المعجزة ٢٠٧ - 17
شابٌ يافع…
يجلس على تلك الأرض الخصبة،ذات العشب الكثيف
و هو يتأمل تلك الطفلة،تركض و هي تحتوي في كفها ما يشبه اللعبة التي حيكت يدويًا…
صرخت تلك الطفلة بعلو صوتها
“أخي!تعال و إحملني!سوزي تريد الطيران!!”
نهض ذلك الشاب بلا كلل او ملل
ليأخذ تلك الفتاة الصغيرة بين ذراعيه،و يحملها عاليًا!
ضحكت تلك الطفلة بعلو صوتها و هي تحرك بدُميتها في الهواء
انزلها حتى مستواه و هو ينطق بنبرته الرقيقة و الحنونة
“يجب ان نعود الى المنزل…يبدو بأنها ستمطر..”
عقدت تلك الصغيرة حاجبيها بعناد و هي تركله بخفةً بينما تتذمر
“لا!!اريد ان اقضي المزيد من الوقت برفقة سوزي!”
امال الشاب برأسه و هو يقول
“يبدو أن سوزي ترغب بالعودة للمنزل ايضًا…انها متعبةٌ و تريد أن تخلد للنوم!”
نظرت تلك الطفلة لدميتها لعدة ثوانٍ،اخفضت رأسها و هي تقول
“لنعد اذا!”
شد عليها و هي بين ذراعيه…نطق بنبرةٍ منخفضة
“لنعد…قبل ان تأكل العاصفة كل شيء…”
..
في الجانب الآخر…
تتربع في حديقةٍ بالقرب من منزلهم..
على جذعٍ مقطوع…و هي تقابل ذلك النهر الجاري..
يتلاعب النسيم بخصلات شعرها،و هي تدندن بصوتها…
الحانٌ بسيطة…
لا تفكر الا في اخيها…
حتى اخذ احدهم يخطو خلفها،انه ماثيو…
اتكأ على احدى الاشجار و هو يستمع لنغماتها الهادئها…
و لا يزيح بناظريه عنها…
كأن حدقتيه،تخلت عن كل ما هو جميل…و اختارت النظر اليها فقط…
كما لو كانت…كل شيء…
التفتت ايفا فور ملاحظتها لشخص يقف خلفها!
احمرّت وجنتيها خجلًا،فهي تكره صوتها…
اقترب ماثيو ليجلس بجانبها على ذلك الجذع الخشبي،تذمرت متجهمة
“لا يجوز ان تختلس السمع…”
التفت نحوها و هو يجيب
“صوتكِ…جيد بالفعل…”
رفضت و هزت رأسها
“صوتي هو الأسوء!انه خشن بعض الشيء…لا اجيد الغناء بالفعل”
ظهرت ملامح التعجب في محياه و هو يجيبها
“الغناء..؟ما هذا؟”
كانت ايفا ستصدم بالفعل…لكن بعد التفكير..تلك ليست اول مرةٍ يجهل ماثيو شيئًا كهذا،اجابته
“ان تناغم صوتك…اضن ان هذا هو الغناء،كما كنت انا افعل قبل قليل..”
كتّف ماثيو بذراعيه و هو يقول
“لم اسمع أحدًا يغني من قبل،لذا اضن بأن صوتكِ هو الأفضل…”
توالت ملامح الدهشة في وجه ايفا و هي تقول
“أ تقصد بأن صوتي جميل!؟؟”
اومأ ماثيو بالإيجاب و هو يتلاعب بإحدى خصلات شعره
نطق بنبرةٍ منخفضة
“انه كذلك…جميل…”
ضحكت ايفا لتمسك بخده!
قرصت خده و هي تقول
“لهذا السبب انت اقرب اصدقائي”
ابعد ماثيو بيدها و هو يتسائل و قد توالت عليه ملامح الصدمه
“اصدقاء…؟!”
صدمت ايفا لعدة ثوانٍ لتنزل بناظريها الى الأرض للحظات…
نظرت في عينيه و قد احمر خديها و هي تقول
“م…ماذا نكون إذًا..؟”
امال براسه و هو يتسائل
“كيف…اصبحنا اصدقاء…؟”
“و ما الذي جعلك تعتقد بأننا لسنا كذلك..؟اعني…هل تكرهني..؟”
اجابته و قد ضيقت محجريها
اقترب منها بلهفةٍ و هو ينظر في عينيها ،اردف و قد لمع محجريه
“لا!لكن…اكره ان اكون صديقًا لأحد…”
“ل…لماذا..؟”
اخفض بناظريه نحو كفها و هو يجيبها بنبرةٍ هادئة و متقطعة
“لأن…كل من يصبح صديقًا لي…ينتهي به المطاف ميتًا…و انا…لسببٍ ما…اريدكِ…ان تبقي على قيد الحياة….”
