بطلة بين السطور - 1
في الليل، والجميع نائم في ذلك البيت، في الحي الهادئ، كانت الساعة تشير إلى الثانية ليلاً. في الطابق الثاني، في غرفة صغيرة تحتوي على سرير موضوع في زاوية بجانب نافذة صغيرة، كانت فتاة تجلس على السرير تحمل بين يديها رواية.
كانت الفتاة منغمسة تمامًا بين الحروف والمشاهد، حتى وقعت عيناها على حوار يدار بين بطلين، يقول فيه أحدهما: “كيف تتحدثين معي هكذا؟ أنا غاضب منك يا آيلا.”
ردت آيلا بغضب: “هل تدرك حتى ما أخبرك به؟ أنت لا تفهم ما أقوله أبداً. لا يسعني سوى الصراخ بهذه الطريقة.”
بينما كانت عائشة تلتقط بعينيها الحروف وتقرأها، لاحظت في منتصف الصفحة نورًا خفيفًا. اقتربت من الكتاب لترى بوضوح، ثم شع الضوء بقوة عالية تعمي العينين. أغمضت عائشة عينيها بشدة حين شع الضوء لتظهر عباره خلف الاشعاع القوي تحمل”انت سبب تحريك الاحداث الآن، لكن ان تسببتِ في موت احد افراد القصه ستموتين بالواقع!”.
عندما فتحت عائشة عينيها مرة أخرى، وجدت نفسها في مكان غير مألوف. كانت تقف وسط مشهد الرواية، وتحيط بها الشخصيات التي كانت تقرأ عنها. أدركت فجأة أنها أصبحت جزءًا من القصة، وأنها السبب في تحريك الأحداث.
عليها أن تكون حذرة، لأنها إذا تسببت في موت أحد أفراد القصة، فإن حياتها الحقيقية ستكون في خطر.
أصبحت عائشة، بين الحروف والكلمات، بطلة تتحرك بحذر وتبحث عن مخرج يعيدها إلى عالمها الحقيقي، مدركة أن كل خطوة تخطوها قد تكون الأخيرة.
حين عم الصمت قليلاً بين البطلين وأعينهما لا تزال مقابل بعضها، شعرت آيلا بأن شخصاً آخر غيرهما في الغرفة. التفتت بهدوء إلى جنبها لترى فتاة صغيرة، بعمر 16 عامًا، ذات شعر متوسط الطول ولونه أسود. صرخت متفاجئة ووضعت يدها على شفتيها قائلة: “آهه!”
فُزعت عائشة من الصرخة والانتباه لها، وبدأت تفكر بسرعة؛ ماذا لو أخبرتهم أنني جئت لتغيير أحداث الشخصيات؟ هل سيتعاونون معي حتى لا أقع في الخطر أم لن يصدقونني؟
عائشة، محاولة طمأنتهم: “مهلاً، لا تخافوا، أريد إخباركم بشيء.”
ستيف، محاولاً إدراك ما يحصل: “انتظري دقيقة، من أنتِ وكيف أتيتِ إلى هنا؟”
تنهدت عائشة بعمق وحاولت شرح الموقف: “اسمي عائشة. كنت أقرأ روايتكم في عالمي، وفجأة وجدت نفسي هنا. لا أعلم كيف حدث ذلك، لكن يبدو أنني أصبحت جزءًا من قصتكم. يجب أن أكون حذرة، لأن أي خطأ قد يسبب موت أحدكم، وهذا يعني أنني سأموت في الحقيقة.”
نظر كل من ستيف وآيلا إلى بعضهما البعض بدهشة وعدم تصديق، ثم عاد ستيف لينظر إلى عائشة بتفحص: “وكيف يمكننا أن نساعدك؟ وكيف نصدقك؟”
عائشة، بابتسامة مليئة بالثقة: “أعرف ماذا حدث لكم في الماضي. ستيف، لقد فقدت والدتك في حادث عندما كنت في الثانية عشرة من عمرك، وهذا الأمر أثر عليك بشدة. آيلا، أنتِ تعيشين في ظل خوف دائم من أن تُكتشفي كشرطيه بسبب عدم رغبة اهلك بتلك المهنة.”
صمتت عائشة للحظة، لتلاحظ تغير تعابير وجهيهما إلى الدهشة والتوتر، ثم تابعت: “أريد أن أعيش معكم هنا، وأحاول أن أتخذ القرارات الصائبة لتفادي الأشياء السيئة التي ستحدث في المستقبل. أعلم أنه من الصعب التصديق، لكن لدينا فرصة لتغيير مجرى القصة، ولتحقيق ذلك، نحتاج إلى العمل معاً.”
آيلا، بتشكك: “أعتذر لكنني لا أصدقك ولا أرغب في ذلك. ما الذي يضمن أنكِ لن تتسببي في موتنا؟”
عائشة، محاولة إقناعها: “أفهم شكوككِ، لكن انظري إلى الأمور التي أخبرتكما بها الآن. أملك معلومات عن حياتكما لا يعرفها أحد غيركما. إذا أردتما ضمانة، فأنا مستعدة لتقديم ما يمكنني من دلائل تثبت صدقي. علينا أن نحاول، لأن المخاطر أكبر إذا لم نفعل شيئًا.”
