خاتم من الماس و قلب من حجر - 2
كان الملك ألكسندر معروفاً بحبه للمغامرة، فلم اتافجأ عندما ذهبنا أنا و جُلنار لزيارة جوزيفين و لم يكن موجودا، فقد ذهب لكي يتدرب
على السيف مع بعض من اصدقائه، لذلك تركني جُلنار معها و ذهب ليلحق بهم.
كان من الغريب جدا أن أرى امبراطورا لا يمانع في تصرفات الآخرين، على عكس الإمبراطوريات الأخرى، فقد كانت الممالك التي
تحت سلطة جلنار كلها باتفاق موحد و بدون اي حروب، فقط اتفاقية ان تظل الممالك آمنة، و بقدرة غريبة، تمكن اجداد جلنار من تحقيق
هذا الطلب الذي الى الان مستمر بفضل جهده.
تمشيت انا و جوزيفين في الأسواق، فعلى المعتاد، كلتانا تملكان المال الكافي لشراء كل هذه الأسواق الآن.
في الماضي، كان والدي ووالد جوزيفين يعطينا كمية محددة من المال، الذي كان بالكاد يكفي شراء معطف مرصع بالذهب، اما الآن فلا
يكترث الكسندر او جلنار للمبالغ التي نأخذها، وذلك بالنسبة لنا كان افضل شيء .
” إذا، ماهو رأيك في عزيزي؟ أموال هائلة و لا يجب علينا العودة قبل منتصف الليل ”
لطالما أحببت أن أتعجرف إن كان لدي شيء أفضل من شخص آخر، حتى وان كان الشخص الآخر جوزيفين.
” تتصرفين و كأن الكسندر لم يكن من اعطانا معظم هذه الأموال في جعبتنا وليس زوجك، كوني ممتنة يا هذه.”
ضحكنا أنا و هي ، فهذا الثراء الذي نحن فيه لم يكن شيء بسيطاً .
في طريق العودة إلى العربة، و بعد أن اشترينا تقريباً كل ما وقع على عينينا، سمعت صوت ضجة ليست بعيدة .
” أيها المعتوه عد إلى هنا !!! ”
بالكاد استطعت أن ألتفت لكي أرى ماذا يحدث، فقط لأشعر بشيء حاد في رقبتي.
جميع الأغراض وقعت من يدي، تم القبض على رسغي، وجميع جسدي أُمْسكَ به بقوة .
” لا أحد يقترب , و إلا سوف أقتلها !!”
كان الصوت الذي تحدث ناعمًا يدعي القوة، ولكن بتركيز قليل وضح أن الرجل كان مذعورًا أكثر مني، التي لديها سكينٌ بالقرب من
شرايينها.
شاهدت وجوه الناس تتغير للذعر، فقد كانوا عالمين بأنني امرأة الإمبراطور، لكنه من الواضح أن هذا الرجل كان جاه لًا بذلك.
وجدت نفسي في مأزق، فالجنود لا يقتربون، و الناس خائفون، و جوزيفين كانت غير قادرة على الحراك، يبدوا أن الأمر في الأخير عاد
إلي.
“هلا هدأت قليلا؟ اعلم انك خائف ولكن-”
” اخرسي يا هذه وإلا قطٌعت وجهك!!”
حسنا، لربما كان حديثي الهادئ معه قرارًا احمق، ولكن قبضته لسكين كانت تألم جلدي ، شعرت أنه بالفعل قد غَرَسَ السكينة فّي.
عندما نظرت للأعلى قليلاً لكي أخذ نفسًا، استطعت أن أرى وجهه:
كان هناك العديد من الجروح و الكدمات،
إحدى عينيه كانت ملفوفة تماما بشاش قديم،
ملابس مهترئة،
و رائحة نتنة.
الشيء الوحيد الجيد، انه كان قويا كفاية لي يجعلني غير قادرة على الهروب؛ بسبب الطعام الذي يسرقه لامحالة.
” حسنا ، ما رايك .. سوف أعطيك ما تريد إن تركتني.”
قلتها على أمل ان يصغي، و بالفعل، فقد ذهب انتباهه من الناس في أقل من ثانية ، و كأنني وجدت المفتاح لهذا الباب المغلق.
” .. و ما الذي يجعلني اثق بك؟”
صوته كان يحمل الكراهية بطريقة واضحة، كأنها أنا التي جعلته بهذا الفقر .
” أطلب ما شئت الآن، هيا. ”
لقد كنت في غاية الخوف في تلك اللحظة ، فالرجل الذي كان عليه انقاذي كان مشغولاً بتفاهات مع زوج جوزيفين.
