أنليف و فيلنا - 1
الفصل الأول: العزاء
في الرومان، سنة ٥٩ ميلادية ، يُقام حفل خاص لسيدةٍ قامت بالمستحيل من أجل ابنتها. حفلٌ خاص يُقام مرةً واحدة لكلِّ شخصٍ على بقاع الأرض.
إنها والدة الامبراطورة، وُضِعت جثتها وسط ساحةِ القصر الخلفية، على منصةٍ خشبية يصلُ طولها نحو ثلاثةِ أمتار تقريبًا.
التف حول هذه المنصة جنودٌ مدرعون مع قائدهم، وفرسان وفلاسفة وأعضاء مجلس الشيوخ، وكذلك ابن الإمبراطور السابق “بيلفيغور بافلوس” ، وأخيرًا الامبراطورة التي تربعت على عرشٍ ذهبي مُخصص لها فوق منصةٍ من الرخام الأبيض.
يقف بجانبها نائبها المريب .
صعد رجلٌ على درج المنصة الخشبية حاملاً بيده شعلةً . اقترب من الجثمان المُمدد على التابوت ، ثم أوقد بها النار فنزل .
بدأ الدخان الرَّمادي يتصاعد شيئا فشيئًا، بينما الحضور يبكون وينتحبون على فراق الميت. أمَّا الامبراطورة “فيلنا سامنيیس” ونائبها “أنليف ” لا يكاد يَظهر تعبيرٌ على وجهيهما.
احترقت الجثة وتبقَّى منها الرماد فقط. بدأوا بسكب النبيذ الأحمر على النيران من أجل إخمادها، وجمعوا الرماد المتبقي في صندوقٍ صغير من الفضة، ثم ساروا به نحو قبرها، ورموه هناك مع شتى ممتلكاتها.
كان جسد والدة الامبراطورة “فيلنا سامنييس” مشوهًا بطعانتِ سيفٍ تتواجد على عنُقها، فقد تم اغتيالها وقتلها بوحشية داخِل قصرها الخاص، ولا يعرف أحدهم عن هوية القاتل أو القتلة.
“فيلنا سامنييس” هي امبراطورة روما ، استلمت الحكم بتاريخ ١٢ أكتوبر عام ٥٤ ميلاديًا بفضل إجراءات قامت بها والدتها ” بيليا “.
كان عمر “فيلنا” آنذاك سبعةَ عشرَ عامًا، ولصغر سنها تولَّت أمها شؤون الحكم بينما تنضج.
بعد أيام الحداد، أمرت الامبراطورة نائبها “أنليف” باستدعاء “فيليب” و “فيليكس”.
“فيليب” هو فيلسوفٌ شهير، أما ” فيليكس ” فهو متولٍ لمنصب قائد الجيش. هذان الرجلان شاركا في تربية “فيلنا” وقاما بإرشادها في بداية حكمها. “فيليب” كان يتكلَّف بتدريسها، بينما “فيليكس” يعلِّمها الشؤون العسكرية.
حضر كلٌّ منهما بعد وقتٍ وجيز ودخلا غرفة الاجتماعات الخاصة، حيث كانت تنتظرهما الامبراطورة هناك. أخذ كل واحدٌ منهما مقعدًا بينما نظراتهما موجهةٌ نحو وجه “فيلنا” منتظرين أن تنطق سبب هذا الاستدعاء المفاجئ.
وجَّهت “فيلنا” نظرها إلى نائبها “أنليف” الذي يقف يسارها، ففهِم فورًا ما ترمي إليه.
وقال:
_ استدعتكما جلالة الامبراطورة اليوم بغاية القبض على “بيلفيفور بافلوس”.
“بافلوس بيلفيغور”: هو الوريث الشرعي وابن الإمبراطور السابق “استولبومس بيلفيفور” والذي يكون زوج والدة الامبراطورة. لذا فـ “فيلنا” ليست ابنة “استولبومس”، بل هي ابنة مُستشارٍ سابق.
تم تبنيها من طرف “استولبومس” بطلبٍ من أمها “بيليا” التي تزوجته بعد وفاة زوجه “ريندا”.
استغرب “فيليبب” و “فيليكس” وصارا في حيرةٍ من أمرهما، فهما يجهلان سبب هذا الطلب غير المتوقع.
سأل “فيليب” الامبراطورة:
_ اعذريني يا جلالة الامبراطورة، لكن… ما سبب هذا القرار العشوائي؟!
أجابت “فيلنا” :
_ إنَّ قاتل والدتي، هو المدعو “بافلوس”.
يتبع…