تحت ضوء النجوم - 2
★ الفصل الثاني ★
بدأت دموعها بالنزول بدون أي صوت، وجسمها المتجمٌد في مكانه… فوصلت مربيتها، ونظرت إلى التابوت
وشهقت بقوة
بالبكاء، واضعة يدها على فمها، فنظرت إلى الأميرة التي
:تحاول إنكار ما تراهُ عينها، وأردفت أثناء ضحكها بألم وبسخرية
وعدم تصديق ، وبدأت هي الآخرى
هاهاهاها… انتم تمزحون صحيح؟ مستحيل… لا لا لا يمكن…ابي وعدني انه سيرجع حياً… من المستحيل أن”
.”!يتركني ويذهب
!قالت بصراخ وهي ممسكة كتف مايدي، ودموعها تنهمر من على خّديها: “لا.. لا هذا مستحيل!! أبي لم يَمُوْ ت
.”هذا ليس أبي! هذا ليس أبي! ابي لن يتركني بهذه السهولة، أليس كذلك يا مايدي؟ انا على حَق، أليس كذلك؟
:ضمتها مايدي إلى حضنها، محاولة تهدأتها وتهمس لها
.”…أميرتي، الإمبراطور ذهب إلى مكان أفضل … الإمبراطور ذهب ولن يعود”
.كانت تقول هذه الكلمات لكي تصارحها بالحقيقة، ولا تكذب عليها، لأن الكذب لن ينكر الواقع
:دفعتها استر، وذهبت الى جثة ابيها، وهي تشهق وتتكلم بصعوبة
.”!!أبي! أبي!! اْستيقظ أرجوك! لا تتركني أنا أترجاك، لا تفعل هذا بي لا تحطمني هكذا أبي”
لم تستطع إيقاف دموعها من تساقط، وشهقاتها ونحيبها تجعل تنفسها صعبا… وكل الجنود يبكون على
…إمبراطورهم، الذي قدم أعظم التضحيات لهم في حياته كلها
انتشر الخبر بسرعة البرق بين سكان الإمبراطورية، وكل الشعب حزنوا على موت امبراطورهم العظيم، الذي
….حماهم للعديد من السنين، وكان أفضل من حكم الإمبراطورية لعقود طويلة
بعد محاولتهم ليوم كامل من أجل جَعْل الأميرة تتوقف عن تعذيب نفسها، لم يستطعوا القيام بذلك، فهي لم تأكل
….أو تشرب قطاً ولم يغمض لها جفن بسبب بكائها طوال الليل
…في الصباح
كانت في سريرها، تنظر للسقف بنظرة خالية من أي مشاعر … بعد عدة دقائق دخلت عليها مايدي، وهي تناديها
:محاولة جذب انتباهها
“…ًحَضْرَ ةُ وليَة العهد… الجنازة جاهزة، وسوف تبدأ المراسم قريبا “
.أفاقت استر من شرودها، وَ نظرت لمايدي التي ترتدي ملابساً سوداء، وعيناها حمراوتين بالفعل من كثرة البكاء
:قالت استر بينما ترجع ناظرها إلى السقف.”لم يكن حلماً صحيح…؟”
…وقفت مايدي في مكانها، ولم تنطق بكلمة واحدة وهي تعض شفتها بقوة حتى لا تبكي أمام الاميرة
:جمعت كل قوتها وأردفت
.”سموك، يجب أن نذهب إلى هناك، فالكل بانتظارك بالفعل”
ذهبت إلى جانبها، فأمسكت يدها
…محاولة جعلها تقف واخذتها للاستحمام، لازالة دموعها التي اغرقت وجنتيها وجفف فؤادها
مرت الدقائق بصمت، انتهت من تجهيز الأميرة، التي لم يتبقى لها أيُّ روح او طاقة لتحية المعازيم، أو لمقابلة
.شخص ما حتى
مسكت يدها، وذهبوا إلى العربة الموجودة أمام القصر، لأخذها إلى المقبرة الإمبراطورية التي سيتم فيها دفن
…أبيها كباقي اسلافهم
ركبت العربة، وهي تنظر إلى النافذة بعيون منتفخة والحمراء من كثرة البكاء والدموع المتساقطة منها، تحاول
…نسيان وجهتها التالية، وإقناع نفسها بأن أبيها سيكون هناك، وسيفتح يده ليضمها بحضنه
كانت تنظر إلى كل جزء من القصر الإمبراطوري، وذكرياتها مع أبيها الذي كان يعني لها العالم بأكمله تهطل
….عليها كالمطر
… ضحكاتهم تملؤ المكان، والابتسامات لا تفارق وجوههم… لكن عالمها تحطم بالفعل، وذهب إلى مكان أفضل
