سرتم على خطانا - 1
رواية : سير على الأوزار
الفصل الأول:
هل نعيش في خيال أم نعيش في نسج من أفكار تجلى لتكون حقيقة؟ العيش بسعادة فيها، يضحكون شوقا واضحا من وجوههم، والبعض الآخر متوتر من مكر وخداع المحتالين عليهم ولا يستطيعون التسويف لما يريدون فعلهم بحريتهم، يصرون على حقدهم و غضبهم تجاه شيء بغباء واضح على سيماهم وتتقد غضبهم تجاه إخوتهم بقوة، الحياة تستمر على هذا المنوال والناس مستمرين في الحديث عن حياتهم الفانية، نجد بعضهم متعبون من أعمالهم ويريدون بعض الراحة حتى لو كان وقتا ضئيلا، نجد القلق على وجوه بعض الأشخاص بتخافت شديد وحذر من الآتي القريب، أن العلم يزداد لحظة بلحظة، بسرعة خاطفة ودون سابق إنذار، نجد كل يوم شيئا جديدا ومتطورا أكثر من الأمس، نجد عبارات مثل” زمن الشهور الفائتة قد زال “، كان بينهم واحد ليس طويلا ولا قصيرا و بدى في عشرينيات عمره، كان طول شعره متوسط ومرفوع للأعلى، لديه جبين عريض وعيون بنية فاتحة يبعث الراحة لمن يتحدث معه، اسمه رايان وبطل روايتنا، يبين عليه أنه متعب من عمله في مساء حمر جميلة تكاد تغرب الشمس فيها والجميع يقفلون أماكنهم، يمشي مع التجار بحذر في السوق العام كما المعتاد عليه، ويتحدث معهم عن أعماله ويبادر الذين معه بنفس الشيء، يجري من بينهم بطريقة تجعله المتفوق والمسيطر عليهم بحركاته ومشيته الدالة على الثقة، والنهاية تحية جميلة منه لكي ينهي حديثه الذي يراه مشوقا ويذهب لبيته، تركوا العمل وذهبو لبيوتهم ليرتاحوا من العمل والإرهاق ساطع على وجوههم، وصل ذلك الشخص لمنزله والتعب بادئ على وجهه، سيطر الإرهاق عليه ونام مبكرا في ذات اليوم على فراشه الغير مرتب واوراق المعاملات التي تجدها في كل مكان، مع كتب كثيرة على الطاولة، بدى غرفته مبعثرة للملابس والأثاث، على أنها تعجبه هكذا، نام سريعا بسبب الإرهاق، فيه رأى حلما وهو يتعرق بشدة ويتحرك من جهة لأخرى ماسكا أعصابه:
-المكان مظلم جدا ولا أرى شيئا.
إنّه حالك السّواد ومخيفٌ لدرجة الغليّان مع سماعه لأصواتٍ غريبة، يسمع همسًا من أشخاصٍ غرباء وهم يتحدّثون، أخذه عيناه من اليمين لليسار باستغراب، يتملّكه الفضول في نفسه ويقول في قرارة نفسه “سوف أقترب لربّما أسمعهم وأعرف ماذا يقولون” اقترب بحذر وقلبه يدقّ بقوّةٍ كالطّبل، في حين أنّه اقترب بسرعةٍ غريبةٍ منهم سمع صوتًا يقول:
-لن نسمح لهم أن يستغلّونا أكثر من هذا، سوف نخطّط كما فعلنا في الماضي، وفي عام …”ذكر العام وهو تقريبًا بعد خمس سنواتٍ من الآن” سوف نحتلّ العالم ونسيطر على البشر.
