الذي يشعر بالخزي الان لان نونا فتاة ضعيفة و هو يضع كُل ثقله عليها
لكن الأخرى كانت شاردة تفكر بشيء أخر متجاهلة الحصى التي تُنكز قدماها كلما خطت خطوة على الأرض فهي حافية و أصبحت رثة القدمين ايضاً
لقد القى الفجر سحره بالفعل لتصبح السماء زرقاء نيلية باهتة
” جون هل تعرف أي تهويدة ؟ ”
قالت فجأة لعله يؤنسها أثناء الطريق فهي تمشي ببطئ بسبب حملها لجون على ظهرها
أومى جون الذي كان على وشك النوم لكنه استعاد وعيه الكامل ليتذكر واحدة سمعها من قَبل ليغني لها بصوته الطفولي و بحته مهتزة
♪ حَلق معي مثل فراشة قوس قُزح
قَبلني و سأغني …تهويدة الملائكة
إلا تريد أن تكون ضوء معي ؟
مثل فراشة قوس قزح
صدق و سترى …كُل الألوان في السماء ♪