اللهب القرمزي - 13
…
**القصر الإمبراطوري – مسكن الفرسان**
اللحظات الهادئة من المساء،
و كانت أشعة الشمس الذهبيه تنير الغرفه ، حيث كان أرثر وكيلين جالسين ،
السقف العالي المزخرف بنقوش قديمة، والنوافذ الطويلة المطلة على الحدائق المزهرة بالخارج،
أصوات ضحكات بعيدة من الفرسان خارج القاعة كانت تتلاشى ببطء مع برودة المساء المتسللة عبر النوافذ المفتوحة،
أرثر، الذي كان يجلس على كرسي خشبي محفور بدقة،
عقد ذراعيه بقوة فوق صدره، متجاهلًا الهدوء الساحر الذي يحيط بهما
كان يحدق نحو كيلين الذي يجلس أمامه على أريكة مزينة بأقمشة ملكية
“أيها القائد، هل ستذهب إلى عاصمة جينيا؟”
أومأ أرثر رأسه قليلًا ثم نظر إلى النافذه ،
“نعم، أود زيارة عائلتي والمشاركة في المهرجان”،
أجاب أرثر بصوت هادئ و دافئ ولكن لهجته كانت كما لو أن فكرة المهرجان ليست سوى واجب ثقيل عليه،
“هذا جيد، فالوضع الأمني صعب جدًا حاليًا…”
كيلين ارتاح قليلًا بعد سماع كلامه ، بينما استرخى قليلاً على الأريكة،
أرثر التفت إليه ببطء،
“أنت أيضًا ستأتي معي، كيلين”
ابتسم كيلين برفق
“أنا أعرف… بالمناسبة، هل وجدت أخيك التوأم؟”
تغير وجه أرثر فجأة، وتجمد الهواء حولهما الجدران، التي كانت تبدو وكأنها تتوهج بدفء القصر، باتت أكثر برودة جفل أرثر للحظة، وظلمت ملامحه وكأن ظلًا ثقيلاً مر عبر روحه
“توقفت عن البحث عنه”،
قالها بصوت خافت لكنه مشحون بالعواطف ، عواطف الحزن و الاشتياق .. هذا ما كان يشعر به ارثر في تلك اللحظه
كيلين الذي كان يشعر بصدمة حقيقية،
نهض من مكانه فجأة،
“هل يمكنني أن أسأل لماذا؟”
كان صوت كيلين يحمل قليلًا من التردد ،
أرثر، الذي كان ينظر إلى الفراغ أمامه أجاب بصوت يشوبه الحزن
“بما أنه اختفى عن أنظار الجميع، فكيف لي الجرأة على البحث عنه مجددًا؟”
اقترب كيلين منه ببطء، مد يده ووضعها على كتف أرثر بلطف شعور الأسف والشفقة غمر كيلين، لكنه حرص على ألا يظهر ذلك لذا فقط حاول مواساته بشكل طبيعي ،
“لا بد أنه يعيش حياة هادئة… لذا لا تحزن”،
قاله كيلين بنبرة ناعمة، محاولًا لتهدئة الحزن الذي أحاط بأرثر،
“هل تظن ذلك أيضًا ؟”
“بالطبع !!”
إبتسم كيلين محاولًا تهدئه أرثر ،
********
[بعد ثلاث أيام- عاصمه جينيا (ليرستا)]
الشوارع ممتلئه بالفرح و ضحكات الأطفال ،
أطفال يركضون و يلعبون تحت الأرض الحجريه مبلله ببقايا أمطار خفيفه هطلت هذا الصباح ، بسبب برودة الطقس يرتدون ملابس ثقيله قد تعيق حركتهم ولكن رغم ذلك لا يزالون يلعبون يركضون يضحكون ، وجههم أصبح احمر بسبب البروده ،
فقط ببرائه يلعبون مع بعض
البالغين يستعدون للمهرجان و الشوارع ممتلئه بالحيوية ، النساء في جوانب الطريق يزينون أعمدة الإنارات القديمه و يزينونها بأشرطة حمراء جميله ، ينكتون و يضحكون مع بعض و يهتمون بالأطفال الذين يلعبون أمامهم ،
و في الطرف الآخر
ينهمك الرجال في العمل على الأكشاك و الأضواء ، إنهم يعملون بجد حقًا
إنه جو صاخب و حيوي جدًا ،
من سيصدق أنه خلف هذهِ الأجواء يوجد سوق كبير للعبيد ؟
عبيد غير مسموح لهم بالفرح قليلًا ،
خلف جدران باردة منتظرين حتى يتم شرائهم ،
…
“كان يجب أن أكون حذرًا حقًا ..”