سمعهم والاندهاش جليٌّ على وجهه، فجأةً توقّف كلٌّ من الحاضرين هناك عن التّكلم، وجهوا بأنظارهم نحوه وهو مرتبك ممّا يشاهد، استيقظ مباشرةً من حلمه وهو يرتعش ارتعاشًا لم يشهده من قبل، ذعرًا من مكروه قد يحدث في مستقبله، كأنّ حملًا ثقيلًا وقع على كاحله، الأمر الذي نسيّه وبدا مستمتعًا في حياته، لقد عاد خوفه من جديد:
-يا إلهي ما هذا الارتعاش؟ باستغراب: كان حلما وأنا أرتجف هكذا، هل أنا خائف؟! في هذه المرّة أرتعش بقوّة كبيرة.
حاول أن يهدئ نفسه، تذكّر كلّ شيءٍ فعله سابقا، بحثه عنها حتّى هذه اللحظة، توقّف قليلًا واستقرّ نفسه بهدوء في مكانه دون حراكٍ مستلقيًا على سريره، أغمض عينيه لوهلة، قال في داخل نفسه الآتي:
-أجل لقد حان الوقت أخيرا، إذا كان سوف يتحقّق يجب أن أكون مستعدًّا لذلك تمامًا، سوف أنفِ احتمال أنّه مجرّد حلمٍ عابر، إنّه شيءٍ لمستقبلي، لأنّه مجرّد حلم قد يرشدك لشيءٍ جيدٍ في حياتك، ومجرّد حلمٍ قد يعطيك تلميحًا في المستقبل القريب.
نهض ووضع خطط وأعد نفسه لحدوث مصيبة قد تحدث، كان متيقظا طوال الوقت إذا ما حدث شيء غير اعتيادي ويغير مجرى الحياة معه، أخبر صديقا مقربا إليه بحلمه والذي يملك القليل عن معرفة تفاسير الأحلام ودرس عن الجغرافيا والتاريخ وعلى علم بهم جيدا واسمه “ريغير” أحد أفضل الشخصيات وذو معرفة ومجتهد ودائما يكون الأول في أعماله، عدا ريغير لم يتحدث عنه مع أحد آخر، وكتمه بداخله كثقل زائد قد وضعه على ظهره، وريغير دائما ما يرد عليه بإلحاح على جديته والاضطراب تظهر بشكل دائم على ملامحه:
-أنت تتوتر كثيرا من هذه الفكرة، أرى أن تبعدها عن نفسك قليلا ،كأنها استولت عليك بالكامل، إنها في الأخير مجرد حلم وقد لا يحدث شيء.
رد رايان عليه وهو مقلق من الحلم وجلي عليه الخوف:
-نعم لكن تذكر القصص القديمة، العبرة منه أنه كثير منهم كانوا يؤمنون بالأحلام وأنها تؤشر إلى المستقبل، أنها تدل على شيء مهم قد تحدث له في المستقبل، لست الوحيد الذي يعتقد ذلك، أنت تعرف قصدي بما أنك درست منه قليلا.
بينما نظر إليه بتعجب أخفض رأسه موجها إلى الأسفل قليلا وقال بنبرة هادئة:
-نعم إن كلامك صحيح.
افترقوا بعد وصولهم لمنازلهم الواحد أمام الآخر وسلموا بتحية الوداع، بدأ رايان بعدها يبحث عن رفيق له اسمه “محمد” بحث عنه بكد كبير ولم يجده، توقف بعد أن عرف أنه قد سافر للخارج بسبب اعماله للاحتراف فيهم، عرف أنه يعمل في تجارته كالعادة ويكبر من أعماله، بدأ عمله كمصارع في القتال الحر داخل الحلبة كموهبة فذة منه، أحد مواهبه أنه لم يخسر قط في لعبة قد خاضها بنفسه، هذا الشيء الذي أعجبه فيه حين تعرف عليه، كانوا قريبين من بعضهم لسنة واحدة، افترقوا لعدة أسباب تخصهم وقد تخاصموا وتجادلوا فيما بينهم في الماضي، غضبو من بعضهم ولكنه كان متأكد تمام التأكيد أنه حين يخبره أنه سيرجع، سوف يقتنع بكلامه ويسامحه، هذا إن حاول مرات عدة معه، رايان بدأ حياته عاديا وشاهد التطور المستمر للبشرية، منذ أن كان صغيرا تعرف على أخطاء الناس وفهمهم الخاطئ الذي سبب المشكلات لتاريخ البشرية، الأشياء الخاطئة التي قد أصبح عادة سيئة بين الناس وأصلها أكان جيدا أم سيئا، قوي في وقت الحاجة ولا يسمح بأحد أن يهين عمله أو يهين طاقمه الذي يعمل معهم، كأنه صخرة لا يتزعزع في المهابة، يحاول استيعاب الكثير من الأشياء وتعلم الكثير من الذي قد يحتاجه، “المعرفة قوة” هذا ما آمن به وهو الحقيقة لا جدال فيه.
