صديق الشرير - 2
******
مضى أسبوعٌ منذ أن انتقل إلى هذا الجسد! بدأت الأفكار الغريبة تتلاعب بعقله، إنه يشعر بالجنون…
لمَ لم يعد إلى منزله بعد؟؟
كان عليه أن يستيقظ! إنّ إختِباراتَهُ على بُعد أسبوعين من الآن وهو لم يستيقظ بعد!
أراد الخروج من هذا الحلم الغريب! لقد جرَّب عدة طرق محاولًا الاستيقاظ…
صفع نفسه، رشَّ المياه على وجهه، العودة للنوم مجددًا حتي يستيقظ ليجد نفسه في منزله، لكن هذا لم يجدِ نفعًا! لم يستيقظ مهما حاول..!
لقد شعر بالجنون، بدأت الأفكار الغريبة تتسرب إلى عقله… ربما انتقل إلى عالمٍ آخر؟ مثل تلك الروايات الغريبة، عندما يموت البطل في عالمه السابق ينتقل لعالم جديد حيث يتعين عليه محاربة ملك الشياطين أو أشياء أخرى من هذا القبيل…
حسنا ولكن كانت هناك مشكلة بسيطة… بسيطة جدًا!! هو لم يكن بطل رواية !.. أيضا كان متأكدًا بأنه لم يمت! ربما مات صاحب هذا الجسد عندما تم طعنه لكن هو نفسه لم يمت! لم تصطدم به شاحنه، ولم يُقتل لينتقل إلى عالمٍ آخر!
لذلك قرر أن يؤمن أن كل هذا مجرد حلم… نعم، حلم سيستيقظ منه في أية لحظة ثم يعود إلى حياته العادية المملة!
رغم أن كل شيء كان يبدو واقعياً إنه أكثر وضوحًا من مجرد حلم .. شعر بالجوع كونه لم يأكل، شعر بالألم عندما صفع نفسه، أحس بالبرد أيضا عندما رش الماء على وجهه… وأخيراً تملَّكه الملل الشديد عندما قضى أسبوعاً كاملاً وحيداً داخل شقته دون أي وسائل ترفيه..!!
ربما يتساءل البعض لِمَ لم يخرج من شقته حتى اللحظة؟!
الإجابة بسيطة… بسيطة جدًا جدًا…
لأن ما حصل يحبس الأنفاس… لحظة وصوله لهذا العالم تلقى رسالة تهديد!!
كانت الرسالة كالآتي:
[ أيها الوغد! هل تعتقد إنك استطعت الهروب منَّا ولن نعرف مكانك..؟! أقسم إن لم تُرجع ما عليك من دَين خلال أسبوعين سآتي لقتلك، وتقطيع جثتك إربًا إربا، وبيع أعضائك في السوق السوداء!! ]
في البداية شعر أن صاحب التهديد كان مجرد شخص عصبي، يكتب أي شيء يخطر على باله من كلمات بذيئة، فلم يوله اهتمامً، فقد كان لديه مشاكل أكبر للتعامل معها، مثلًا كيفية العودة لعالمه…
لكن عندما رأى مقدار ما يدين به للرجل المتعصب؛ كاد يفقد وعيه
لقد كان يدين بعشرة ملايين… تخيل! عشرة ملايين!!
لم يكن يعرف قيمة العملة في هذا العالم أو الحلم أو أيًا يكُن، لم يعرِف بمَ يُسمي هذه الظاهرة الغريبة، لذا قرر تسميتها بأي شيء يخطر على باله… لنرجع لموضوعنا، كانت العشرة ملايين في حياته السابقة مبلغًا ضخمًا، لم يحلم حتى بامتلاكه، والآن أنت تخبرني أن صاحب هذا الجسد… هذا الطفل الذي لا يبدو عليه أنه بلغ السادسةَ عشر من عمره، يدين لرجلٍ غريب مجنون وعصبي بعشرةِ ملايين!!
