خارج الجحر - 3
أليس سخيفاً بينما كنت الشخص الذي يسخر من قلق الفريه لانتهاء امره هنا.
اعتقد ان الفريه يمتلك بالفعل شيئا بجعبته للدفاع عن نفسه علي الا انخدع لأبدائه الضعف، ذهبت إلى مخزن القرية بجانب المخزن يوجد رجل يدعى تشو وهو شخص عينه رئيس القرية على المخزن، هو من يقوم بتوزيع الغذاء والجلود والدواء وما إلى ذلك. طرقت بابه وبعد فترة وجيزة فتحت لي الباب ابنته ايرميا، من النادر رؤية هذه الفتاة، هي غالبا ما تبقى في المنزل تقوم بفرز الأعشاب ومساعدة اباها في التوزيع قالت لي بصوتها الهادئ:
“مرحبا نيهتا اذا كنت تبحث عن والدي فهو ليس هنا لكن إذا كان هناك اي شيء يمكنني مساعدتك فيه اخبرني رجاء”
“ليس بالأمر الجلل كل ما في الامر انني ارغب بالحصول على نبات الفايتا من المخزن من أجل امي”
صمتت ايرميا لوهلة تفكر، أعلم أن هذه النبتة موجودة بكثرة، ولن يمانع ابا ايرميا بلا شك من اعطائي قدر ما أريد، خاصة أنها نبتة طبية ونحن في فصل الحياة. لكن يبدو أن ايرميا مترددة لسبب ما من اعطائي اياه.
“إذا اردته لكون والدتك قد اصيبت بتلك الحالة فلقد جربناه على حالات من قبل ولم تؤدي الغرض”
“لا بأس انا فقط احاول يائسًا لربما نجح الأمر على امي”
“فهمت”
دخلت ايرميا للداخل للحظة بعد أن ردت الباب قليلًا، ثم خرجت ومعها مفاتيح المخزن طلبت مني انتظارها في الخارج لتعود وبحوزتها كمية قليلة من عشب الفايتا لكنها تفي بالغرض، قالت وهي تعطني اياها:
“سأعطيك هذه الكمية فقط حتى لا تدمنها”
لا ألومها على التفكير بهذه الطريقة فعلى الرغم من انها عشبة طبية إلا أنها قد تؤدي الى اعراض مثل النوم العميق، لذا لابد وانها ظنت انني سأحاول التهرب من الواقع الذي تعيشه القرية من خلال النوم عميقًا، بالتأكيد لست احمقاً مثل ستريوش لكي افعل ذلك، ولعل السبب كونها منغلقة على ذاتها فهي لا تعرف شخصيات أهل القرية جيدًا، هذه العشبة احضرتها لتأدية غرض آخر. دخلت الغابة قاصداً بيت العجوز سينكس، علي تنويم كلٌ من الفريه وذلك العجوز حتى اتمكن من قتل الفريه، لابد من أن كلاهما سيرفضان تناول هذه العشبة لأنه سيكون من المريب تقديمه لهما بشكل مفاجئ، فجأة شعرت بأعْيُن خلفي التفت بسرعة لكن لا وجود لشيء لابد انني متوتر فحسب، اليس كذلك؟ بعد كل شيء فكرة قتل شخص ما…
وصلت إلى كوخ ذلك العجوز، تلثمت ثم وضعت الاعشاب على صخرة كبيرة قريبة من كوخه، اشعلت به النار فأصدر عن ذلك كمية هائلة من الدخان، عند قراءتي لتلك الكتب لم استفد شيء حول كيفية علاج تلك الحالات، لكن عرفت اذا احرقت عشبة الفايتا سيصدر منه دخان كثيف، واذا استنشقه احد فسيدخله بنوم عميق ابتعدت عن الدخان فحتى لو غطيت فمي و انفي فسيكون مشكلة اذا اثر علي ونمت معهم، بعد ان احترقت اوراق الفايتا بالكامل وتلاشى الدخان اقتربت ووجدت العجوز نائم امام باب منزله يبدو انه خرج ليرى مصدر الدخان لكنه لم يتحمل بعد استنشاقه له مباشرة ونام امام بابه، إن مفعول هذه العشبة قوي بحق، بفضلها كل شيء يمشي بسلاسة، دخلت إلى الصالة وكان الفريه نائم هناك نظرت له بينما أقف قرابة رأسه …هذا الشخص بعد لحظات سيموت…والشخص الذي سيغدو قاتلاً هو انا…لن أقبل بمزيد من الحالات، أرفض الرهان على حياة أحدهم من أجله، أخرجت خنجراً كنت قد خبأته تحت ملابسي، أغلقت قبضتاي عليه بقوة وتمتمت:”إذا ترددت الآن فمصير أهل قريتي الهلاك”
كان الخنجر ينزل بسرعة بتجاه رقبة الفريه كما لو أنه لا يعطني ما يكفي من الوقت للإنسحاب، وفي تلك اللحظة القصيرة شعرت بيدان تدفعانني بقوة فسقطت أرضاً. من؟…أدركت أني كنت أحدق في الأرضية الخشبية لبضع ثوان حتى أعي تلك الأحداث السريعة، رفعت ناظراي لذلك الشخص، مالذي يفعله هنا؟ جَهر ستريوش بنبرة صوت ترتجف
“مالذي كدت على فعله!”
