سر عائلة إيلارد - ch-1
براق وجميل… ذهبي اللون مع لمسات من فضة بوابات ضخمة وعرض من الجمال كأنه استعراض مذهل… وهو بالنسبة للكثير أحد أهم الأماكن لتبرز فيه وتترك انطباعا… هذا بالنسبة لهم لكن….
صمتت ذات العينان الزرقاوان باسمة بسخرية فحتى مكان كهذا لم تتركه “لكن” وشأنه
فكرت مع نفسها بينما تخطوا في احد ممراته داخلة من باب فضي اللون وبه نقوش ذهبية جميلة لتستكمل
ياله من جمال ساحر حقا ولكن كما كنت اقول رغم جماله لكنه ليس إلا ساحة حرب في باطن الأمر ساحة قد تزينت لتغوي فرائسها
“آنستي”
صوت رجولي نده الانسة واخرجها من افكارها لترفع بأنظارها إليه فإذا به خادم بشعر أسود وعيون خضراء يعرض عليها كأساً من العصير
“أشكرك”
أخذت العصير من يده واتجهت نحو طاولة تموضعت بعيداً عن المنتصف وحيث بقية الطاولات متراصفة كي تتيح بذلك بقعة واسعة للرقص
“ليديا لقد جئتي”
نطقت فتاة بشعر أحمر لامع قليلاً وعينان كلون غروب الشمس مع قناع فضي بفستان ازرق داكن طويل الأكمام مرصع بمجوهرات بيضاء متفرقة بشكل متناسق
لم تلق ذات الشعر الاحمر ردا من شقيقتها ليديا التي كانت تنظر بعيدا وتعطيها ظهرها
“بماذا انت شاردة يا اختي ؟!”
وللمرة الثانية لم تلقى رداً لتتضايق قليلاً عازمة على أن تلفت انتباه شقيقتها وقد وجدت فكرة من المرجح أن تساعدها
“ماذا هل وجدتي رجلاً وسيما يا أختي ؟!
أراك شاردة هيا أخبريني من يكون لاتخجلي”
بخبث نطقت لتنجح واخيرا في جعل شقيقتها تلتفت اليها
نظرت الاكبر بحاجب مرفوع لمن ابتهج وجهها
“نجحت!!”
“بماذا نجحتي؟!”
“بمناداتك فقد كان عقلك في مكان آخـ….”
توقفت جوري عن الكلام ثم تبسمت ابتسامة واسعة جعلت ليديا تستغرب اكثر
“اخبريني من هو!!…من هو الرجل الوسيم الذي نال انتباه اختي؟!”
نطقت ماسكة بكفيها كف ليديا اليسار بينما رافقت البسمة شفتيها
بناعستيها نظرت لسقيقتها الصغيرة ثم ردت عليها
بكلمة واحدة
“خطيبك”
“اها…خطيـ…”
صمتت جوري للحظة وقد بانت الصدمة في عينيها ولتصنمها استغلت ليديا الفرصة وافلتت من يديها لتمضي في طريقها
“ماذا تقصدين!! خطيبي!! اكنتِ تقصدين انك تنظرين لخطيبي!!!… كيف يمكنك ذلـ…”
لاحقة بها نطقت جوري بكل ذلك دفعة واحدة لصدمتها من ما تسمع
“خطيبك يرقص مع إمرأة ما”
بنظرة من طرف عينها قالت ليديا ذلك جاعلة جوري تتوقف بمكانها بصدمة أقوى من سابقتها
لدرجة انها وقفت بصمت هناك جاعلة ليديا التي كانت قد سارت خطوات قليلة تتفاجئ من الهدوء
الذي حل فجأة
“جوري؟!”
التفتت بالكامل لشقيقتها لتجدها قد تحولت لتمثال حتى فمها كان مفتوحاً قليلا
“جوري هل أنتِ بخير؟!…”
نطقت ليديا واضعة يدها على كتف اختها والتي سرعان ما أبعدته واتجهت تبحث عن خطيبها تاركة ليديا وحدها
“هل هذا جيد؟!…”
“ليديا إيلارد”
خرج ذلك الصوت من خلفها وكان مألوفاً جدا كيف لا وهو صوت والدتها العزيزة التي لاتنفك تتذمر منها
“نعم أمي ماذا هناك”
“ماذا هناك!! اتسألين وقد تأخرتي عن الحفلة!! اكنتِ تنوين تفويت الرقصة أم ماذا؟!”
“نعم”
ردت على والدتها بكل هدوء جاعلة نار الغضب تستعر في عينيها
“افضل وقت في الحفلة هو الرقصة وانت تريدين تجاهله؟!”
“امي الحبيبة الا يكفيك أنكِ استخدمتي معزتكِ عندي لارغامي على المجيء؟!”
نطقت ليديا بكلماتها التي لم تكن أبداً مهذبة في نظر فانيسا بل كانت قمة في الوقاحة
“كيف!!….كيف يمكنك قول هذا!!”
“وماذا قلت؟! من يسمع أمي سيقول أني شتمت أحدهم أعني ماذا تتوقع الدوقة من شخص غصب على التواجد في الحفلة؟!”
أستحضرت وهي مكتفة اليدين ،شاهدت والدتها تغمض عينيها وتزفر وتشهق بهدوء
“ليديا ايلارد عندما يصبح لديك اطفال ستفهمين ما اشعر به كأم هذا اذا تزوجـ….”
قاطع كلام فانيسا ظهور الاب الذي تلفي عليه ملامح العقد الأربعيني رغم كبر سنه إلا أنه لايزال يبدو يافعاً وكذا الحال لزوجته .. كان الأب أسود الشعر أزرق العينين الداكنتين أبيض البشرة يرتدي بذلة سوداء فارغةً من النقوش يزينها القماش المتحد اللون الباهض فقط
“ما الأمر؟!”
سأل الأب ينظر لزوجته الغاضبة وابنته التي لاتظهر اي تعابير
“أِبنتكَ ترفع ضغطي كالمعتاد هذا هو الأمر”
كتفت يديها ثم سارت مبتعدة عنهم تاركة الأب ينظر لأِبنته بدون أن ينطق بشيء
“ألن تذهب؟! ستبدأ الرقصة”
“هل تخطط أِبنتي للرقص اليوم؟!”
