صديق الشرير - 3
*****
قام بإرجاع شعره الطويل للخلف وربطه بربطة شعر، ثبَّت نظارته وعدَّل زيه…
الآن اتجه لفتح الباب للخروج من شقته!
نقر
فتح الباب
وفتحت معه عيناه على مصرعيها، كان أول ما قابله عند فتحه للباب هو ممر أبيض طويل يحتوي على عشرات الأبواب المرصوصة بشكل أفقي بجانب بعضها البعض، منحوت عليها أرقام مختلفة باللون الاسود
عندما استدار ونظر إلى باب شقته وجده أيضًا يشبه باقي الأبواب، ولكن برقمٍ مختلف؟ تم رسم رقم ٢٠٠٠ عليه
عندما نظر إلى الأبواب شعر بتعجب
‘كيف تكون الابواب بهذا القرب من بعضها البعض وتكون الشقق كبيرة.؟ أعني… إلا يجب علي الابواب أن تبتعد عن بعضها البعض؟ لأن كل باب يقود إلى شقة مختلفة ذات حجمٍ مختلف’
لقد كانت الأبواب حرفيًا ملتصقة ببعضها البعض، كان أمرًا جنونياً!!
لكنه قرر تجاهل الأمر وإكمال سيره كي لا يتأخر عن أول يوم له في الأكاديمية!
نظر إلى ساعته
كانت تشير إلى 6:15
لم يكن يعرف مواعيد بدء الفصول في الأكاديمية لكنه قرر الخروج مبكرًا على أي حال…
مر ما يقارب نصف ساعة وهو يتجول في الممرات دون هدف، كان المبنى كبيراً حقًا، مهما صعد أو نزل السلالم؛ لم تنتهي الممرات! شعر وكأنه يدور في دائرة لا تنتهي، أو أنه كان في متاهة مهما سلك من طرقٍ لن يستطيع الخروج!
شعر بالإحباط والغضب الشديد، والأسوء من ذلك فإن المبنى كله هادئ، مهما تجول فيه لم يجد أي شخص، وكأنه مهجور… لقد كان يحب الهدوء، لكن ليس لهذه الدرجة، فقد أراد أن يجد أي شخص يدله على كيفية الخروج من هذا الجحيم!!
مرت عشر دقائق أخرى وهو يتجول دون هدفٍ بحثًا عن منقذ…
وأخيرًا.!! أخيرا وجد منقذه..!!!
إنه هناك !… رجلٌ في منتصف العمر يحمل آلة غريبة بدت أشبه بمكنسة، ولكنها أيضًا لم تكُن كذلك
“لا أدري لِمَ لكن هذا الرجل بدأ يشع فجأة بنورٍ ساطع كالملاك…”
تمتم بعيون براقة مليئة بالترقب كأنه وجد بئر في الصحراء شاسعة بعد التجول لأيام دون ماء!
****
“أيهاا العمم!! أيهاااا العممم!!”
تفاجئ الرجل عندما وجد فتى يصرخ بـ “أيها العم أيها العم” ويركض نحوه بعيونٍ دامعة، لقد بدا له أنه طالب لأنه كان يرتدي الزي الرسمي للأكاديمية…
‘ما الذي يفعله طالب هنا في هذا الوقت؟ أليس من المفترض أن يكون في صفه الآن بما أن الصفوف قد بدأت بالفعل منذ ساعة تقريباً؟’
تساءل الرجل، لكنه لم يكلف نفسه عناء سؤال الطالب الذي أصبح الآن يقف أمامه، بدلًا من ذلك أعطاه نظرة استجواب عن سبب مناداته له
ويبدو أن الطالب فهم معنى نظراته، لذلك سارع بالحديث
“امم-..أيها العم هل تعرف كيفية الخروج من هنا..؟!”
أمال الرجل رأسه قليلًا بعد سماعه لكلمات الفتى الغريبة
“الخروج ؟ ولمَ ستودُّ الخروج من هنا؟!”
