المعجزة ٢٠٧ - 12
خيّم اليل على تلك الصحاري الواسعة المختلطة بالغابات الكثيفة
تسللت تلك الشابة الفضولية،حيث أحذت طريقها خارج ذلك المكان الواسع الذي وصفته بالمنزل
تخطو بين العشب الكثيف اللذي وصل حتى ركبتيها،و لا تسمع ليلًا سوى الحان حشرات اليراع..
حتى وصلت الى وجهتها!
الوحش الضخم المخيف رباعي الاقدام…
لا،بالمختصر،إنه لوكاس!!
تسللت بهدوء بعد ما لاحظ وجودها،ليقترب و يمسح رأسه بعوفيةٍ بقدمها
ابتسمت و قد تسللت السعادة لقلبها،لتنخفض لمستواه و تضع امامه بعض الدجاج النيء
بدأ يأكل بشراهة،لتهمس هي
“يبدو بأن ماثيو لا يطعمك جيدًا”
صوتٌ افزعها جاء من خلفها!
“بل هو يأكل اكثر منكِ ايتها الحشرة”
التفتت ايفا مذعورةً لتدرك بأنه ماثيو،يضيء ذلك الدرب المظلم بمصباحٍ يدوي
نهضت إيفا لتأخذ بطريقها نحوه و تمشي خلفه،عائدين ادراجهم إلى المنزل
قالت تبرر موقفها
“كنت أريد ان نصبح انا و لوكاس اصدقاء!”
اجابها بينما كان يبعد تلك الحشائش عن طريقهما
“إن أكل الكائن اكثر من حاجته،فستتكتل الدهون في جسده و يصبح سمينًا،و هكذا لم يستطيع لوكاس
الجري لمسافاتٍ بعيدة”
تنزعج ايفا من طريقة كلامه الغريبة أحيانًا،فهو يشرح كل شيءٍ بطريقةٍ معقدة مهما كان بسيطًا!
تنهدت هي بإنزعاج و قد اجابته
“دعه يأكل،كم مرةً نعيش؟”
“مرةٌ واحدة علميًا”
ضربته بكفها بخفةٍ على ظهره،حيث اصدر تأوهًا متألما!
صدمت ايفا،اسرعت بخطواتها لتمشي بجانبه،تسائلت حينها
“جرحك لم يُشفى بعد؟”
“لا…كانت طعنةً عميقة”
نظرت ايفا الى الجانب الآخر،و هي تلوم نفسها في ما حدث سابقًا..
عصفت تلك الرياح لتحرك بخصلات شعرها المموجة و اللامعة،امسك ماثيو بكفه الكبيرة تلك الخصلات التي حجبت ملامحها عن مرآه..
ليضعها خلف أذنها..
حينها نظر في عينيها و قد نطق
“اخبرتكِ بأن ما حدث ليس خطأكِ…”
إحمر وجهها لتجيبه
“كيف لك أن تعرف فيما أفكر؟”
تجاهل سؤالها مكملًا طريقه،ابتسمت تنظر في محجريه بعفويةٍ و قد أمالت رأسها
“شكلك مخيف للوهلة الأولى،لكنك احيانًا تكون لطيفًا..”
توقف ماثيو عن المشي و هو ينظر في عينيها
لم تكن بنظراتٍ عفوية،او محبة..
بل نظرات صدمةٍ و خوف
كمن فقد ذلك الأمان لقدرٍ من الزمان..
ابعد ماثيو بوجهه و هو يحاول تجنب النظر اليها
اخذ بخطواتٍ متسارعة سابقًا إياها نحو المنزل..
دخل قبلها
تعجبت ايفا لتصرفه الغريب هذا..لكن بعد التفكير،ذلك هو ماثيو!مجرد غريب أطوار!هذا ما اعتقدته ايفا..
بينما دخل ذلك الشاب فث غرفته و قد اغلق بابه
سقط ارضًا كمن إنهار و أستسلم
اغلق أذنيه بكفه الراجف…
و قد ضم جسده إليه..
يرجو بألا يتكرر ذلك اليوم…
و لا يعاود…تلك المأساة من جديد..
يصارع ماضيه،كشبحٍ يأبى تركه…
و هو الخاسر دائما..
همس بنبرةٍ هزها الخوف و القلق
“تبدو..مثله تمامًا…”
..تسللت اشعة الشمس لغرفته…و حل الصباح
و قد أخذ جسده يعتاد النوم على الارض..
