التوأم - 23
“مايكل، لنذهب.” قال كيفن الذي أتى لأخاه لينهض مايكل مرتديًا معطفه “أنتَ مزعج فعلًا..”
“أعلم الجميع يقولها.” قال كيفن بثقة عالية ليتنهد مايكل ويفتح بوابة ويدفع كيفن فيها ثم دخل بها.
بعد دخول كيفن، رأى الشقراء جالسة بينما تضع قدمًا على قدم، والذي كان يجاورها كان فرنادو الذي وجوده أثار فضول كيفن.
“فرنادو؟. ما الذي تفعله هنا؟ مايكل؟؟.” نطق كيفن ينظر تارة لفرنادو وتارة أخرى لمايكل ينتظر تفسيرًا.
“آه اهلا كيفن! من الجميل رؤيتكِ، أتيت لأن البقاء مع دان يشعرني كأني خادم عنده، ليس ابنه.” قال فرنادو مشيرًا يده بعدم حيلة.
“إذا تعترف أنك ابنه.” قالت الشقراء ساخرة من الآخر الذي ضحك بطريقة غريبة “ابنه؟. ابنه في التبني فقط، كيف سأكون ابنه وهو غير متزوج؟ غير منطقي.” قال فرنادو مديرًا رأسه.
“هذا دان، من الطبيعي أن يكون له أبن غير شرعي..والجميع يعلم أنك ابنه لذا أخرس.” قال مايكل الذي كان يعد له الشاي لتنطق الشقراء:
“عزيزي كيفن، تعال تعال.” أقترب كيفن منها وجلس بجانبها لتبتسم ناطقة “جلبكَ اخاكَ هنا بهدف إخباركَ بأمور مهمة، رغم أني لا أعلم ما منفعة إخبارك، لكني سأفعل. قبل زمن طويل..”
“قبل عشر سنوات.” قاطعها مايكل لتكمل “قبل عشر سنوات! لقد التقيت بأخيك وصفعته ووقع بحبي وعرض عَليّ الزواج لكني رفضته! لأنه صغير على الحب ثم كرهني، ثم أحبني؛ لأني جميلة ولا أقاوم. لكني قلت له اذهب وواعد فتاة بعمرك مايكل! فذهب وأحب ابنة عمتكم ناديا التي تكبره بسنتين، هل يحب النساء الكبيرة؟ أظن هذا.. ثم انفصلا وعاد ليطلب الزواج مني و..” قبل أن تكمل الشقراء جلس مايكل مع كوب الشاي خاصته قدم على قدم لينطق:
“أتجيدين قول شيء صادق مرة واحدة فقط؟”
“عزيزي مايكل، كل ما انطق به حقيقة.”
“كذبة أخرى.” قال فرنادو ساخرًا لينطق كيفن “مهلا!. كل هذا حدث في عشر سنوات؟؟ مايكل! ظننتكَ أثقل من هذا!”
“أتمزح معي الآن؟” قال مايكل منزعجًا ليكمل “بالطبع لم يحدث أي ما نطقته، وكذلك..كنت اواعد ناديا من عمر الخامسة عشر إلى السادس والعشرون، متى احببتها برأيك؟”
“لا أعلم..قبل عشر سنوات ربما؟.” سأل كيفن ليضرب مايكل رأسه متنهدًا لينطق فرنادو:
“ربما كان يبلغ من العمر الثامنة عشر؟” بعد أن قال فرنادو هذا محاولًا جعل كيفن يفهم القصة وما فيها قال كيفن:
“الثامنة عشر؟؟. هل خنت ناديا معها؟!” بعد جملته هذه تلقى ضربة أخرى من مايكل أنسته نفسه.
“لا تتحامق عَليّ..” تنهد وشرب القليل من الشاي لينطق مستعيدًا ذكريات الماضي:
“قبل عشر سنوات..
بعد تتويج كارل ومايكل بأيام قليلًا، عندما كان مايكل يغير أحد ضماداته التي كانت بعضها بسبب التدريبات التي يتلقاها من عمته وأخرى مجهولة..كان ينظر لنفسه للمرايا، كارهًا نفسه، حياته، كل ما حوله..
تعرض للظلم بأيام قليلة قبل التتويج، ثم؟. اكتشف الجميع حقيقة كونه مظلوم، لكن تعامل الجميع معه لم يعود كالسابق.
ينظر لنفسه ويتذكر كيف كان الموجودين ينظرون له بتقرف، بينما هم فرحين بتتويج أخيه ناسيّن امره.
بين كل تلك لحظات الضعف حينما يتذكر كل ما حدث بالتفصيل..بدأ أمر غريب يطرأ على المرايا.. فجأة..انعكاسه!.
