أسطورة الفتاة الوحش - 0
“عالم من وحي الخيال“
في أغلب الأحيان نمر بمرحلة نشعر فيها بعدم الرغبة في فعل أي شيء فيخلق ذلك فينا فراغا وكأن كل شيء قد أصبح ظلاما في وجوهنا مع أننا نبصر لكن قلوبنا لا تفعل، هناك من يتخطاها بشكل لاإرادي حتى يجد نفسه يسبح في فضاء خياله، يتدفق بحر من الافكار في عقله لدرجة أنه يخاف من ضياعها مالم يسرع في كتابتها ،أما الاخر فقد يضل ضائعا هائما بين البداية و ما قبلها ،وهذه القصة التي سأكتبها من أجل الفئة الثانية التي لم تجد طريقها فلعلها تأخذ القليل من العبر.
كل ما سيتم كتابته في صفحات هذه الرواية هو محض خيال لا أساس له من الصحة حتى الأماكن والتواريخ ،اخترعت هذا العالم لأني أمنت بأشياء كثيرة ليس بالضرورة أن تكون ملموسة وأردت نقلها لكم على هيئة سطور من خيال وعوالم لم ولن تكون حقيقية أبدا، فما نحصده هو الأهم والحصاد يتغير من موسم لأخر فهناك الوفير وهناك المتوسط والقليل وكل وما أتاه الله من رزق، فلا تتوقف الأرزاق على الماديات فقط انما كل شيء رزق ونعمه حتا الكلام الطيب والمواقف النبيلة.
أي شيء ملموس سيتلاشى مع مرور الوقت، ان لم يختفي فيشحب ويتغير لونه وقد تختفي فعاليته أيا ما كان ،لكن ما نشعر به لن يختفي سوآءا ذكرى جميلة أو موقف سيء أو دمعة نزلت، صحيح أننا ننساها لكنها تعود في وقت ما لا نستطيع تحديده ولا ايقافه كالبرق حين يخطف اعيننا ويختفي……
“عادة ما تكون البدايات المشرقة محملة بالألم في طياتها”
قبل أن نبدأ في لب القصة لابد لنا من الرجوع الى الوراء بعدة سنوات و تحديدا تلك القرية التي سميت باسم الناجي الوحيد “هيروم” وقد كان عبدا ذا طموح قليل، بدأت حياته عندما كان يعمل في صيد الأسماك في مكان معزول أشبه بالجزيرة كي يعيل عائلته المكونة من اخوته الذكور فقط، لم يكن بالحالم ولا بالطموح لكن شيئا فشيئا زرع شيء ما بداخله عندما كان يتأمل البحر الذي اعتاد أن يصطاد فيه ، خرج هيروم من المدرسة في سن صغير حيث تعلم الكتابة والقراءة فقط وكان يسمع عن البحارين المشهورين الذين اكتشفوا أماكن عديدة واستوطنوا فيها حتى مماتهم
مرت عشر سنوات فكبر اخوته وغادرو تلك الجزيرة بجهدهم وتعبهم وقد كانت أسماء اخوته كالتالي “أراكي”، “هيروشي” ،”سنو”، لكن طموحه انطفئ و ظل في تلك الجزيرة بسبب حبه الشديد لها رغم كل ما عاناه فيها فقد شعر بأن شيئا ما كان يجذبه اليها ويبقيه على رأيه في البقاء رغم محاولات اخوته لإقناعه و التي باءت بالفشل
في احد الأعوام جاءهم أسوء قدر من حيث لم يتوقعوا فقد مسهم جفاف لم يرو مثله من قبل فالبرغم من انهم يطلون على البحر الا انه لم يمنع من ذلك فقد استمرت الحرارة بالارتفاع كل يوم حتا انخفض منسوب البحر واقترب من الوصول للتربة حيث أصبح غير صالح للشرب ،مرت الأيام حتى جاءهم الفرج بهطول الأمطار فحمدوا الله وترحموا على من غادرهم من أهلهم بسبب العطش بعد عام تزوج “هيروم” وعاش في سلام وازدهار حيث توسعت الجزيرة بفضل الجفاف وأصبحت قرية كبيرة يأتيها الزوار من كل مكان وكل له غاية فهذا يريد العيش وذاك جلب منتوجات جديدة يسترزق بها، مات “هيروم” عن عمر ناهز المئة عام بحيث أصبح أكبر معمر عاش في تلك الجزيرة وقد كان شاهدا على كل ما مر بها من خير وشر وفي الأخير سميت القرية التي توسعت مع مرور الوقت باسمه
أما عن اخوته فقد انتشروا واكتشفوا اراضي جديدة لم يطأها أحد من قبل وتم تسميتهم بأساميهم تخليدا لهم أما “سنو” فقد حط الرحال في مكان ذو مناخ بارد ثلجه لا يذوب فسماها “أرض الثلج” وقد توسعت مع مرور الزمن فأصبحت تلك الأراضي الثلاث أشبه بالمدن، اما هيروم فباتت قبلة للتجار يأتونها من كل مكان لأجل قضاء أعمالهم فأصبحت تسمى العاصمة.
