اللهب القرمزي - 15
بدأ المهرجان في المساء، إذ أضيئت الأضواء بشكل تدريجي وبدأ اللون الأحمر والأصفر يغمر الشوارع مما أضفى أجواء مميزة
بدأ الجو يصبح أكثر برودة شيئًا فشيئا ،
…
أخفيتُ شعري بعباءة الرأس
خاصة في هذا المكان المزدحم فأنا لا أود جذب اي انتباه، بدأت أتجول في أرجاء المهرجان بين جموع الناس وكانت الابتسامات تملأ وجوههم
سمعت أحد المارة …
“هل سيقام موكب ولي العهد بعد ساعتين؟”
“نعم بالفعل! أنا متحمس جدًا لرؤيته”
تجمدت في مكاني للحظة… الموكب؟
آه، نعم، كان هناك حديث عن ذلك
ولي العهد كاليكس… إنه معروف بسمعته الطيبة ويُقال إنه ودود جدًا مع العامه ، حتى أن هناك شائعات تقول إنه يتجول في الشوارع بعيدًا عن القصر كثيرًا
“يبدو كشخص لطيف…”
همست لنفسي…
في هذه الأثناء كان الأطفال يخرجون للعب والركض بمرح، أراقبهم وهم يضحكون بسعادة بريئة
شعرت بشيء من التوتر يزداد داخلي كلما اقترب موعد الموكب مع ازدياد عدد الحاضرين، بدأت ضجة المهرجان تملأ المكان، وأصبحت الألوان الزاهية والأصوات المرتفعة وكأنها تضغط عليّ تملأني بشعور غريب وغير مريح
“أشعر وكأن شيئًا ليس في محله…”
وأثناء تجوالي، توقفت عند كشك يبيع الكتب جذبني إليه، وبدأت أتصفح العناوين
كان صاحب الكشك رجلاً عجوزًا
“هل تهتم بالأساطير؟”
“هل هذه الكتب عن الأساطير؟”
أومأ برأسه
“نعم، كلها خرافات وأساطير قديمة ،بعضها ممتع إذا كنت مهتمًا بالطبع”
لفت انتباهي كتاب أحمر دون عنوان بدا عادياً تماماً، بغلاف أحمر بسيط فتحته وبدأت بتصفح الصفحات كانت الصفحة الأولى فارغة، وكذلك الثانية، والثالثة… حتى الصفحة الخامسة، ولا شيء مكتوب
تعجبت قليلًا و اغلقت الكتاب بهدوء ،
“هذا الكتاب لا يحتوي على شيء”
ضحك الرجل العجوز قليلاً …
“أوه، حقًا؟ يبدو أنني أحضرته بالخطأ اعتذر …هنا، خذ هذا الكتاب إنه يتحدث عن أسطورة من الغرب!”
“أه أجل شكرًا لك…”
بدأت أقراء بعض الكتب لتمضيه الوقت مرت ثلاثون دقيقه على وقوفي هنا …
ذلك رجل العجوز ظل يثرثر لثلاثون دقيقه-
“إذن هل ستشتري ؟”
“بالطبع سأشتري-”
بدأت أبحث عن كتابًا لشرائه،
ولكن ذلك كتاب الأحمر لا يزال عالقًا في ذهني …
حملت الكتاب و العجوز نظر الي بأستغراب ،
“هذا الكتاب فارغ اليس كذلك ؟ إذن لماذا حملته؟”
“هل هو للبيع؟”
العجوز تنهد و بدأ يحدق بي لعدة ثواني.
“يمكنك اخذه بالمجان ،”
تجمدت بمكاني فور سماعه ،
“هل انت بخير مع هذا ؟”
“انه فارغ لستُ ادري لماذا تريده ولكن يمكنك اخذه بالمجان ~ و ايضاً استمعت لثرثرة هذا العجوز لذا فلا بأس”
“اه شكرًا لك ..-”
و بخطوات هادئه ابتعدت عن الكشك و ودعت العجوز ، نظرت إلى الكتاب قليلًا ، لسبب ما إنه يجذب أنتباهي…
حملت حقيبه الإبعاد و ادخلت الكتاب بداخلها ،
حقيبه الأبعاد انها حقيبة تسمح بإدخال اي شيء بداخلها بدون اي حدود ، انها مفيدة جدًا أعطاني إياها رايلان ،
الأصوات بدأت تزعجني فبسبب ان حاسة سمعي قوية جدًا بدأت اسمع أصواتًا لا يسمعها الآخرين …
“مهلًا سمو- لا أنستي أرجوكِ لا تركضِ هكذا !”