“أوه… أنا فقط أود الذهاب إلى اكاديمية إلياس..امم هل تعرف أين هي؟”
بعد انتهاء رايلين من كلامه، حدق إليه الرجل بنظرات غريبة وكأنه يرى أمامه أغبى فتى التقاه في حياته، في البداية اعتقد الرجل أن رايلين يمزح ولكن عندما لاحظ نظراته المتحمسة التي تنتظر الإجابة علم أنه لم يكن يمزح
عبث الرجل قليلاً
“يا فتي هل تمزح؟! أنتَ بالفعل في أكاديمية إلياس!”
تفاجأ رايلين عند سماعه لكلمات الرجل
‘إذا لقد كان بالفعل في الأكاديمية؟!…أي أن المكان الذي كان يعيش فيه كان مهجعٌ للطلاب؟’
ابتسم قليلا وتخيل لو أنه لم يذهب اليوم لفصوله وتجاهل التحذير الذي أتاه؟!…لكان الآن شخصًا مشرد بدون منزل في عالمٍ آخر لا يعرف فيه أي شخص!
نظر إلى ساعته قليلًا ثم سأل الرجل
“إذا هل تعرف أين يقع القسم E/13..؟”
أدار الرجل عينيه وعبث قليلًا
“إنه هناك أيها الأحمق ألا ترى؟”
كان الرجل يشير إلى الباب خلف رايلين
اتجه رايلين إلي الباب الذي كان يشير إليه الرجل، بالطبع لم ينسى شكره، وكما يبدو فإنه لم ينزعج من سلوك الرجل الفظ معه
لِمَ قد ينزعج؟! هذا الرجل قام بإنقاذه من التجول في المكان دون هدف، أيضا لِمَ كان عليه أن ينزعج من شخص لن يقابله مجددا أبداً إلا عن طريق الصدف؟
“الصف E/13”
تمتم بهدوء
كان يقف الآن أمام الباب الذي أشار إليه الرجل، طرق أولًا قبل أن يضع يده على المقبض ويشرع في فتحه، لكنه دُهِش عندما فتح الباب! كان الصف هادئًا لم يكن هناك أحد حرفيا كان الصف فارغ!
“هل ربما أتيت مبكرا؟”
تساءل قليلًا لكنه سرعان ما هدأ عقله، لم يكن هذا احتمالًا واردًا، لقد أمضى ما يقارب الساعة في التجول بحثًا عن صفه، كان من المستحيل أن يأتي مبكراً
لذا قرر أن يعود ويسأل الرجل مجددًا
” أيها العم هل تعرف أين ذهب الجميع؟”
نقر الرجل على لسانه وتحدث بغضب
“تسك ألا تعرف حتى مواعيد صفوفك؟!”
هز رايلين رأسه
لم يكُن يعرف بالفعل! كيف له أن يعرف وهو الشخص الذي كان يبحث عن الأكاديمية لمدة ساعة كاملة وكان يعيش فيها بالفعل!!
إذا كيف لهذا المخلوق الغبي أن يعرف مواعيد صفوفه؟!
تنهد الرجل بعد أن شعر باليأس من شدة غباء الفتى الذي يقف أمامه
“إنهم الآن في ساحة التدريب يُجرون اِختبار الزنزانة الافتراضية…اه- وإذا كنت ستسأل أين هي ساحة التدريب فهي تقع في المبنى الخامس الأصغر على بعد مبنيين من هذا المبنى… أيضاً أنا لن أرشدك إلى هناك..-كل ما عليك فعله هو استخدام الخريطة على ساعتك للوصول إليه ..”
“كيف-…”
كاد رايلين أن يقول شيئاً ما لكن الرجل قاطعه قبل أن يكمل
“أما عن كيفية إظهار الخريطة على الساعة كل ما عليك فعله هو النقر على الساعة ثلاث مرات وستظهر لك …. والآن اغرب عن وجهي”
قال الرجل بعبوس مُقطبًا حاجبيه، يلوح لرايلين كي يغرب من أمامه
شكرَ رايلين الرجل في صمت، ثم شارع في فتح الخريطة والركض نحو المبنى الخامس.
