ليال ماطرة - 3
عزيزي القارئ، يجب أن نوضح أمرا مهما ، قبل أن نكمل حوار مارك و هارو، يجب أن نذكر بعض النقاط المهمه في ماضي هارو.
فتى صغير، ذو جسمٍ ضئيل، بالكاد يمكنه التنفس، ولكنه مجبر على التحرك، يقوم بخدمة والده السكير، و هو في عالمه أسير، هارو طفل بريء، عاش في بيتٍ مريع، بيتٌ يخلوا منه الدفء و الحنان، يفتقر الى بعض الاوان، يبدوا كلوحةّ فارغة، تنتظر فراشة زاهية، تلون حياته…و تسقي روحه النائمة.
صرخ والد هارو مناديا بغضب : هارو !! تعال إلى هنا بسرعة !!
يقف هارو أمام والده و معدته تزقزق بسبب الجوع، ترتجف أطرافه من شدة البرد، و يقول بصوت منخفض : نعم، أبي.
والد هارو : يالك من طفلٍ عديم الفائدة!! أجلب لي بعض الطعام من المطبخ، بسرعة !!
ضل هارو ينفذ أوامر والده لسنواتٍ عديدة، كان هارو يعيش مع والده، كان يقوم بضربة بأستمرار و أساءة معاملته ، كان يعاني هارو من سوء التغذيه، و التعنيف المستمر ، كانت حياته كالجحيم بل اسوء، و كان يعاني في المدرسة بسبب التنمر الجسدي و اللفظي ، أستمرت معاناة هارو لسنوات طويلة.
ولكن، لنعد الى الوراء قليلا، حين كان هارو يبلغ من العمر ٧ سنوات ، اصيبت والدته بسرطان الرئه، ف امضت والدته حياتها في المشفى للعلاج، كان والد هارو يخبره بأن والدته قد تخلت عنه، ف ظن هارو بأن والدته قد تخلت عنه و لن تعود أبدا ، ولكن، بعد سنوات، عادت والدته بعد أن تغلبت على مرضها لم يصدق هارو ذلك،لم يعرف هارو كيف يتعامل مع الأمر بحكم أن والده كان دائما يلقب والدته بألقاب مهينة ويتكلم عنها بالسوء كلما ذكر أسمها ، مما ولد كرها في قلب هارو، ولكن، حدث ما لم يكن في الحسبان.
في ليلة ماطرة، أستيقظ هارو بسبب صوت المطر، ولكن، سمع هارو صوتا يأتي من غرفة المعيشة، ف قرر الذهاب لرؤية ما جرى. أخذ هارو خطوة، خطوتان،
ثلاث، و هنا، أصبحت الدماء تغطي هارو، كانت والدة هارو قد مسحت الدماء التي على يدها في وجه هارو، و
فجاءة، أصبحت الدماء تغطي يديه أيضا، كيف؟ و لماذا؟ هنا يأتي دور هارو في معرفة ذلك، و الا، لنعد الى حوارنا.
هارو: لا زلت أحاول مسح الدماء عن يدي، الدماء تغطي وجهي و يدي بسبب ما فعلت، لا زلت أستنشق رائحة الدماء و كأنه أمامي، فالرائحة لا تزال في عقلي، مر دهر ولكن الدماء لا تزول، لست نادما على ما فعلت بل كانت تلك أسعد لحظة في حياتي، أسقطت عصفورين بحجر واحد، ولكنها بدت حمقائا و هي تحمل سكينا و تمسح الدماء على وجنتي، لا زالت الدماء على وجهي لا تزول، لن أكذب أنني كنت على وشك التقيؤ ولكنني كنت سعيدا، سعيدا كطائر تحرر من قفصه، لازلت أسمع كلماتها الأخيرة في أذني، أصوات لا تتوقف ليلا و نهارا، “كم أكرهك أنت و والدك، ليتني لم أنجبك” فالحقيقة أنا أتمنى بالمثل.
مارك : ولكن، كيف تذكرت هذه الأمور.
هارو : حلمت بهذا قبل قليل.
مارك : حسنا حسنا، ما هو الأمر الذي لست نادما عليه؟ على ما أظن، قمت بالدفاع عن نفسك حين هاجمك والدتك و هي تمر بحاله هلع بعد أن قتلت زوجها، ف قمت بطعنها و تركتها حتى نزفت، أليس كذلك؟
هارو : ما هذا الأستنتاج السريع؟
مارك : ثق بي، فأنا خبير.