“…؟”
كانت أنسة شابة تركض بالشارع
و هناك حارسها الشخصي يلاحقها ،
كانت تخفي نفسها بالعباءة …
ولكن مهلًا لماذا هي لا تنظر إلى الأمام و هي تركض …؟
كياكك-
أرتطمت بي بقوة شعرت بصدمة قويه جدا
، … بسبب تفاجئي فقدت توازني ووقعت على الأرض ،
“اهغ… رأسي ،”
رؤيتي تشوشت قليلًا و حالما بدأت تتوضح رؤيتي رأيتها فوقي … يدها مرتكزه على الارض تحاول ان توازن نفسها حتى لا تسقط علي،
“ايكك… أنا اعتذر … هل انت بخير؟”
كان صوتها ناعماً، يتسلل بخفة إلى الأذن كأنها همسة من عالم آخر
خصلات شعرها الطويلة تنساب برفق، تلامس وجهي وكأنها خيوط من حرير ذهبي،
كانت عيناها، التي يلمع فيها بريق اللون الأحمر المتوهج،
ناعمة كالعقيق، تضيف إلى ملامحها شيئاً من الغموض والسحر كان وجهها ناعم الملامح،
بجمال فائق لا يوصف، كأنه يحمل في طياته رقة والدفء ،،
ظلت تنظر الي بشكل مباشر و بلحظة صمت دامت عدة ثواني كانت فقط الضوضاء بالشارع مسموع،
أنها تحدق بي…محرج جدًا –
أتى حارسها الشخصي
تجمد من مكانه عندما رأى هذا المشهد الغريب ،
ساعد الشابة بالنهوض برفق شديد ،
و أنا بطبيعة الحال نهضت و يدي على العباءه خائفًا من كشف لون شعري
لابد إنها رأت لون شعري،
لابد أن هذا كان السبب شرودها قبل قليل
“أنا اعتذر حقًا لم أرك !”
“لا بأس أنا بخير ،”
بدأت تحمر خجلًا و ضربت حارسها الشخصي ضربة خفيفة …
تقدم حارسها الشخصي
“احم… اعتبره اعتذارًا عما بدر من سم… الانسه ، إنها تريد تعويضك”
“لا بأس انا بخير حقًا”
اقتربت مني و مسكت يدي و رفعته و بنظرة بريئة بدأت تصر على دعوتي،
“أرجوك أريد الاعتذار حقًا !”
“أنا … حسنًا اذن…”
أبتسمت بحراره و أشرقت تعابيرها بشكل واضح
كأن النجوم تتلألأ بعيونها ،
“تبدو لوحدك! ما رأيك أن تتجول معي ! سأشتري كل ما تريده كتعويض”
فكرت قليلًا ، بقى على الموكب ساعة و نصف و لا ادري عن كيف سأقضيه ، لذا فكرة التجول معها ليست سيئة …
“حسنًا ، ليست فكرة سيئة”
أمسكت بيدي و سحبتني بقوة ،
“إذن تعال معي ! لوك اتبعني!”
أنها …نشيطة جدًا،
لسبب ما لم استطع رفضها –
فجأة تقدم لوك و امسك بيدي و أبعدها ،
“اود التحدث مع الانسه قليلًا لذا أرجو تفهمك”
“اه حسنًا …”
ابتعدو كثيرًا عني ، كي لا اسمع محادثاتهم –
****
“سموك… مالذي تفكرين به ؟”
“ششش! نادني ليا هنا !”
” ليا… لماذا دعوتي هذا الغريب للتجول معك ! عائلتك ستقلق حتمًا لو عرفوا!”