تساءل الأب غير مجيب سؤالها وهو يأمل أن ترقص مع أحد اليوم
“ربما وربما لا من يدري”
باسماً وضع يده على كتف ابنته واخبرها أن تستمتع بوقتها وأن لاتنزعج فكل ماتريده والدتها هو مصلحتها ثم عبر عن معرفته ادراكها لذلك وفي خضم حديثه قاطعته بكلماتها
“ستبدأ الرقصة يا ابي”
“هل تطردين والدك بطريقة غير مباشرة؟!”
أبعد يده عنها ناطقا بتلك الكلمات بينما يبتسم بسمة تنم عن انزعاجه قليلا
” ان لم تذهب فسيرقص احد مع ام….”
لم تحتج اكمال كلامها حتى فوالدها كان قد هرول مبتعدا سلفا
“حفلة تنكرية ما فائدة هذا إذا كان الناس سينحنون لنا عندما ندخل!! ألا يكشف هذا عن هوياتنا؟!”
تمتم ذلك الامير ممتعضاً فهذا في رأيه هراء وكان سيستمر بتمتمته لولا أن صوت رجل قاطع افكاره وهو يقدم ابنته له
“سموك هذه ابنتي إيزابيل”
“اقدم تحياتي لسمو الامير الثاني”
“اه…اجل…اهلا بك آنستي”
بإرتباك اخرج كلماته فقد فاجأه ذلك الرجل الذي بدا سعيداً و كأنه ضمن حب الأمير لأبنته جاعلاً الأمير يتضايق
“ماخطب هذا العجوز بحق؟! أيظن أني وقعت لابنته؟ثم لأجل ماذا؟”
نظر الأمير لتلك التي وقفت هناك تبتسم بخجل فالأمير لم يطلب يدها للرقص حتى
كانت الشابة ذات شعر بني فاتح وعينين بلون أسود وارتدت ثوبا أخضر طويل مع أكمام قصيرة.
“سـ…سموك؟!”
تكلمت والخجل لازال واضحا على وجهها املا منها ان يكسر هذا الجو المحرج ويطلب يدها للرقص
“سررت بلقائك آنستي آمل أن تستمتعي بالحفلة”
برده هذا ازعج الأمير الفتاة لكنها لم تظهر تعبيرا يدل على ذلك فرغم لطف مانطق به فكلماته لاتعني سوى ان تمضي بطريقها
“شكراً لك سموك”
انحنت له ثم رحلت مبتعدة تاركة والدها في صدمة ومن خطواتها عرف الأمير أنها انزعجت فقد مشت بشيء من السرعة
“إيزابيل!!”
“هذا صحيح أيها العجوز اذهب وطارد ابنتك! كيف تجرؤ على محاولة ارغامي على مراقصتها؟”
عاد الأمير يحدث نفسه لكنه هذه المرة لم يغب عن الواقع فملاحظته رجلا آخر قادما تجاهه رفقة امرأة بدت كإبنته منعته ذلك ليتنهد بتعبٍ يتصنع ابتسامةً لطيفةً مستعداً للقادم.
تكرر الأمر عليه كثيراً حتى بالكاد تمكن من الهروب.
“أخيرا بعض الراحة…”
وقف الأمير ينظر من تلك النافذة فقد هرب للشرفة لينجو بنفسه من حديث آخر محرج
“لا أعرف ماذا كنت سأفعل بدون الشرفة”
بصوت مسموع تحدث معربا عن كونها ملاذه في كل الحفلات فأتاه صوت أنثوي من خلفه
“يمكنك التظاهر بالتعب عندها”
“أجل حتى يظنوا أني سممت وتعم الفوضى”
“وجهة نظر”
بعد لحظات من الصمت أدرك الأمير أن هناك من يشاركه الشرفة أو بالأحرى يقف خلفه ليلتفت وعلى وجهه علامات التفاجئ فرغم سماعه لها من البداية إلا أنه بطريقة ما لم يستوعب الأمر
ثوب خزامي اللون طويل بأكمام طويلة وعليه زهور صفراء فاتحة اللون امتد تواجدها من اسفل الخصر حتى نهاية الفستان وقد توزعت بلا احتشاد وكانت بكمية قليلة وعلى وجهها قناع بلون ابيض كان في طرفه من الأعلى ريشة بلون خزامي
“ليديا؟!!”
تحركت بغية الانحناء له إلا أنه منعها نظرا لعلاقة اسرهم القوية
“دعكِ من هذا هل لي ان اعرف سبب وجودكِ هنا؟!”
لم يعرف لما سأل بهذه الطريقة الباردة هل فكر انها لاحقته أو ماذا
“أنا… لنقل أنني شريكتك في الهروب عوضاً عن الرقص”
تبسم الأمير ثم تقدم متخطياً اياها فماذا كان يتوقع؟؛ انها ليديا بعد كل شيء
“ولما لاتكونين كذلك؟!”
“عذراً ؟!”
التفتَ لها ومد يده بغية الرقص معها لتتفاجئ
“أعذرني سموك أخشى إني سأرفض”
“ولم؟!”
تساءل ينظر لها مبعداً يده ويبدو انه كان ينتظر ردها هذا ومع ذلك تسلل شيء من الانزعاج إلى قلبه
“أنا لست في مزاج للرقص سموك”
“أيعني هذا أنك ستقبلين المرة القادمة”
ببسمة اردف لتفهم انه يتوقع نفس الجواب في كل مرة
“اعتذر اذا بدا الامر كما لو اني اكره الأمير ومع هذا فلست معجبة بالأمير ايضا و….”
مقاطعا كلماتها سألها عن ما اذا كانت تملك مثل تلك الافكار الخيالية وبقوله قصد الاحتفاظ بالرقصة للشخص المنشود بشيء من الضيق
“وماذا لو كنت كذلك؟!”
ازعجت ليديا نبرته في قوله فقد شعرت به يهزئ بها الأمر الذي دفعها للرد بنبرة متحدية ليدرك الأخر الخطأ في طريقة كلامه حين أتبع متوترا
“اميرة ايلارد لم اقصد الاستنقاص من هذه الافكار ولكن تعلمين انها صعبة لذا….”
“لذا ماذا؟! ايقصد سموك انه ان كان فعل الشر يسود فإن فعل الخير لشيء غريب لصعوبته لذا لما سيكلف شخص نفسه مثل هذا العناء؟!”
لم تخفي ليديا انزعاجها من كلماته فقد احترمته كشخص بمقام اخوتها لكن ما اعجب اسلوبه الأن
فتح الامير فمه بغية التبرير لكنها تجاهلته وهمت تغادر وط
“ليديا انتظري!!”
دون ان يشعر أمسك بيدها وسحبها نحوه لتلتقي عيناها البحريتين بعينيه الفيروزيتين لحظة ذلك قبل أن تنقطع بفعل من نادى بغتة
“رونان!!”