ذهب عند
الوحيد التي هي زوجته النائمة في تابوتها… اليوم هو اليوم الذي حَلِمَ به الامبراطور طوال
.حياته… يوم مقابلته لزوجته العزيزة ودفن جثته بجانبها
حبه
وصلوا إلى المقبرة، فنزلت استر من العربة، وبدأ الجميع بتعزيتها، نبلاءً وفرساناً وعامة الشعب… كان حبهم
…لإمبراطورهم عظيماً وسيبقى كذلك… حباً بلا حدود خالداً في ذاكرتهم ومدوناً في التاريخ إلى الأبد
فتحوا بوابة المقبرة، وذهبت إلى قبر أمها، وعندما رأت جثت ابيها هناك، لم تستطع رجليها حملها، فحاولت
ارغام قدميها على المشي وذهبت إلى التابوت، وركعت على ركبتيها وهي تبكي مجدداً وتشهق بينما تمسك يد
ابيها الباردة، التي كانت مليئة بخدوش بسبب الحرب، لكن استر كانت
تراها اكثر يد ناعمة ودافئة في الكون
….أجمعواخذوا التابوت لدفنه، حاولت استر تحرير نفسها لكن لم يظل لها حول ولا قوة
حاول بعض الناس ابعادها بلطف لكي يدفنوه، لكن استر كانت تدفع أي أحد يلمسها أو يحاول ابعادها، إلى ان
احتضنتها مايدي بقوة من الخلف
.فكثرت البكاء ارهقتها
تّم دفن الامبراطور بين بكاء الناس حوله، والحزن يملئ المكان، وكانت استر راكعة على ركبتيها تنظر إلى
…الاسفل، مستسلمة لم تعد قادرة تحريك جسدها، تفاجئة بيد أحد فوق كتفها
تدير رأسها ببطأ وترى رجل طويل ينظر لها بثبات وهدوء، وهالته طاغية على المكان بالفعل، كان ذو شعر
اسود مزرق
قصير وعيونه البنفسجية لا تفارق عيَنا استر التي تنظر لها بحزن وقال لستر وهو يناظر الناس
:التي تغادر المقبرة
“أنَتِ تعرفيني أليس كذلك؟”
:دفعت استر يده وأردفت بصوت منخفض
.لها بأدب
.”ومن لا يعرفك… انت مساعد و اليد اليمنى لأبي الراحل”
يبدوا أنك قد تقبلت الواقع” قالها بسخرية أثناء انحناءه”
دعيني اعرف نفسي بشكل لائق سموك، انا موراي انريكي، من عائلة موراي المشهورة بأقوى الفرسان” –
.”ومعروفة بسيوف الامبراطورية، انا مساعد والدك، الامبراطور السابق، وأعرفه أكثر من أيّ شخص اخر
–
.”لا حاجة لأسلوبك اللبق، اخبرني ما تريده بسرعه”
“هاهاها… حسناً سموك، تعرفين انها ستندلع حرب بعد مغادرتك اليوم، أليس كذلك؟” –
فهمت استر ما يقصده… انه يقصد بذلك الصراع السياسي من أجل السلطة بين النبلاء بسبب العرش وسيقومون
.باستغلال الوضع الغير المستقر في القصر الامبراطوري لسرقة العرش
.”قالت استر بينما تنظر اليه بنظرة غير مبالية: “اذا؟ ماذا تريد؟ هل سوف تحارب من اجل العرش ايضاً؟
:قال بثقة بينما يمد يده لها
انا سوف أجعلك أعظم إمبراطورة مرْ ة على تاريخ الامبراطورية، سأجعل كل من يراك من الأعداء يرجف من”
“حضورك وكل الحلفاء يفرحون برؤيتك، هل سوف تقبلين مساعدتي لك؟
نظرت له وشعرت بشعور غريب… ارتياح وخوف مشاعر مختلطة بالداخلها الكثير، سماعها للكلمات التي
أرادتها… ليس كلمات شفقة أْو حزن، بل الكلمات التي تعطيها القوة وتعطيها الشعور بقيمتها، وتذكرها بأهدافها
.للحياة
:نظرت له وكأنه آخر بصيص أمل لها، وأخر شيء تركه ابوها لها، فأردفت أثناء وْ ضِ عها يدها في يده
“.سأكون شاكرة لك، إذا فعلت هذا”:فرح انريكي وقال بابتسامة تعلوا وجهه
. “انه لشرف لي سمو ولية العهد”
…وهكذا انتهت الجنازة، وانتهى أسوء يوم مر على استر في حياتها