“هيروشي”
مات صاحب الاسم مخلفا وراءه أولادا تنازعوا على امارة القرية فما لبثوا حتى تفرقوا ونشبت حروب بينهم انتهت بفوز الابن الأكبر بكل عدل فعمل عليها بكل انصاف ،توالت الأيام وازدهرت هيروشي بالخيرات لكن لا شيء يدوم للأبد فقد أنزل عليهم بلاء أنساهم ما كان قبله
في ليلة من الليالي الصافية كان الجميع يحتفل بميلاد الأميرة حيث بلغت السادسة عشر من العمر وقد كانت كذلك بكل ما تحمله الكلمات من معاني ،شعرها الحريري الذي كان بلون الدم وصل طوله لآخر ظهرها عيناها اللتان كانتا بلون سماء تلك الليلة وما زادها بهاء هو ثوبها الزهري الفضفاض مع هذا فلم تكن مكانتها تعنيها شيئا فقد كانت تملك روحا مرحة جعلت اهل القرية يحبونها كبيرا كان أم صغيرا، كانت الأميرة” سورا” تلعب وتسابق الاطفال كعادتها فلطالما أحبتهم، فجأة خشع الجميع نحو السماء وكأنها ستسقط عليهم في أي لحظة .
كان منظر النيازك وهي تسقط نحوهم بديعا ومرعبا في نفس الوقت، بعضهم هرب والبعض الاخر بقي يتأمل جمال المنظر، أما من هرب فقد عاش وأما من بقوا لم يموتوا كلهم كما كان متوقعا فتلك النيازك حملت شرا لكل من في قلبه شر، وقوة وعونا لكل من في قلبه خير، بعد أن توقف سقوط النيازك استيقظت الأميرة بعد أن رمتها قوة الانفجار بعيدا فركضت بسرعة تبحث عن عائلتها وفي طريقها اصطدمت بنيزك ضخم انقسم فور وقوفها أمامه وخرجت منه فتاة بنفس عمرها بيضاء البشرة والشعر وذات عينين برتقالتين توسطهما نجمة ،فور أن فتحت تلك المخلوقة عيناها نحو الأميرة حتى فقدت وعيها لوهلة ثم استيقظت وقد كانت الأوضاع قد هدأت ولم يمت الكثير من الناس لكن بعضهم أصبح يملك قوى غريبة فهناك من يستطيع اخراج النار من يده والاخر يجمد كل ما يلمسه ليتضح بعد أنه حدث نفس الشيء لكل المناطق أما الأميرة فقوتها مختلفة عنهم ولديها مميزات كبيرة لكنها كانت نقمة عليها في نفس الوقت. توالت السنوات وماتت الأميرة لكن الصادم في الأمر أن قوتها لم تمت فقد خرجت تلك الفتاة التي لازالت شابة بالرغم من أنها تجاوزت المئة فدمرت كل شيء يقف أمامها وكأنها حملت حقدا عظيما على البشر، لم يستطع أحد الوقوف في وجهها الا أخو الأميرة الذي كان مستخدما للطاقة السوداء التي اكتشفوا فيما بعد أنها نقطة ضعفها فحبسوها في جوهرة من الزمرد الأخضر الصلب وأورثوها لبعضهم لعله يجد حلا ويتحكم بها وهكذا كانت القارة العجيبة قد بدأت عهدا جديدا
“أتساءل كيف بدأ كل هذا… ظننت دوما انه يمكنني عيش حياة أفضل.. لكن ككل مرة يحدث أمر مفاجئ يجعلني أدخل في دوامة يأس… أما أن يبتعد الجميع عني… أو أن ارتحل وحدي لافهم نفسي… كلما أردته هو عيش حياة عادية…. لم أعد أفهم…متى سينتهي كل هذا…. متى سينتهي عهد الفتاة الوحش”
-ميروكو هاراشي-