صوت انثوي اتى من خلفهما جاعلهما يتجمدان فإذا بها الملكة تبحث عن أبنها رغبة منها بإرجاعه للحفلة
“رو…”
اطبقت الملكة فاهها لما رأت المنظر
ابنها يمسك بيد فتاة ويبدو ان الفتاة على وشك الرحيل ولكن من هي وماذا يجري؟!
لم تعرف الملكة هوية الفتاة فقد كان ظهرها مقابلا لها ولم تعرف ماذا يجري ولكن هذا اخر همها فإبنها اخيرا يحضى بحديث مع انسة!!
كانت الملكة سعيدة لدرجة انها تبسمت ورحلت مع اعتذار عن مقاطعتها لهم أما عن الإثنان فبعد
دخول الأم المفاجئ ترك رونان ليديا وابتعد عنها متجها للنافذة مجدداً و أول مافعله عندما وصلها هو التنهد أما ليديا فكانت تنظر ليدها بشيء من الانزعاج
“أنا اسف…”
“لابأس”
لم يكن لابأس حقا فقد كانت تشعر بالانزعاج لكن ماذا عساها تقول هو امير بعد كل شيء
“سموك ان لم يكن لك معي حديث فإني استأذنـ..”
“ا..انتظري!…”
قاطع رغبتها بالمغادرة و اتجه ناحيتها ناطقاً بشيءٍ من الندم
“أنا آسف لم أقصد الامر بتلك الطريقة آمل أن تسامحيني”
“لامشكلة… فجميعنا نقول أشياء بلا تفكير احياناً”
“صحيح لكن أنا أمير ويجب ان أكون أكثر انتقاءا لكلامي”
“اذا كان سموه يقر بالخطأ فأنا مرتاحة”
نطقت ليديا ثم ألقت تحيتها لتهم بالرحيل مشعرته في ردودها بعدم رضاها الامر الذي ترك في داخله شيء من السوء
بعد سلسلةٍ من الوداعات بين مملكة السماء و حاكمي الليل والنهار القمر والشمس قد مر أسبوعٌ من تلك الليلة
“يالسماء الليل الجميلة… مؤنستي في هذه الليالي الراقصة…”
تمتمت ذات الشعر النيلي تنظر من الشرفة كعادتها فقد باتت عادة لديها أن تهرب من الحفلات فتارة تبقى جالسة بعيداً عن الأنظار أو تتجول في الحدائق أو أن تفعل ماتفعله الآن الوقوف والنظر من الشرفة لسماء الليل الجميلة
“لقد مر أسبوع واحد ثم اعلنوا عن حفلة جديدة يفعلون هذا ثم ينزعجون عندما يقول قائل أن لاعمل لهم سوى الحفلات الباذخة”
بعد انتهائها من تذمرها الداخلي ازاحت يدها اليمين عن حافة النافذة رغبة منها بمغادرة هذا المكان ولكن وقبل ان تسحب يدها الاخرى لفت نظرها شيء غريب
“عظيم… كيف سأخرج من هنا الآن؟!”
وقفت على السلالم البنية تنظر من الأعلى للذين كانوا يسمرون بسعادة في الاسفل فمنهم من يرقص ومنهم من يأكل ومنهم من يغتاب شخصا
“لماذا كنت عائدة الى هنا؟!”
تساءلت في نفسها فلايوجد منظر واحد مسر هنا غير والدها وهو يراقص والدتها الباسمة بسعادة
“مهلا ليديا ركزي يجب أن أخرج من هنا دون أن تراني امي وبدون لفت انتباه الاخرين …”
فكرت ليديا بذلك ونظرت حولها تبحث عن وسيلة فإذا بها تجد ضالتها ذاك الأمير المحاصر من النساء بسَّاماً بتوتر وفي نيته الهروب تماما كما تنوي
“رغم أن هذا سيلفت كل الأنظار لكن لاخيار اخر”
تقدمت نحوه جاعلة الجميع ينظرون لها بترقب وجاعلة الفتيات حوله يفسحون لها لتقف أمامه أخيراً وتحييه بانحناءة تطلبه الشراكة في الرقص
“أليست هذه ليديا؟!”
“بلى أنها هي”
“ولكن ماذا تفعل!!”
“تعرض علينا الرقص”
“اعلم لكن لم؟!”
“ربما تحاول إنقاذنا لتجعلنا مدينين لها”
“فكر ماذا يجب أن نفعل فكر”
“أنا أحاول… ماذا عن مجاراتها!!”
“وما السبب!!”
“لأن إخوتها سيقتلونك إذا رفضت”
“أتعرف… لقد اقتنعت”
مثل هذا الحوار دار بين الامير وعقله قبل أن ينحني موافقا لطلبها
أخذ بيدها ليتجها لساحة الرقص وسط الانظار المذهولة للحاضرين
دخلا منطقة الرقص من تلك القاعة ليفترقا وهما يقابلان بعضهما يؤديان تحية ماقبل الرقص
بدأت الرقصة وكان الأثنان متناغمين حتى على الرغم من عدم تواجد ذهنها معه إلا أنها لم تعرقله بخطأٍ أو بعثرة
“اراكِ مشغولة الذهن فهل هناك مايستدعي الانشغال به أكثر من رقصتنا؟!”
أردف رغبة منه بجذب عينيها إليه
“لاتقلق سموك لن أقوم بإحراجك”
اردفت بهدوء ناظرة في عينيه جاعلةً إياه يرتبك قليلاً ولكن رغم ارتباكه لم يسمح لنفسه بإرتكاب الأخطاء فراقصها ولفها بكل انسيابية جاعلا ثوبها ذا اللون السماوي الفاتح يدور ومن جانبها تماشت معه جيداً حريصة على عدم إعطاءه وقتاً عصيباً جاعلة بأداءها الممتاز رقصتهم اكثر جمالاً
فحتى في الرسم ان لم يكن الفنان موهوبا فلن تسعفه اجود الالوان والفرش وفي هذه الرقصة كانت ليديا هي الفرشاة اما هو فكان ذلك الفنان البارع بمعرفته اي حركة يصنعها ليرسم لوحة جميلة حتى ولو بلا الوان.
“اهناك مايشغل بالك …يشغله لدرجة أنكِ وَكلتني قيادة الرقصة؟!”
تبسمت ليديا واستحضرت تسأل عما إذا كان متضايقا لهذا
“رغم ادائي المقبول يبدو أن سموه غير راضٍ”
“كيف ارضى وشريكتي غير مهتمة بي وأنا الأمير؟!”