حاولت العثور على اي نزل أقيم فيه لمده شهر ولكن كلهم كانوا يقولون نفس الشيء..
-لا نرحب بالأعراق الأخرى-
كنت أتنزه بالشارع ،
“هذا غباء من سيهتم إذا كنت بشريا أم لا ؟ اليس هدفهم هو المال؟.. هاهـ”
توقفت فجأة أمام نزل ..
انه كبير جدًا و ذو مظهر فخم و انيق ، على عكس الآخرين كانو ذو مظاهر عاديه ..
هل أحاول الدخول ؟ لدي المال كافي على اي حال ..
دخلت النزل
كانت القاعه واسعة جدًا ، حيث كانت تلمع بريقًا تحت أضواء الثريات الفاخره،
كأنه أحد قصور النبلاء ،
كان الأشخاص بالداخل يرتدون ملابس باهظة الثمن ، لا بد انهم نبلاء أتوا إلى هنا بسبب المهرجان …
إقتربت بهدوء إلى المضيفه ،
“مرحبا بك في نزل دموع الحوريات! يرجى إعطائي هويتك !”
ارتخت ملامحي قليلًا ،
و اخرجت الشعار و أعطيته لها ..
عندما رأت الشعار ارتبكت قليلًا نظرت الي بتعبيرات غير مفهومة ثم فجأة اشارت لي بأصبعها ان اقترب قليلًا ثم تكلمت معي بصوت منخفض ،
“المعذره لدي سؤال ،”
“نعم؟”
“انت لن تدمر النزل او تحرقه اليس كذلك؟؟”
توترت قليلًا بسبب تصرفاتها ولكن هذا ..
إلى اي مدى أعضاء البرج سمعتهم سيئه ؟
“اه لا تقلقي سأكون هادئًا”
أصبحت تعابير وجهها اكثر إشراقا و فجأة أمسكت بيدي ،
اكك-
“شكرًا لك ! ،
تفضل هويتك و بسبب كونك زبونًا مميزًا فسأعطيك خصمًا”
هل ستكون بخير مع هذا ؟
أعني من الواضح ان النزل للنبلاء ..
ان تكون هناك أشياء مثل الخصومات ..؟
“اه اجل .. شكرًا لكِ-”
“إذن كم تنوي البقاء هنا ؟”
“اود البقاء هنا لمدة شهر ،”
“همم شهر كامل إذن ، سيكون السعر 20 عمله ذهبيه”
إن السعر باهظ جدًا ولكن قد لا يوجد مكان آخر قد يرحب بي..
“حسنًا”
دفعت لها العملات الذهبيه و ذهبت إلى الغرفه ، عندما دخلت الغرفه كانت الغرفه دافئة جدًا في الواقع و كانت تتمتع بمظهر يليق بالنبلاء ، كان يوجد مكتب في الزاويه اليمنى و السرير كان يتمتع بمظهر ذهبي و من النظره الاولى يبدو ان اللحاف جودته عالية جدًا
أمامه كنبة بيضاء اللون تضيف لمسه جميله للغرفه ،
و كان هناك حمامٍ أيضًا ، عندما دخلت لأتفقده ، كان الحمام كبيرًا جدًا و فيه حوض إستحمام كبير و المناشف موجوده بشكل مرتب ، كان كل شيء مجهزا بشكل أنيق
“حسنًا أن هذا اكثر من كافي ..”
ذهبت و ملئت الحوض بالماء الدافئ ،
استحممت و ارتحت قليلًا ،
بعد ثلاث ساعات قررت النهوض و الذهاب لألتقي بذلك الرجل لا بد انه يعمل هناك
خرجت من النزل و حاليًا انا في طريقي إلى هناك ،
[اخبار كبيره !! اخبار كبيره بالجرائد ! هل البرج قرر اخيرا قلب موازين القوة ؟ آخر الأخبار عن البرج موجوده حاليًا !]
