إميرالد - 1
لقاء بعد ست سنوات
اسمي ديلين، ديلين إيسكارت أو.. كما أفضل إنه فقط جاي، أستاذ في جامعة قريبة.
عندما استيقظت هذا الصباح، لم تكن لدي فكرة عن كمية الصدمات التي سأعاني منها دفعة واحدة في يوم واحد.
كانت السماء المبلدة بالغيوم تمطر رذاذاً خفيفاً على الطريق الحجري.
[ إنها الواحدة ظهراً الآن، لابد أن جيمي في طريق عودته من المدرسة، أهو في الصف الثامن هذه السنة؟ سارا ستكون قد انتهت من مناوبتها وهي في فترة استراحة. وذلك الوغد ريو.. هل يتدرب الآن؟ ربما…؟ من الصعب التنبؤ بما يفعله ذلك الرجل ]
لمست الجوهرة الزمردية على عنقي وابتسمت.
أصبحت عادة لي التنبؤ بما يفعله رفاقي في طريق عودتي من الجامعة.
اليوم ال15 من فبراير، اليوم قد مرت تسع سنوات على صداقتنا و..
6 سنوات منذ فراقنا.
في مثل هذا اليوم الممطر قبل ست سنوات افترقت عن رفاقي وبدأت العيش في عالم مختلف، هم قد نسوني.. أو للدقة جعلتهم ينسونني. على أي حال بداية أحداث يومي الغريب كانت من هنا.
أثناء سيري توقفت أمام جسر معلق.
” هل كان هناك جسر معلق هنا من قبل..؟ “
قبل أن ألاحظ كنت قد بدأت بالسير على الجسر بالفعل، كانت الغيوم قد انقشعت لذا أغلقت مظلتي وواصلت السير بينما أنظر حولي.
في تلك اللحظة بدأ البحر الساكن يهتز بعنف، موجات ضخمة بدأت تضرب الجسر، اهتز الجسر المعلق بشكل مشؤوم محدثاً صليلاً عالياً.
صراخ الناس ملأ الأرجاء، أبواق السيارات وجلجلة عالية، بدأ الناس بالركض نحو الجانب الآخر من الجسر بينما استمر اهتزاز البحر العنيف ومع موجات تسونامي ضخمة ارتفع شئ ضخم وغطى السماء.
وحش ضخم ذو رأس صغير مع مجسات عملاقة، بدا شيئاً ما مثل حبار وأخطبوط ضخم، هدر بعنف ما جعل الجسر بأكمله يهتز، نظرت بين الناس والوحش المقترب.
” فلينخفض الجميع..! “
بووووووممممم!
اهتزت ساق الجسر بشكل كبير عندما تم ضربها بمجسة عملاقة.
مجسات الوحش لمعت بين سحابة من الغبار. ملأت رائحة سميكة للدم والماء كامل المنطقة.
أنا ترنحت ورفعت جسدي بين كومة الخرسانة، كانت ذراعي اليسرى تنزف بغزارة، ضغطت على يدي وحاولت الخروج.
عندما انقشع الغبار كان المشهد المحيط بي واضحاً.
أكوام من الخرسانة المحطمة والصلب المقطوع، جثث الناس والسيارات المحطمة و..
الجسر المكسور.
” تباً.. من أين أتى هذا الوحش فجأة؟! “
صررت على أسناني وبدأت بإيجاد طريق وسط الخرسانة العالقة والسيارات المحطمة.
ما الذي يحدث هنا.. كيف هنالك وحش هنا بحق؟
قطع حبل أفكاري صوت مرتجف من الخلف، كانت هنالك امرأة تقف أمام سيارة عالقة.
” ابني.. أرجوكم أحد ما ابني لا زال بالداخل.. ساعدوني..
بالنظر عن قرب كان هنالك أحد داخل السيارة، توجهت نحوها فأشارت نحو السيارة.
” ابني.. أرجوك.. إنه بالداخل “
كانت السيارة عالقة من الجانبين ومائلة نحو الجزء المكسور من الجسر وتهدد بالسقوط في أي لحظة.
