لوحة الربيع - 10.5
-“أمي حدثيني عن أبي قليلًا”.
جلس هارو ذا الثمان أعوام بجانب والدته وردة وهي تقطع كعكة العسل لتضع له قطعة ثم تلتفت عليه وتجيبه بحب :
-“كان والدك رجلًا نبيلًا بحق، بريئًا كالطفل، لطيفًا كالحمل، قويًا كالصخر، حنونًا كالأم، والدك يابني كان رجلًا يقوم بالقرية .. يساعد هذا ويخدم هذه وينقذ ذاك، مِن فرط مودته ورحمته مات من عدوى انتقلت له أثناء محاولته إيصال مريضٍ للطبيب، أوتدري كان يطعم الجياع من حصاد المزرعة؟ .. أصبَحت الآن إرث والدك لذا علينا الحفاظ عليها فهي غالية على قلبي وذكرى محببة للجميع عن والدك”.
سكتت برهة وكأنها ترى ظل خياله يجوب عينيها
-“أتعلم .. تعرّفتُ على أباك حينما أتى لمدينتي قاصدًا ابنًا لامرأة عجوز نقلها لتقضي بقية أيامها المعدودة رفقته، ثم اشترى بعض الحلوى ومرَّ على ميتمٍ ليلعب مع الأطفال ويُدخل البهجة لصدورهم، صدفةً كُنت هنآك أعمل! .. مكث بضع شهورٍ ليعمل في الميتم، أحببنا بعضنا كثيرًا رغم بعد الأوطان واختلاف الجنسيات يابني .. تزوجنا وعدنا لهذه القرية .. لأتفاجأ أن جد كازو يعيش هنا، كان بدوره يعمل في ميتمٍ عشتُ فيه في نفس مدينتي .. فكما تعلم ياعزيزي ليس لديَّ أمٌ ولا أب، لكن جد كازو رباني وعاملني كابنته، وفجأة هاجر عائدًا لوطنه .. في النهاية أبوك جمعني بأبي مجددًا “.
-“إذًا أبي بطل !”.
ابتسمت ابتسامة كبيرة ملؤها المحبة وضمّت هارو بقوة
-“أنت تمامًا كوالدك” .
دخل كازو صارخًا بحماس :
-“التقطتُ فرو دب كُنت أُطارده!!! “.
-“يالك مِن قويّ يابُني! لكن تذكر وعدتني أن تحذر “.
-“أُنظر ياكازو أمي أعدت كعكتك المفضلة لليوم “.
-“يالهذا اليوم العظيم!!!!”.
جلسوا ثلاثتهم حول مائدتهم الصغيرة يتبادلون أطراف الحديث متلذذين بكعكة السيدة وردة الشهيرة.