تهويدة الملائكة - ch-2
الفصل الثاني
( لم تكن تلكَ الصفعة من أذتني بل نظراتكَ المشفقة نحوي ! )
__________________________
” هذا مزعج ”
تمتمت روما بِغيظٍ بينما تنظرإلى جون الذي يجلس أمامها يأكل فطوره، بينما لا تتوقف والدتها عن جعلهِ مركز الكون، فهي فقط تقوم بإطعامهِ وسؤالِه كلَّ دقيقةٍ إن كان يشعر بالرّاحة، أو إن كان الطعام لذيذًا وما إذا كان قد أحبّه.
هي لا تتحمل فكرة أن يكون لها أخٌ غير أخيها الحقيقيّ،وهذا الفتى المتبنّى من المستحيل أن يحتل مكانه.
استقامت روما فجأة من على كرسيّها تحت أنظارهم المُستغرِبة.
“أكملي طعامكِ، روما!”
قال السيد مينهارد لِروما، فَهي بِالكاد أكلت قطعةً من الخبز.
تنهّدت روما
” لقد شبعتُ بالفعل ”
” ماذا؟ و لكن-”
وقبل أن تسمع أكثر من ذلك ذهبت روما بِالفعل تاركةً خلفها والدها الغاضبَ من تصرفها الغير مهذّب، ولكنّ هانا قامت بتهدِئتِه بِتذكيرِه أنّها مجرّد طفلةٍ وليس عليه الغضب منها بِسرعة.
ذهبت روما إلى الخارج حيث المزرَعة، لم يكن ذلك الوقت المناسب للذّهاب للمزرعة فَالجوّ مشمسٌ ورطب، كما أنّالأرضَ مليئةٌ بالوحل، لكنّها لم تذهب للاستجمامِ بل ذهبت لترى صديقها ابن المزارع، جيروم
“! جيروم”
صرخت روما بصوت عالٍ تبحث عنه بعينيْها، كانت قد أسندت رأسها إلى عربةِ حصان خشبيّةٍ قديمةٍ مهترئة.
“جي-”
كانت على وشك مناداة اسمه ثانيةً عندما سمعت من يصرخ خلفها، من فوق العربة بالتحديد.
” يكفييي ”
قال جيروم الذي كان يجلس فوق العربة، وكانت تستطيع البتّ أنّه كان نائماً بسبب ملامح وجهه! هنا؟!
“جيروم لمَ تنام هنا بينما لديك منزل وسرير؟”
قالت روما رافعةً حاجبها الأيسر
قام جيروم متثائبًا.
” ماذا تريدين منّي أيّتها الصّغيرة؟ ”
لقد كان جيروم يكبرها بِسبع سنوات، فَهو في الثّامنة عشر من عمرهِ بالفعل، هو يكون ابن المزارع وأيضًا هو صديقها المقرّب الذي لطالما كانت تلعب برفقته هي وأخوها منذ نعومة أظافرها.
وتستطيع روما أن تجزم أنّه الشخص الأكثر كسلًا في حياتها، فهو على الرّغم من أنّه ابن مزارعٍ و سيكون خليفته إلّا أنّه لم يقُم بتحريك مجرفةٍ واحدةٍ في حياته،فكل ما يفلح في فعلهِ هو الأكل والنّوم ثمّ التسكّع مع حبيبتِه.
” لستُ صغيرة ”
” حقًا إذًا-”
وقبل أن يكمل جيروم جملته السّاخرة قامت روما بمقاطعته
“ما ذنبي إن كنتَ عجوز؟”
غضب جيروم فقام بضربها على رأسها برفق.
” كم مرة قلت لكي أن لا تجيبني، استخدمي مهاراتك هذه مع المتنمرين لا معي ”
و أيضاً لا ننسى أنّ جيروم يكون معلّم روما لفنون السخرية والإهانة ، لطالما حذّرت السيدة هانا والدة روما حذّرتها من التسكّع معه فهي تخاف أن يفسد برائتها،ولكن لم يكن لذلك فائدة لأن روما ليست بابنةٍ مطيعة … على أيّ حال فهي تعتبر جيروم صديقها المقرب و لا يمكنها التخلي عنه.