قال ذلك ثم سأل عن سبب شرودها وعلى الرغم من مباشرة سؤاله إلا أنها استغرقت بعض الوقت قبل أن تجيب
“لقد أخبرتك سابقاً أنني شريكتك بالهروب لهذا أنت شريكي بالهروب اليوم سموك.”
قالت وابتسمت بهوادةٍ أثناء ذلك ليبتلع الأمير تعابير الصدمة بداخل عقله وهو يفكر
“هذا يعني…رقصت معي فقط لأخرجها من القصر….”
حدث نفسه وتعابير الأحباط بادية عليه
بعيدا عن الضوضاء خارج القصر
تمشى الإثنان بجوار بعضهما داخلين حديقة من حدائق القصر
“هل انت بخير سموك ؟ لاتبدو مبتهجا”
تساءلت ليقابلها بنظرات مرهقة مطلقاً تنهيدة و مكملا سيره بلا جواب
بينما يسيران في هذه الحديقة ذات الاضواء الخافته طرق ذهن رونان سؤال جعله يتوقف
“لماذا نحن في هذا المكان في الليل؟!…هل يفترض أن هذه نزهة؟!”
نظر رونان حوله ليشعر بجو كئيب فلاشيء أمامه سوى أشجار وأعشاب وازهار نائمة وظلام الليل رفقة الإضاءة الخافتة كل هذا اشعره بالإختناق ولم يكن اي اختناق بل شعر برغبة في العودة للداخل بسرعة أو إيجاد حديقة أفضل من هذه انارة
وسط تساؤلاته هبت رياح طفيفة حملت معها شيء من أوراق الشجر وبعض الغبار محركة شعر التي كانت تسير امامه
“هل اصبح الجو ابرد قليلا ام اني اتخيل؟!”
حدث نفسه محولاً انظاره لها ويبدو انه يريد ان يستفسر عن شعورها فربما مسها البرد ليتابع سيره رغبة منه بالإقتراب منها
سار حتى وصل قريبا منها ليلحظ شيئا انساه سؤاله
ليديا التي كانت تنظر في الأرجاء بإهتمام وتتحرك بهدوء كبير جعلته يفهم كل شيء فتلك التحركات عبرت بشكل صريح عن بحثها عن شيء ما
“ما الذي تبحثين عنه؟!”
استوقفتها كلماته لثوان قبل أن ترد عليه وتهم بالمسير
“أضعت شيئا ما هنا”
“ماذا؟!…”
تساءل مستغربا يفكر في قولها
“الأعين التي وضعتها عليها لم تبلغني عن تواجدها هنا…. فكيف لشيء لها أن يتواجد في مكان لم تصله قط؟!”
لم يقتنع رونان بماسمع فكيف يضيع لها شيء في مكان يعلم انها لم تكن فيه قبل الأن ليدخل في حيرة أيخبرها بأن ماتقوله صعب التصديق وبذلك ينعتها بالكاذبة باطناً أم يستفسر عن شكل ماتبحث عنه ويساعدها في البحث عن شيء لاوجود له هنا؟!
في حيرته تبعها ينظر لكل تحركاتها عله يفهم ما تعنيه وبالفعل فهم ما يظن أنها قصدته
بدون أن يضيع وقتا أمسك بيدها ليفاجئها بتصرفه يجعلها تعطيه ردا عنيفا بسحب يدها بسرعة
“سموك ما الذي تفعله؟!”
بنظراتها المستغربة نطقت لكنه لم يجبها اطلاقا بل اقترب منها اكثر هامسا في أذنها
“عن من تبحثين؟!”
تفاجئت ليديا ولم تتحرك بل وقفت هناك بسكون تبث له القلق بعد أن استوعب مافعله فقد كان قريبا جدا
“انا اسف لم اقصد كنت فقط احاول”
ادارت وجهها لليسار متجاهلته تماما وقد احتدت نظراتها جاعلته يفهم أنه بالفعل ثمة شخصٌ قريبٌ منهما ورغم عدم رغبتها بأن يفهم لكنها لم تستطع منع رد فعلها بعد سماعها حفيفاً اتيا من حيث وجهت ابصارها
“دعنا…دعنا نفترق”
قالت كلماتها بينما تنظر له بنظرات حادة جعلته متفاجئ فمن يرى نظراتها يقول انها تطارد مجرما
او شيئاً من هذا القبيل
“فتاة شابة بثوب أسود وشعر مجعد قليلا لايعرف شكلها بسبب الظلام….هكذا وصفتها ليديا…”
تساءل رونان عما تفعله فتاة بمثل هذه المواصفات المبهمة في مثل هذا المكان الكئيب وتساءل أيضاً
عن رغبة ليديا بإبقاء أمرها سراً بينهم حتى لولم يجدوها وكأنها غير واثقة مما أبصرته
واضعا كل تلك التساؤلات جانبا ومركزا على البحث أنطلق في طريقه المعاكس لليديا
“ه….هذه!!”
كانت تلك الفتاة تقف على مسافة بعيدة نوعا ما وللمرة الثانية عجزت ليديا عن رؤية وجهها فكل ماتراه هو ظهرها المقابل لها
“ماذا افعل؟! هل انده عليها ام اتسلل بهدوء؟!”
بعد قليل من التفكير تحركت ليديا وفق الخيار الثاني بكل هدوء مقلصة بذلك المسافة بينهم لدرجة تسمح لها بوضع يدها على كتف الغريبة
قبل أن تلامس يدها تلك الفتاة صدر فجأة ضوء دفع ليديا للخلف فكان كأنه حاجز يحيط بالفتاة
التي همت بالجري بلا التفات
“أنا آمرك بالتوقف باسم الدوق!!”
صاحت ليديا ثم استقامت تطاردها دون خطة
مر الوقت وهم على هذه الحال حتى شعرت ليديا بغرابة فلايبدو أن الحديقة تنتهي حتى رغم ركضهما في خط مستقيم وبعد أن استوعبت ذلك قررت التوقف عن ملاحقتها وبالفعل توقفت لكن
ما أوقفها كان تهاويها على الارض بسبب تعثرها بشيء ما
“اه مؤلم…”
وقفت بتعب وجبين محمر أثر السقوط لتلقي بأنظارها حول المكان فإذا به خال فلا أثر لتلك الفتاة
تجولت بعينيها في المكان وتحركت قليلاً فيه قبل أن ينعكس ضوء في عينيها ضوء كان قادماً من الأرض او بالأصح من ما كان عليها
“هذه….جوهرة؟!”