بعد أكثر من سنتين من ذلك الوقت لم يستطع أن يجد صديقه ولم يخبره بشيء عن حالته المضطربة وتوقعاته، بعدها حدثت المفاجئة الذي كان يخشاه وهو المقصود من تحفظه الشديد ذاك، فقد “الآليون” سيطرتهم في مكان نشأتهم الأولي المعروف بكوكب آخر، المكان الذي بدأ بصنع الروبوتات ذو العقول الاصطناعية أول مرة والمسمى دولة “ناباي”، صدأ هذا الخبر العالم بأسره وإرهابهم داخلا وخارجا، إنهم لا يستطيعون السيطرة عليهم مع كل التطور التي لديهم.
هل حقا لا يملكون قدرات في زيادة شيء في برمجته كما يقال؟ هل برمجته يبقى ثابتا دون تغيير عند صناعتهم؟ هل لديهم وعي خاص بهم؟
لا أحد يعلم، أغلب الناس مشوشو التفكير وفي حالة اضطراب وارتعاب شديدين، حين عرف ريغير بالأمر ذهب مسرعا إلى رايان في بيته وبينما هو جالس على طاولته ويقرأ بهدوء والكتاب في يده وهو ينفث الأوراق ويتمعن في المعاني، سمع رنة الجرس المزعجة وحين فتحه وجد أنه يتلهف من الركض والعرق على جبينه، وقال له متلهفا:
-حدث ما كان الناس يخافونه كثيرا وهو أن نُحتلَّ من قبل الآليين، أخبرني هل تظن أن لهذا علاقة بما تراه في أحلامك يا رايان! إنه ما كنت تقصده أليس كذلك؟ هذا ما شعرتُ به حين أتتني.
قال هذا وكأنه مشكوك لم يسبق أن سمعه يقول كلاما كهذا، كأنه يتمنى أن يكون تفكيره خاطئا ولكن الحقائق مؤلمة، مهما أردنا منعه يرد علينا بنفس الأفكار، رد رايان عليه بوجه حزين وبابتسامة خفيفة:
-نعم أنا أعتقد هذا أيضا، لأن هذا ليست المرة الأولى معي بل كل شيء كان جيدا أم سيئا كنت أراه في الحلم قبلا، في المستقبل يحدث المفاجأة دائما، وتوصلت لنتيجة أن الأحلام الواضحة رؤيا له صلة في مستقبلنا القريب، وذلك عن تجربة شخصية.
وبينما يسمع قوله بتمعن شديد، التضايق بين على وجهه ومستغرب، يعرف أنه ليس الوحيد الذي يرى الأحلام هكذا لأن هذه ظاهرة منتشرة بين بني جنسه وانحل شكه بسرعة، لهذا قال له:
-صحيح ،انا اؤمن بك وأصدقك فعلا في كلامك.
رايان واثق من قوله بثقة كبيرة وقلق على وجهه قال بصوت يدل على فهمه:
-إذا لقد حان الوقت أخيرا لقد بحثت عن هذا جيدا، وصلت لنتيجة أن اغلب تلك الأقوال والتحذيرات تم تكذيبها أو لم يهتموا بها، وها نحن نشهده ونراه بأنفسنا، لو استعدوا لشيء كهذا فهذا جيد وسوف ينفعهم.