انعكاسه بدأ يأخذ راحته بالحركة، وكأنه شخص مختلف، شاردًا مايكل بعقله لم يلاحظ هذا إلى أن نطق انعكاسه قائلًا “اهلا اهلا يا انا.”
توسعت عينا مايكل و استدار حوله يحاول معرفة مصدر الصوت ليسحبه مجددًا الصوت من المرايا يقول “أنا هنا! انعكاسكَ!”
لاحظ مايكل هذا، رأى انعكاسه يكلمه، تراجع للوراء مصدومًا مما رآه لينطق الانعكاس قائلًا “لما الخوف؟ انا انت لكن من بُعد مختلف.”
“كيف..مـ..ماذا تريد؟.” سأل مايكل فورًا لتتغير ملامح انعكاسه مدعيًا الحزن “أهذا أول سؤال من نفسي الأخرى لي؟. هذا قاسي..هل تظن أني ظهرتُ لأني أريد غرض منكَ؟.”
“نعم..” قال مايكل ليتنهد انعكاسه “ياليتني هنا لأطلب طلبًا، للأسف، العكس صحيح! جئت لمساعدتك بحياتكَ التعيسة هذه..” ادعى الحزن بنبرته لكن الأمر لم يجدي نفعًا مع مايكل الذي اعترض قائلًا:
“لا أعتقد أنكَ تنوي مساعدتي..فهذا غريب.. لما قد تفعل؟. و ماذا قد تفعل؟؟” ابتسم انعكاسه ببساطة قائلًا :
“سأرشدكَ لملاذكَ فقط..دان فاسليفينا، حارس العالم الثامن..الرجل الذي ظلمكَ ظلم شنيع، مجرد محتال ونيته موت ساتو..أتظن أنه القى التهم عليكَ بدلًا من فضح اخيكَ من باب الملل أو الجهل؟. العكس عزيزي العكس! لقد استفاد جدًا من تشويه صورتكَ أمام الجميع..”
“ما الذي قد يستفاده من فعل هذا؟.” سأل مايكل عاقدًا حاجبيه ليرد انعكاسه
“من يعلم؟. دان فاسليفينا وديفاني آفينيس وحدهم يعلمون.. اوه نعم..فتاة شقراء تعلم كذلك..” قال بنبرة غامضة ليضع مايكل يده على ذقنه يفكر.
“شقراء؟. من هي؟.” سأل مايكل ليبتسم انعكاسه “بشرية..لكنها اقوى من أي بشري آخر.. الآن هي متجهة نحو قرية قد نُفيت منذ زمن طويل تستعيد ذكرياتها بتلك القرية..بالقطب الشمالي من الكرة الأرضية في عالم البشر تسمى قرية آنجيكوني* والتي تلقب كذلك بقرية الموتى..”
“ما هذه القرية؟. وما الذي حدث لتُنفى؟. ولما هذه الشقراء تذهب لها أن لم تكن موجودة؟؟.” سأل مايكل ليبتسم انعكاسه
“من يعلم..لما لا تسألها بنفسكَ؟. أذهب بهذه الجولة واكتشف كل شيء بنفسك مايكل..لكن..لا تخبر أي كائن بوجهتك! أي اخوتك، والدك، عمتك، حبيبتك.. وإلى آخره.. اي قريب لك لا تخبره، اذهب واكتشف الحقائق ثم عد.”
صمتّ مايكل ولم ينطق بحرف وساد الصمت لينطق مجددًا “ما الذي يجعلني أثق بكلامكَ؟.”
“الأمر عائد لكَ، ان لم تريد الذهاب، أنتَ حُر!” قال الانعكاس ليعود لطبيعته، مجرد انعكاس يقلد من ينظر للمرايا لينطق مايكل “شقراء..آنجيكوني..”
بعد ساعة فقط قرر مايكل حزم أغراضه واخذ الأذن من والده دون أخباره بالتفاصيل، أخذ الأذن وغادر العالم الثامن متجهًا للعالم الثالث؛ عالم “البشر”
سار بذلك المكان الذي يغطيه الثلج، مرتديًا بعض الملابس التي دفئت جسده، وغطاء على رأسه حجب أشعة الشمس من الوصول له، كان الجو قارص في البرودة..لكنه واصل، لم يعرف الاتجاه بالتحديد، لكنه سار بأمل أن يجد إشارة.
واصل سيره، لا يوجد أمور كثيرة استطاع معرفتها من طريقه إلى أن سمع صوت صراخ امرأة..ركض نحوها فورًا، كانت فتاة بشعر أشقر قصير، ترتدي قناع يغطي وجهها عدا شفتيها وأنفها،كان يهاجمها وحش رمادي اللون، غريب الشكل..