ليا بدأت تتجنب نظر إلى عينيه و بدأت تلعب بخصلات شعرها كانت تفكر بشيء واحد فقط «كان وسيمًا جدًا»، احمرت خديها بسرعة …
بدأت تتمتم لنفسها … و يديها على خدها
”لستُ أدري ما افعله“
“لا تقولِ إنك وقعتي بح— ؟”
“هذا هراء! أنا فقط أردت تعويضه عما بدر مني فقط!”
لوك تنفس صعداء ،
“اه أنا مرتاح بعد سماع ذلك، ولكن أليس غريبًا انه يرتدي عباءة تخفي مظهره ؟”
“لربما لديه ظروف دعنا لا نحكم عليه !”
“أجل بالفعل أنتِ محقة~”
“اذن هل استطيع التجول معه قليلًا ،؟”
“ممم… حسنًا ولكن سأكون معكم”
لوك تقدم إلى الأمام،
“حسنًا…”
كانت خيبة أملها واضحة بوجها ولكنها لا تلومه على قلقه عليها،
ليا كانت تتبعه بهدوء و هي تفكر
«هل أنا واقعه بحبه حقًا ؟ قلبي ينبض بشدة كلما تذكرت مظهره- ليس من الجيد وقوع بحب احدٍ من العامة ، سأخفي ذلك الشعور بأعماق قلبي»
****
اه هل انتهوا من الحديث ؟
اقترب لوك و همس بأذني ،
“اعرف مكانتك أمامها و لا تزعجها”
يبدو انني تورطت مع ابنة نبيل ، لماذا هذهِ الايام أقابل النبلاء ؟ أولًا سيدريك و الان ليا ؟
“أنا أدركها جيدًا ، لستَ بحاجة لقول ذلك”
“همف، جيد”
ليا تقدمت و قالت بكل حماسه ،
“دعنا نذهب لأكشاك المليئه بالطعام !”
أومأت برأسي فقط و سرت بجانبها ،
رائحة الاطعمه بدأت تصبح اقوى …
غطيت أنفي فورما رأيت الطعام ،
الأكشاك مليئه بالأضواء الجميله
بلون ابيض خفيف كي لا تزعج عيون الحاضرين ، دخان الطعام يتصاعد بسبب بروده الجو فالدخان اكثر وضوحًا ،
الحلويات و الاطعمه في كل مكان ،
مظهر كان سيفتح شهية اي شخص و لأكون صادقًا أنا ايضاً اود لو لمرة واحده الأكل بشكل طبيعي ،
فكرت بشيء واحد في تلك اللحظه، «يجب ان أتعود على الروائح من جديد»،
“هممم ، صحيح ! لم اسألك عن اسمك”
“أنا رين”
“ليس لديك اسم عائله اذن ؟ أنا ليا!”
همس لوك بأذنها ،
“انتي تكشفين نفسك بالفعل ! من الذي سيسأل عن اسم العائله غير النبلاء!”
“هيكك!”
نظروا الي اثنينهم و كأنهم يريدون رؤية ردات فعلي ، و لحسن حظهم انني شخص أمثل أمامهم كما يريدون ان اكون ،
“هل هناك مشكلة؟”
أملت برأسي مبينًا عدم فهمي ، فقط كما يريدون ببساطة ،
“اه لا شيء”
ليا ابتسمت بتوتر شديد و حارسها لوك حملق لي ، و نظر بعيدًا بسرعة
«هاه يبدو أننا لن نتوافق أبدا-»
ليا تحركت و ذهبت إلى الكشك الآخر و أنا أتبعتها مجددًا ، بدأت تلعب بخصلات شعرها و هي تنظر إلي بزوايا عينيها ،
ثم مجددًا ذهبت الى الكشك الآخر ، و من ثم مجددًا و مجددًا ،
«إلا تتعب من هذا؟، إذا كانت ستشتري فقط اشتري واحدًا يبدو انها تحب الاطعمه هنا»
“اهههههـ-! ما مشكلتك ؟؟”
صرخ لوك بصوت مرتفع حتى الناس بدأوا ينظرون الينا و بسبب صراخه جفلت في مكاني …
و أجبت عليه بتوتر قليلًا ،
“اه ، ماذا هناك ؟”
“انها تريد شراء لك طعامًا و لكن لا يعجبك شيء و دائمًا ما تغطي انفك ما مشكلتك أيها الوغد!”