على عكس ما توقعته لم يكن يحمل ملامح الغضب على وجهه، عوضًا عن ذلك بدى مصدومًا ومرعوبًا نوعًا ما…
“هل كنت تتبعني؟”
“هل هذا مهم الآن؟ لقد حاولت قتله بجدية!”
أزحت نظري عن ستريوش لكنه امسك بتلبيب قميصي وصاح فيّ
“نيهتا…ألم تقل أنك ستساعدنا في حماية الفريه، مالذي حدث الآن؟”
هزني ستريوش بقوة محاولًا أخذ إجابة أو عذر ما مني بينما أستمر بالثرثرة حول أمور كنت قد فكرت بها مسبقًا عشرات المرات بالفعل مثل
“كنت على وشك ان تقتل انساناً” “ماذا كنت ستقول لنا بعدها؟ الفريه اختفى فجأة؟” “كيف كنت ستكمل حياتك وانت تعلم عن كونك قاتلاً” “لما لا تجبني؟” “لو تأخرت ولو قليلاً لمات هذا الرجل!”
اتخذت قراري بالفعل وكثرة ثرثرته لن تغير شيء سوى إثقال كاهلي أكثر، اذاً أأبقى هكذا دون فعل شيء؟ أأنظر إلى قريتي وهم يموتون واحداً تلوا الآخر، هذا ما يسميه بالعيش بلا ندم؟ سخف. تلفّظ ستريوش بحماقة أخرى
“أواعازم أنت على قتل شخص بريء؟!”
هنا قد أثار حنقي نوعا ما، بريء؟ كيف له أن يكون متأكد من كون هذا الغريب بريء؟ أعدت توجيه نظري لعيناه وقلت بسرعة كما لو أنني الصقت الكلمات ببعضها
“إن كان بريئًا أم لا أذلك مهم حقًا؟”
رأيت الدهشة في عيون ستريوش لكنني أكملت
“أتمنى أن تكون جدتك هي التالية حتى تفهم الأمر”
لقد ضربت نقطة حساسة لدى ستريوش كانت غايتي جعله يسمح لي بقتل الفريه من أجل جدته، بالطبع لم أعني ما قلته. لكن ربما لم يتوجب علي قول ذلك، منذ الطفولة لعلني أعتقدت أن ستريوش مجرد شخص أهوج، لم أتوقع أن ستريوش بهذه القوة بما انني لم أدخل في شجار جاد معه من قبل، لكمة واحدة منه جعلت الألم يصطف على شكل طنين في أذني
“…نيهتا ألست اضعف مما توقعت؟”
دفع ستريوش قبضته في وجهي مرة اخرى، هل علي صدها ؟ أم توجيه لكمة له بالمثل؟ لا انا ادرك هدفي هنا
“سترفع قبضتك في وجه صديقك”
تجمد ستريوش قليلاً عند قولي ذلك، نعم لطالما كان ساذجًا، حينها انسحبت من قبضته بسرعة، لحسن الحظ لم يتدارك ستريوش الموقف بسرعة، لدي بضعة ثواني فقط حتى اقتله، امسكت بالخنجر وانزلته نحو عنق الفريه…
كانت رؤيتي ضبابية بعض الشيء، لربما بسبب التوتر أو أن تأثير ضربة ستريوش مازال يرافقني، مع ذلك مازال باستطاعتي رؤية ذلك الحَمار القانئ الناتج من الدم، لم استطع إيقاف ارتجافة يداي وبات لوهلة من الصعب دخول الهواء إلى رئتيْ…أقتلته؟…ببطء بدأ الضباب يزاح من أمام عيناي فأدركت أن قبيل وصول الخنجر لعنقه بلحظات أمسك الفريه الخنجر بكلتا يداه، ولقد نزفت يديه بالطبع …استيقظ وتدارك الموقف على الفور… لم يحتج أي ثواني حتى يعي ما يجري، أفلتت الخنجر بهدوء كما لو أنني أعلن استسلامي وقفت و التفتت راغبًا بالخروج تبعني ستريوش وامسك بكتفي وادارني اليه، هذا الرجل لا يدعني أفعل أي شيء