بينما كان يحاول الوحش تقطيعها كانت هي مشغولة بمحاولة امساك كريستالتها التي ابتعدت عنها، كريستالة وردية اللون.
بعد أن رأى مايكل هذا المنظر أسرع بإمساك رمحه وهجم على الوحش، فور أن غرز الرمح به تلاشى مع صرخة مؤلمة بقيت تتردد بالمكان، بينما الشقراء ركضت لكريستالتها وتحتضنها لصدرها.
“أنا في قرية انجيكوني.. صحيح؟.” قال مايكل متشككًا بعد أن رأى أن المكان قد ملئه الثلج، لم يكن هنا أي دليل يوضح أنه في قرية حتى، لا لافتة، لا كوخ، لم يوجد أي شيء..سوى الفتاة التي وصفها الانعكاس، كانت بشرية..لكنها اقوى من أي بشري..
“نعم..مسبقًا..لقد نُفيت انجيكوني منذ زمن طويل..بسببها..” قالت الشقراء بينما تبعد الثلج عن كريستالتها ليعقد مايكل حاجبيه
“بسببها؟. من هي؟.” سأل لتنهض الشقراء ناطقة:
“لستَ بشري، أليس كذلك؟”
“نعم..كيف علمتِ؟.” سأل فورًا لتستدير وتقترب منه لتجيب بسؤال “ما الذي أوصلكَ لهنا؟”
“أنه..انعكاسي في المرايا..” قال مايكل مترددًا بكلامه متوقعًا من الأخرى السخرية منه، لكن ردة فعلها كانت مختلفة.
فلقد صفعته فورًا “هل وقعت لحيلتها؟ رائع! كنتَ ستموت كما حدث مع غيركَ!” قالت موبخة إياه بينما هو أمسك بخده وصرخ:
“يا امرأة! ما بالكِ؟؟. من التي تتكلمين عنها؟! والا يرضيكِ اني انقذتكِ؟؟٫”
“كنت أستطيع إنقاذ نفسي..لا أريد أن يتدخل طفل بحياتي مجددًا..” قالت الشقراء جامعة اغراضها من الأرض ليتنهد مايكل:
“لم أتي للتدخل بحياتكِ أيتها البشرية..فقط ذلك الانعكاس..”
“ديفاني آفينيس.” قالت مقاطعة له لترتسم على محياه علامات السؤال
“هاه؟.”
“لم يكن انعكاسك يكلمكَ، كانت ديفاني حاكمتكم تكلمكَ عن طريق المرايا مدعية أنها أنتَ، أنها حيلة تجيدها لجذب انظار الأشخاص لها واللعب بعقولهم.” قالت الشقراء لتنهض وينطق مايكل
“هذا منطقي قليلًا..” تنهد ثم أكمل “أردت أن أعرف أن كنتِ تعرفين دان فاسليفينا..”
“دان فاسليفينا؟” نطقت واستدارت له واقتربت منه لتفتح فمه وتنظر لأسنانه “آه كما توقعت، مصاص دماء.”
تراجع مايكل للوراء محمرًا من جرأتها ليصرخ “ما بالكِ يا امرأة؟؟.”
“من طباعكَ هذه والدلع المبالغ..هل أنتَ أمير؟.” سألت الشقراء متكتفة ليجيب مايكل
“نعم لكن..”
“إذا من ساتو، ما أسمك؟”
“تسألين كثيرًا..ادعى مايكل..وكـ..” قبل أن يكمل قاطعته
“مايكل أبن وليام؟ آه اعرفك لقد فضحكَ دان قبل عدة أسابيع بكونكَ..ما كانت جريمتكَ مجددًا؟”
“ليست جريمة!. لقد كان..ظلم..وحادث..” قال مايكل لتربت الشقراء على كتفه “أعلم عزيزي أعلم.”
“دعينا من هذا..لقد قال انعكـ..أعني ديفاني.. أنكِ تعلمين سبب اتهامي..أهذا صحيح؟”
ضحكت الشقراء “الم تقل لك أن ديفاني تعلم؟”
“بلى قالـ..” لم ينهي كلامه ليضرب رأسه “تبًا.. ديفاني بنفسها كلمتني..ولم تخبرني حرفًا على ما أردت معرفته..لما أرسلتني إذا؟.”
“ببساطة لأوقاعكَ بمشاكل معي، قالت أنها سترسل شخص يحاول مساعدتي في هزيمتها، لكن لم أتوقع أنها سترسل طفل!. أم قد تكون الساذج الوحيد الذي وقع لحيلتها؟” قالت الشقراء ساخرة من الآخر الذي انزعج من كلامها وتنهد.
“لست ساذج..” قال ثم نطق “إذا كنتِ لا تعرفين فقط قولي!. سأذهب على أية حال..اعتني بنفسكِ.” قال واستدار ليسير وحده بينما هي تبعته بهدوء ليتوقف.