اخفضت نفسها جالسة والتقطت الجوهرة ذات اللون الأحمر المشع نظرت لها فرفعتها امام عينيها بيدها اليمين وقبل أن تنطق بأي شيء شعرت بشخص خلفها
توترت ليديا وانتابها القلق.. أتلتفت أم تبقى بوضعها؟
لم تعرف ماذا تفعل لكن في النهاية كان عليها فعل شيء حتى لو لم ترغب بذلك وعوضا عن الالتفات بوضع الجلوس قررت الاستقامة ثم الإلتفات
عيون حُجبت محتوياتها بضوء بنفسجي فاتح يخرج منهما وكأن عينيها مثال لجملة
” مستاءة لدرجة بيان الشرارات في عينيها”
للحظات لم تعرف ليديا ماذا تفعل لقد تجمدت في مكانها كيف لا وامراة بعيون كتلك تقف امامها مباشرة
تراجعت للخلف ببطئ وفي نظراتها تجسدت الصدمة وفي رمشة واحدة اختفت الغريبة تاركة المصدومة في صدمة اكبر
تلفتت يمينا ويسار بذعر لتبدا أخيراً بالركض متراجعة متخذة قراراً بالرجوع للحفلة دون أن تنسى العثور على من ورطته معها
عند ذلك الامير
كان يسير عائدا تعبا باحثا عن ليديا علها وجدت ضالتها
“كيف ساجدها الان؟!”
تنهد يسير باحثا عنها بانظاره عله يلمحها فقد يلحظ أحد غيابهم ويأتي للبحث عنهم لتأخرهم
صوت الحفيف الذي صنعه فستانها السماوي ملامسا للحشائش جعله يتوقف متساءلا عن سبب الصوت وماكانت الا ثوان قليلة حتى أطلت تركض نحوه
“ليديا؟!”
نطق بهدوء ثم نظر حيث تنظر فقد كانت تدير وجهها ناظرة خلفها وتركض كما لو كانت مطاردة
“ما الذي تنظر اليه؟!”
عقد حاجبيه باستغراب ثم نده عليها علها تنظر له وتتوقف لكن يبدو أن عقلها لم يكن حاضرا فلم تتوقف او حتى تلتفت
“هذا سيء على هذه الحال ستصطدم بالشجرة!!”
في محاولة ثانية صاح الأمير بإسمها بصوت أعلى ناجحا بلفت انتباهها أخيرا
“هذا غريب…؟!”
تمتم ثم توجه نحوها فهي لاتزال تجري لكن ليس هذا ما اثار استغرابه بقدر ما فعل وجهها مذعور الملامح
“ليديا!!”
صاح وانطلق يجري بدوره محاولا ايقافها لينتهي بها الامر متوقفة بعد أن تعثرت للمرة الثانية متهاوية على الأرض
“ليديا!! هل انت بخير!!”
“ا…الأمير؟!”
اخرجت كلمتها وهي تلهث جاعلته يقلق وينظر حوله عله يرى ما افزعها لكن لاغريب لاح بصره لا شخص ولاحيوان
“هل أنتِ بخير ؟!”
مد يده لها مساعدها على الاستقامة ليسير بجوارها ممسكا بيدها بعد ان سألها ولم تجبه بل لايبدو عليها الانتباه لإيديهما المتشابكة حتى
وبعيونه الحائرة نظر لحالها شعر مبعثر ووجه شاحب وشفاهها المتيبسة
“ماذا جرى ماذا رأيتي؟!”
انتظر جوابها وانتظر لكن لاشيء
“هل انادي الحراس؟!”
“كلا!!”
نطقت بسرعة وقد توقفت عن المسير ليتوقف بدوره متعجبا
“ا.. أنا اسفة….”
تنهد ناظرا لحالها ثم افلت يدها لتستوعب مشابكتهما الأيادي
هل تريدين ان أحملك فأنت تبدين مرهقة؟!
“ك…كلا سموك شكـ……”
صمتت فاتحة فاهها وعيناها بشكل لم يرحه تنظر خلفه فبدت في عينيه كمن راى شبحا
بالتفاته ونظراته المتسائلة ادركت ليديا انه لايراها لايرى من تقف من بعيد بوجه باسم مخيف
انه لايراها هي من كانت سبب ذعر ليديا وجريها هي التي طاردتها بوجهها ذي العيون المضيئة معدومة البؤبؤ تلك التي طاردتها كأنها كانت تطير خلفها لاتركض
“هو لا يراها ….”
قالت بذهول في نفسها ليقطع ذهولها سؤاله
“الى ماذا تنظرين؟”
التفت اليها بتساؤل لتقابله بنظراتها المتعجبة
حركة شفاهها بغية اخباره دون تفكير لتوقفها حركات الغريبة
واضعة اصبع السبابة أمام فمها الذي تربعت عليه ابتسامة عريضة مغلقة الفاه وبنفس العيون المضيئة حيث لايبان منها سوى الضوء بنفسجي اللون وكأنها تحذرها من التفوه بشيء
اطلقت شهقة بسيطة اثر امساك رونان بيدها بعد أن لم تجبه جاعلته يتراجع بقلق
“أنا اسف هل انتِ بخير؟!”
“أنا… بخير”
نطقت بعد ان اعادت انظارها للغريبة تشاهدها تتلاشى كما لو كانت سرابا
بعد ليلة غريبة للغاية عاد الإثنان ادراجهما وصولا لذلك القصر الكبير
“ماذا سنفعل الأن…”
اتاها رد الامير بسرعة يطمأنها انه لن يترك احد يعرف بالأمر
لن ادع احد يعرف انك فقدتي وعيك بسبب التعثر وشاهدتي كابوسا ارعبك لدرجة عدم تمييز استفاقتك منه
نطق مبتسما جاعلها تنزعج
“اتسخر مني سموك؟!”