“نيهتا الى اين انت ذاهب”
“إلى القرية؟”
“ستذهب وتخبرهم عن مكان الفريه اليس كذلك؟”
من المفاجئ أن يتوقع شخص مثل ستريوش ما أنوي له لكن لم يعد في يدي حيلة سوي ان الجأ إلى هذا الخيار
“أعتقد انه يمكنني تذكر شيء ما ربما يكون مفيدًا”
قال الفريه ذلك بينما يرفع شعره عن وجهه بيده اليمنى ويقف، تلطخ وجهه من دماء يده قليلًا لكن لم يبدو وكأنه يأبه لهذا، بصراحة هذا الرجل غير معقول بحق، استيقظ للتو ليجد أحدهم يحاول قتله لكنه يتصرف بهدوء واتزان كأن شيءً لم يحدث.
“ماذا تذكرت ”
التفت إليه منتظرًا جوابًا منه، راجيًا أن يكون هناك بصيص أمل لأنقاذ القرية
“أشعر أنه من الأفضل أن اخبركم حينما تكون ذاكرتي واضحة بالكامل”
إذن ربما لم يتذكر اي شيء لكنه يقول ذلك حتى لا اخبر أهل القرية عن مكانه؟ لكن بعد تعاملي مع الفريه لا أظنه سيقدم على محاولة يائسة سخيفة مثل هذه ربما يجب جعله يحاول قد ينقذ ذلك قريتنا
“فهمت”
قلت ذلك وبعدها توجهت للقرية مع ستريوش بصراحة انا مرتاح نوعًا ما لكون الامر لم ينتهي بي بقتله وبالتفكير بالأمر من الجيد اننا خرجنا قبيل استيقاظ ذلك العجوز لأنه لو رأى الفوضى التي احدثناها لانتهى امري انا وستريوش والفريه معًا على يده.
مشيت انظر إلى تلك البيوت الصغيرة الملونة ليس من وقت بعيد فقط كانت مليئة بالحياة، الجارات يتبادلن اطراف الحديث و الاطفال يلعبون بالأرجاء، الرجال والنساء حتى كبار السن كانوا يمرحون ولكن الآن… من قبل كنت اتمنى من أهل قريتي أن يكونوا هادئين ولو للحظة أما في غضون هذه الأحداث عندما فعلو ذلك اشعر بفراغ لا مثيل له. وقفت أمام منزلي هو ليس مثلما اعتدت عليه، كان مليئًا بأصوات الضحك مليئًا بالفرح والطاقة، اما الآن بدلًا من ذلك يسود الصمت كل زاوية لدرجة انه يكاد ان يكون ملموسًا، يبدو هدوء المنزل كعبء ثقيل وكأن المنزل نفسه يندب وحدته. انتزعت نعلي ودخلت لمنزلي وهنا جاء الصوت الذي يقطع الصمت كان بكاء ايلوس، يتردد صداه في انحاء الغرفة مرددا صوت الألم والحزن كان عبارة عن شهقات لإيلوس تحاول كتمها ولكن تأبى ذلك…
كانت ايلوس تجلس بجانب امي المستلقية، اقتربت وجلست بجانب ايلوس، لا يبدو أن طاقة امي تستنزف بسرعة، امالت امي رأسها بتجاهنا كانت تعلوها نظرة لطيفة مع ابتسامة خفيفة ممزوجة بالقليل من الإرهاق
“لست بذلك السوء عليكم الذهاب الى العمل”