ليغفو..بسلام..
او هذا ما كان يضنه!
قاطع سلامه و وئامه ظلٌ حجب تلك الشمس التي أعمت عينيه!
إنها إيفا من جديد
صرخت بعلو صوتها لتوقضه من النوم
“إفتح عينيك!حان وقت الإفطار!،إيزابيل أعدت الفطائر!!”
فتح عينيه بصعوبةٍ و كالعادة،اول ما شاهده،كان وجهها..
إستند بيده ليستقيم في جلوسه
ضحكت إيفا بعفويةٍ و هي تقول
“ما خطبك؟من ينام على الأرض هكذا؟انت تملك فراشًا بالفعل!”
عقد حاجبيه و هو ينظر لملامحها الغير مفهومة…كما لو أن عقله يأبى ترجمة تلك الإبتسامة
مجرد فراغ…
نظر في الفراغ…بلا هدف…
إنزعجت إيفا لتمسك بكفه و تسحبها بأقوى ما عندها!
حيث جعلته يقف على قدميه!
صدم ماثيو لتلك القوة الهائلة!
جعلت وجهها قريبًا من وجهه،و أخذت ملامح الغضب تسيطر عليها،بينما هو،لم يكن يرسم على وجهه سوى الإستفهام
أردفت هي بنبرةٍ منزعجة
“أخبرتك أن تنهض!ما خطبك!؟هل أنت ثمل!؟”
هو لم يجبها بحرف،نظر في عينيها اللتي بدت كالبحر الأزرق الكبير الذي عكست الشمس نورها عليه في وضح النهار!
و أما عن نور الشمس الذي إنعكس خلفها،ليبدو كجناحٍ منير…و يضيء شعرها البرتقالي المجعد!
حينها،همس بنبرةٍ تكاد تسمع بذهول
“ملاك…”
لحسن حظه،لم تسمعه إيفا حيدًا!حيث تسائلت بتعجب
“ماذا!؟”
اومأ نافيًا ليقول
“لا شيء..”
جلس ماثيو على على منضدة الفطور…
مطبخٌ كبير،في حالةٍ من الفوضى اللتي لم يألفها ماثيو
ضحكاتُ هاؤلاء الشباب تعلو و تعلو،صوت جدال إيفا و
إيدوارد المعتاد،جدالٌ يؤدي الى اللا شيء
تعد ايزابيل الطعام،و هي توبخ جاك الذي يسرق الفطائر خلسةً و يأكلها بإستمرار
بينما يجلس فيكتور بجانب ماثيو و امامهما تاليا،يتباهى فيكتور بنفسه أمامها،و هو يحاول إشراك ماثيو معه بوضع ذراعه على كتفه،بالرغم من نظرات تاليا المليئة بالملل
بالرغم من كل ذلك،كان ماثيو في عالمٍ آخر،عالم لا يحتوي كل تلك الضوضاء..
وضعت إيزابيل طبقًا امامه،حيث امالت برأسها و هي تتسائل
“هل تريد بعض اللحم و البيض؟”
اومأ نافيًا و هو ينظر الى طبقه الذي لا يحتوي إلا الفطائر،ليجيبها
“أنا لا أكل اللحم”
تعجب فيكتور حيث قال
“لكنك تملك الكثير من اللحم!”
“كنت أطبخه للوكاس”
صرخ ايدوارد بصوته المزعج سارقًا فطيرةً من ايفا
“و هل أنت نباتي!؟”
اعتلى الغضب ملامح إيفا إذ بها تضرب رأس إيدوارد بإنفعال!
اجاب ماثيو متجاهلًا شجارهما الطفولي
“لست بنباتي،أنا فقط لا أكل اللحم الأحمر،استطيع أكل الحوم البيضاء”
امالت تاليا برأسها و هي تتسائل
“أ تكرهها..؟”
شدّ ماثيو بكفه على تلك الشوكة…
و هو يجيب بنبرةٍ تكاد تسمع
“أجل…أكرهها بشدة..”
…
في مكانٍ آخر…
غرفةٌ باردة…مظلمة…
لا تسمع فيها سوى صوت قطرات المياه المتساقطة من السقف..لشدة الرطوبة
يرتجف ذلك الشاب الأسمر بردًا،و هو لا يرتدي إلا ملابسه الداخلية!
مكبلُ اليدين و القدمين..
