سهمٌ كالمِفتاح - 5
بعدما أنهينا الطعام أخذت إِيرلَا تحدثني عن العالم الذي أعيش فيه حاليًا، وبدأ حديثنا بالقرية الآمِنه التي تقع وسط الخريطة (قرية البريق)، وكون القُرَى الأخرى خطِيرة حيث لايعلم أحدٌ بحقيقتها الكاملة، مثل قرية الأساطير.
وبدأت تتحدث عن وحوش محتجزه لايعلم أحدٌ طبيعتها، فكلما اقترب شخص رَغبةً في اكتشافها يسمع صوتًا مرعبًا يجعله يتراجع خوفًا من مواجهةِ مصيرٍ قاتِل!.
ابتلعتُ ريقي بِرَهبَة لأخفِض همسي:وماذا عن بقيَةِ القُرَى؟.
فكرت إِيرلَا بهدوء ثمَّ نهضت ممسكه بالورقتين تسحبني نحو غرفتها بلا صوت، وأخذت تتأكد من أن أشعة الشمس التي تخترِق ستار النافذة هي الضوء الوحيد في الغرفة، وجلسنا على السرير نكمل حلَقَة همسِنا.
إِيرلَا :سنُكمل هنا حتى نتحدث لوقتٍ طويل.
أومأتُ لها، فأكملت قائِلة: أترَين هذه القرية الصغيرة في أقصَى الشمال؟ كانت سابقًا بلا اسم لكن قبل سنواتٍ قليلة لُقِّبت بقرية الجنُون!، وسمعت من والدي أن العديد من الأطباء تسلَلُوا لداخل القرية حتى يحصلون على بعض الأعشاب الطبية لكن لم يعودوا جميعهم، فأحدهم اختفى، والبعض فَقَد أحدَ حواسه، ومن عاد منهم أجزَموا أن تلكَ الأعشاب هي السبب في ذلك. لكن لا أحد يُصدقهم!.
نَظرتُ لها بتعجُّب: لماذا!
إِيرلَا بهدوء:في الحقيقة جميع من بهذه القرية قد تناول تلك الأعشاب الضارة بنظرِهُم، ولم يحدث لنا شيء بل أصبحنا أصِحاء أكثر.
نَظرتُ لها بعدم تصديق: هاه! ماهذا الذي اسمعه؟.
ضحكت إِيرلَا بخفه:استمعي لهذا إذًا، في الشمال الغربي تقع قرية تسمّى بقرية المَوج، وتقع أسفل قرية الجنُون تمَامًا. هذه القرية يُصعب الدخول إليها، فَـقَد استسلم الكثير عند بداية رحلتهم لدخولها. لأن أشجارها مُكدَّسة يشكلٍ مًعقد حول القرية وكأنها سِيَاجٌ يحميها، ولكن بعضهم استمر حتى استرَق النظر من بين الأشجار، وخمني مالذي رأوه هناك؟!.
قلتُ بفضول وترقب:ماذا؟!.
قالت إِيرلَا بتعابير مُرعبة:لقد ظهرَ أمامهُم وحشٌ كبير لقبُوه بـ”الغزال العظمي ذو القرون الكبيرة”، وهذا ما نعرفه عنها فقط!.
تنفستُ بخوف: يا إلهي يبدو أَننِي التحقت بأحد أفلامِ الرعب!.
ضحكت إِيرلَا بلا صوت لتهمس بِصعُوبه: نكمل أمْ ستفقدين وعيَكِ؟.
نفيتُ بإِصرار:لابأس أكملي.
أومأت لتُكمل:حسنًا تبَقت قريتين مُتجاورتَين، أولًا قرية الاندِثَار في الجنوب الشرقي، هذه القرية دخولها سهلُ جدًا كالفخ أما خروجها صَعب، فجميع من دخلها يُصادِف بوابة لايُمكن إيجادَها بسهوله كونها مغطاةٌ بالنباتات، والغريب في الأمر أن من يدخلها يُصبح حاد البَصيرة فجأة، ويلاحظ البوابة بسهولة مما يجعلَهُم يتوجهون نحوها بدون وعي. المدهش في الأمر أن هذه البوابة تتحدث، وعند دخولها يجِدُون أنفسهم في عالمٍ مختلف بالكامل لكن عند خروجهم يفقدون شيئًا من مُمتلكاتِهُم.
صمتت إِيرلَا تنظر لي لبعض الوقت ثُمَّ أكملت: وبعضهم يفقدون جزءًا من جسدِهُم.
وضعتُ يداي على رأسي من الصدمه:يا للهول!.
ضحكت إِيرلَا مستمره:أما القرية الثانية، فهي قرية العَصرِ القديم حيثُ تقع في الجنوب الغربي، وسُمِيت هكذا لأنها مليئه بالهياكل العظمية الغريبه والمباني المهجورة، لا أحد يعرف لمن تعود هذه الهياكل العظمية، والكثير ممن دخل لهذه القرية لم يستطِع الخروج منها، فبعض أهالِي القرية يقولون أن هنالِك بشري يعيش فيها وآخرون يقولون أنها جِنيَة ذات أجنحة، ولا نملك اليقين بشأن الحقيقة.
قمتُ بتصحيح جلستي قائله:هذا مخيفٌ حقًا! كيف يمكنكم العيش بهدوء هكذا؟! .
نهضت إِيرلَا عندما حَلَّ الليل تفتح سِتار النافذة لتقول:إعتدنَا على العيش هكذا كما أنَّ اللّٰه معنا، فلماذا سنخاف؟.
وهكذا انتهت الليلة المليئة بالحديث الغير متوقع، ومرَت عدة أيام اصبحت فيها صديقة لأهالي القرية. أساعدُهُم بالأعمال، وأعْتَني بصغارِهُم أحيانًا، وأما خوفي من التنين آندِي فقد تلاشى بل واصبحنا أصدقاء بالفعل.
ولكن لم أتصَوَر أبدًا أن أبادر بإجراء مغامرة جريئه بذلك اليوم..