بصوت خافت تقطعه نغمات الإرهاق قالت امي ذلك، بالتفكير بالأمر لقد قمنا بقتل العديد من المواشي من اجل ان نسد نقص الطعام التي تعاني منه القرية وعلى الرغم من تدبير السيد تشو وابنته ايرميا الجيد فنحن ما نزال في ازمة لم يبق لنا التعامل معها مسبقًا، لا تبدو إيلوس مستعدة للذهاب إلى العمل وأظن أن الأمر سيرهق امي تفكيرًا برؤيتنا لا نقوم بالعمل، وقفت وقررت الذهاب إلى العمل من أجل القرية، ليس وكأن بقائي بجانب أمي سيجعلها تتشافى او ما شابه، واظن بأنني سأمهل الفريه إلى الوقت الذي أظن فيه ان امي ستموت، توجهت إلى العمل في المزرعة كان يوجد فقط القليل من أهل القرية، عندما رؤوني كانوا متفاجئين نوعًا ما، اقترب مني احدهم وقال
“آه مرحبًا نيهتا من المفاجئ رؤيتك هنا اعتقدت انك عند ستريوش”
“ستريوش؟ ما به؟”
شعرت برجفة سريعة تمر خلال ضلوعي، غير معقول هل هو ايضًا اصاب بذلك؟
“هاه؟ الم تكن تدري؟ لقد اصابت جدته بتلك الحالة”
وقفت لوهلة في صمت شعرت بوغزة في قلبي كان الأمر مؤلمًا كلما تذكرت أنني قلت لستريوش كوني آمل أن تكون جدته هي التالية، مات كلٌ من والدى ستريوش عندما كان طفلًا بحريق لذا تربى وترعرع مع جدته، لذلك جدته هي أعز ما لديه في هذا العالم الصغير، لعل عليّ تفقد ستريوش، خرجت من المزرعة وتوجهت إلى منزل ستريوش، عندما وصلت كان الأمر غير مألوف البته، ذلك الهدوء الثقيل المحيط بمنزله، لا يمكنني سماع صوته هو وجدته وهم يضحكون بصوت عالٍ بسبب امر ما تافه، نزعت نعلي ودخلت، يمكنني سماع فقط صوت خطاي على الألواح الخشبية، القيت نظرة إلى الداخل ورأيت ستريوش يعانق جدته النائمة وأكتافه تهتز لربما السبب يكون بكاءه، كان هذا هو ستريوش دومًا، يغضب بسرعة لكنه يبكي ويحزن بسرعة ايضًا. فكرت قليلًا، هل علي الدخول الى الغرفة؟ اظن لا… أعرف ان ستريوش يكره البكاء امام أحد باستثناء جدته بالتأكيد، منذ أن كان طفلًا إذا حدث له أمر يزعجه ويضايقه أخبر جدته به، لا شيء يخفيه عنها. على أي حال قررت عدم التدخل وتركه يقضي الوقت مع جدته، رغبت بالخروج لكن اصطدم طرف قدمي بالطاولة التي بالصالة مما أصدر صريرًا مسموعًا، حينها سمعت صوت ستريوش من الغرفة
“نيهتا!”
خرج من الغرفة وقال بندفاع:”هل هذا انت نيهتا؟!”
كانت عيناه متورمتان مشى خطوتان تجاهي ثم قال كما لو انه يستغيث بي
“ما- ماذا افعل إن جدتي… إن جدتي تحتضر”
كونه يظهر امامي بهذا الشكل فيعني انه يائس لأبعد الحدود ومع ذلك حتى في وضعه هذا فهو لم يفكر بقتل شخص اخر، انه نقي للغاية… وافضل مني.