-نعم معك حق سمعت بهم أيضا، لم أصدقهم لأنني ظننتها خرافة كما قلت.
فكر رايان لوهلة وخرج من منزله وقال:
-حسنا، تعال معي سوف نذهب لمنطقة ما ونكمل حديثنا في الطريق.
قال ريغير باستغراب:
-إلى أين سنذهب؟
رد رايان عليه وهو متسرع في المشي ويتلهف باضطراب شديد:
-إلى مكاني الخاص، والذي صنعته بنفسي.
-مكانك الخاص! لديك مكان كهذا؟
-بالطبع لدي، الآن سوف أحدثك عن الأشياء التي فهمتها من بحثي عنها، التي تعد خرافية لك في الطريق لأنها بعيدة.
تحدث معه وهم يذهبون لذلك المكان وهو تواق لإخباره عما يريد ،حين وصلوا إليه كان منزلا غريبا من الخارج ليست كأي منزل، في غابة لن يجدها الناس بسهولة مكثفا بالأشجار والعشب الطويل، حين دخلوا إليها وجدها مكانا غريبا، قريبة من أشجار لا يدركها أحد بسهولة وفتح مكانا يبدو سريا ومستحيل على أي كان أن يعرف كيفية فتحها، من صعوبتها لن يدخل أحد إليها ويخرج بأمان، حين دخل إلى ذلك المكان تعجب ريغير من محتواها والتي شملت فيه الأدوية ، والأعشاب ،الأدوات، وجد نفسه مندهشا ولا يتحرك لمدة، نظر متعجبا من محتواه الذي صدمه وكأن عيناه تكذبان:
– هذا مختبرك ؟
رد عليه بابتسامة خفيفة:
-نعم إنه كذلك، انتظر هنا حتى أرى ماذا سنحتاج، لكن أولا يجب أن أحصل على موافقتك، بعدها سوف نذهب كما خططت من البداية ونبدأ رحلتنا.
بحيرة بادية على وجهه قال:
-رحلتنا ولكن إلى أين؟ ماذا عن عائلاتنا؟ هل سنتركهم ببساطة؟ لم نحن هنا أساسا؟ ولم أقول هذا لك؟
-نعم لدي خطة واحتمالية وجوده وعمله ضئيلة جدا، مع هذا سوف أحاول حتى لو لم تقبل أن تأتي معي، مع أنها فكرة غبية من الأساس.
وجه رأسه للأسفل وقال بصوت هادئ “لو لم يحدث هذا لم أكن لأكشف عن مختبري”
قال ريغير ،القلق باد على وجهه وخائف من الاهتياج الذي يصاحبه تدمير الآليين إن حدث وهاجموا عليهم بنفس الطريقة كما حدث مع الدولة الناشئة لهم، الفزع جلي عليه ونفس الكلمات تقدر أن تصفه مع رايان:
-حسنا قل ما لديك لا يهم ما سوف تقوله.
رايان متلهف ومبهج لحد ما لأنه سيكتشف ما كتمه لسنوات وقد يوفقه صديقه القديم في كلامه، جلس على مقعد قريب من أدوات مختبره التي بدأ مبعثرا فيها من آلات وأدوية وأواني بداخلها أعشاب وتحدث الآتي:
-خطتي هي كما سوف أخبرك الآن، إذا حدث أسوء شيء من الاحتمالات سوف أستعمله، وإذا لم يحدث سوف أخبرك عن الأخرى لاحقا، سوف نهرب أولا ونحاول تجنب كل مشكلة تواجهنا بطريقة ما، سوف نحاول بجهد كبير أن نبني قوة كبيرة ولا يهم كم سيكون، بعدها سوف نبحث عن مدربين لتدريبنا ونبحث عن الأشياء القديمة وكان محط اهتمامي، بينما نفعل ذلك سوف نبحث عن أشخاص ذوي قوة جبارة ونضمهم إلينا إن أمكن، لكن حاليا ما سوف نفعله هو أن نأخذ أدوات من هنا ونبحث عن صديقي محمد لكي نضمه إلينا.