«اوه … اذن هذهِ هي المشكله»
“اه … أنا لا استطيع الأكل”
ليا خفضت رأسها بتوتر ،
“هل لا يعجبك طعام العامة؟”
كان من الواضح ان ليا تحب طعام العامة ، المشويات هي ما تفضله خصيصًا ،
ولكن أمامها شخصًا يغطي انفه و كأنه يهين ذوقها الخاص «أردت فقط مشاركة ما احبه مع الآخرين…»
الشخص الذي أمامها كان يفكر بشيء أخر ،
«هاهـ- أود التقيئ حقًا لم يكن حالي هكذا قبلًا، أصبحت أسوء بالفعل»
“أنا فقط … ليست لدي شهية و ليس بسبب عدم حبي للأطعمة”
“حقًا !”
“اجل …حقًا”
“اذن انت لا تكره المشويات ؟!”
أومأت براسي فقط
لوك من بعيد ينظر اليهم مستغربًا غير قادرًا على إخفاء غضبه ، زفر بهدوء «ما خطب هذا المعتوه ؟ انه يغضبني حقًا»
فجأة بدأت اشم رائحة غريبة تشبه قليلًا رائحه البارود …؟ بدأت انظر حولي ولكن لم اجد مصدر الرائحه-
“أتدري انه ستكون هناك العاب ناريه !”
“العاب ناريه ؟ أنا ارى ، متى ستبدا ؟”
“اظن بعد عشر دقائق و ستبدأ!”
اشعر بشعور غير سار …
فجأة بدأت اسمع صوت عالي و بخط ابيض واضح بدأ يرتفع إلى السماء المظلمة، و بدأت تتفجر بالسماء و تشكل أنماط جميلة و بألوان جميلة جدًا –
“مهلًا لماذا بدأت الان ؟”
حالما نظرت إلى ليا ادركت ان هناك خطأ ما ، و الألعاب الناريه حصدت انتباه الكل إلا الفرسان الذين كانوا يحرسون الأماكن و صنعت الفوضى بينهم ،
“لوك اتبعني ! ، اه و أيضًا اسفه سأذهب”
“لا بأس..”
ذهبت ليا مسرعة و لوك يجري خلفها
و بشكل تدريجي اختفوا تمامًا بين الناس بالفعل،
“هجوم إرهابي!”
صدح صوت أحد الفرسان بهذه الصرخة المدوية، كأنها طلقة انطلقت مباشرة إلى قلوب الحاضرين في لحظة, تبدد شعور الأمان، وبدأ الرعب يتفشى كالنار،
لتغمر الفوضى أرجاء المكان أكثر فأكثر بدأت الانفجارات تهز الشوارع، والصوت المريع يزلزل الأرض من تحت أقدامنا
كنت واقفًا في مكاني، تجمدت للحظات، أراقب الهلع يتسلل إلى وجوه الجميع
فجأة، انفجر مبنى قريب, انهار أمامي بثواني معدودة ، وقف الجميع في صدمة، كأن الزمن قد تجمد للحظة أمام فداحة ما يحدث لم يكن هناك من يحميهم.