على الحائط،لا حول و لا قوة
يردد بنبرته اليائسة كلمات الكره تجاه وليام…
إنه روكي مارلو…او..مئتان و ثلاثة كما يطلقون عليه…
تم زجه في السجن مؤقتًا…
صباح الغد،سيغدو عضةً لمن لا يتعض،و سيتم إعدامه امام الجميع
كل ذلك،لمجرد العبث ببعض السجلات
إرتعشت نبرته و تعالى صوت أنفاسه في الغرفة
شهقاتٌ تسبق دموعه
“فاشل!!!انا هو الفاشل هنا!!!…”
دوى صدى صرخته في الغرفة
نظر الى الحائط الملطخ بالدماء،دماءه جراء تعذيبه…
لمع محجريه بألم،و تدارك موقفه…
تمتم لنفسه
“لا…كل ذلك….خطأه هو….ماثيو…أنت السبب!!”
كل ذلك…كان نتيجةً لشريط حياته الذي رسمه بنفسه
مجرد طفل،طفل تجارب،نقل الى المخبر بعمر الثلاث سنوات برفقة ابنة عمه العزيزة ماريا و التي كانت تكبره بعامٍ واحد
استطاع روكي الإنسجام مع الأطفال،بسرعة!
و اصبح صديقًا لأريان،و من بعده ريو في عمر السادسة
إلا أن ريو كان صديقًا لماثيو بالفعل!لذا اصبح روكي و ماثيو…نوعًا ما…أشبه بصديقين
لا،بل عدوّيين!
ماثيو كان الطفل البارد و البليد،الذي لا ينطق بأي حرف،و يحبه الجميع و يمتدحه،لكونه عينةً مميزة كما يقولون…بينما روكي…كان يقف خلف ظل ماثيو،يشاهد إنجازاته بصمت،و هو يحاول ان يصنع منها شيئًا على الأقل..
نكرة،هذا الوصف الأنسب لروكي
فهو لم يحصل على أي قدرة،و لم يتمكن من تطوير نفسه
إكتفى روكي بقضاء طفولته في ضرب ماثيو،و تفريغ غيرته و أنانيته
لم يرد عليه إلا مرةً واحدة،و من بعدها،توقف روكي عن ضربه..
إقتنع الطفل روكي بصداقة اريان و ريو،كانا من أقرب اصدقائه بالفعل!
لكن…في إحدى الأيام…
في ليلةٍ سوداء بلا نجوم
إختفى شريك روكي في الغرفة،أريان!
نزل روكي باحثًا عنه في منتصف الليل..
حتى لفته صوتُه!يأتي…من القبو..؟
المكان الذي لا يصله احد..؟
غريب..
ترددت الشكوك في قلبه،لكنه إندفع بدافع الفضول لا غير
حتى تواطئ ذلك الحوار مسامعه
“ماثيو…ريو…ما الذي تتحدثان عنه…؟هروب؟!”
نطق ريو
“أريان!اخفض صوتك!ستوقض الجميع!”
اجابهما أريان بنبرةٍ كمن كان يبكي
“أنتما مجنونان بالكامل!إن فشلتم…ستموتون!!!لن ادع ذلك يحصل!!سأخبر الرئيس!!”
صرخ ماثيو بأعلى صوته
“أريان!!!ما الذي تتحدث عنه!؟الرئيس!؟”
تراجع اريان محاولًا الهرب
لكن…
صوتُ ضربةٍ قوية،جعله يسقط ارضًا…
إستمر ماثيو بضرب أريان على رأسه بالعصى،حتى تشوه وجهه و نزف…
إنتهى به الأمر…ميتًا…
كان ريو يحاول إيقاض ماثيو من فعلته الشنعاء
حتى إستوعبا…
لينهار ريو باكيًا..و ذلك الآخر…لم يذرف له دمعٌ حتى..
بينما روكي..كان يختبأ خلف ذلك الباب..و هو يضع بكفيه الباردين و الراجفين على فمه
مرعوبًا،و دموعه تأخذ مجراها على خديه
كان ماثيو و ريو…يريدان ترك الجميع و الهرب…
ذلك ما إعتقده روكي..
كانا…مجرد كاذبين…
و قاما بقتل صديقهما!
في تلك الليلة..لم يستطع أي منهم النوم..
و في اليوم التالي،أعلن موت أريان،بعبارة أنه شنق نفسه حتى الموت..ليس و كأن ماثيو و ريو قاما بتعليقه بحبل ليوهموا الجميع بذلك
و اليأس في ملامحهما….