ارتجف محجريها و قد لامست تلك الكلمات البسيطة قلبها بالفعل…
وضعت بكفها على كفه و هي تقول
“انت مخطأ يا ماثيو…لست السبب في موت كل من يعرفك..لا يهمني ما مررت به سابقًا و جعلك تفكر بتلك الطريقة..لكن…الحياة جاريةٌ بالفعل…كل يوم..يولد ملايين الأطفال..و يموت الملايين ايضًا..نحن نسعد بقدوم شخص للحياة…و لا نفكر بأن من غادر تلك الحياة..ربما ينعم براحةٍ اكبر من الذي ولد لتوه..”
نطق ماثيو و قد شد على قبضتيه
“هل…تقصدين بأن الموت…هو الخلاص..؟”
“لا…انا لم أقل بأن من يموت ينعم براحةٍ للأبد…بل قلت من يغادر سينعم بها..أ تعلم متى يموت الإنسان يا ماثيو..؟”
اومأ ماثيو بالإيجاب و هو يقول
“عندما يتوقف قلبه و عقله عن العمل…”
ضحكت ايفا بخفةٍ و هي تقول
“هل اجوبتك علميةٌ دائمًا؟!…لا!لا يموت الإنسان هكذا!”
توسع بؤبؤه و هو يتسائل
“اذا…كيف!؟”
حركت بيدها و هي تقول
“يموت الإنسان عندما يفقد ذاته…يفقد طموحه…و يفقد آماله في كل شيء…اما مغادرته لهذه الحياة…فهي ليست بمشيئته…”
ضيق ماثيو محجريه ألما و قد توالت في رأسه ملامح صديقه ريو…
نطق بهدوء
“و إذا مات الإنسان و هو يحمل طموحه معه…؟”
ابتسمت ايفا لتشير على صدره بسبابتها
“هذا يعني انه لا يزال على قيد الحياة…هنا…في قلبك…و ما أن تحقق رغبته الذي عجز هو عن تحقيقها…سيختفي…و يذهب بعيدًا…الى مكانٍ أفضل..من هذا العالم…مكانٌ خالٍ من الحروب و الموت…مكان هادئ..”
نطق ماثيو بهدوء و هو يقول
“يجب أن…احقق طموحه اذا…”
“اجل!”
قرص ماثيو خد ايفا!كما فعلت معه قبل قليل،اردف لها بهدوء
“انتِ بالفعل…اقرب شخص إلي..”
اردفت ايفا متذمرة
“أنت تؤلمني!”
تركها و قد ابدى ابتسامةً طفيفة في ملامحه الهادئة و هو يقول
“تعلمت ذلك منكِ للتوّ…هذا ليس خطأي..”
اردفت ايفا بصوتها الصاخب
“انت تقلب الطاولة علي دائما!”
نهض ماثيو و قد خيم اليل بالفعل،التفت الى منزله،الا انه ادار رأسه ناحية ايفا للحظات
نطق بهدوء
“سأبذل قصار جهدي…للوصول لأخيكِ..”
لمع محجري تلك الفتاة
اومأت ايفا بالإيجاب و هي تقول
“اتوق لرؤية رد فعل وليام عندما يراك!”
امال ماثيو برأسه و هو يقول
“و ما المميز في رؤيتي؟”
نهضت ايفا بدورها لتخطو و تقترب منه،نقرت على جبهته و هي تقف على اطراف اصابعها
نطقت بنبرةٍ هادئة
“انت اساسا مميز ايها الأحمق…”
في اوسط تلك اللحظات،تعالت صرخات روكي
“ماثيو!ايها اللعين!ماذا تفعل برفقة ايفا؟!هناك شيءٌ خطير على وشك الحدوث!!”
توسع بؤبؤ ماثيو صدمةً و هو يتسائل
“أ هو بهذه الأهمية؟!”
امسك روكي بكف ماثيو و قد بدت ملامحه جديةً و عازمة…
نطق بنبرةٍ خشنة
“بل اسوء…”
اخذ روكي بكفه و دخلا بسرعة،دفع روكي ماثيو حتى غرفة جاك،كان جميع الفتيان يجلسون سويًا،و قد توسطهم فيكتور و قد تربع ارضًا
جلسو في حلقةٍ ليهمس ماثيو
“ما خطبكم..؟لماذا لا توجد فتياتٌ هنا؟هل انادي ايفا..؟”
ردد روكي بغضبٍ جم و انفعال
“ايفا ايفا ايفا!!يا رجل توقف عن الإلتصاق بها لا اضن أن اخيها سيحب ذلك!!….او على الاقل اعطني فرصةً صغيرة…”
“فرصة…؟لأجل ماذا..؟”
سأل ماثيو و قد ضم ساقيه بذراعيه
ابتسم روكي و قد اجابه و هو يبعد نظارته الخفيفة من على انفه
“فرصة لأسرق قلب ايفا!”
