المعجزة ٢٠٧ - 7
لفحات الصيف..
و الغيوم المتراكمة في السماء
يمشي هاذان الشابان سويًا،و هدفهما لهذا اليوم هو..
إصطياد غزالة!
..يمشي جاك و هو يشدّ على بندقيته…بخطواتٍ مترددة و خائفة و هادئة،ليسبقه واثق الخطى،ماثيو
همس جاك بصوتٍ منخفض
“لماذا يجب عليّ انا ان اصطاد الغزال بنفسي و أطلق النار!؟”
اجابه ماثيو بهدوء
“ببساطة لأنني اريدكَ ان تكون اشجع من ذلك،انظر لتلك المجنونة إيف،اراهن انها اقوى منك”
تعجب جاك فور سماعة لكلمة (إيف)ليردف بصدمة
“ايفا!؟”
“اجل”
ابتسم ليقول
“لم يطلق احدٌ عليها تلك التسمية من قبل،انه جميل،لكن لماذا هذا اللقب بالتحديد؟”
تفحص ماثيو المكان حوله،لينزل بين الشجيرات و يردف بهدوءٍ و هو يخضر بندقيته
“كيف أصفها لك…؟ربما..لأن شكلها مقبول”
تعجب جاك ليجيبه
“مقبول؟..وصفك للأشياء دائما غريب..أ تقصد بأنها جميلة؟”
“إن كان هذا معنى الجمال..فُربما نعم”
هو جاك برأسه و هو يقول
“لا استطيع أن افهمك البتة!”
لحظاتٌ من الصمت،ليقص جاك لماثيو
“اعرف ايفا منذ الروضة!كان عمري خمس سنوات لكنك
لم تصدق كيف تعرفت عليها!”
اجابه ماثيو بإنزعاج
“أ لست تثرثر كثيرًا؟ستهرب الغزلان!”
سكت جاك بخيبة،ليشد على بندقيته،تنهد ماثيو بإنزعاحٍ ليضع البندقيةَ جانبًا و يتكتف،ليردف بهدوء
“أنا أصغي إليك”
ابتسم جاك ليستكمل
“لطالما كنت اتعرض للضرب من مجموعة فتيان،بعد وفاة والداي بحادث،بِتُ اعيش مع جدتي،و لم يكت لي أي اخوة،او اصدقاء،حتى تعرفت على فتًى في الروضة،يدعى وليام!انه شقيق ايفا التوأم،رآني اتعرض للضرب،ليأخذ هاؤلاء المشاغبون اموالي،لكنه تدخل و تعرض للضرب عوضًا عني،و اتفق بأنه سيعيد إلي نقودي بعد أن نواجه هاؤلاء الصبيان مساذ يوم الجمعة،انا رفضت،لكنه أصرّ على ذلك،و لأنني كنتُ جبانًا،وقفت انتظره يوم غلحمعة رافضًا الرحيل بمفردي!و قد جاء بالفعل!لكنه لم ينطق بحرف،هزم الصبيان بشجاعةٍ و قويةٍ مرعبة ليس و كأنه تعرض للضرب قبل عدة ايام!لأكتشف في ذلك اليوم…أن هذا ليس وليام،بل اخته التوأم!!إيفيلين!كان وليام مريضًا،لم يستطع المجيء!و هي ارتدت قبعته و ملابسه و انقذتني!”
صدم ماثيو ليتسائل بتعجب
“أ يشبهها لتلك الدرجة!؟”
“أجل!!و تلهيك عن أنهما كانا يقصان شعرهما بنفس الطول في طفولتهما!لم أستطع التفريق بينهما سوى من صوتهما،كان صوت وليام اهدئ من إيفا”
اضاف ماثيو و قد زاد تعجبه
“منذ متى و صوت الأثنى اخشن من الذكر!؟”
اجابه جاك بإستهزاء
“إيفا كسرت كل القوانين،حتى قوانين الطبيعة”
شعر ماثيو بشيءٍ من الحماس لتلك القصة،ليردف له
“و هل اصبحت ترافق إيفا بعد ذلك الموقف؟”
“أصبحنا انا و وليام و إيفا ثلاثي!حتى أننا بنينا بيت شجرة! في حديقةِ جدتي!”
لمع محجري ماثيو بفضولٍ و كفولية و هو يصغي جيدًا،ليتسائل
“و ما هو بيت الشجرة!؟”
اجابه بلا تردد
“بيتٌ يبنى على الأشجار!كنا نلعب فيه!”
اللعب…تلك الكلمة لها وقعٌ كبيرٌ على ماثيو
اردف هو بهدوءٍ ليشارك جاك القليل عن نفسه
“كنتُ امتلك صديقًا أيضًا…لم أكن أعرف معنى الصداقة
قبل أن التقيه،علمني الكثير عن الحياة،كان شجاعًا،لا يخاف شيئًا،مغامرًا،و نبيلًا،موثوقًا لا يخون،كان أكثر من صديقٍ بالنسبة لي،كان عائلتي الوحيدة،لكنه مات….في ليلةٍ مثلجة بعد هروبنا…هو و بقية اصدقائي..لكنني..لم اعثر سوى على جثته…”
توسع بؤبؤ جاك،لينطق بنبرةٍ انخفضت
“أسف….لكن…كيف..مات..؟
بعينين ميتتين،و يأس،اجابه دون أن يرمش له جَفن
“قتله الوحش…”
“ال..وحش؟”
لحظاتٌ ما هي حتى يسمع ماثيو ضوت خركةٍ بين الشجيرات،ليردف لجاك
“هيا،إنها فرصتك”
لينهض جاك ببندقيته،لكن،استشعر ماثيو شيئًا اسوء من الغزال هذه المرة…
إنه بشري!