وفوق كلِّ هذا، أنت تخبرني أني متورط معهم في هذا الأمر لأني استيقظتُ فجأة في جسد هذا الطفل؟! لا تمزح معي!!’
شعر بالغضب الشديد
لذا قرر أخيرًا.. وبعد ما حصل على عشراتٍ من رسائل التهديد من ذلك الرجل العصبي، عدم محاولة الخروج من شقته أبدا!!
قام بإغلاق جميع الأبواب والنوافذ في شقته، خصوصًا بعد علمه بأن ذلك الرجل العصبي يحمل عنوان شقته..
فبعد كل شيء هو لم يعلم بعد كيف مات صاحب هذا الجسد أو من قام بطعنه لأنه قام بالبحث فعلًا عن الأداة التي تم فيها طعن صاحب هذا الجسد ولم يجدها
لهذا استنتج أنها كانت جريمة قتل بدلًا من عملية انتحار…
لذا كان عليه أن يكون حذرًا، بالطبع هو لا يريد الموت حتى إن كان كل ما يمرُّ به مجرد حلم…
من قال إن غريزة البقاء لا تعمل في الأحلام؟
‘أن تكون حذراً أفضل من أن تكون آسفاً’
دانغ
“…!!”
فجأة انبثقت شاشة ثلاثية الأبعاد أمامه، مما جعله يقفز في مفاجأة
“اغغغغ!! أكره هذه الساعة الغبية”
حمل صوته انزعاجًا واضحًا
كانت الساعة التي يتحدث عنها هي ساعة صاحب هذا الجسد بعد أن شعر أن الملل يقتله في الاسبوع الذي أمضاه وحيدا داخل شقة صاحب هذا الجسد، قرر البحث عن هاتفه في محاولة لقتل ملله، على الرغم من بحثه الطويل لم يجد أي أثر لهاتف ذكي، بدلًا من ذلك وجد هذه الساعة.
كانت الساعة رائعة حقا! كان بإمكانك الاستغناء عن هاتفك إن كنتَ تملك واحدة منها، فقد كانت تؤدي العديد من الوظائف، مثل استلام وإرسال رسائل أو المكالمات، والعديد من الوظائف التي لم يعرف كيفية استخدامها، حسنا في الحقيقة هو لم يستطع معرفة استخدام باقي الوظائف في هذه الساعة غير استلام الرسائل وإرسالها…
احم-… دعكَ من هذا، فالأهم من ذلك أنه كلَّما تلقى رساله كانت تظهر له شاشة شفافة ثلاثية الأبعاد مثل تلك الموجودة في أفلام الخيال العلمي!!
وما فاجأه الان كانت هي نفس الشاشة الشفافة التي انبثقت من الساعة… وصوت “دانغغ” كان يعني أنه تلقى رسالة لذلك ظهرت له الشاشة…
رغم أنه اعتقد انه اِعتاد بالفعل على هذه الساعة الغريبة بعد أن تلقى عشراتٍ من رسائل التهديد من ذلك ‘الرجل العصبي’
إلا أن الموضوع مازال يفاجئه في كل مرة!
في الحقيقة لم يكُن غاضبًا من رسائل ‘الرجل العصبي’، بدلًا من ذلك كان شاكرًا، لأنها كانت الشيء الوحيد الذي يقتل ملله. فقد وصل بالفعل لمرحلة الرد على رسائل ‘الرجل العصبي’
مثل
[ أيُّها الوغد، احصل على مالكَ اللعين من شخصٍ آخر ]
أو
[ هل تجرؤ على تهديدي؟؟ ألا تعرف من أنا؟! ]
وهكذا كان يقضي الوقت في مشاجراتٍ مع ذلك الرجل.
والآن كان يستعد لجولةٍ أخرى من المشاجرات مع ‘الرجل العصبي’
“…!!”
