إميرالد - 2
لقاء بعد ست سنوات2
عندما فتحت عيناي كنت أرقد على الأريكة في منزلي
رفعت جسدي ببطئ، كان الألم قد اختفى. كانت ذراعي بخير وقدمي سليمة كما أن ملابسي كانت نظيفة بدون دماء.
شعرت بالتعجب ونظرت حولي.
” هل استيقظت يا بني؟ “
ابتسمت إلي سيدة عجوز وتقدمت وهي تحمل صينية حساء ساخن ووضعتها أمامي.
” لقد وجدتك فاقداً للوعي أمام باب منزلك، كنت قلقة بشدة لذا جعلت زوجي يحملك إلى الداخل، أخبرتك من قبل ألا ترهق نفسك بالعمل والآن انظر إليك “
ابتسمت إلي بلطف وأضافت:
” لقد أعددت لك حساء دافئاً لذا تناوله وارتح قليلاً حسناً؟ “
” اه.. شكراً لك “
ابتسمت وربتت على خدي بلطف وخرجت.
كانت هذه السيدة تعيش بجواري مع زوجها ولطالما عاملتني مثل ابنها.
إذاً ذلك كان حلماً..
ابتسمت بمرارة.
بالطبع علمت أنه كان حلماً، في المقام الأول كيف يمكن لوحش أن يأتي هنا فجأة؟ و..
كيف لرفاقي أن يأتوا إلى هذا العالم
لكنه بدا واقعياً حقاً، حتى الألم كان حقيقياً..
ارتعش جسدي بخفة.
ذلك ليس ممكن بالطبع لأن جسدي كان بخير بالفعل ولا أثر لأي جرح عليه. وكما قالت الجدة للتو أظنني أرهقت نفسي بالعمل كثيراً هذه الأيام لأحلم حلماً غريباً كهذا.
كانت الساعة حوالي الخامسة مساء لذا تناولت الحساء وأعددت بعض الأوراق والمستندات المهمة لمحاضرة الغد.
أخذت حماماً سريعاً وتوجهت نحو السرير. مددت يدي نحو الجوهرة الزمردية، لمعت بخفة في ضوء المصباح الهادئ، أخذت أفكر برفاقي وبأحداث حلمي الغريب.
أغلقت عيناي وسقطت في نوم عميق.
كان هناك صخب حولي، أحسست بخدي يلسع وفتحت عيناي ببطئ.
ضوء باهر ملأ رؤيتي لذا رمشت بضع مرات.
” أأفقت يا هذا؟ إلى متى تخطط للنوم؟ “
احتجت بعض الوقت لاستيعاب ما يحدث معي وأين أنا لكن الشخص الواقف بجواري ببساطة لم يساعد.
” لم تنظر ببلاهة هكذا؟ “
أمسكت بخدي المتورم ونظرت نحوها.
” هل.. قمتي بصفعي لتوقظيني؟ “
تجنبت نظرتي ونظرت بعيداً بسرعة.
” لابد أنك كنت تحلم! “
“ …! “
كان رأسي في فوضى غير مرتبة وتقريباً كل جزء من جسدي كان مؤلماً.
رفعت جسدي لأجد ضمادات ملتفة بإحكام حول ذراعي ومنطقة صدري.
.. أين أنا الآن؟
ملأ المحيط نطاق رؤيتي ببطئ، أولاً ملاءات السرير البيضاء ثم الزخرفة الأنيقة للغرفة.
كانت غرفة واسعة ذات سقف مرفوع وأثاث بسيط مرتب.
كان مكاناً مألوفاً بالنسبة لي..
تحدثت أمرأة من خلف المكتب في ركن الغرفة.
” هل استعاد وعيه يا لارس؟ “
” أظن ذلك “
نهضت من مكتبها وتقدمت ناحيتي، كانت ترتدي معطفاً أبيض.
كان مكتب سارا.
تباً لم يكن حلماً..!
” لقد عالجت جراحك بالفعل لذا لا خطر على حياتك الآن وستكون بخير بعد فترة راحة بسيطة “
تعبير أبله كان يعلو وجهي وأخذت انظر بين لارس وسارا.