“ما؟! كلا اطلاقا انا فقط….فقط يصعب علي تصديق ذلك قليلاً”
“لهذا السبب اطلب من سموك كتم الامر وإلا لا أحد يعلم كيف يمكن للنبلاء الاستفادة من عدم واقعية ماقلته”
اطلقت ردها بهدوء جاعلته يومئ لها ويذهب لصنع طريق تدخله دون ان يلحظ احد
بعد يومين من الحادثة
في تلك الغرفة الواسعة التي حوت في نهايتها مكتباً بلون اغصان الشجر وخلفه تواجد كرسي نيلي اللون بحواف بنية وعليه تزاحمت الاوراق والكتب تاركة مسافة قليلة في وسطه فارغة
جلس على الكرسي ومد يده لجيب قميصه يخرج نظارته ليرتديها معلنا بذلك بدأه بالعمل
امسك بالقلم بيد وتناول شيء من الوثائق بالأخرى مبتدا بقرائتها
“أدخل”
اردف بذلك للطارق وهو ينظر ناحية الباب البني مشاهدا حركة مقبضه الذهبي ليفتح بعد ذلك
اطل شقيقه ذو الشعر الفضي والعيون الفيروزية بقميص نيلي وبنطال أبيض
“ماذا هناك؟!”
“جئت لاشكرك على مافعلته”
اغلق الباب وتوجه ليجلس على احد تلك الارائك التي شابهت بلونها لون كرسي الاخير
“هل هذا كل ما ابتغيته من المجيء؟!”
تكلم الاكبر بهدوء لينظر له الاخر رافعا احد حاجبيه
“لماذا؟! أكنت تنتظر شيئاً اخر؟!”
“ماذا تظن برأيك؟!”
زفر رونان بإستياء فهذا مالم يرده
“لايبدو ان حديثي يرقوك ومع هذا مازلت اريد ان اعرف لما كنت تغطيها هكذا؟!…بل لما ادخلتها لقصر ذاك النبيل خلسة؟!…على الرغم من انكما غادرتما الحفلة سوياً كان من الطبيعي ان تعودا سوياً… لذا اريد تفسيراً…
رمش الأصغر قبل ان يجيب مرتين فقد توقع سؤالاً مختلفاً
“لأنها كانت تشعر بالبرد؟!…اليس هذا واضحا؟!”
‘وتغطي وجهها وتدخلها خلسة؟!”
نطق ينظر لمن اعتراه الاستغراب فما الخطأ في ذلك
“انا لا افهمك؟!”
تنهد الأكبر شابكا يديه تاركا القلم فوق احدى الاوراق
“لماذا لم تعطها سترتك وتدخلها بطبيعية اكان عليك لفها بغطاء والسير معها والدخول للقصر بشكل تسللي؟!”
“انا….”
صمت رونان يفكر في مايريد قوله فهو لايقدر على ابلاغه بالحقيقة وحتى لو كان فالأمور كانت مبهمة وغريبة على أن تشرح
“لم افكر في الأمر”
متصنعا ابتسامة تحدث ينظر لشقيقه الذي رفع حاجبيه غير فاهم سبب الابتسام
“عظيم إذا كنت تملك كتابا سيكون كيف تبقى اعزب لأطول فترة”
تضايق من كلام اخيه الاكبر وفتح فاهه للرد عليه لكن وقبل ان ينطق راوده سؤال ليطرحه بلا تفكير
“لما لأطول فترة لا للأبد؟!”
“ياله من سؤال غريب اليس السبب واضحا للغاية؟!”
“فهمت لأنني وسيم؟!”
ابتسم مجددا جاعلا شقيقه ينظر له بصمت لبعض الوقت قبل ان يختار تدمير ثقته تلك
“لا بل لأنك أمير لذا حتى إن كنت سيئا في معاملة النساء لن يكون من الصعب تزويجك”
“حتى لو قلت هذا فليست كل امراة تبحث عن السلطة”
نطق رونان مكتفا بديه جاعلا شقيقه يفكر في كلماته
“انت محق فبعض الفتيات تفضل المظهر اكثر من النقود”
فتح فاهه فتحة صغيرة مصدوما من اخيه لثوان قبل ان يعقد حاجبيه ويغلق فاهه غاضبا من بسمة اخيه الساخرة
“هل انت جاد؟!! لمعلوماتك الفتيات كن ينتظرن نظرة مني في الحفلة”
“احقا؟! وماذا عن شريكتك في الرقص كانت معك لكن لم يكن ذهنها وهي الاميرة بنت العائلة الثرية
اعني لن تحتاج ان تبحث عن رجل غني يمكنها ان تكتفي بوسيم فقط”
“خلاصة قول اخي الأكبر انه افضل في جذب الفتيات بوجهه ؟!”
صفق رونان بيديه منزعجا ليقول مستكملا باندفاع
“اتفخر بهذا الأمر التافه!!؟”
“احترم نفسك مازلت الاكبر هنا”
نطق ايرهاردت واقفا من كرسيه
“اذا عندما تنكر اني وسيم يجب علي ان اخرس لكن عندما اقول ان ماتفخر به شيء سيء اصبح على خطأ؟!”
“ومن قال اني افخر بذلك؟!”
نطق بغضب ليرد عليه الاخر بسرعة غاضبا بدوره
“وماذا انت غير ذلك؟! ثم هذا ماقالته نظراتك انتظر حتى افضحك عند جوري سنرى كيف ستحبك بعد ذلك”
حاول ذلك يمكنني فضحك عند ليديا بدوري
وقف الاخوان قبالة بعضهما تفصلهما مسافة قصيرة يلتهمان بعضهما بنظراتهما الغاضبة
“هل انتهيت؟!”
استفسر من الاكبر معدلاً نظراته
“نعم افضل بكثير كنت بحاجة للجدال شكرا لك”
“فعلت ذلك حتى نتعادل ليس إلا”
“اياً يكن”
عاد الأخوان للجلوس في مواقعهما ينظران لوجهي بعضهما بصمت
“تحتاج لإرشاد بالعلاقات”
تكلم ايرهاردت مفاجئ رونان فلماذا يخوض في الموضوع مجددا الم يكفه كل هذا؟!