لم يكُن يعرف ما الذي قصده الرجل بـ “اختبار الزنزانة الافتراضية” أو ما يقصده بقوله “ساحة التدريب”
لكنه فقط ظن أن “اختبار الزنزانة الافتراضية”مجرد رياضة جديدة في هذا العالم…؟
لم يهتم حقا… لم يكُن أبدًا من محبي الرياضة، لكنه ركض في صمتٍ نحو المبني الخامس، على أمل عدم التأخر عن صفه الدراسي الأول في الأكاديمية!!
****
استغرق منه الوصول إلى المبنى الخامس خمسة عشر دقيقة من الركض، كان مندهشًا .. إنّ المبنى الخامس بعيد جدًا عن مكان سكنه، كان من الغريب حقا الوصول إليه في خلال خمسة عشر دقيقة فقط! وبدون أن يشعر بالتعب!!
“يبدوا أن صاحب هذا الجسد كان رياضياً”
نعم كان هذا هو تفسيره الوحيد الذي يملكه
“أيها الفتى!”
اِلتفتَ رايلين عند سماع شخص يناديه
فتح فمه وعيناه على مصرعيها
‘أنا الآن أسحب كل ما قلته، بالمقارنة مع هذا الرجل فأنا نملةٌ أمام فيل’
كان يقف أمامه رجلٌ ذو جسدٍ ضخم عضلي، بشعرٍ أصفر ذهبي يلمع تحت أشعة الشمس، ويرتدي نظارات شمسية تغطي عينه البنفسجية، بدا وسيمًا نسبيًا
أعطى لرايلين نظرةً غاضبة أرسلت له رعشةً في عموده الفقري
ثم بدأ في استجوابه بصوتٍ لا يخلوا من الغضب
“يا فتى من أنت؟ وماذا تفعل هنا بحق الجحيم؟!”
‘من انا؟!…نعم هذا سؤال جيد!’
حتى هو نفسه لم يعرف ‘من هو’ أو كيف جاء إلى هنا أو لماذا هو هنا حتى!
لم يكُن يعرف حتى ما هو اسمه!
لكنه قرر الاحتفاظ بكل هذه الأسئلة لنفسه، فجأة تذكر الاسم المُرسل إليه في رسالة التحذير لذلك تحدث
“كاسبر ألين، الرتبه ٢٠٠٠، الصف E/13…أنا هنا لـ-…”
توقف ثم فكر قليلًا
“اممم- آه… أنا هنا لتأدية اختبار الزنزانة الافتراضية”
عبس الرجل عند سماعه لكلمات أريلين، خصوصًا عندما ذكر رتبته، لكن سرعان ما تغير هذا العبوس لغضبٍ وسخرية
“إذا أنتَ هو ذلك الطالب الذي تغيب عن صفي لمدة أسبوع كامل، والآن أنت تتجرأ على الحضور متأخرًا؟!”
كان صوته يعلو مع كلِّ كلمةٍ ينطق بها، مما تسبب في جذب نظرات الجميع نحوهم
“نعم سيدي”
تحدث رايلين بصوتٍ خالٍ من أي ذنب، وكأنه لم يرتكب أي خطأٍ أبدًا، مما تسبب في دهشةِ الجميع وزاد من غضب الرجل
لم يكُن يعرف حتى سبب غضب الرجل منه، أعني، صحيحٌ أنه غاب لاسبوعٍ كامل، وأنه في أول يوم حضورٍ له تأخر عن الصف، ⁵لكن ليس وكأن الأمر بيده، فهو لم يرغب في أن يحصل أيًّا من هذا…
إن كان الأمر بيده لكان الآن يجلس في شقته ويمسك هاتفه ويعيد قراءة رواية “سياف ديكونل” للمرة الرابعة…
“تنهد”
كانت مشاعر البشر شيئًا صعبًا يُصعب عليه فهمها..!
ويبدو أن تنهده لم يمر مرور الكرام، حيث أن الرجل صاحب النظارات الشمسية سمعه مما زاد غضبه!!
*****