“ربما علينا ان نرى الفريه اليوم”
“صـ-صحيح ، ربما قد يفيدنا بشيء ما”
“حسنا. ابقى عند جدتك الآن ثم عندما تشعر بالتحسن دعنا نذهب”
مشيت إلى منتصف القرية، جلست على حافة النافورة هناك أفكر… لطالما كانت جدة ستريوش اشبه بجدة الجميع، دائمًا ما كانت تعاملني أنا و إيلوس كأحفادها، أعتقد أن ستريوش ورث صفاته منها، فعندما كانت إيلوس تهرب من العمل كانت تختبأ لدى جدة ستريوش وبالتأكيد الجميع يستطيع معرفة مكانها لكنهم تجاهلوا الأمر فقط من أجل جدة ستريوش، شعور كآبة طاغي يغمرني حينما أتذكر كون جدة ستريوش على شفى الموت، لقد داهم الموت قريتنا وقلص عددنا كثيرًا، لقد كان عددنا ما يقارب 100 شخص أما الآن فإن عددنا 65 شخص مع المشلولين، في حين أن صوت خرير ماء النافورة كان يتلاشى كلما أكثرت بالتفكير أيقظني نول الصغير عند جلوسه بجانبي، لا يبدو وكأنه جاء من اجل أن لا يقل شيئًا
“ما الأمر؟”
“لا…كل ما في الامر انه… هل تخبأة الفريه هو الخيار الصحيح”
مثلما توقعت لقد جاء للحديث عن هذا
“ليس بالضرورة”
“إذًا لما لا تفعل شيئًا؟”
“حسنًا حاولت فعل شيء ما بالفعل لكن… ليس بالضرورة أيضا ان قتله هو الخيار الصحيح”
ربما قد تشتد اللعنة اذا قمنا بقتله
“قـ-قتله؟”
نظر اليْ نول بدهشة وتجمد مكانه لوهلة…أوه لقد نسيت أنه ما يزال طفلًا بعد كل شيء هو لن يتصور أن يصل الأمر إلى قتل شخص ما، لقد غاب ذلك عن بالي لكونه يتحدث كشخص بالغ
“حسنًا لا تهتم علي الذهاب لفعل شيء ما الآن”
اعتقد أن علي الذهاب ورؤية ستريوش الآن، وقفت وذهبت للقاء ستريوش مرة اخرى ناديت عليه من امام باب منزله وخرج على الفور، شعرت بوجود خلفي التفتت ورأيت نول الصغير، هل تبعني؟
“أريد القدوم معكما”
مالذي يقوله الآن، لكن نول ليس من النوع العنيد لذا يمكنني رفضه ببساطة…
“حسنًا لا ضرر من ذلك”
أنها المرة الأولى التي يطلب فيها نول شيئًا بهذه القوة على عكس أقرانه كثيرو الطلبات، عبرنا النهر المحيط بالقرية وتوجهنا إلى منزل العجوز سينكس، مشينا بالغابة حتى وصلنا إلى منزله، حينها سمعنا صراخ من الداخل يقول:
“تبًا! لما لا تقول مالذي فعلته بوالدتي!”
لقد كان صوت ايلوس، يبدو انها فقدت صوابها وهي ترى والدتها تنهار يومًا بعد الآخر لذا جاءت إلى هنا كي تنفجر في وجه الفريه، حقًا يبدو أننا نحمل نفس الدم بعد كل شيء، فكلانا قام بالهجوم على الفريه حين احس بالضغط. دخلنا بسرعة إلى الحجرة، هناك كان الفريه يقف بصمت بينما عينان ايلوس تدمعان ذهب ستريوش بسرعة الى ايلوس
“ايلوس اهدئي! لا شأن لألفريه بكل هذا!”
كانت ايلوس تحاول جاهدة كبح مافي عينيها، لا اعرف حقًا ماذا افعل لتهدئتها لأن إيلوس شخص متزن من ناحية المشاعر لم يسبق لها أن تفقد رباطة جأشها كما هي الآن، قررت ترك الأمر لستريوش؛ فشخصية ستريوش الواضحة والعفوية والتي تقول ما تفكر به حقًا تعطي روحًا في هذا الجو الكئيب
“ستريوش…انت لا يمكنك استيعاب الأمر…طوال هذه المدة لقد…لقد كنا نعيش بسلام إلى أن-”
“لا يوجد سبب لكي يفعل ذلك ، ايلوس اهدئي”
التفتت ايلوس بتجاه ستريوش ثم أردفت بينما صوتها يحمل لمحة من الغضب
“لا يهم السبب او أيًا كان طالما ستعود قريتنا إلى مثل ما كانت عليه طالما ستعود امي الى ما كانت عليه”