توقفت حالما سمعت كلامه-
كان الناس مجتمعين ليشترو الجرائد ،
“يا إلهي ما هذا الازدحام …”
دخلت بينهم بقوه و من ثم أخذت واحده و اشتريتها ، ثم بهدوء ابتعدت عن الحشد ،
توقفت في مكان هادئ كي أقرأ بهدوء ،
[مملكه الغيلان ! مالذي تفكر فيه حتى تتعاون مع برج ليونيل ؟ ماذا سيحدث لموازين القوه؟]
[برج ليونيل بدأ بأستقبال الغيلان كأعضاء البرج ، مالذي يحدث حقا ؟ هل مملكه الغيلان هي من اقترحت الاتحاد أم برج ليونيل !؟]
[سيد البرج رايلان ليونيل استقبل ملك الغيلان ويليام ثيورزف! انه ليس كذبة حقا ! انه تعاون حقيقي ! يا ترى مالذي ستقدمه مملكه الغيلان لبرج ليونيل ؟]
[الإمبراطوريات في حالة من الفوضى ! هل سنشهد قوة عظيمه في برج ليونيل؟ ان هذا احتكار واضح للقوة !]
بعدما قرأت كل هذا دفعة واحده ،،…
بهدوء شديد اغلقت عيناي قليلًا ،
“هاه ،.. مالذي يفكر فيه رايلان ؟ ”
حكيت برأسي قليلًا و أنا غارق في افكاري
لا فائده من التفكير-
رميت المجله و أكملت طريقي ،
بعد عشرين دقيقه من المشي وصلت إلى المكان متجر ذو مظهر طبيعي جدًا و رث
يبيع أشياء غريبه و مصنوعه يدويًا ،
مظهر اقل من العادي ،
شعر بني اللون يتمتع بلون عيون خضراء حادة يتمتع بصوت عميق و بجسد رياضي جيد
اه…ذلك الشخص لا يزال يعمل هنا
اخذت نفسًا عميقًا .. اشعر بنبضات قلبي و هي تتسارع و كأن شيئًا يلاحقني ..
أخرجت أنفاسي محاولًا تهدئه نفسي و من ثم تقدمت إلى الأمام بخطوات بسيطة
و دخلت المتجر،
حالمًا رأني داخلًا استقبلني بإبتسامة خفيفة ،
“أهلًا بك في متجري ، هل هناك شيء تريده ؟”
تجمدت في مكاني تلك النظره لا تزال كما عهدتها ..
أخرجت كيسًا مليئًا بالعملات الذهبيه ،
ستكفيه العملات ليعيش حياته كاملًا بدون اي مشاكل ،
“أرجو أن تأخذ هذه ، و من ثم اعذرني”
أعطيته الكيس متجنبًا نظراته،
حالمًا أعطيته الكيس أستغرب و الصدمه اعتلت وجهه ،
حاولت مسرعًا المغادره،
“مهلًا !! توقف للحظه من فضلك”
توقفت فورًا .. شددت على قبضتي..
هل .. تعرف علي ؟
مستحيل مع مظهري هذا لن يستطيع التعرف علي ..
استدرت ببطئ و واجهته وجهًا لوجه ،
أقترب مني بخطوات بطيئه جدًا و يديه ترتجفان ، عينيه أغرقت بالدموع بالفعل و رفع يده ليلمس خدي بخفة و بدأ يدلكه،
“أيها الشقي.. أتعتقد أنني لن أتعرف عليك ؟”
كان صوته مشحونًا بالحزن والألم ، كان صوتًا مرتجفًا جدًا على غير عادته
فحصني بعينيه للأعلى إلى الاسفل ،
“تلك الشامه تحت عينك اليسرى و طريقتك بالكلام لا تزال عالقه في ذهني ،”
“لا استطيع خداعك حقًا يا والدي ..”
“قد تشعر بالإشمئزاز مني و لا استحق أن أمثل انني والدك حاليًا..، ولكن هل استطيع .. لمرة واحده ان اسألك ؟ ..”