“ماذا؟.” سأل مايكل بعد أن شعر أنها وراءه.
“ما الذي ماذا؟” سألت الشقراء ليستدير لها مايكل.
“لما تلاحقيني؟”
“فقط أشعر بالملل ولا أملك وجهة اخرى..وربما.. أتأكد أنك لن تكلم ديفاني؟”
“ما شأنكِ بي؟. وأن فعلت؟.” قال مايكل منزعجًا.
“آه لا أريد توريطكَ مع هذه المختلة، مازلتَ طفل لم يعيش حياته ولم يرى تعاسة الدنيا.”
“أن كنتِ مجرد بشرية..فكيف لكِ صلة بديفاني آفينيس والتي هي حاكمة البُعد؟.” سأل مايكل الذي كان هذا السؤال يملأ عقله لتبتسم الشقراء.
“نحن صديقات مقربات، يمكنك قول هذا.”
“صديقات؟. أليس الوحش الذي كان يهاجمكِ منها؟. ولقبتيها بالمختلة..” قال مايكل محاولًا فهم العلاقة التي تربط الشقراء وديفاني لتضحك الشقراء قائلة:
“لم أعلم أنكَ ذكي!. نعم لسنا صديقات حقًا، هي تبغضني بغضًا وأنا ابادلها الشعور، لكن كيف علمت أن الوحش منها ان استطعت أنتَ هزيمته رغم المفترض لو كان منها لكان أضعف؟” سألت بينما قربت وجهها الذي يستره القناع من مايكل الذي تراجع فورًا.
“لا أعلم..فقط هالته كانت غريبة..وكذلك..الوحوش لا تأتي لعالم البشر بدون أن تحترق بسبب الشمس..أما ذاك الوحش كان سالم..فكان هناك احتمالان، الأول أن يكون من الشياطين أو الجن، أو أن يكون من الحاكمة لذا حسبتُ أنه منها..” قال مايكل مفسرًا لتصفق الشقراء.
“اهنئكَ، من كل قلبي.” قالت مبتسمة ليعقد مايكل حاجبيه.
“هل تستهزئين بي؟” سأل مايكل لتضحك الشقراء.
“من قال؟ بالطبع لا.” قالت مائلة رأسها ليتنهد مايكل ويتركها مكملًا طريقه وهي واصلت لحاقه.
“تبدو وسيم على الرغم من كونكَ طفل.” قالت الشقراء.
“لعلمكِ، ابلغ من العمر الثامنة عشر، توقفي عن مناداتي بالطفل..كم عمركِ أساسًا؟” سأل مايكل لتضربه الشقراء فورًا قائلة:
“من غير اللائق سؤال فتاة عَلى عمرها! الم يعلموكَ هذا؟؟”
“بجدية أعلم! لكن تبدين بالعشرين من عمركِ ومع هذا تناديني بالطفل لذا تسائلت فقط..” قال مايكل بينما يفرك رأسه.
“أبدو بالعشرين من عمري؟~ لعلمكَ اخجل من المدح الزائد!~” قالت الشقراء مبتسمة ضاربة كتف مايكل.
“لم امتدحكِ..وكذلك..لستُ أحد اصدقائكِ لتضربي كتفي هكذا.. تبدين غريبة أطوار..فعلًا.” قال مايكل منزعجًا منها.
“أنتَ ممل، بالطبع ورثت وسامة رجال ساتو وقوتهم وكذلك أخلاقهم السيئة ومللهم.” قالت الشقراء معدلة شعرها.
“لن اناقشكِ بشيء..الا يكفي أنكِ تتغزلين بمظهر فتى قابلتيه لتوكِ كغريبة أطوار..” قال مايكل ساخرًا منها.
“هذه قسوة منكَ.. لعلمكَ اعرفكَ من ولادتكَ!” قالت الشقراء موبخة مايكل الذي توقف ونظر لها.
“منذ ولادتي؟. هل أنتِ بعمر والدتي؟؟.” سأل مايكل متعجبًا.
“ليس حقًا..لكني كنتُ موجودة في بداية حكم ديفاني حيث كنتُ بالعشرين من عمري.” قالت الشقراء لتتوسع عينا مايكل.
“منذ..حكم ديفاني؟. هل عمركِ تعدا المليار؟.”
“من يعلم، فقدتُ العد منذ زمن طويل.” قالت الشقراء ساخرة من ذاتها ليبقى مايكل ينظر لها بهدوء..ثم أكمل سيره “إلى اللقاء يا ؟.”
“الشقراء عزيزي، الشقراء.” قالت الشقراء ملوحة ليومأ “الشقراء..”