أعذرني عزيزي القارئ على مقاطعتك للمرة الثانية، ولكن، لنعد الى تلك اللحظة معا.
هارو : أمي…مالذي..
والدة هارو : لا بأس هارو.. كل شيء سيكون على ما يرام، عزيزي الصغير، هذا كله خطأي، أنا من تركتك هنا.
وجد هارو والدته و هي بجانب والده و هي تحمل سكينا و ثيابها مملوؤة بالدماء. ركض هارو إلى المطبخ و حمل سكينا، خوفا من أن تهاجمه والدته.
والدة هارو : هارو، عزيزي ، ضعها جانبا، كل شيء على ما يرام!!
ضل هارو يتصبب عرقا، لا يعلم مالذي يجب عليه فعله
و فجاءة، وجهت والدة هارو السكين في وجهه، و بدأت بالصاخ و امسكت به بقوة و حاولت ايذاءه، ولكن أخرج هارو السكين و غرز السكين في خاصرتها بقوة، كان هارو ذو جسد ضعيف و هزيل، ولكن كانت الطعنة قوية بعض الشيء فقد كانت كافية لافقاد وعي والدته، ثم اخذها و تركها حتى نزفت لساعات و توفيت.
هارو : كل ما قلته صحيح، مارك.
مارك : اسف، هارو.
هارو : لا بأس، لا يوجد داع للأعتذار.
مارك : أستخبر الطبيبة بهذا؟
هارو : لا أعلم.
مارك : لقد كنت ضحية في النهاية، ف لايوجد داع للقلق.
هارو : أ،ت محق، ولكنها حمقاء.
مارك : اذا لنترك الأمر سرا حاليا، حسنا؟
هارو : حسنا.
كما رأينا، كان هارو مجرد ضحية لوالديه، و مر بكل ذلك في عمر صغير.
عزيزي القارئ، أنا لا أدعم القتل بأي مشكل الأشكال، كان هارو مجرد ضحية للذي حدث، و كان خائفا و مجبرا على فعل ذلك ليعيش، و حتى أن قتلها عمدا ، أنا لا أدعم فكرة القتل أبدا.
تم تشخيص هارو بأضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، هو أضطراب يميل المصابون به إلى تعمد إثارة غضب الآخرين أو استيائهم والتلاعب بالآخرين أو
معاملتهم بقسوة أو بلا مبالاة دون شعور بتأنيب الضمير أو ندم على سلوكهم، مما يفسر تصرفات هارو تجاه الجميع، و أيضا، هارو مصاب بالأكتاب.
بعد أن توفي كلا والديه، أنتقل للعيش مع جدته المصابة بالخرف، كان معروفا في حيه على أنه فتى غريب الأطوار و منبوذ تماما. بعد أن توفيت جدته، تم نقله الى مشفى الأمراض النفسية، أبلغ عم هارو المشفى بأنه حاول الأنتحار لمرات عديدة، و بسبب الهلاوس و نوبات الهلع و الكثير من الأشياء الأخرى.
مارك : أتعلم من هو المثير للأهتمام أيضا؟
هارو : دعني أحزر، ايميليا
مارك : ظننتك نسيت أمرها
هارو : ليس حقا، قبل مدة، رأيتها تمشي أثناء نومها
مارك : نعم رأيت ذلك مرات عديدة
هارو : أتراقب الجيمع؟
مارك : لن أكذب، نعم، لأنني أشعر بالملل
هارو : فالتبحث على هواية جديدة، فهذا كثير حقا
مارك : بالحديث عن ايميليا، انظر هناك
يلتفت مارك و هارو الى نافذة الغرفة، كانت ايميليا تلعب كرة المضرب مع أحد الممرضين في الحديقة
هارو : أنها موهوبة
مارك : نعم، هي كذلك، أيجب أن نذهب للعب معهم؟
هارو : أذهب أنت
وقف مارك و ترك دميته مع هارو، ثم ذهب مسرعا للعب معهم، ضل هارو يراقبهم و هو يضحك، يبدو و أن هارو
قد وجد الأشراق في حياته بعد كل هذا
قال هارو بأبتسامة محدثا نفسه : يبدو و أن المكان هنا ليس سيئا تماما كما ظننت.. لقد كان قبل أن أجد مارك المزعج.