انفجر ايدوارد ضاحكًا كمن سمع نكتةً لتوه،بينما ضيق جاك عينيه و هو يتسائل بتردد
“أ جميع احلامك بعيدة المنال هكذا؟…”
صرخ ايدوارد بصخب صوته
“يا رجل!!!ايفا؟!بحقك!!تلك الفتاة لا يعجبها اي رجل!نحن نشك في كونها أنثى من الأساس!استسلم!”
تنهد ماثيو و الإنزعاج يعتريه..نطق ببرود
“أ هذا ما ناديتمونني لأجله..؟”
ضرب ايدوارد ظهر ماثيو بعنف و هو يجهر
“اوه هيا يا رجل لا تكن مملًا!دعنا نضحك على فيكتور اللعين!”
التفت ماثيو نحوه و التعجب يعتري ملامحه،نطق فيكتور بخدين محمرين
“في الواقع…انا أكن مشاعر لتاليا…”
استهزأ ايدوارد و هو يقول
“يأس من جميع نساء العالم و قرر اللجوء لتاليا اخيرًا!”
امال ماثيو برأسه و هو يتسائل
“ماذا تقصد بأنك تكن مشاعر لها..؟”
“احبها!”
قالها بلا تردد و هو يشد على قبضته
توسع بؤبؤ ماثيو…
تلك ربما..ثانِ مرةٍ يشهد فيها هذا المنظر…
اردف بهدوء و هو يتلاعب بخصلات شعره
“انت غريب الأطوار…”
برح جاك مكانه بإنفعال و هو يصرخ
“اعترف لها!!!”
زفر فيكتور لينهض بطوله المهيب،صرخ بعلو صوته
“سأقوم بذلك!هنا و الآن!”
صرخ روكي بدوره و هو يضرب علة كتفي فيكتور
“هيا!انت رجل حقيقي!انطلق يا صاح!”
في منتصف تلك الضوضاء،كان ماثيو و ايدوارد ينظران لبعضهما بتعجب…
يبدو أن ماثيو ليس الوحيد الذي يجهل معنى الحب
اخذ فيكتور يركض ناحية غرفة الجلوس،حيث تربعت تاليا و في احضانها ايفا،كانت تتلاعب بشعر ايفا الكثيف و تقوم بضفر تلك الخصل الطويلة
استقرت كف فيكتور على تلك الأريكة الكبيرة و هو يقول
“تاليا…هل..نستطيع التحدث على انفراد..؟”
تدخلت ايزابيل بتململ و هي تجلس جانبًا
“ان كان لديك ما تقوله فقله هنا”
أيدتها ايفا و هي تقول
“هذا صحيح!كن رجلًا و انطق بما تريد هنا!”
كان هاؤلاء الشباب يختبأون خلف الحائط…
و هم يصغون بعناية..
همس روكي
“ايفا جميلةٌ بالفعل،لكنها متعجرفةٌ حقًا”
التفت ماثيو نحوه و هو يهمس بدوره
“اضن بأنها محقة”
همس ايدوارد هو الآخر
“اخرس!”
احمر خدي فيكتور،مندفعًا في وجه تاليا و ممسكًا بكفها ناطقًا بنبرةٍ مسموعة
“تاليا!!انا احبكِ!لنتواعد ارجوكِ!عيناكِ…الساحرتان_”
قاطعت ايفا اعترافه الرومنسي و هي تنطق واضعةً الساق فوق الأخرى
“يا إلاهي ها هو ذا يعود من جديد!يا رجل هل سمعت بالكرامة في حياتك..؟”
تنهدت تاليا لتفلت يدها و هي تتذمر قائلة
“اخبرتك سابقًا و سأخبرك الآن،لو مات رجال العالم بأكملهم،و بقيت انت فقط تطلب مواعدتي،سافضل البقاء بمفردي على مواعدتك!!
توسع بؤبؤ فيكتور ليصرخ بنبرةٍ صاخبة و هو يتذمر بدوره
“لكنني وسيم!”
اشارت ايزابيل بيدها كما لو كانت تطرده و هي تقول
“وسيم عند الغرباء..قبيح في انظار من يعرفوك”
كان ايدوارد يضحك بشدة،كما لو كان يستمتع برؤية اخيه يتعرض للرفض!
تنهد جاك و هو يقول
“مجددا…”
التفت ماثيو ناحية روكي لينطقا في الوقت نفسه
“مجددًا..؟!”
“فيكتور يفعل هذا منذ سنوات،انه يحب تاليا بحق،لكن لا اعلم لما لا تبادله تلك المشاعر…اضن بأنه اعترف بحبه لها خمس و عشرون مرة،و هذه المرة هي السادسة و العشرون”
نطق جاك بهدوء
نظر ماثيو لذلك الوضع…
و قد تدارك ذهنه شيئًا عن الحب…
شيئًا جديدا…
يبدو أن من يتمتع بجاذبية كفيكتور،لا يمتلك حظًا وفيرًا..!!