” المعذرة.. هل يمكنك صفعي مجدداً؟ “
” هاه.. “
لم تتردد لارس وصفعتني بكل قوتها. تباً..
تصلبت في مكاني وأمسكت بخدي المتورم.
جفلت سارا عند رؤيتها للموقف كله.
” لارس..! “
أصبحت رؤيتي ضبابية ومبللة.
ست سنوات، لقد كانت ست سنوات طويلة منذ آخر مرة رأيتهم فيها وثم رؤيتهم هكذا ما زالت تعيد لي ذكريات ذلك اليوم وكأنه حدث بالأمس فقط..
وكأن شيئاً لم يحدث يومها وكان كل شئ من نسخ خيالي.
انهمرت الدموع من عيناي دون توقف.
هذا غريب.. تخيلت عودتي إليهم لمرات لا تحصى، أنا متأكد أنني فكرت في الأمر كثيراً وتخيله لوقت طويل جداً، كان الأمر وقتها مؤلماً، كان قاسياً و.. وكان حتماً متعباً لكنه لم يكن يوماً بهذه الواقعية..
لم يكن يوماً بهذه الراحة
” م.. مهلاً! هل أنت تبكي؟؟ أنا آسفة.. أنا آسفة لم يكن علي صفعك.. أنا أعتذر “
رؤية لارس متوترة هكذا جعلتني ابتسم دون إدراك مني بينما جاهدت هي للبحث عن شيء ما في جيب سترتها.
” انتظر لحظة.. “
اقتربت سارا مني ومدت يدها إلى خدي. توهجت يدها بلون أبيض باهر واختفى الألم مع اختفاء الضوء، ثم أرسلت نظرة مؤنبة إلى لارس وناولتني منديلاً.
” سارا انتظري لحظة! هو من طلب مني صفعه.. “
مع طرق خفيف فتح الباب ودخل ألبيرو وهو يتحدث مع شخص آخر ذو شعر بلاتيني مربوط بالأسفل وهو يحمل أوراقاً في يده.
نظر ألبيرو إلي بهدوء.
” أنت مستيقظ.. “
نظرت بينه وبين الرجل الآخر الذي ابتسم بتساؤل.
[ ليام.. ]
من خلفهم اندفع شيء صغير داخل الغرفة وأمسك بطرف السرير مبتسماً بإشراق.
” لقد استيقظت أخيراً يا أخي اه.. هل تبكي؟ “
ابتسمت وأخذت أمسح عيناي.
” أنا فقط سعيد يا جيمي.. “
كان وجهي منعكساً في عيونه التي اتسعت بتفاجئ، وجهه الصغير كان ينظر إلي بقلق حزين.
صغيري جيمي
ربت على رأسه وابتسمت.
” ما كل هذا الصخب؟ “
في تلك اللحظة جاء صوت هادئ وعميق لكن من فم أكثر شخص مزعج بالنسبة لي..
دخل الرجل الغرفة، للحظة كان لدي ذلك الشعور بأن ميزان جمال العالم قد مال لأحد الجوانب.
شعر أسود مموج قليلاً وحاجبان مرسومان بدقة، أنف وذقن مشكلان بزوايا مثالية تمنع حتى معلم رياضيات مثلي من قياس مدى جمالهما. ثم زوج من العيون العميقة والحادة بلون أسود قاتم تشعرك وكأنها تنظر من خلالك.
[ ما هذا يا رجل؟ تبدو قبيحًا كما عهدتك.. ]
كان يرتدي كنزة صوفية سوداء، تكتف مستنداً على الباب ونظر إلي بتجهم رافعاً حاجبه.
” من هذا؟ “
كان يجب أن أتأثر بلقاء صديقي.. على الأقل كان يجب أن أمثل كوني سعيدًا، لكن بغض النظر عن أي شيء، أردت حقاً حقاً أن ألكمه.
[ ريو.. ]
اهتزت عيناه قليلاً عندما نظر إلي. لكن سرعان ما ضيق عيناه وحدق بي.