امسك ماثيو بساق جاك ليسحبه و يسقطه أرضًا،طلقةٌ مرت بجانبه كاندت أن تصيبه لولا تدخل ماثيو!!!
ارتجف جسد جاك لتتزاحم الدموع في عينيه،و تشحب بشرته البيضاء،ليلتفت لماثيو و هو يهمس مذعورًا
“ه…هذا ليس بغزال..!!”
اردف ماثيو ببرود
“و هل تضن الغزال يجيد استخدام البندقية؟هذا أحد مطاردي المخبر”
ارتجفت نبرة جاك ليهمس و يتأتأ
“مُ…مُطارد!؟ماذا يريد!؟”
حضر ماثيو بندقيته ليردف اليه
“يريد أن يقتلنا،هذا بسيط للغاية”
تحرك ماثيو ببطئ تاركا جاك المذعور و الخائف
و هو يحاول إيجاد ذلك المطارد
تلاعب النسيم في اوراق الشجيرات اللتي ضمت العدو و الشابان
ليتوالى على مسامعهما صوت خطوات
اشار ماثيو بإصبعه لجاك،إثنين،إنهما رجلين
حاول جاك ان يحضر بندقيته،بيديه الراجفتين و الرطبة،لكنه يفشل توترًا
ليندفع ماثثو مبتعدًا!!
حيث قفز عليه أحد المطاردين!إلا أنه سحب زناد تلك البندقية في الوقت المناسب،ليطلق تلك الرصاصة في رأسه!
سقط اول جنديٍ و قد مات،نهض ماثيو ببرود،ليس كأنه سلب روح إنسانٍ في تلك اللحظة،خرج جاك من بين
الشجيرات ليصرخ بتوتر
“ماذا فعلت!؟؟”
إلتفت ماثيو نحوه و قد عقد حاجبيه غضبًا،ليصرخ بإنفعال
“جاك!!!خلفك!!!!”
رجلٌ يصوب ببندقيته نحو جاك!!
ليلتفت و قد ارتعد خوفًا،بأسرع ما لديه!إندفع ماثيو ليحاوط جسد جاك و يتلقى تلك الطلقة في ساقه!!
إرتمى بثقله فوق جاك،ليصرخ منهارا بعد رؤية تلك الدماء اللتي تلطخ جسده،دماء ماثيو
حاول ماثيو النهوض!!بالرغم من إصابته،ليندفع ذلك المطارد نحوه و يركل جسده بقوة!
إرتمى عليه ليبدأ بخنقه بتلك البندقية اللتي نفذت من الرصاص،متنسايًا أمر جاك،كأن هدفه الأساس،هو جثة ماثيو!
حاول ماثيو ان يمد بيده الراجفة،ليسحب بندقيته القريبة منه،إلا أن ذلك الرجل قام بدفعها بعيدًا،ليتعالى بنبرته صارخًا
“لتَمُت أيهاللعين الهارب!!!”
خارت قوى ماثيو،و كاد أن يتوقف عن التنفس بالفعل
و هو يستنشق آخر ما تبقى من الهواء
ترتجف يدا جاك و هو يحمل تلك البندقية مختبئً خلف الشجيرات
تسارع نبضه خوفه..لكنه شد على بندقيته حين رأى ماثيو و هو يحتضر!
وجه تلك البندقيةَ نحو ذلك الرجل،ليغمض عينيه،و لا يفكر..سوى في إنقاذ حياة إنسان..
ليطلق بتلك الطلقة،و تأتي في قلبه مباشرةً!!
سقط ذلك الرجل و قد خارت قواه،مفارقًا الحياة..
رمى جاك ببندقيته ليركض نحو ماثيو،سقط على ركبتيه و قد خارت قواه!صرخ بذعر
“ماثيو!!!أنت..أنت!!انت تنزف!!!”
نهض ماثيو و الدوار يمنعه من التوازن،ليمسك يكتف جاك،اردف بصعوبةٍ و هو يتلفظ انفاسه بسرعة
“لم استطع….إستعمال قدرتي…”
نظر جاك لكمّ الدماء أرضًا،ليستحوذ الغثيان عليه،كاد بالفعل أن يستفرغ،لكنه وضع كلتا يديه على فمه مانعًا نفسه حتى من التنفس،لينطق بصعوبًة و هو يرتعش
“لقد…قتلت…إنسانًا….”
اخذ ينهت،لينهار باكيًا و يصرخ
“لقد قتلت بشرًا!!”
إتكأ ماثيو على كتفه و هو ينظر الى المنظر الشنيع الذي
خلفاه،ليردف ببرود
“احسنت عملًا..”
لم يستمع جاك لتلك الكلمات،فقد كان في حالٍ يرثى لها…
منهارًا…و باكيًا…
لقد سلب روحًا…
روح انسانٍ يماثله…