أومأت برأسي موافقًا على طلبه ، و بحركه خفيفه مرر أصابعه على شعري
و أبتسم بلطف شديد،
“أنا لدي الكثير من الاسئله ولكن فقط أود سؤال عن شيء واحد حاليًا، كيف كان حالك ..؟ أو هل أنت سعيد في حياتك الان ؟”
…
تجنبت النظر اليه و من ثم فتحت شفتي ، و أغلقتها من جديد ، لست اعرف ما أجيب عليه
“أنا … بخير كما ترى …”
…
بعد مرور عدة دقائق أجبرني على الجلوس عنده و كأن لديه ما يخبرني به ،
جلست معه على نفس الطاوله و أعطاني كوبًا من الماء،
كان مترددًا و بعد عدة ثواني من الصمت قررت أن أتكلم أولًا،
“والدتي هل هي بخير ؟ و أيضًا…
كيف حال أرثر ؟”
أطلق ضحكه خفيفه و بدأ يلعب بأصابعه ،
“لا تزال لين القلب رغم كل ما حصل لك أتدرك هذا ؟”
“إنها لا تزال والدتي بعد كل شيء …”
تنهد والدي و نظر إلى الاسفل و بصوت هادئ جدًا قال ،
“أنا اعتذر لك حقًا كل ما حصل كان بسبب حبي لوالدتك و عدم تدخل في أمرها … لا كل ما أقوله سيكون عذرًا مثيرًا للإشمئزاز”
نظرت اليه بهدوء وهو يحاول الاعتذار يائسًا كنت أعرف حق المعرفه لماذا والدي لم يتدخل فيما كانت تفعله والدتي ،
كل هذا بسبب حبه لها لم يرد جعلها تحزن اكثر كونها ولدت شخصًا مثلي لذا فقط ببساطه تجاهل كل ما فعلته والدتي لي، لن أنكر إنه كان متواطئًا مع والدتي فيما حصل معي …
ولكن في بعض أوقات كان مفيدًا بسببه أصبحت أتحرك بحرية بخارج المنزل في ذلك الوقت ،
كان مهربي الوحيد حينها هو الخروج و تغير الجو لعلني قد أنسى تلك المعامله أو توقع المزيد من والدتي
“أنا اعتذر حقًا ، ولكن كما ترى لا أتوقع حقًا أن تسامحني ، ما فعلته في حقك لا يُغتفر أبدًا…”
توقف فجأة عن الكلام و بدأت الدموع تنهمر من عينيه ،
و كأن اثقال العالم وقعت عليه ،
“لم أستطع أن أكون من يحميك كوالدٍ لك فكيف ليّ الجرأة في طلب غفرانك …؟”
“…”
“رين …”
“أنت متأخر جدًا في الواقع متأخر جدًا لدرجة أن كل شيء إنتهى …”
أخفض رأسه بهدوء و بدأ بمسح عينيه المليئه بالدموع ،
سكتتُ قليلًا منتظرًا الرد،… نظر الي بتعبيرات تملأها الندم و الحزن لا يبدو و كأنه على وشك الرد …
حنجرتي بدأت تؤلمني
إبتسمتُ … بإبتسامة مريرة جدًا ،
“هاهاها…”
“لك الحق في عدم مسامحتي حقًا … أم أنك جئت إلى هنا للانتقام؟”
“هراء ، إذا كنت سأنتقم لم أكن سأعطيك كيسًا مليئًا بالعملات”
“إذن لماذا أعطيتني إياها ..،؟”
“لستُ أدري بدوري .. فقط أردتُ إعطائك هذا”
بعد عدة دقائق من الصمت مجددًا نهضت قليلًا و فجأة والدي أمسك ذراعي محاولًا منعي من المغادره
“ماذا ،؟”
“أه … لديك أختًا صغيره”
“هاه ؟”
“عندما هربت كانت والدتك في شهرها السادس بالفعل ، حاليًا عمرها أربع سنوات وهي قريبه من السن الخامسة”
“و إذن ؟”
“هل … هل تود رؤيتها ؟”
“لستُ مهتمًا حقًا ، و كيف تتوقع منها أن ترحب بي بينما مظهري هكذا ؟”
“أه…”
“بالمناسبة ألن تسأل،؟ ألست فضوليًا فيما حصل معي ؟ ولماذا مظهري أصبح هكذا؟”
تجمد والدي في مكانه و تجنب النظر إلى عيني ،
“أنا لا أستحق معرفة شيئًا كهذا ، في الواقع هل كنت ستجيبني إذ سألتك ؟”
“لا ، لم أكن سأجيبك حقًا ،،”
“هاها… إذن يمكنك الذهاب شكرًا لك على القدوم إلى هنا ،”
———————————————————