تقدم نول وقال
“مع انني اعلم انه ليس علي التدخل في نقاشات الكبار الا انني بعد مافكرت طويلًا أعتقد…أنه حقًا قد يكون الفريه هو…السبب”
حبس ستريوش الهواء بداخله، اختلاج مقلتيه قد نطق بالكثير دون أن ينبس ببنت شفة، لحظة الصمت تلك كانت أشبه بتوبيخ صاخب لنا جميعًا، لم يلبث الصمت كثيرًا حتى نطق ستريوش أخيرًا
“جميعكم…حتى نول الصغير…لما؟”
أرادت ايلوس أن ترد عليه ولكنه اكمل
“أنتم فقط ترغبون بألقاء اللوم على شخص ما و الشخص الأنسب كي يحمل سخطكم هو الفريه من لا عائلة ولا اصدقاء له في عالمنا”
“هيه مالذي تقوله الآن” قُلت
“ذلك يزيح عنكم نوعًا من العبء التفكير كون هذه غلطة شخص ما اليس كذلك؟”
…
“هل التضحية بشخص ما سهل الى هذه الدرجة؟”
اندفعت ايلوس بسرعة للرد على ستريوش
“ليس من السهل لكن مادام ليــــ-”
“مادام ليس هناك خيار آخر إذًا؟ إذًا إيلوس لو انتقلتي الى عالم اخر دون معرفة اي شيء وحدث لهم مصيبة ما فمن الافضل التخلص منك لحل تلك المشكلة لكون ليس هناك خيار اخر”
أنها المرة الاولى التي يحادث ستريوش ايلوس بتلك الطريقة، لا بل انها المرة الاولى التي أراه غاضبًا بشكل جدي للغاية، حل بالمكان الصمت لبرهةـ اعتقد ان علينا اعطاء فرصة لألفريه…جلس الجميع على شكل دائرة، كانت الاجواء متوترة نوعًا ما قلت
“هل توصلت إلى شيء ما إذًا؟ الفريه؟”
أومئ الفريه بهدوء أعطانا ذلك نوعًا من الأمل، هدوء هذا الرجل فقط يستمر بإبهاري تحدث اخيرًا
“عندما اردت التنقل خلال الأبعاد استخدمت تعويذة ما جعلتني أصل إلى هنا، ربما إذا فككت تلك التعويذة سيعود كل شيء الى ما كان عليه”
لا يبدو ان هناك احد منا قد فهم ما قاله بالكامل، في بعض الأحيان يبدو لي الفريه كما لو أنه يتحدث إلى نفسه لا إلينا، اعني من الواضح أنه يعلم أننا لم نفهم ما قاله ولكنه لا يحاول أن يشرح لنا او مشابه، ربما يقول كلامًا عشوائيًا حتى يدعنا نصمت قليلًا؟ على اي حال أيًا كان ما كان، لا يهم مادام كل شيء سيعود إلى طبيعته
“لكي افك التعويذة علي اطلاقها بالكامل وذلك…”
“وذلك؟” قلت
“وذلك قد يعود سلبًا على القرية…ربما”
يعود سلبًا على القرية؟ بالتأكيد هذا لا يبدو جيدًا…
“قد يكون في ذلك مخاطرة كبيرة لكن ذلك افضل من فعل لا شيء”
قالت ايلوس ذلك كما لو انها مستعدة لتلك المخاطرة بالكامل، يبدو انها تريد فعل اي شيء مهما يكن لكي تعود القرية الى ما كانت عليه، أومأ نول برأسه بتردد متفقًا مع ايلوس بينما بدى ستريوش حائرًا قليلًا ثم قال
“آآآهه لو بقينا دون فعل اي شيء ستموت قريتنا موتًا بطيئًا دعونا نفعل ذلك فحسب”
“إذًا ماذا عنك؟ نيه؟”
…هل علي أن اعطي رأيي هنا؟ لا أشعر بأنني أقوم باتخاذ أي قرار صحيح حتى الآن
“تسك هؤلاء الاطفال، فالتقوموا بفعلها وحسب وتوقفوا عن ازعاجي”
قال ذلك العجوز سينكس وهو ينظر الينا من عتبة الباب ثم دخل وجلس متربعًا وقال
“لا أصدق ان فتاة تصغرني بمئة واثني عشر عامًا تسبب ضجيجًا في منزلي، وحتى عندما خرجت للحصول على بعض الهدوء اعود لأجد عدد الاطفال المزعجين قد زاد”
…لنتجاهله، لا اظن انه يرغب من أي أحد منا بالرد عليه على اي حال، والآن إن عدنا لصلب الموضوع وإن فكرت فيه اكثر قليلًا…انه لا يبدوا بالأمر الجلل حقًا…
“كيف ترغب منا المساعدة؟”