سهمٌ كالمِفتاح - 3
الفصل الثالث.
قَلبَت مَاجدُولِين الورقة السابعة من ذَلِكَ الدفتر و مدَّدَت يديها قبلَ أن تَغمِس الريشة مُجددًا و تَعُود للخَط على تِلك الأوراق.
“عِندما دَخَلتُ من تِلك البوّابة المُضِيئة وجدتُ عَالمًا مُختَلِفًا بِالكامل لا يُشبِه العالم الذي كُنتُ أركض على أرضِه قبل قليل،فَنَظرتُ حولي باندِهاش كان المكان يبدو كَقريةٍ كبيرةٍ جِدًا، و ما عنيتُه بجِدًا أنها ضخمة حَيثُ تُحاوطها المنازل القديمة من شمالها إلى جنوبها ثم ضاقت عَيناي مُحاوِلةً التَركيز على رُؤية ذلك البناء الشاهق حتى اتَضحَت الرُؤية، فوجدتُ أنَّـه قصرٌ ضخم ذو ارتِفاع شاهق. رمشتُ عِدّة مرات مُتسائلة: ما هذا المكان الذي أنا بِه؟!.
قُوطِعَ تساؤلي حالما لمحتُ طائرًا كبيرًا يجُول في السماء،فنظرتُ له بِإعجاب “سبحان الله يا لهُ من طائرٍ كبير” و ضوء الشمس الساطِع كان يجعلُه أَكثر بهاءً.
“ضوءٌ ساطع؟ لحظة” -شَهقتُ بِصَدمة- البوّابة! لقد نسيتُها، فنظرتُ خلفي مُسرعةً ناحِية البوّابة لكن سقطت قَدماي بِخيبة لقد تلاشت البوّابة بِالكامل “ماذا حصل؟ لماذا تلاشت البوّابة؟ كيف سأعود؟!” و عاد شعوري بقِلة الحيلة مرة أُخرى.
عمَّ الهدوء في الأنحاء حولي حتى اقتحمهُ صوتٌ عالٍ، فأدرتُ رأسي بانزعاجٍ نحوَ ذلك الصوت، فتحتُ فاهي من هولِ ما رأيت و طرفت عيناي من الدهشة.
ضحكتُ باندهاش: هههههههههه يبدو أنني جُنِنت مالذي سيجعل التنين يُحلّق هنا بينما نحن في الشمال!.
صِحتُ بخوف حينما رأيتُه يبدأ التحليق بقُربي، فنهضتُ مسرعة و جسدي يرتجِف من الخوف محاولةً البحث عن مكان أختبئُ فيه أو أحدٍ يستطيع إنقاذي
و ها أنا أمشي منذ مـدَّةٍ طويلة و لم أصادف سوى الحشرات و الحشائش! لِوهلة انقطعَ صوتُ التنين، فالتفتُ لأرى أين ذهب لكن دفعني تيارٍ قوي جعلني أصطدم بشجرةٍ قريبةٍ مني، فقلتُ بخوف للتنين القابِع أمامي:ههههه مرحبًا أيها التنين هل تبحثُ عن والدتِك؟ تريد أن أبحث عن والدتِك معك؟.
في هذه اللحظة أنقذني صوتٌ أنوثي قادم من خلفي.
…:آنديي هل تزعج الزوار مره أُخرى؟.
أشاح بنظره عني و عاد بخطواته للخلف، فانحنت الفتاة نحوي قائلة :هل أنتِ بخير؟.
أومأتُ لها بينما لا زالت أَنظاري على التنين الملقب بآندي، كان كبيرًا حيثُ أخفى المناظر التي تستقـرُّ خلفه، فجسدهُ و جناحيه يَضُجَّان باللونِ الأَسود الغامق و تتخللهُ حراشف بِلونٍ فضي لامع و عدستي عيناه تسطُع كأشعة الشمس.
وجهتُ نظري ناحية الفتاة إنها ذو بُنية قويه رُغم نحافتِها، و شعرها ذهبي اللون ينسدل على كتفيها مبرزًا بياض بشرتها كما أنها ترتدي قميصًا أسود بأكمام بيضاء طويلة مع بنطالٍ أسود و حزام غِمد السيف يلتف حول خاصرتها، و حذاء طويل حتى منتصف ساقها، يتدلى من على كتفيها معطفٌ طويل أخضرَ اللون يتخللهُ زخارف ذهبية.
قَاطعتُ تأملِّي لها عندما سمعتها تقول:هل أنتِ ضائعة؟.
حركتُ رأسي بإيماءَة: في الحقيقة لا أعرفُ أين أنا حتى!!.
ساعدتني الفتاة في النهوض لتنفُضَ الغبار عني و تقول:لابأس سآخذكِ لداخل القرية و أخبركِ أين نحن أثناء ذلك.
أجبتُها بضحك:حسنًا هل يمكننا التحرك سريعًا؟ قدماي تكاد تسقط من الخوف.
ضحكت الفتاة:لابأس انتظريني قليلًا.
اتجهت الفتاة نحوَ التنين آندي حيثُ رأيتها تهمس له بكلماتٍ لم أسمعها لكوني بعيدة عنهم، و عادت نحوي تحملُ سلَّتها مشيرة إلي لألحق بها، فذهبتُ خلفها سريعًا.
تحدث الفتاة قائلة و هي تتَخذ طريقها نحوَ القرية:سآخذكِ إلى منزلي حالما نصل لوسط القرية.
التفتُ لها باستغراب:ألن أُسبِّـب الإزعاج لكِ؟.
ابتسمت الفتاة حتى تطمئنني:لا تقلقي، فأنا أمكُث لوحدي.
أومأتُ بتفهم:على أيِّ حال، أنا مَاجدُولين و أَنتِ؟.
ابتسمت الفتاة:لديكِ اسمٌ رائع، أنا إيرلَا.
نظرتُ لها مبتسمةً:واه انهُ يحمل معنى الفتاة المًحاربة و النبيلة، هذا مدهش.
إيرلَا:في الحقيقة أنا مُحاربة!.
فغرتُ فاهي باندهاش:رائع لهذا تبدين ذات بُنية قوية.
ضحكت إِيرلَا:أجل لقد خُضتُ الكثير من المعارك و المغامرات.
حدقتُ بها بإندهاش أكثر:تعنين معارك حقيقية؟.
أومأت إِيرلَا:أجل حقيقية!.
قلتُ بصدمة:أخبريني بعضًا عن المعارك التي خُضتِيها.
بدأت إِيرلَا تخبرني عن معاركها التي خاضتها حتى وصلنا إلى منتصف القرية،و شعرتُ بالحيرة هل أستمر بالاستماع لِإِيرلَا أم أتأمل جمال ما أراه حولي حيثُ العشب الأخضر ينتشرُ في أنحائها و البيوت مع المباني ألوانها تضُج بالحياة و العربات الخشبية الكثيرة تجدها كلما تمشي مسافة بسيطة، فبعضها أطعمة و ألعابٌ للأطفال و أخرى تحفٌ صغيرة و غيرها الكثير.
و في منتصف الطريق فجأةً التفَ الأطفالُ حولنا و هم يمرحون مما جعلني أنا و إِيرلَا نضحكُ معهم مرحًا،و ثُم توقفنا أمام منزلٍ صغير حيث أشارت عليهِ إِيرلَا قائلة:هذا هو منزلي، قد يبدو صغيرًا من الخارج لكنهُ كبيرٌ من الداخل.
أجبتُها بتفهُم:على العكس إنَّـه جميل.
دخلنا إلى المنزل و أغلقنا الباب خلفنا.