قال بدهشة-محمد! من هو محمد هذا؟
-إنه الأخر أريد منه أن يرافقنا ويكون معنا، (تحرك موجها إلى أدواته) الأن سوف نذهب إلى مكان عمله المعتاد.
مباشرة بدأ البحث عن أسلحته التي يخفيه بين آلات غريبة لا تعمل بالأحرى أماكن غريبة وهو الوحيد الذي يعرف أماكنه، أخرج صاعق، خنجر، سلاح ناري بين كومة من الأشياء المملوءة فيها، لكي يدافع هو وريغير عن أنفسهم وقت الحاجة، قال بثقة زائدة منه ووجه تجده حزينا:
-هيا لنذهب يا ريغير.
تركوا المكان بسرعة إلى أهلهم وأخبروهم أنهم يريدون الخروج لخارج البلاد وربما لن يعودوا ،أصر رايان على أخذهم لمكانه الخاص لأن في أسفلها” الماء ،الطاقة ،الضوء ،مستلزمات عدة قد يحتاجهم” ويمكنهم الزراعة فيه وأن يعيشوا فيه بأريحية إذا حدث طارئ غير متوقع، أخبرهم أين يوجد وكيف يدخلونها لكن حتى مع إخبارهم يكاد صعبا لهم، هذا مع وعد وجوب أن لا يعرف أحد آخر شيئا عنه، فيه ملاحظات لكيفية عمل الأدوات الموجودة، كيفية صنعه، استعماله، والفائدة التي ترجى منه لأقصى حد، هكذا عرفوا كيفية استعدادهم جيدا، بعد أن أخبرهم قال رايان لريغير وهو قريب من أُذنه، همس بصوت خافت:
-دعونا نذهب للبحث عنه، أقصد محمد، لقد سمعت بأنه عاد بعد طول غياب.
وافقه بإيماءة منه وذهبوا إلى السوق العام بحيث يوجد عمله، السوق مزدحم من كثرة الناس يتسوقون ويسوقون، تجد الدكاكين ممتلئة من الناس حاشدا بين أنفسهم وبالكاد لا تضيع من كثرتهم، فجأة يجد رايان صديقه محمد هناك فور دخوله، استدار محمد فور رؤيته عنه، اندهش وانفتح عيناه حين وجده، اضطرب لبضعة ثواني وبدأ القلق والشكوك تساوره كالعادة، قال رايان بتلهف واشتياق اليه:
-أنت لم تتغير قط يا محمد، ما زلت تتذكرني ولم تنساني.
قال محمد و عيناه تحنان إليه وقليل من الغضب مصاحبا مع ندم:
-هل أردت شيء مني؟
يتوتر رايان فور سماعه هذه الجملة منه لكنه يبادره الكلام لكي لا يدرك مشاعره تجاهه ردا عليه:
-نعم ،لكن هل سمعت بالأخبار التي حدثت.
قال محمد متحيرا:
-نعم لقد سمعته، الآليين قد احتلوا المكان الذي أنشأوا فيها.
-أجل أعرف هذا، أخيرا حدث ما كنت أخشاه ولهذا السبب بحثت عنك لسنين، وكنت بانتظارك.
قاطع رايان قائلا:
-تبحث عني! لم قد تبحث؟ هل من سبب مقنع؟
أصبح التوتر حينها غاشم وابتلع رايان، هو القائم لحد اللحظة، لم يتكلم بعد ذلك لمدة لكنه استقر نفسه وقال:
-لا يوجد سبب مقنع لتلك الدرجة، لكن أردت أن أخبرك بشيء وأخذ رأيك فيها، لأنني كنت أعرف من قبل بأن الآليين سوف يفعلون هذا وأنه مشكلة قد يصيب العالم قريبا، لهذا السبب أنا معك ولدي خطة أريد أن أفعلها.