كان روكي سيكشف كل ذلك للجميع،و يأخذ بثأر صديقه الذي مات ظلمًا!
إستعد بكامل شجاعته،و جمع رباطة جأشه
لكن ثلاث كلمات،كفيلةٌ بتدمير خططه و مشاعره بأكملها
“سأهرب برفقة ماثيو!”
نطقت إبنة عمه ماريا و هي تجلس بجانبه،تضيق بعينيها و الندم يعتلي ناظريها
لم يشعر روكي إلا بالخيبة…
وضعت بكفها الدافئ على كفه،لتقول
“يجب أن تهرب برفقتنا أيضًا!”
اغرورقت عينا ذلك الطفل الوحيد بالدموع،ليسحب يده بعيدًا،نهض بإنفعال،إذ التفت و هو يودعها في عينيه…
نطق بيأس
“لم أترك المخبر،فلتذهبوا و تموتوا جميعًا!!”
تركها…
راكضًا بعيدًا،و هو يبكي بحرقة..
فحتى من إعتبرها عائلته،قررت تركه..بلا ضمير
لم يشي روكي بخطتهم بسبب مشاركة ابنة عمه..بالرغم من انه اخبرها ان تذهب و تموت…إلا انه كان بالفعل يريدها ان تبقى حيةً و شليمة..تحيا حياةً هانئة بعيدًا عن تلك التجارب الشنيعة…
سكت…لأجلها فقط لا أكثر…
لقد هربوا بالفعل…
شهدهم و هو ينجحون بذلك..
مجرد متفرج،يشاهد تلك المسرحة المأساوية
و التي تنتهي،بخبر موتهم جميعًا في إحدى الأيام..
صدق الجميع…
إلا روكي!
إستمر بالبحث و البحث!حتى وصل الى سجل ماثيو!
(مجهول)
تلك الكلمة كتبت بجانب إسمه،أي ببساطة،قد يكون على قيد الحياة!
بالرغم من أنه كان أشد اعداء روكي و سبب دمار حياته
لكنه أيضًا..قد يكون خلاصه من ذلك المخبر…
و أيضًا!قد تكون إبنة عمه على قيد الحياة!
قرر لقائها بعد دهر!
و لكن..
فات الآوان،فلا تفصله سوى ساعاتٍ قليلة عن إعدامه..
يواجه الموت بمفرده
ساعاتٍ تتوالى الأيام السعيدة على مخيلته فيبتسم
و يبكي ساعاتٍ اخرى لشعوره باليأس..
و اخيرا،خيم الإستسلام على روكي،و لم يبقى له سوى الجلوس بصمت،و إنتظار نهايته المحتومة
في أوسط الظلمات،ينبثق نورٌ بإتجاهه
نورٌ سلط على عينيه،قادم من الباب الذي فتح جزئيًا..
لم يفكر روكي إلا في وقت مجيء إعدامه،و هو متقبل تلك الفكرة تمامًا…
ليدخل ذلك الرجل القصير،و هو يرتدي ملابس فضفاضة و واسعة و عبائةً تغطيها،و قناعًا يغطي وجهه بأكمله،بخطواتٍ متباطئة،اغلق الباب خلفه صدى كل خطوةٍ يخطوها،يدب الرعب في قلب روكي…
اخرج مفتاحًا من جيبه،و هو يفتح اصفاد روكي
تمتم روكي حينها بنبرةٍ تكاد تسمع
“يبدو..أن المسؤول عن إعدامي..يصغرني في السن…”
خلع قناعه،فور رؤية وجهه،لمع محجر روكي،ليس أملًا…
بل غضبًا!
اجتمعت شرايين عينيه،و قد كتب عليها الحقد
نبرةٌ راجفةٌ بالألم فارقته
“وليام!؟؟”
رسم وليام ابتسامةً غامضة،لم يستطع روكي فهمها البتة
خلع عبائته و وضعها على كتف روكي،و ابتدأ بفك اصفاده
شد على كتفيه و هو يقول
“سأساعدك على الهرب!”
ابعد روكي كفه بعنادٍ و إنزعاج،حينها عقد حاجبيه و هو يجيبه
“تساعد!؟أنت من وشيت بي!”
“لا،لم أشي بك،انا ايضًا صدمت حينما رأيت المساعد لويس و هو يوبخك!لكنني استطعت سرقة المفاتيح!و الآن،سترتدي هذه العبائة و تخرج باحثًا عن مئتان و سبعة!”
تعجب روكي من دهاء ذلك الشاب
مراهق بعقل رجل بالغ!