“نعم ودعني اخمن تخطط لمساعدتي بنفسك”
استغرب الأكبر من سخرية اخيه فهو يتعلم كيف يُسير المفاوضات ويحافظ على العلاقات وأشياء كهذه لكن حسنا هناك وجهة نظر في قوله فهو قلما تعامل مع النساء لفترات طويلة
راقب رونان شقيقه المحتار يبحث عن رد ليعلم انه ان بقي هنا لحظة اخرى فلن يغادر حتى المساء
“اراك تفكر في الرد علي لذى ساكتفي بماضيعته من وقتي واغادر”
بعد كلماته خرج مسرعا تاركاً شقيقه وحده في ذلك المكتب مع اوراقه حارصا على اغلاق الباب
خلفه
في المساء في ذلك القصر الفخم وتحديدا في احدى غرفه
فتحت زرقاوتيها بتعب تنظر لمايقابلها برؤية غير واضحة تقريبا
ضيقت عينيها تحاول فهم ما تراه ليتضح لها انه سقف غرفتها لكنه لسبب ما يبدو قريبا
“هم… ما هذا؟!… ما…”
حركت جسدها لتغير وضعيتها للجلوس متابعة النظر للسقف بإستغراب لتدرك اخيرا ان لاغطاء فوقها ولا سرير تحتها
توسعت عيناها بصدمة فور ادراكها ذلك متحركة بفزع نازلة نحو السرير بقليل من القوة وقد انقلب جسدها لتستقر مستلقية على معدتها
بدون ان تنتظر او تفكر في شيء اخر عدلت نفسها وجلست على السرير ووجهها مفزوع تلهث
“أكنت أطفو؟!!!… لا مستحيل لابد أنه حلم”
بعد مدة من استلقائها بحيرة قررت ليديا العودة للنوم فربما كانت تتوهم لنعاسها فعقلها لم يرضى ان يصدق ماجرى
على حالها متمددة في السرير امضت ليديا ساعة قبل أن تستسلم للنوم من جيد
مكان غريب بأرضية ذات لون ازرق ثلجي يحيط به الضباب من جميع الجهات
نظرت حولها لكن لاشيء يمكن ابصاره غير الأرضية التي تقف عليها ومساحات صغيرة منها
“مرحبا؟! هل من أحد هنا؟!”
تحركت بقلق تنادي لكن لم يأتها رد في اول مرة فكررت ثانية وكذلك لارد حتى فعلت ذلك اربع مرات والنتيجة كما هي
“ماذا افعل؟!…ربما أنا أحلم؟!..”
اخذت نفسا عميقا قبل أن تقرر الخوض في هذا المكان بناءً على كونه حلماً فلايعقل أن تنتقل لمكان غريب فجأة
“تخلصي منه”
بصوت انثوي رقيق ترددت تلك الكلمة بصدى في المكان الغريب جاعلة ذات الشعر النيلي تتوقف
متلفتةً بحثاً عن المصدر
“من هناك؟! من انتِ!!”
دقائق من الانتظار امضتها تنتظر الرد لكن لاشيء لتعاود الالتفات مقررة إكمال الطريق فربما كان الصوت قد ظهر لقربها من مكان يحتويه
بعد مدة من سيرها ابصرت ليديا شيئا اذهلها
“ق..قصر…. إنه قصر!!”
جالت بزرقاوتيها تتفحص ذلك القصر الذي حاول مطابقة المكان بلونه فكان من تدريجات الازرق وتحديدا الكحلي
بلا بوابة ولا اسوار مجرد سلم عريض من حجارة رمادية يقود لأعلى حيث باب اسود اللون فيه مقبض ابيض
“عله المكان الذي جاء منه الصوت…..ولكن”
حائرة فيما تصنع استسلمت للأمر وسارت بجسدها صاعدة السلالم تاركة ثوبها ذا اللون الأبيض يتبعها بملامسته لتلك الدرجات الرمادية وقد كان ثوباً طويلاً لايكشف شيئاً
“الم يكن هذا الباب موصدا عندما كنت في الاسفل؟!”
فكرت بذلك وهي ترى الباب مفتوحاً على مصرعيه من الجانبين حيث كان كل شيء بلون تركوازي مطابقاً بذلك غرابة ما رأته فهذا المكان بأكمله لايحتوي غير تدريجات الأزرق بإستثناء قليل مما رأت وكأن المكان مملكة هذا اللون فحتى هي ذاتها لعينيها وشعرها الوان من صلب الازرق
تسللت برودة لها من اقدامها في خطوتها الاولى داخلهُ لترفع فستانها قليلا فإذا بها حافية فجأة
“كل شيء يتنافس هنا لإذهالي وكأن المكان معد ليفاجأك في كل مرة”
مع غرابة كل شيء بداية من الوان المكان وانتهاءً بالقصر الغريب تابعت ليديا خطواتها وقد اعتادت اقدامها برودة الأرضية التي لم تكن حقاً بتلك البرودة
“المعذرة هل من احد؟!”
صوت ليديا الذي نادت به عاد اليها كصدى ليكون مجيبها الوحيد وهو ما لم ترده
“هل اتابع سيري ام أعود وإذا أردت العودة فعلي انتظار الحلم لينتهي”
بينما هي حائر في افكارها اضاء شيء من بعيد تميز بلونه الأحمر المتوهج لافتا انتباهها ومخرجها
من افكارها
ببطئ توجهت نحوه وبكل هدوء حتى ادركته فإذا بها الجوهرة من تلك الليلة
“هذه…!! كيف وصلت لهنا؟!”
منحنية مدت يدها رغبة في أخذ الجوهرة التي كانت فوق حجر اسطواني أزرق طويل قليلاً ليأتيها صوت المرأة الهادئ محذراً
“تخلصي منها”
حال سماعها لصوت المرأة استقامت والتفتت لحيث جاء الصوت وكالمرة السابقة لم تبصرها
“أين انتِ وماذا تقصدين!!”
“الحجر الأحمر تخلصي منه”
ردت عليها المرأة دون أن تظهر شكلها الأمر الذي ضايق ليديا لتقرر رفض الاستماع واخذ الجوهرة
“لن افعل قبل ان تريني وجهك”
نطقت بأصرار لتسمع تنهد المرأة
“تخلصي منها بنقعها في الماء والا قد تتأذين”
مع اخر كلمة نطقت بها المرأة بدأ المكان بالإهتزاز وكأن زلزالاً قد وقع فتشققت الارضية وبدأ المكان يتهاوى وهبت ريح من حيث لاتدري
ركضت ليديا بسرعة للخروج من هذا المكان فلم يكن هناك خيار اخر
ركضت وركضت حتى وصلت مكانا مغلقا منعها التقدم وتهاوي القصر منعها الرجوع
صوت لهاث سمع في تلك الغرفة حيث جلست محاولة فتح عينيها الناعستين
نظرت حولها لثوان تستوعب مايجري لتزفر براحة بعد اداركها تواجدها في غرفتها وماكان قد كان حلماً
كانت نعسة للغاية لدرجة رغبتها بالنوم مجددا حتى لو كان ذلك يعني الحصول على كابوس
اخر غير ان نعاسها تلاشى في ثوان بعد ان حل محله التفاجئ لرؤيتها شيئا غريب
دُرج مكتبها كان يخرج منه ضوء وكان مفتوحا قليلا على الرغم من أنها تذكر جيدا إغلاقها له بالمفتاح
حدقت في ماتراه لبضع ثوان علها تفهم مايجري أهو حلم داخل حلم أم تراه الواقع؟!