وجدت عين الرجل تنظر الي بتعجب، و كأنني قلت له إنه لم يعدم على فعلته هذه، فقد شرد في التفكير لمدة و من ثم:
” أريد عشرة قطع ذهبية … ”
كدت أن أنسى أنني في خطر، ما هذا الطلب الغبي؟
عشرة فقط؟
بنظرة سخرية لم استطع مقاومة نفسي .
” هل انت جاد ؟ عشرة فقط؟ يالك من غريب .”
بدا التشتت على وجهه عندما أدخلت يدي إلى الحقيبة التي كانت بين كل الاكياس.
أخرجت منها إحدى اكسسواراتي التي احملها للاحتياط و مددتها اليه.
” خذ . هذه تساوي ألف—”
قبل ان اكمل كلامي، وجدت نفسي مدفوعة على الأرض وقد أخذ مني الخاتم الذي كنت احمله.
التفت ونظرت بينما هرب الرجل بأسرع ما لديه، شعره كان متوسط الطول .
لم اكترث كثيرا بما آخذ، فقد كان مجرد خاتم بقيمة الفين قطعةٍ ذهبية .
كان الحدث محض كلام الناس ليومٍ كامل، فلم اتفاجأ عندما وجدت جُلنار راكضًا إلي.
” ساليناي !! ماذا حدث !؟ هل انت بخير ؟! هل أصابك أذى!”
كانت أسئلته الكثيرة محض أنظار الخدم، فقد كان يمسك بي بين أذرعه ، دموعه تتساقط إلى نهاية خدّيه..
ياله من طفل.
اضطررت إلى أن انتظر نوم جُلنار حتى أن أستطيع الحراك بأريحية، فقد كان يمسك بي مسكة الرجل الفقير إلى سمكة قد اصطادها
لأول مرة منذ عام.
ذهبت لكي أخذ البعض من الهدوء و الهواء العليل، ظلام الليل كان من اشياءِ المفضلة، فقد كنت دائما اذهب اليه عندما تكون امي بعيده،
و ابي يعمل .
بقيت في الشرفة معظم الليل إلى أن سمعت صوت صفير.
نظرت إلى الأسفل وإلى صدمتي ..
” انت!؟ ”
لقد كان ذلك السارق الأحمق .
كيف تمكن من دخول إلى حدود القصر؟
ما الذي أتى به إلى هنا ؟
ولماذا يبدو عليه الندم؟
” ا.. أنا آسف ،أردت أن أعيد إليك هذه..”
اخرج من جيبه كيسًا متوسط الحجم ووضعه على الأرض،ماذا؟
” انه ما تبقى .. لقد أخذت العشرة ..”
صوته المتردد جعلني بالفعل أتأكد انه مغفل، من سوف يعيد مبلغًا كهذا؟
” هل أنت مريض أم ماذا؟ اتعلم اين انت؟؟”
” أجل .. أحد أعرفه يعمل هنا لذلك استطعت الدخول .. والآن عن اذنك ..”
” تمهل يا هذا.”
لم أكن مكترثة ان كانت نبرة صوتي حادة او كأنني أتحدث بحقد، فقد كان هذا الرجل اقل مني، فلا على أن أُعامله بأدب و غير ذلك .
” .. ماهو اسمك؟”
عادت تلك النظرة إليه مرة أخرى، نظرة التعجب التي تلوها ميلان رأسه قليلاً ..
” .. أزار.. ”
لم يبدو عليه التوتر وهو يذكر اسمه للفتاة التي قد هددها قل بضع ساعات، من أين أتت هذه الشجاعة .
” الا تخاف ان ابلغ عنك؟ ”
” لا اكترث .. فقد حفظني الجنود .. ”
بدا أنه كان يتحدث بطريقة سخرية، و كأنه لا يتحدث مع الإمبراطورة .. ياله من غريب .
” حبيبتي، انت مستيقظة..؟”
صوت جُلنار جعلني ألتفت لأراه واقفًا في مدخل الشُّرفة، عيناه الناعستان بالكاد يُظهرن لون عينيه .
” أردت أن آخذ بعض من الهواء الطلق، ما حدث الباكرة كان مفزعًا..”
وجدت نفسي أنظر إلى الأسفل من جديد، لكي اجد الأرض هي التي ترحب بي، لقد ذهب أزار.
شعرت بيدين حولي، الدفء يملأ ظهري بإحتضان جُلنار لي.
بقينا صامتين لمدة، أشعر بنفسه الهادئ بينما هو يشعر بضربات قلبي بيدة.
” أنا أعتذر .. ما كان علي أن أتركك وحدك هكذا.. ”
صوت الهمس الملئ بالندم جعلني اخرج من افكاري.
” لا بأس .. لكن .. اظن انه من الأفضل أجد لي حارسًا شخصيًا ..”
♕ ♔