صمتت الغرفة للحظة، حيث كان الثلاثة يتبادلون نظرات مليئة بالقلق والتفكير، أمام خيار واحد، كان عليهم أن يختاروا الطريق الذي سيؤدي بهم إلى النجاة.
بينما كانت عائشة تتحدث مع ستيف على الأريكة، تحاول أن تخرج بخطة واضحة حتى لا يكون هناك ضرر عليهما جميعاً، بدأت آيلا بالتحرك في الغرفة ذهاباً وإياباً، تائهة بين تصديقها وعدم تصديقها. كان عقلها يعج بالأفكار المتضاربة: “وماذا إن أخبرت عائلتي بأنني شرطيّة؟ يا إلهي، لا! إن رفضت التعاون، أعتقد أنها ستخبرهم.”
توقفت قليلاً، ثم التفتت تجاه عائشة وستيف واقتربت من الأريكة وهي واقفة. نظرت إلى عائشة بثقة وتعابير مزيفة وقالت: “حسناً، كما تريدين. أثق بك.”
باشر ستيف فرحاً ووقف، بينما يعانقها قائلاً: “رائع! كنت أعلم أنكِ ستختارين الطريق الصحيح.”
عائشة، وهي تلاحظ التوتر في عيني آيلا: “شكرًا لك، آيلا. أعلم أن الأمر ليس سهلاً، لكننا معًا يمكننا تغيير مجرى الأحداث.”
ستيف، بحماس: “إذاً، ما هي الخطوة التالية؟”
عائشة، بتفكير عميق: “أولاً، علينا تحديد الأحداث الأساسية التي يجب تغييرها. نحتاج إلى معرفة النقاط الحاسمة في القصة وكيف يمكننا تعديلها دون أن نلفت انتباه الشخصيات الأخرى.”
آيلا، بحذر: “وهل تعرفين هذه النقاط؟”
عائشة، بتأكيد: “نعم، لدي فكرة عامة. ولكن سنحتاج إلى العمل معًا بدقة وتركيز. ستيف، آيلا، يجب أن نكون فريقًا واحدًا.”
نظر كل منهم إلى الآخر، متحمسين لكن حذرين، وعرفوا أن المهمة لن تكون سهلة. ولكنهم كانوا مستعدين لمواجهة التحديات والعمل معًا لتحقيق هدفهم المشترك: تغيير مصائرهم المكتوبة وإنقاذ حياتهم.
ذهب الجميع إلى الأريكة الثلاثية الخضراء، وجلسوا بجانب بعضهم. كانت هناك طاولة خشبية بنية أمام الأريكة. التفتت عائشة إلى آيلا بجانبها وقالت: “هل توجد لديك ورقة بيضاء كبيرة وقلم؟”
أجابت آيلا: “نعم، لحظة فقط.”
ذهبت إلى غرفة النوم بالطابق الثاني، حيث كانت تكتب خططها للإمساك بالمجرمين. كانت الطاولة أمام السرير على بعد خطوات قليلة وبجانب الباب. فتحت الباب الأبيض بيدها عند مقبضه الطويل، وتوجهت إلى المكتب الشخصي حيث يوجد ثلاث أدراج على الجانبين وفي الوسط درج واحد طويل. فتحت الدرج الأيسر الأول وأخذت تبحث عن القلم الأسود الذي كانت تستخدمه.
وهي غارقة في البحث بيديها، قالت بصوت خافت: “أوه، أين هو؟” بعد بضع ثوانٍ، وجدت القلم. قالت بارتياح: “ها أنت ذا، وجدتك.” أخذته وأغلقت الدرج. ثم فتحت الدرج الطويل في وسط المكتب لتأخذ ورقة من كراسة لديها.
عادت إلى الأريكة ومعها الورقة والقلم، وسلمتهما لعائشة، التي بدأت برسم مخطط سريع على الورقة. قالت: “حسنًا، الآن سنبدأ بتحديد النقاط الأساسية في القصة التي يجب علينا تغييرها.”
بدأت عائشة بكتابة العناوين الرئيسية والنقاط الحاسمة في القصة، موضحة لستيف وآيلا الأحداث التي يجب أن يعملوا على تعديلها. كانوا جميعًا جالسين على الأريكة، يركزون على المخطط الذي يتشكل أمامهم.
عائشة، بتصميم: “أولاً، علينا تجنب الحادث الذي سيتسبب في مقتل أحد الشخصيات الثانوية. هذا الحادث هو نقطة تحول رئيسية في القصة، وإذا استطعنا منعه، يمكننا تغيير مجرى الأحداث بطريقة كبيرة.”
ستيف، بتفكير عميق: “وماذا عن العواقب؟ كيف نعرف أن التغيير لن يسبب مشاكل أكبر؟”
آيلا، بإصرار: “علينا أن نكون حذرين جداً. أي خطأ يمكن أن يكون كارثياً، لكن إذا تعاونّا ودرسنا كل خطوة بعناية، يمكننا أن ننجح.”
بدأوا بالتخطيط والتنسيق فيما بينهم، مراعين كل التفاصيل الممكنة، ومتحمسين لمواجهة التحديات القادمة. كانت الأريكة الخضراء نقطة انطلاقهم، حيث بدأوا في رسم مستقبل جديد، محاولين تغيير مصائرهم المكتوبة في صفحات الرواية.