نهضت بتعب ومشت بتعثر نحوه وسط الضوء الابيض الخافت لغرفتها
مدت يدها تفتحه على مصرعه فإذا بها تلك الجوهرة التي بدت اكثر كحجر من كونها جوهرة والاعجب من ذلك تغير لونها للأزرق الباهت
“هذا!!”
اخذت الحجر بعجل لتتجه نحو خزانة ذات ادراج ثلاث صغيرة كانت قرب سريرها سعيا لأخذ الجرة التي تربعت فوقه مملؤة بالماء للنصف لتذكرها كلام المراة.
قبل ان تلمس يدها الجرة اضاء الحجر بقوة جاعلها تسقطه وتتراجع للخلف على أثر ضوءه الأزرق الذي ملئ الغرفة مرغمها على تغطية عيونها
“ليديا ليديا هل تسمعيني؟؟”
“ا… أمي”
فتحت عينيها بتعب مستقبلة ملامح والديها القلقلة
“ليديا يا ابنتي هل أنتِ بخير؟!”
“ابـ…..أبي؟! امي؟!”
نهضت ببطء ونظرت حولها ثم اعادت انظارها لوجوههم المذعورة
“ما الأمر؟!”
تساءلت بإستغراب والتعب جلي في صوتها
“لقد وجدناك ممددة على الأرض بجوار مكتبك”
نطق الأب واضعا يده على جبينها يتحسس حرارتها
“حرارتها ما تزال مرتفعة”
“يجب أن تراك الطبيبة”
نطقت والدتها بينما تغادر على عجل لمنادات الطبيبة تاركة ايڤان وحده معها
“هل تستطيعين التحرك وبماذا تشعرين الأن ؟!”
سأل بقلق يتفحص حرارتها مجددا
“انا…”
تحدثت ليديا مع والدها وطلبت منه تركها لتغير ثيابها بعد ان اخبرته بصداعها ليخرج الاب تاركها تستعد قبل زيارة الطبيبة
في حديقة المنزل الخلفية جلست على كرسي ابيض واضعة كتابا على الطاولة امامها والتي كانت بلون مماثل للكرسي
تصفحت في الكتاب قليلا قبل ان تتنهد بسبب انشغال عقلها بحقيقة مارأت فبعد تلك الحادثة لم تجد ليديا الحجر في اي مكان من غرفتها وكأنه تلاشى وحتى مع تلميحها لوالدتها عنه لم تقل الام شيئًا مما عنى لها عدم امتلاكها له من الاساس
“احتاج اجابات….وانا اعرف من اين سأحصل عليها”
اغلقت الكتاب وعلى وجهها نظرة حازمة لتحمله متجهة للمنزل
في المساء من ذلك اليوم استعدت ليديا للقاء اخر مع السيدة المجهولة رغم عدم تأكدها من نسبة حصوله فاتجهت لسريرها بنفس ثوبها الأبيض فقد كان ثوب نومها.
تمددت وسحبت الغطاء واغلقت عينيها في محاولة للنوم اسرع
“لماذا لم تتخلصي منه؟!!”
“لم اتوقع أن ينجح الامر ..”
تمتمت متجاهلة المرأة
“انا اكلمك لما لم تفعلي ذلك؟!”
بصوت هادئ قالت الغريبة لتجيبها ليديا بنفس الطريقة
“لم املك الوقت لذلك”
قالت ذلك بينما تلتفت وتسير بحثا عن الغريبة
“مَن أنتِ؟! اعدوة أم حليفة!؟”
“يمكنكِ ان تعديني حليفة لكِ”
اجابت المرأة بنفس الهدوء وكأنها كانت متأكدة من عدم تنفيذ ليديا لنصيحتها
“حليفتي لاتريني وجهها وتريدني أن اصدقها”
قالت ذلك باسمة بسخرية
“لست بقادرة فأنا لا املك القوة الكافية حاليا”
“عظيم !!”
صفقت بيديها لتكمل
“حليفتي ضعيفة مجهولة النسب والشكل والاسم لي”
“انا اسفة لا استطيع اخبارك بإسمي حالياً”
“ولم!!؟”
“لأن البحث في خلفيتي سيشكل خطرا عليك”
وقفت ليديا بلا فعل تفكر في كلمات المرأة لتتنهد في الأخير مستسلمة للوضع
“وبصفتك حليفتي ماذا لديك لي؟!”
“معلومة ونصيحة”
صمتت ليديا قليلا قبل ان تسأل المرأة المتابعة
“اكملي؟”
“اما المعلومة فقد صرتِ ساحرة”
قالت ذلك ثم سكتت تنتظر رد فعل ليديا على ماتسمع لكن وعلى عكس ماظنته لم تبدي ليديا اي خوف بل بدت فقط متفاجأة وما اثار استغرابها اكثر هو انها سرعان ما ابعدت نظرات التفاجئ عنها وراحت تفكر واضعة يدها اليمين اسفل شفاهها
“والنصيحة؟!”
رفعت ليديا رأسها لحيث تشعر بصدور الصوت وكأن شيء لم يكن
“ا..انتظري الست متعجبة او قلقة؟!!”
بتفاجئ قالت الغريبة ويبدو من اقتراب الصوت انها دنت من ليديا قليلا
“خائفة لماذا سأخاف؟!”
بعد تساؤلها تذكرت حظر السحر وعقوبة من يستخدمه فقد كانت الموت
“بقولك هذا ….الأن اظن أني قلقة”
“تظنين؟!!”
تنهدت المرأة لتتابع حديثها
“بالنسبة للنصيحة فإني أحذرك منهن”
“منهن؟!….ومن يكن؟!”
اردفت تأمل ان تشرح لها لكن ومجددا ابقت الغريبة كلامها مبهماً واكتفت بثلاث كلمات فقط
“سوف تعرفين بنفسك”
لم تظهر ليديا اي رد فعل فقد توقعت ذلك
“افترض ان حديثنا الليلة انتهى؟!”
“اجل… اراكِ في وقت اخر”
مع كلماتها بدأ صوت المرأة يصبح ابعد الأمر الذي جعل ليديا تمشي للامام قليلا قبل ان تتوقف وتسأل بصوت عالٍ
“انتظري!! ماذا..ماذا لو لم اعرفهن ؟!”
“عندها….. عندها ستحل الكارثة”
برحيلها تركت ذات الشعر النيلي وحدها في القصر الكئيب معلنة بذلك نهاية حلم غريب اخر