تباً إن حاولت فتح الباب بقوة فقد تسقط السيارة، أمسكت بصخرة من الأسفل.
” أيها الصغير ابتعد وتمسك بالمقعد الأمامي “
ارتعد الطفل الصغير وأمسك بالمقعد بيدين مرتجفتين.
كسرت زجاج السيارة الخلفي ومددت يدي نحو الطفل، كان بحدود الخامسة أو نحوها.
” يا صغير أمسك يد..! “
في هذه الأثناء هدر الوحش بقوة وأخذ يضرب مجساته بعشوائية على الجسر.
اهتزت السيارة ومالت نحو الأسفل قليلاً.
” اهه..! “
أمسك الطفل بالمقعد وهو يرتجف.
لم يكن لدينا متسع من الوقت لذا التفت إلى المرأة.
” اهربي أنتِ سيدتي وأنا سأحضر الطفل اسرعي! “
” ل..لكن.. “
” اسرعي لا أستطيع إنقاذ كلاكما لذلك اذهبي وأنا سأحضره “
تصلبت المرأة للحظة ثم أومأت بتردد وهرعت نحو الجانب الآخر، والآن كان لدينا هذا الطفل الخائف. أخذت نفساً عميقاً وتحدثت إلى الفتى بصوت هادئ.
” أيها الصغير.. أتريد الذهاب إلى والدتك؟ “
التفت الطفل إلي وأومأ بوجه مبلل.
” إذاً هذا الأخ الأكبر سيساعدك، لذا لنذهب إلى والدتك معاً حسناً؟ “
لسبب ما ذكرني هذا الطفل بجيمي، لم يسعني سوى الابتسام.
” لذا أمسك يدي بقوة، لا تنظر إلى الخلف وانظر إلي سأسحبك عند العد لثلاثة اتفقنا؟ “
كان الوحش يقترب والسيارة قد بدأت تميل إلى الأسفل أكثر، علي أن أسرع.
مد الطفل يده المرتجفة وأمسك بيدي.
” واحد، اثنان..”
كوووااانننغغغغغغغغ
” ثلاثةة..! “
سحبت الفتى إلي وسقطت إلى الخلف بينما سقطت السيارة إلى أسفل الجسر، لو كنت قد تأخرت قليلاً لسقطت مثل هذه السيارة.
ارتجف جسدي وأحسست بألم حارق في ذراعي اليسرى المغطاة بالدماء.
” لقد فعلناها.. “
نهضت بصعوبة وبدأت بالركض بينما أحتضن الصغير بيدي اليمنى.
تفاديت مجسة ضخمة بعرض شعرة وسقطت على ركام محطم. لحسن الحظ لم يصب الطفل بأذى ولكن..
” تباً.. ” كانت ساقي مغطاة بالدماء.
كنا قد وصلنا إلى نصف الطريق بالفعل وكان الوحش في الخلف يقترب بسرعة. لن أستطيع الركض ولكن الطفل..
” أيها الصغير.. هل يمكنك الركض؟ “
” أج..أجل “
” عليك أن تركض إلى الأمام حسناً؟ لا تنظر إلى الخلف وتوجه إلى الأمام، ستجد والدتك بانتظارك “
” ما.. ماذا عنك يا أخي؟ “
ابتسمت بلطف.
” سأكون خلفك “
كانت كذبة.
لم أعد أشعر بساقي اليمنى لذا لن أستطيع مواصلة السير.
ركض الطفل كما قلت له بينما اقترب الوحش من مكاني. حاولت رفع جسدي بصعوبة وترنحت.
اقتربت مجسة الوحش مني وأمكنني رؤية المرأة وهي تمسك بالطفل، ابتسمت بمرارة.
” أنا سعيد أنك وصلت بأمان يا صغير “
أغلقت عيناي مع اقتراب المجسة الضخمة.
لم يحدث شيء.
حقاً لم أشعر بشيء..!
فتحت عيناي باتساع، كان هنالك فتى يقف أمامي وجسده يبعث هالة ذهبية ساطعة.
التفت إلي الفتى بينما لمعت عيناه بإشراق.
” أأنت بخير أيها السيد؟ “
هذه العينان..