لكن على عكس المتوقع هذه المرة حصل على رسالة من شخصٍ آخر
[ تحذير :
الطالب : “كاسبر ألين”
رتبة : 2000
فصل : E/13
تم خصم ٨٥ نقطة بسبب غيابك المستمر دون أي عذر.
تبقى لك ١٥ نقطة، إن لم تحضر صفوفك في خلال الغد أو إعطاء سبب مناسب لغيابك، فربما يتعين علينا خصم باقي النقاط، عندها ستضطر لتحمل العواقب، وربما الأسوأ من ذلك وهو الطرد النهائي من الأكاديمية. ]
فُتحت عينيه على مصرعيها
كانت عيناه تحدقان في كلمة واحدة على الشاشة وهي “طرد”
“نعم عذرًا طرد مما سأطرد؟!”
الأكاديمية؟! ما هذا..؟
لم يستطع أن يفهم بالضبط ماذا يعني أنه سيطرد من الأكاديمية؟
كان احساسه كطالبٍ متفوق يُنذرُ بالسوء عند قرائته لكلمة “طرد نهائي” ….حسنا لم يكن طالب متفوق ولكن من يهتم…
كانت هذه هي المرة الأولى التي يتلقى فيها إشعار بالطرد من أي مكان دراسي سواء كان في المدرسة أو الجامعة
هذا جعله يشعر بالسوء. نقر على لسانه وتحدث
“تسك هل علي أن آخذ الأمور بجدية الآن؟”
______
كان اليوم هو صباح اليوم الثامن الذي يقضيه في هذا العالم… نعم ضع ألف خط تحت كلمة هذا العالم… فأخيرًا قرر الاعتراف بالفعل أنه لم يكن في حلم، بدلًا من ذلك إنه انتقل إلى عالم آخر
بالطبع هذا لا يعني أنه لن يعود إلى عالمه السابق، أو أنه قرر فتح صفحة جديدة ولن يعود لحياته السابقة…
بالطبع لا!!
هو فقط كان يفعل الشيء الوحيد الذي يُجيد البشر فعله، وهو التكيف، حتى يجد طريقة للعودة لعالمه
نعم ما تفكرون فيه صحيح،.. وأخيرًا قرر الخروج من منزله ومواجهة العالم، تحديدًا كان ذاهبًا للأكاديمية!!
“واو إن قولها بهذه الطريقة تشعرني وكأني ذاهب للحرب!”
قد يتساءل البعض كيف سيصل إلى الأكاديمية وهو لا يعرف مكانها حتى…
الإجابة سهلة… لقد استطاع بالفعل معرفة اسم الأكاديمية، والتي كانت تدعي “بأكاديمية إلياس” لذلك لن يكون من الصعب سؤال الناس عن مكانها.
ألقى نظرة أخيرة على شقته قبل أن يغادر
“إنها فوضوية”
تمتم بهدوء تحت شفتيه
نعم، كانت فوضوية بالمقارنة مع أول مرة جاء فيها إلى هذا المكان، كانت علب الطعام الفارغة تملأ المكان، تم رمي العديد من الوسائد على الأرضية، وأخيرا كان السرير بدون غطاء مناسب خصوصًا بعد أن قام بإلقاء غطاء سريره الذي امتلأ بدمائه من النافذة…
نعم لقد كان أكسل من أن يقوم بإعادة غسيل غطاء السرير من الدماء لذلك قرر رميه من النافذة مع قميصه الذي كان يرتديه في تلك الليلة…
حسنا ليس الأمر وكأن اسمه قد كتب عليه أو شيء من هذا القبيل فحتى لو وجدها أحدٌ ما لن يعرف من صاحبها…
وهكذا نعم، هو لم يرتكب أي مخالفة قانونية…
“حسنًا دعنا نتوقف عن هذه الأفكار الغبية ولنخرج قبل أن أتأخر”
أخذ نفسا عميقًا، وضع يده على مقبض الباب لفتحه، كانت هذه هي خطوته الأولى للخارج في هذا العالم!!
*****
الكاتب: Kiara