” اذاً ما الأخبار؟ لقد سمعت إشاعةً تقول أنّ عائلتكِ قامت بتبنّي فتى ”
قال جيروم بفضول بينما يجلس كلٌ منهما على مكعّبٍ كبيرٍمن القش المكبوس.
تنهدت روما الصغيرة قبل أن تجيبه بصوت ناعم
” هذا صحيح ”
نظر جيروم إليها بذهول.
” حقًّا؟ كم عمر أخيكِ بالقانون؟”
اعتلى وجهَ روما تعبيرٌ مستاءٌ بينما حدّقت في الفراغ، لم تجب سؤال جيروم.
” ألستِ سعيدةً لِحصولِك على أخ، روما؟ ”
سأل جيروم روما التي بدأ الغضب يظهر على وجهها.
“كلا أنا أكرهه! لا أريد ان يكون لي أخ! …هل تظن أن آدم سيكون سعيدًا إن علم أنَّه تمّ استبداله؟”
ما قالته روما جعل جيروم يجفل لينتصب واقفًا مكانه بسرعة ، أمسك روما من ذراعيها غيرَ مصدّقٍ أنًّ هذه الطّفلة تفكّر بهذه الطريقة، هو يعلم أنَّ روما فتاةٌ ذكيةٌ رغم أنّها لا تزال بالحادية عشر من العمر ولكنَّ كلامها يدلّ على أنّها لازالت طفلة.
“روما! عمَّ تتحدّثين؟ ليس عليكِ أن تكرهي ذلك الفتى بسبب هذا الاعتقاد الغريب! آدم لم يتمَّ استبداله! كما أنَّ آدم سيكون سعيداً إن علم أنَّ عائلته تبنت أخًا له أيضًا”
أبعدت روما يديْ جيروم عنها قائلةً:
” وما أدراك؟ هل قابلت آدم؟ هل سألته؟…. هل تعلم أنّه يتألّم إلى الآن.”
أكملت روما كلامها بغصّة
لم يفهم جيروم شيئاً من كلامها المُبهم.
عادت روما إلى المنزل بعدما اخبرها جيروم أَّنه سيزورها قريبًا فهو يريد أن يتعرف على الفتى المدعوّ جون ….. هذا ما قاله قَبل أن يقع مغمىً عليه نائمًا على القش.
” نونا… ”
استدارت روما باستغراب لتواجه صاحب الصوت الذي لم يكن سوى جون الذي يبتسم بوجهها بينما أسنانه الأرنبية ظاهرة.
” هل يمكنكِ أن تلعبي معي؟ فأنا أريد التعرّف إلى نونا”
قال جون المبتسم بينما يقوم بإمساك يد روما، كان على وشك سحبها معه ليلعب معها
ولكنَّها قامت بدفعه عنها و لحسن الحظّ لم تكن دفعةً قويةًوإلا كان قد سقط من أعلى السلم.
” أنا لستُ نونا، لا أريد اللعب مع فتىً أحمقَ مثلك ”
هذه الكلمات الجارحة وقعت ثقيلةً على قلب جون الصغير،قام بحكّ رأسه متسائلًا عمّا إذا كان قد أخطأ لتكرهه روما بهذا الشكل.
لقد أخبرته السيدة مينهارد بضرورة تقرّبه من أخته لتحسين علاقتهما، كما أنَّها قد وعدته بإعطائه الحلوى إذا ما جعل روما سعيدة، هو لم يكن يفعل هذا لأجل الحلوى فحسب بل لأنه حقًّا يريد أن يلعب مع شخص مقاربٍ لعمره .
بينما كان جون يلعب في الأرجاء، وجد بعضَ الصناديق القديمة في أحد الغرف المجاورة لغرفته حيث أنَّه قد وجد دميةً صغيرةً لفيلٍ ورديٍّ ظريف.
مع أنَّ الدميةَ كانت قديمةً وباليةً إلا أنَّها كانت مشعةً بنظره، لذا هو قد أحبها وأعطاها الشَّرف لتكون دميته. لقد اشترت عائلة مينهارد له دمىً وألعابَ كثيرةً إلّا أنَّه أُعجِب بدميةِ الفيلِ كثيرًا.
“أنتِ شو شو ”
حسناً.. دميةُ الفيل أصبح لها اسمٌ أيضاً.
….