فتى في حوالي الرابعة عشر ذو عينان زرقاوتان وهالة ذهبية، فقط كيف لي ألا أتعرف عليه؟
” جيمي؟! “
كنت مصعوقاً وأخذت أنظر إليه بذهول.
كيف لجيمي أن يكون هنا؟ لا.. لم هو هنا؟؟
” لنسرع للجهة الأخرى يا سيد.. سيعتني أخي وأختي بهذا الوحش “
كنت متصلباً وأخذت أنظر إليه ببلاهة بينما أسرع هو ليساعدني على النهوض.
كان يمسك بكتفي ويساعدني على السير بينما تصنمت وبدأت أهذي.
” هه.. جيمي يمشي بجواري.. جيمي فتاي الصغير قد أنقذني.. “
نظر جيمي إلي بشفقة وهزني بخفة.
” هل ضربت رأسك أيها السيد؟ “
أنا لا أهذي ولست بحلم، جيمي حقاً يمشي بجواري.. كيف ذلك بحق الجحيم
توقفت وحدقت به.
” جيمي.. أهذا أنت؟ “
” ما هذا أتعرفني يا سيد؟ “
ها.. إنه حقاً جيمي.
كان جيمي يحدق بي باستغراب بينما اقتربت مجسة الوحش من خلفه.
” احذر..! “
دفعت جيمي وحلق جسدي بعيداً، اصطدمت بسيارة محطمة وسقط جسدي للأسفل.
شظايا الزجاج المكسور حفرت جانبي الأيمن بينما بصقت الدماء. أحسست بكل عظمة في جسدي تئن، كانت رؤيتي ضبابية وأحسست بطعم الدم في فمي. كان رأسي يرن وكنت بالكاد أتمسك بوعيي المنزلق.
من عيناي النصف مفتوحة استطعت رؤية شخصان يقاتلان الوحش وأكاد أجزم أنني سمعت لارس تتذمر.
” تشه.. تباً لهذا الأخطبوط القبيح إنه يأبى الموت..! “
ابتسمت، هل سأموت هنا؟ لقد التقيت بجيمي أخيراً هل يجب أن أموت هكذا؟
كان هناك أحد يهز جسدي بقوة.
” لا تمت أيها السيد استيقظ أرجوك..! “
” ..رأسه.. “
” ماذا؟ “
” أخبر لارس.. أن.. أن تهاجم الرأس.. إنها نقطة ضعف هذا الوحش.. “
” ما الذي تقوله؟! “
رفعت رأسي بصعوبة لأنظر إليه.
” أسرع يا جيمي “
نظر إلي بوجه مشوش ثم ساند جيمي جسدي على السيارة وأسرع نحو الشخصان اللذان كانا يقاتلان الوحش.
” الرأس يا أختي لارس! هاجمي الرأس إنها نقطة ضعف هذا الوحش”
قفزت الفتاة متفادية واحدة من مجسات الوحش العديدة ونظرت ناحية جيمي للحظة ثم التفتت إلى رفيقها.
” آل هاجم الرأس.. أنا وجيمي سنهتم بهذه المجسات المزعجة “
الرجل الذي كان ممسكاً بخنجر طويل قطع مجسة قادمة نحوه وأومأ بصمت.
إذاً ألبيرو كان هنا أيضاً، لم أكن أعلم هل أضحك أم أبكي، رفاقي كانوا هنا.
كان وعيي ينزلق بعيداً، نظرت إلى وجوه رفاقي تحت وابل الضوء الساقط.
تباً.. لم دوماً ما علي المراقبة من بعيد؟
كنت قد فقدت الكثير من الدماء ولا أعلم إن كنت سأنجو حتى أم لا.
لكن.. لا أريد الموت.
ليس وقد اجتمعت برفاقي أخيراً بعد ست سنوات.
غهغغهاااغعاهاغع
صوت صراخ مدوي ملأ المكان ثم كان هناك صوت اصطدام شيء ضخم بسطح الماء.
إذاً فقد فعلوها.
هرع جيمي إلي بينما تبعه الآخران.