لم يفكر مرتين!
فقد فوت الفرصة مرة..و لم يفوتها مرةً اخرى!
ارتدى تلك العبائة و غطى وجهه بإحكام،حيث قال لوليام
“سنهرب سويًا،استطعت الحصول على خارطةٍ كتبها ماثيو لأنابيب الهواء،سنخرج عن طريقها!”
“اعرف،عثرت على تلك الخارطة في غرفتك،إنها في جيبك الأيمن من العباءة الآن،لكن…هناك مشكلةٌ واحدة”
“و هي؟”
“لم…استطيع الهروب برفقتك”
قالها و هو يوجه بناظريه نحو تلك الأرضية السوداء…
امال روكي برأسه متسائلًا
ليردف وليام
“ان فعلت…لم استطيع إنقاذ اختي،قد اموت بلا هدف،احتاج لإكتساب قدرة…و أن اصبح أقوى،سأعتبر تلك التجارب هي تدريب جسدي،و بعد مدة،سأهرب”
شكك روكي بكلمات وليام غير المنطقية،حينها اردف بهدوء
“كيف اتأكد بأن كل ذلك ليس بخدعة منك؟”
تنهد وليام كمن شعر بالإنزعاج،ابتعد بضع خطواتٍ ليسحب أحد الواح سقف الغرفة المنخفض بكل سهولة
اشار له بسبابته و هو يقول
“مخرجك يبدأ من هنا!”
اخرج روكي خارطة ماثيو،و سرعان ما تأكد،أنه محق
بالفعل..
“إذا،اسبقني و أدخُل،و خذني حيث المخرج بنفسك،هكذا سأتأكد بأنك لا تكيد لي بشيء”
اومأ وليام بالإيجاب بلا تردد
و بالفعل،صعد في ذلك النفق الضيق،يزحفان ببطئ في تلك الممرات ذات الهواء الساخن
بعد مدةٍ كانت كفيلةً بجعل هذان الإثنان يعانيان الألم في اطرافهما
وصلا…إلى النهاية…
ضوء الشمس…
فتح روكي تلك النافذة بحماس!!
هواءٌ عليل….داعب خصلات شعره الحمراء الطويلة…
أما عن السماء فقد اختلط اللون الوردي و البرتقالي فيها و رسمت لوحةً تسعد الأنظار
اطفى روكي إبتسامة ذهول،إلتفت نحو وليام و هو يقول
“أ هذا هو الغروب؟!”
“أجل..”
اجابه و هو يتحسر..
ضحك روكي و قد بدت عليه ملامح الفرح
حينها اردف
“أ أنت متأكد أنك لم تأتي؟”
ابتسم وليام و في عينيه الدموع..
وضع بكفه الراجف على كتف روكي و هو يقول
“اخبر اختي إيفا بأنني آسف إن جرحتها في حياتي…و أنني اريد لقائها بشدة…و سأبذل كل عمري في سبيل رؤية ابتسامتها مرةً اخرى..”
اخذ روكي كف وليام و صافحه،نظر في عينيه بجديةٍ و هو ينطق بعزم
“أعدك بأنني سأعثر على اختك و أحميها مهما كلف الثمن!”
اومأ وليام بالإيجاب…
نزل روكي…
الى،العشب،العشب الأخضر،و اغلق وليام الباب عائدًا لعالمه اليائس…
ادرك روكي…أنه الفراق…
التفت الى الجانب الآخر،و هو يتأمل هذا العالم الواسع
مشى ببطئٍ في تلك الحدائق الفسيحة،و هو يسرح بتلك الطبيعة التي لم تشهدها عينيه قبلًا..
سرعان ما اندفع راكضًا بشغف!يهرول و الدموع تتسابق الى وجنتيه
تعثر بقدمه ليسقط على ذلك العشب و يتدحرج..
بلا حراك،إستقر مستلقيًا على الأرض
و هو يشاهد تلك السماء،و اقد اختلطت دموعه بضحكاته،و تنافست مشاعره..
حدث نفسه بنبرةٍ مسموعة
“كنتَ محقًا يا ريو…يبدو بأن العالم أكبر مما كنا نضن..”
تحقق حلمه..
انتقل روكي من عالمه المحدود ذو الجدران البيضاء و الأصوات الموحدة
الى العالم الواسع ذي الأصوات المختلفة و الألوان المتعددة…
حرية…
شعورٌ..لا يوصف بالكلمات…
..