كان من أخرجني من ثقل الموقف هو جيمي حيث نظر إلي وقال بإشراق.
” إنه أخي الكبير الجديد..! “
ثم التفت إلى ريو وقال:
” أخي ريو لم لا نضمه إلى نقابتنا؟ “
ايه…
ماذا..؟!!
كان ريو يحمل تعبيراً أحمقاً.
نظرت إلى جيمي بدهشة لكنه واصل الكلام.
” أخي جاي ذكي وشجاع، لقد عرف نقطة ضعف الوحش بالنظر إليه فقط كما أنه أنقذ طفلاً صغيراً لا يعرفه رغم أنه كان مصاباً، ثم ينقصنا عضو بالفعل لذا لم لا نضمه معنا؟ “
اه جيمي فتاي الصغير.. من أين تعلمت التحدث هكذا؟ ثم لا يجب عليك دعوة الغرباء هكذا فقط..!!
شعرت بنظرات الجميع الحادة نحوي، كان كما لو أنني حاولت خداع طفل صغير..
أضاف جيمي بعيون منتصرة كما لو أنه يوجه ضربة قاضية.
” كما أن الأخ جاي أنقذني، كان الوحش على وشك سحقي وقتلي لكن أخي جاي أبعدني وتعرض للضربة بدلاً مني “
شهقت لارس وأسرعت إلى جيمي.
” كان عليك أن تخبرني مبكراً كنت لأركل مؤخرة ذلك الأخطبوط اللع*ن الذي تجرأ على لمس جيمي خاصتنا.. “
لارس لغتك.. جيمي لا يزال صغيراً.
أومأ ألبيرو من الخلف موافقاً لارس وزحفت أفعى بيضاء مخيفة حول رقبته.
يا رجل…!
كان الجميع يحمل ذات التعبير الصارم المهدد، حسناً كان ذلك طبيعياً، فقد كان جيمي الطفل الوحيد في المجموعة لذا كان مدللاً.
على أي حال كنت أشعر بالمثل، لو أن جيمي كان قد تعرض للأذى كنت بغض النظر عن حالتي لأمزقن ذلك الوحش إرباً.
تنهد ليام ونظر إلي.
” شكراً لك حقاً على حماية جيمي لكن لا يجب عليك التصرف بتهور هكذا، كان الأمر ليكون أسوء حتى.. “
وافقته سارا بإيماءة.
” لا بأس أنا بخير الآن على كل حال.. “
” لذا أليس هذا سبباً كافياً لنضمه إلينا؟ “
كان جيمي يحمل تعبيراً مصمماً، على أي حال كان ذلك في صالحي أيضاً، أنا لم أخبرهم بهويتي لذا بالطبع كان من الصعب البقاء معهم دون الانضمام إلى المجموعة.
لكن..
[ هل لا بأس حقاً في عدم إخبارهم؟ سيحزنهم ذلك لذا لنتقبل الأمر كما هو الآن ]
تكلم ريو بصوت مهيب بينما ينظر إلي بعيون متفحصة.
” سنفكر في ذلك.. “
نظر جيمي إلي بسعادة فابتسمت إليه.
لقد عدت إلى عالمي..
نظرت إلى وجوه رفاقي، كانوا أمامي.. أردت التحدث إليهم بشدة.
مع ذلك، لم أستطع ببساطة.
فجأة أصبح رأسي ثقيلاً وترنحت بشدة، اهتزت رؤيتي بعنف وأخذت أسعل.
أسرع جيمي ليمسك بي، بينما هرعت سارا وتفحصت نبضي، كان جسدي بأكمله يرتجف بعنف وكنت أسعل دماءً.
رفعت رأسي وأخذت أنظر إليهم، لم أرد إغلاق عيناي. إن أغلقت عيناي فقد يختفون من أمامي مرة أخرى، إن أغلقت عيناي مجدداً فقد أعود إلى غرفتي الموحشة مرة أخرى. سأفترق عنهم مرة أخرى. إن أغلقت عيناي..
أصبحت رؤيتي أخفت وأخفت وتناثر وعيي بعيداً.