” هل لا تزال حياً يا سيد؟ “
ابتسمت.
” للآن على الأقل.. “
” يا إلهي أنت تنزف بغزارة! أختي يجب أن نأخذه للأخت سارا بسرعة.. “
أخرجت لارس منديلاً وربطته حول ذراعي لتوقف النزيف.
انضم ألبيرو إليها ليضمد ساقي المكسورة
لارس بشعرها الأسود القصير وعيناها الحادة وألبيرو بعينيه الناعستين وحضوره الهادئ، لم يتغيرا كثيراً منذ ست سنوات.
” كتفي مخلوع لذا ترفقي بي من فضلك “
” اه.. اعتذر “
كان الدعم قد وصل، وقد أحاط مجموعة من الرجال في بدلات سوداء الجسر، كانت فرقة دعم الطوارئ لذا تركنا باقي العمل لهم.
تحدثت لارس مع أحد الرجال في المقدمة بينما تعاون كلاً من ألبيرو وجيمي لوضعي في المقعد الخلفي للسيارة.
جلس جيمي بجانبي وأخذ يختلس النظر إلي بينما قاد ألبيرو السيارة.
ما الذي يدور في رأس هذا الصغير؟
أخيراً التفت إلي وسأل.
” بالمناسبة.. كيف عرفت أن الرأس هو نقطة ضعف ذلك الوحش؟ أخي ألبيرو يعرف الوحوش جيدًا لكنه لم يعرف ذلك “
شعرت بنظرة ألبيرو المتفحصة من الأمام بينما التفتت لارس إلى الخلف.
” إذًا تلك لم تكن فكرتك يا جيمي ” أخذت لارس تحدق بي بشك.
” اوه كان ذلك بديهياً، بدا أن الوحش يحاول حماية رأسه بالمجسات لذا كان حدساً فقط “
إنها قدرتي..
” هييه.. أشك أنه مجرد حدس فقط.. “
أرجعت لارس رأسها بينما واصل جيمي بعيون مشرقة.
” ذلك رائع حقاً! “
تردد للحظة ثم أضاف.
” بالمناسبة أنا لا أزال لا أعرفك يا.. سيد؟ “
حسناً لقد أزعجني هذا بالفعل، سيد؟؟ من هو السيد؟ لقد اعتاد أن يناديني بالأخ الأكبر إذاً لم أنا سيد الآن؟؟
على أي حال لقد نسيني هذا الصغير بالفعل، لسبب ما أحسست بغرابة.
” اسمي جاي.. وأنا معلم “
” حقاً.. إذاً أيجب أن أناديك بالمعلم..؟ “
أظهر الفتى تعابير محبطة قليلاً لذلك ربت على رأسه.
” لا.. نادني بالأخ الأكبر فقط فأنا لست كبيراً لذلك الحد “
أضفت بابتسامة.
” أيضاً شكراً لك على إنقاذي سابقاً، أنا أدين لك بحياتي “
بدا فخوراً بنفسه وابتسم بسعادة.
” أخي قد أنقذني أيضاً في ذلك الوقت لذلك شكراً لك أيضاً “
كادت الدموع أن تنهمر من عيناي بعد هذه اللحظة الودودة.
هذا الصغير.. لقد كبر كثيراً في غيابي.
كان بالثامنة عندما تركته والآن لم يعد يتذكرني مثل الجميع، لم أمضي الكثير من الوقت معه.
شعرت بصدري ثقيلاً.
.. إذاً هذا كان العقاب الذي استحقه نوعاً ما.
كنت بالكاد أتنفس عندما توقفت السيارة أمام مبنى مألوف، استعدت ذكرى قديمة.
كان هذا المكان هو مقر نقابتي، المكان الذي اعتدت أن أعيش فيه مع رفاقي قبل ستة سنوات.
أخذت أحدق بالمبنى الكبير أمامي بحنين بينما استند على آل.
” يا له من حلم غريب.. “
ابتسمت بضعف وأغلقت عيناي، وبدا كل شيء مغطاً بالسواد.
” مهلاً.. لقد فقد وعيه! جيمي ساعدني لنسرع إلى سارا.. “