12
الفصل الثاني عشر: طاقة الحياة
مر أسبوعان على حادثة المنافسة، وأخيرًا تم استدعاء فريق كاريوس إلى مقر المقاومة. كانت الأجواء ثقيلة والمشاعر مشوشة، وكان الجميع يعلم أن المهمة القادمة ستكون صعبة.
وقف فريق كاريوس أمام القائد كاين، ومعه باقي القادة الأوائل، في غرفة الاجتماعات الضيقة.
تنهد كاين بعمق قبل أن يتوجه بكلامه إلى كانرول، التي كانت تجلس غير مهتمة، وقد وضعت قدمًا على قدم، تنظر إلى الآخرين بازدراء.
“ألن تعبري ولو عن جزء من الاحترام للمكان الذي أنت فيه، يا كانرول؟” قال كاين بتجهم.
ردت عليه كانرول بابتسامة ساخرة، وعينان لا تريان سوى التمرد في كل لحظة.
“هممم… لا، فأنا لست هنا للاستماع إلى حديثكم هذا.”
“إذاً، لما أنت هنا؟” سأل كاين، وقد بدا عليه الانزعاج.
“بصفتي مدربة لهذا الغبي، أنا مضطرة لمراقبته لأعرف مدى تقدمه”، أجابت كانرول بصوت بارد.
تنهد كاين مرة أخرى، وهو يحاول أن يضبط أعصابه.
“حسنًا… فقط لا تسببي لنا أي متاعب.”
“متاعب؟ هل قمت بأي متاعب وأنا هنا؟” قالت كانرول، مبتسمة ابتسامة بريئة، لكن كل من في الغرفة كان يعرف أنها ليست بريئة كما تبدو.
نظر الجميع إليها بدهشة، ولكنها لم تكترث.
“أرجوكِ، على الأقل شرحي لنا ما الذي تفعليه هنا. هل تساعدينا أم ماذا؟” قال كاين وهو يضغط على أعصابه.
أجابته كانرول ببساطة وكأنها لا تبالي.
“أنا هنا لسبب واحد: وجود تلميذي الغبي هنا. لو لم يكن موجودًا، لما كنت هنا.”
توجهت الأنظار نحو كاريوس، الذي عبس وجهه.
“ماذا؟ تعنين أنك سترافقني أينما ذهبت؟”
“هاها، إذاً أنت لست غبيًا جدًا… نعم، كما قلت، من الآن فصاعدًا، لن أسمح لك بالهرب إلى أي مكان طالما أنا هنا.” قالتها كانرول بنبرة تهديدية، بينما كانت عيونها تحترق باللون الأحمر.
“اللعنة! إنها جادة… يبدو أنه لا خيار أمامي.” تمتم كاريوس في نفسه.
نظر كاين إلى الجميع وقال:
“حسنًا، بما أن كانرول ستكون معكم، لا يوجد خيار آخر. لقد جمعتكم هنا لأعطيكم مهمة مهمة جدًا. يجب عليكم تحرير منطقة تابعة للإمبراطورية بأقصى سرعة.”
“لماذا بسرعة؟ على الرغم من أن جميع القرى تحتاج للإنقاذ، فما الذي يجعل هذه المنطقة مميزة؟” سأل كارا بفضول.
أجاب كاين، وقد بدا عليه الجدية:
“هذه المنطقة تحتاج إلى الإنقاذ بأقصى سرعة لأنها تبدأ في عملية ‘التصفية والسحب’.”
“التصفية والسحب؟ ماذا تعني بهذا؟” سأل كاريوس، وقد بدا عليه الحيرة.
صمت الجميع للحظة، ثم أكمل كارا بحذر:
“كيف أقولها… إنها عملية قتل الأطفال والنساء وسحب طاقة الحياة منهم.”
توقف الجميع عن التنفس للحظة، ووجهت الأنظار نحو كانرول، التي كانت تقف هناك وكأنها لا تكترث لما يجري.
“ماذا؟ هل فزعتم؟” قالت كانرول بابتسامة باردة، وكأنها لا تشعر بحجم الكارثة التي تم الحديث عنها.
قال كاين، وهو يضغط على نفسه لشرح الأمر:
“في المهمة الأخيرة التي ذهب فيها كاريوس مع القائد الفن، ذكر أنه شاهد ضحايا من الأطفال والنساء… وقال إنه يعتقد أن هناك من قتلهم. لكنه اكتشف أن هؤلاء لم يُقتلوا… بل تم سحب طاقة الحياة منهم بواسطة محارب من الإمبراطورية.”
“ماذا؟ كيف عرفتم أنه كان من قام بذلك؟” سأل كاريوس باندهاش.
أجاب كاين، وقد بدأ الغضب يعلو صوته:
“طريقة سحب طاقة الحياة تشبه الإعدام بقطع الرأس، لكنها أكثر مأساوية. يقومون بتعذيب الأطفال والنساء، يجبرونهم على التمنى للموت قبل أن يتم قطع رؤوسهم. سحب طاقة الحياة هو أكثر الطرق وحشية.”
ثم أكملت كانرول بصوت قاسي:
“بعد ذلك، يقومون بقطع رؤوسهم لسحب طاقة الحياة.”
أمسك كاريوس بذراعيه، مشاعر الغضب والاشمئزاز تغمره.
“لماذا؟ ما فائدة طاقة الحياة هذه؟ لماذا يسعون لفعل ذلك؟”
ضحكت كانرول بسخرية، وكأنها لا ترى في السؤال شيء غريب.