بهدوء رغم الفوضى المحيطة، رفعت
يدي وأشرت نحوهم، صنعت مجالًا بيضويًا بلون ذهبي شفاف
قلت بصوت هامس
[الدرع]
بدأت أحمي أولئك العاجزين، الذين بدوا كأنهم قد فقدوا كل أمل بينما كان الفرسان يركضون في كل اتجاه، وسط حالة من الذعر بحثًا عن القنابل المختبئة بين الجموع
أشخاص آخرون فرّوا بعكس الاتجاه، ومع الأسف لم أكن أستطيع حماية الجميع
تدافعوا بعشوائية، اصطدموا ببعضهم
البعض، ووسط الفوضى انزلقت قبعة عباءتي من فوق رأسي
“تبًا، ليس هذا وقت القلق على شيء
كهذا…”
أخذت الانفجارات تتوالى، وأصوات
الخراب والصراخ ملأت الأجواء و تناثرت الجثث ، بعضهم فقد جزءًا من جسده، آخرون يبحثون عن أطفالهم بين الركام
الفوضى التهمت كل ما كان يوحي بأن هذا المكان كان قبل لحظات مهرجانًا ،
وسط هذه الفوضى،
لاحظ البعض الدرع، وجلسوا على الأرض في ذهول، محاولين استيعاب ما يجري
“م..من أين جاء هذا الدرع؟”
“أحقًا يهمكم هذا؟ يوجد ساحر بيننا! من هو؟”
تعالى بكاء الأطفال وضياع الكبار، وكانت الانفجارات ما تزال مستمرة
تقدمت نحو مجموعة من الناس
وقلت لهم بصوت مسموع
“لا تتحركوا، الدرع لا يتحرك معكم”
تعلقت عيونهم بي، وقد ملأت الدموع عيونهم تقدم رجل يبدو في الثلاثينات من عمره، بشعر بني وعيون بلون بني وذراعه تنزف،
قال بصوت متهدج
“أنت… أنت من أنقذتنا، شكرًا لك”
أومأت برأسي دون كلام، لكن التوتر كان واضحًا في عينيه فجأة، نهضت امرأة كانت جالسة على الأرض، وأشارت إليّ بيد مرتجفة
“مقرف! ماذا يفعل كائن مثلك هنا؟”
ساد الصمت بين الناس، لم ينبس أحدٌ بكلمة، ولم يدافعوا عني كذلك
تدخل الرجل الجريح، قائلاً لها بنبرة هادئة
“أجل، ربما لديك حق، لكن ليس هذا الوقت المناسب نحتاج إليه الآن، فلتصبري قليلاً”
كان متفقًا معها، لكنه غلبته غريزة البقاء
كنت أعرف طباع شعب جينيا ، لن يرحبو بالأعراق الأخرى مهما كان الموقف
تنهدت، و حككت رأسي بنفاد صبر، ثم نظرت إليهم جميعًا وقلت بصوت أكثر وضوحًا
“لن أمنعكم من المغادرة، ولكن إذا كنتم تريدون الموت، فتفضلوا
في النهاية، (كائن مثلي) لا ينبغي له الحق في منعكم، أليس كذلك؟”
نظرتُ إلى المرأة بعيون ضيقة، بينما جلست هي على الأرض مجددًا، تهمس بصوت بالكاد يُسمع “لماذا يجب أن يكون هو من يحمينا ؟!”
وسط أصوات الانفجارات والفوضى التي تعم المكان، وجدت نفسي محاطًا بنظراتهم الممتلئة بالخوف والرفض و الاشمئزاز،
شعرت بثقل غريب يضغط على صدري من حقيقة أنني احاول حمايتهم، وهم يتمنون لو أنني لم أكن هنا لو لم يكن لدي ضمير لكنت تركتهم –
عادت إلى ذهني كلمات المرأة التي نطقت بها قبل قليل، تلك الكلمات التي كانت تحوي مرارةً تجعل القلب ينكسر رغم برودتها
“لماذا يجب أن يكون هو من يحمينا؟”
كانت تلك الجملة، التي لم أجد إجابة شافية عليها، تتردد في داخلي كأنها صدى دائم
حاولت التركيز على حمايتهم، محاولًا أن أتجاهل صدى تلك الكلمات
بسطت الدرع ليشمل دائرة أكبر من الناس المتجمعين حولي، ناظرًا في عيونهم، وبينما ازدادت الحشود داخل الدرع، لاحظت ابتسامةً مرتجفة ترتسم على وجه رجل كان يمسك بيد طفل صغير، كأنما هو أول من حاول أن يتقبل وجودي
ولكن، رغم هذه الابتسامة الباهتة، كان قلبي مُثقلًا ربما سيكون عليّ، يومًا ما، مواجهة ذلك التفكير الذي يطاردني «أنا لم أعد جزءًا منهم»
التفكير بتلك الحقيقه الموجعه تجعلني أشعر بضيق شديد ، حقيقة انهم ينظرون الي بتلك النظرات كأنها توقظني و تذكرني بمن أنا،
———————————————————