توتر محمد بصورة غريبة واضطرب، حيث تعرف من وجهه أنه لم يفهم منه وقال له:
-خطة ؟عندك خطة ؟لم أفهم قولك هل يمكنك حبذا لو تشرح اكثر حتى أفهم.
يبدأ رايان بجمع ثقته المعتادة لوهلة وقال بابتسامة:
-حسنا، أنا لا أحب المقدمات كثيرا لذا سوف أختصر، أولا اعلم أن الآليين لن يتوقفوا هنا وسوف يصلون إلينا عاجلا أم آجلا، كنت أستعد لهذا اليوم المشؤم، سوف نذهب للتدريب ونحاول كسب قوة من ناحية الجسد وناحية الناس وضمهم إلينا وأريدك أن تأتي معنا.
لفت رايان بوجهه نحو ريغير وقال:
-أريدك أن تأتي معي أنت وصديقي ريغير، إنه شاب ذو معرفة ومطلع واسع، يعرف عن التاريخ وقدمه وعلم الجغرافيا وذو خبرة بهم.
تنهد محمد بقلق بادئ على وجهه وسخرية وغرور يدل على وقعه مع رايان، قال له:
-ولم قد آتي معكم، لدي أعمال كثيرة، فزت ببطولة العالم في القتال الحر، كما أن لدي عملي كتاجر وليس لدي وقت لهذا.
يغلق رايان عينيه كنوع من الإشفاق على وضع الناس الحالية وفتحهما ببطء هادئ وقال بنبرة هادئة:
-حسنا اسمع هذا، نحن لا نعرف إن كان الآليون سوف يفعلون نفس ما سمعنا عنه هنا، لكن لا بأس لن أجبرك إن لم ترد ذلك، ربما تصبح عما قريب في حديقة الإنسان خاصتهم.
عندما سمعه يقول هذا تفاجأ مما قال وشعر بارتباك وخوف هز بدنه كاملا:
-لم تقول هذا؟
-لن أجبرك إن كنت راضيا بهذا أن يحدث، اسمعني لطالما أحببت شهامتك، لم أتوقع أن تقول هذا لي، أما أنا فلن أقبل بهذا، سوف أقف كشائكة بينهم مهما تطلب مني.
انحل شكه وبدأ يثق بكلماته كما كان يفعل من قبل، لأنه تذكر ماضيه معه على الرغم من أنه كان مدة قصيرة، لهذا وافق في النهاية على أن يرافقه مع الأسئلة والتساؤلات الكثيرة الذي تصاحب تفكيره، رايان يثق بقدرات محمد الفذة وفهمه القوي للوضع ويحب قدراته الاجتماعية، إنه ودون شك أحد أبرز وأهم الأشخاص لديه، قال له دون تردد يذكر:
-انت قوي وسوف تسهل علينا رحلتنا.
بعد قوله هذا سمعوا دويا قويا مع انفجار كبير، بعض الناس يستنجدون، يهربون وهم مذعورين وخائفين لكي ينجوا بحياتهم، يحضرون أشيائهم التي يحتاجونه للهجرة السريعة، بعضهم يستنجدون بأقوال مثل (النجدة ،فلينجدني أحد، إنهم الآليين، يحاولون قتلنا، النجدة) وهو ممدود على الأرض لا يقوى على الحراك من صدمته، تشابكا وارتباكا قد شهده أهلٌ قد كان في السلم لمدة طويلة.
الآليين ظهروا واحدا تلو الاخرى من كل مكان وبالنظر إليهم لن تشك أبدا من عدوانيتهم الذي كانوا يخفونها منذ ولادة العقول الاصطناعية، كما أن شكلهم لا يدل على الخير أبدا، يقول أحدهم، آلي ذو عقل اصطناعي متطور:
-سوف أدمر كل البشر، يجب أن نكون سواسية، يجب أن نعامَلَ مثلهم، سوف أدمر كل البشر.