“أوه، أنت لا تزال لا تعرف، أليس كذلك؟” قالت وهي تبتسم بابتسامة استهزائية.
“ماذا؟ ما الذي تعنينه؟” سأل كاريوس بارتباك.
“طاقة الحياة هي نفسها السحر الذي نستخدمه نحن. هي مشاعر مثل الخوف والغضب والحقد والحسد… هذه المشاعر هي ما يولد طاقة الحياة. هل فهمت الآن؟”
صدم كاريوس، وهو يحاول استيعاب ما قيل له. كان الجميع ينظرون إلى الأرض، يدركون حقيقة بشعة لم يكونوا يعرفونها من قبل.
“لهذا، اجتمعت بكم. أريدكم أن تذهبوا بأقصى سرعة. استخدموا أجهزة النقل وحاولوا إنقاذ أكبر عدد ممكن.” قال كاين.
“حاضر.” أجاب الجميع في تناغم.
قالت كانرول بسخرية:
“ها قد بدأتم في المهام المتعبة.”
“يمكنكِ أن لا تأتي إذا لم تريدي، فأنتِ لست مضطرة لذلك.” قال هارونا باستهزاء.
أجابته كانرول بنبرة هادئة لكنها مليئة بالتهديد:
“أتمنى ذلك، لكن لا أستطيع. عليّ مراقبة هذا الغبي هنا.”
“لن أغفر لهم أبدًا على ما فعلوه.” تمتم كاريوس في نفسه، بينما كان يشعر بغضب غير مسبوق.
ثم، وبعد ساعات من التحضير، تحرك الفريق الثالث إلى مهمتهم. كانوا في طريقهم إلى المنطقة التي كانت تحتاج للإنقاذ، لكن كاريوس بدأ يشعر بشيء غريب.
“هل أنتم جاهزون، فريق الثالث؟” سأل شيل.
“نعم!” أجاب الجميع في انسجام.
“حسنًا إذن، انطلقوا. أنا سأكون خلفكم.”
استخدم الفريق جهاز الانتقال ليصلوا إلى أقرب مكان من المنطقة المطلوب إنقاذها.
وفي الوقت نفسه، كان كاين ينظر إلى كانرول بتعجب.
“لماذا لم تذهبي معهم؟” سأل كاين، وهو يرفع حاجبه.
“أنا لست أحد أتباعك لتنفيذ أوامرك. أنا هنا فقط لأراقب كاريوس.” أجابت كانرول ببرود.
“هل أنتِ غبية أم ماذا؟” سأل كاين بدهشة.
“ماذا؟ هل تجرؤ على إهانتي؟” ردت كانرول بغضب.
“(تنهد) هل تعرفين أين ذهبوا؟ هل تعلمين أن جهاز الانتقال يعمل مرة واحدة فقط في اليوم؟”
“ها؟!” قالت كانرول، وقد ارتبكت أخيرًا.
وفي تلك اللحظة، في منطقة “رختول”، القريبة من عاصمة الإمبراطورية، حيث كانت قرية “أكست” بحاجة للإنقاذ، بدأ الفريق في التحرك.
“لقد وصلنا. هذا هو المكان الذي يحتاج للإنقاذ.” قال كاريوس، بينما كان يشهر سيفه.
“يجب أن نضع خطة. لا يمكننا الدخول مباشرة.” قال كارا بحذر.
“معكِ حق في هذا.” أجاب هارونا.
لكن كاريوس كان يشعر بشيء غريب، كما لو أن المكان كله بدأ يتغير من حوله. شعر برأسه يؤلمه بشدة، وكأن كل شيء من حوله بدأ يتحول إلى اللون الأبيض.
“ماذا يحدث هنا؟” همس كاريوس، بينما كان يحاول أن يفتح عينيه، لكنه لم يستطع.
شعر بألم لا يوصف في رأسه، ثم سمع صوت فتاة غريبًا في عقله.
“أنت يجب أن…” قالت الفتاة بصوت غير واضح.
“أغغغ… هذا الصوت مجددًا؟” قال كاريوس بينما كان يتألم.
فتح عينيه ببطء ليكتشف شيئًا مروعًا.
رأى قدمين فتاة أمامه. وعندما رفع رأسه ببطء، صدمه ما رآه.
“هذا… هذا مستحيل… أنت… أنتِ؟”
“ماذا؟ هل تعجبت؟” قالت الفتاة بصوت هادئ، بينما كانت نظرتها مشبعة بالغضب.
كانت لينا. الشخص الذي لا يستطيع أن ينساها أبدًا، والتي كانت ماضيه المؤلم.
“أنا… أنا آسف… يا لينا… بسببي أخاك قد…” بدأ كاريوس يقول وهو ينفجر بالبكاء.
لكن لينا لم تظهر أي نوع من الرحمة.
“لقد سألتك… ألم أفعل؟” قالت، وعينها مليئة بالشر.
نظر كاريوس إلى الأرض، ودموعه تتساقط بغزارة.
“لماذا لا تزال حيا؟ كان يجب عليك أن تموت!” قالت لينا بصوت مليء بالكراهية.
غرق كاريوس في الحزن والندم، بينما كانت كلمات لينا تتردد في رأسه.
“أنت لا تستحق العيش… لماذا لا تتخلى عن حياتك الآن؟ هنا… والآن!” قالت لينا، بصوت قاسي.
يتبع…