ظلال البقاء - 5
أيام، أسابيع، وربما شهور مرت، وسامر لم يستطع التخلص من الفراغ الذي تركه موت مالك في حياته. كان العالم حوله يستمر في الفوضى والانهيار، لكنه لم يكن يهتم. مالك كان كل ما تبقى له، والآن فقده إلى الأبد.
تغير سامر بعد ذلك اليوم. لم يعد ذلك الشاب الذي كان يسعى للبقاء فقط. بل أصبح متمردًا، يبحث عن القوة والسلطة بأي ثمن. بدأ يتعامل مع عصابات الناجين، يدخل في صفقات مظلمة، يبيع روحه مقابل البقاء على قيد الحياة.
بمرور الوقت، أصبح سامر شخصية معروفة في هذا العالم الجديد. عرف كيف يتعامل مع الجميع، من الناجين الجائعين إلى المتاجرين بالسلاح. بنى نفسه تدريجيًا حتى أصبح من أصحاب النفوذ، وبدأ يستثمر في المدن الآمنة التي كانت تشهد نوعًا من الانتعاش التجاري بعد سنوات من الفوضى.
لكن رغم الثروة التي جمعها، والسلطة التي امتلكها، لم يستطع سامر أن يملأ الفراغ الذي تركه موت مالك. كان يجلس في غرفته الفاخرة المطلة على المدينة التي أصبحت تحت سيطرته، ويحدق في صورة قديمة لأخيه. المال والسلطة لم يكونا كافيين لشفاء الجرح العميق الذي تركه فقدانه.
في كل ليلة، كان سامر يعود إلى تلك اللحظة، يرى وجه مالك بين ذراعيه، ويشعر بالندم يلتهم قلبه. كان يعلم أن المال والنجاح في هذا العالم المظلم لا يمكنهما إعادة الزمن إلى الوراء، ولا يمكنهما أن يعيدا أخاه الصغير.