غريب مألوف - 3
في اليوم التالي كان إيروس يقف على عتبة بابي في الصباح الباكر مجددًا.
” صباح ليس بخير يا سيدي الكاتب يا لك من بخيل، أنت تحتكر المعلومات المفيدة لنفسك عندما تعلم أنني لا أستطيع الوصول إلى ملفات الشرطة لذا اليوم سأقوم بمراقبتك بسرية وأكشف جريمتك وأمسكك وأعلقك في الساحة وسيكون فوزًا لرجل الظل العظيم! ”
” رائع أتطلع لذلك ثم لقد خبزت بعض الكعك، تعال لتجربته بينما تراقبني.. ”
” أنت تستخف بي علانية! أيضًا أخبرتك لابد أنك جدة ريفية متنكرة لماذا تجيد الطبخ يا سيدي الكاتب؟ هل جريمتك هي التنكر كطباخ وقتل أحدهم؟ ”
قطعت شريحة من الكعك له وزينتها بالكريم والتوت الأحمر.
” لماذا أنت شكاك جدًا؟ ربما تكون جريمتي مخالفة إشارة المرور أو تجاوز السرعة المسموحة.. ”
جلس بوضعية القرفصاء على المقعد بجانب المطبخ بينما يدعم رأسه بيده.
” لست شرطياً عبثًا، لا يفتح ملف خاص للمخالفات المرورية أو الجرائم البسيطة إلا في حالات خاصة وتخصص النوافذ الزرقاء للجرائم المتسلسلة، أي أنه يجب أن تكون في لائحة المطلوبين أيضاً ”
” لماذا لا تبحث في اللائحة إذًا؟ ”
” فعلت لكنني لم أجد شيئًا، ملامحك مميزة وجميع من في القائمة بالغوا القبح ”
ملأت فنجانين بالشاي وجلست قبالته.
” لا يجب أن تسخر من وجه أحدهم قد تتحول لبطاطا فاسدة نتيجة لذلك ”
ابتسم بشكل طفولي.
” هل أنت أبي؟ ”
” هل يجب أن أكون والدك لأنصحك؟ ”
أخذ يرمقني بصمت ثم ارتشف الشاي بعد العبث المطول به.
” مع أنك شاب إلا أنك تتحدث مثل العجزة هل هذا لأنك كاتب أطفال أم لأنك تعيش لوحدك؟ ”
ابتسمت وأنا انظر إليه.
” هذا لأنني أب لابن في مثل عمرك ”
” هل تعرف كم أبلغ من العمر يا سيدي الكاتب؟ ”
نظرت إليه من الأعلى إلى الأسفل بنظرات متفحصة.
” تصرفاتك توحي أنك بالخامسة لكنني أظنك لم تتجاوز الثانية والعشرين ”
” أنا بالفعل في الثانية والعشرين حقًا، بالمناسبة لم أجرب الشاي من قبل لكن لماذا هو منعش هكذا؟ لونه رائع أيضًا أحب اللون الأزرق ”
ابتسمت بينما أصب الشاي في فنجاني.
” هل تعجبك؟ لقد ابتعتها بالأمس عندما فكرت أنك لا تشرب القهوة أنا سعيد حقًا أنها أعجبتك، سأعطيك أوراق الشاي هذه إن كنت تحبها ”
أشرقت تعابير إيروس مثل الأطفال عند تلقي الحلوى.
” حقًا! شكرًا لك يا سيدي الكاتب..! ”
” بشرط بالتأكيد ”
نظر إلي بازدراء.
” يا لك من بخيل على أي حال ما هو؟ ”
” ليس شيئًا صعبًا كما أنك قلت أنك ستراقبني طوال اليوم، أريد منك أن تذهب معي لزيارة أحدهم ”
” من هو؟ ”
” ستعرف عندما نصل.. ”
عرضت عليه شريحة أخرى من الكعك فتناولها وهو ينظر إلي بشك، بعد انتهائه منها حملت الأطباق إلى المغسلة وغسلتها.
جففت يداي وبحثت في مكتبتي عن قصة جيدة بينما كاد إيروس أن يخرق رأسي بنظراته المتشككة، بحثت في معطفي عن مفاتيح السيارة.
” لنذهب سنركب سيارتي ”
” انظر يا سيدي الكاتب أنا شاب بالغ ومسؤول يمكنه الاعتماد على نفسه لماذا تظن أنني سأركب معك؟ ”
” هيا ألا تعرف متعة أن يقود بك أحدهم؟ أو يمكنك أن تتبعني مشيًا على الأقدام.. ”
” شكرًا على التوصيلة ”
ركب إيروس السيارة بهدوء.
” اربط حزام الأمان إن لم ترد الحصول على مخالفة ”
تذمر إيروس بينما يسحب الحزام.
” أنت تتبع القوانين جيدًا يا لك من مجرم محترم.. ”
” أكمل تذمرك وسأرميك من النافذة ”
عبس إيروس وجلس بهدوء.
توقفت في الطريق لدى محل أزهار.
” نحن ذاهبون إلى المستشفى لذا يفضل أن تجلب معك أزهارًا على الأقل ”
” آه بالطبع ”
توقف إيروس لدى الأزهار البرتقالية لذا كان علي سحبه بعيدًا وأخذ باقة بيضاء ثم توجهنا إلى المستشفى.
التقينا بطبيبة لوكان في الممر خارج الغرفة، كان هذا وقت الفحص اليومي للوكان.
” صباح الخير يا سيد أوزيل أنت مبكر اليوم.. ”
أشارت إلى إيروس الذي كان يقف بجانبي.
” يبدو أنك جلبت أحدهم معك هذه المرة هل هو..؟ ”
لوح إيروس بيده وهو يبتسم.
” مرحبًا.. ”
ابتسمت الطبيبة إلى إيروس.
” نعم.. التقيت به مؤخرًا وبدا وكأنه يملك الكثير من وقت الفراغ لذا جلبته معي ”
قلبت الطبيبة أوراق الملف الذي كانت تحمله.
” على أي حال يبدو لوكان بصحة جيدة هذه الأيام كما يستجيب دماغه جيدًا للتخطيط الكهربائي، لدي أمل كبير إلى حد ما من تمكنه من الاستيقاظ قريبًا.. ”
كانت هذه طبيبة ابني، وهي من اعتنت بلوكان طوال ال١٧ عامًا.
” آمل أيضًا أن يستيقظ قريبًا.. ”
كانت مدة سبعة عشر عام مدة انتظار طويلة، ظننتني سأفقد صوابي في أي لحظة.
تحدثت مع لوكان مع علمي أنه لن يجيبني، كنت أربت على رأسه كما اعتدت من قبل وأمسكت بيده أحيانًا وأحضرت له أزهارًا بيضاء اعتاد على قطفها من حديقة منزلنا.
قرأت له قصة في كل مرة أتيت فيها لزيارته وأصبحت أحادثه عن كل جديد يحدث معي لأن الطبيبة أخبرتني أن هذا قد يساعده على الاستيقاظ عندما يصادف أشياء وأفعال مألوفة له.
لكن مرت سبعة عشر سنة من المحاولة ولم يستيقظ لوكان، استجاب عقله أحيانًا لبعض الكلمات كما أظهر أحيانًا ردود أفعال بسيطة مثل البكاء أو تحريك الأصابع لكنه لم يظهر أي علامة على الاستيقاظ.
سأندم حقًا على عدم رؤيتك يا لوكان إن لم تستيقظ قبل رحيلي..
” إذًا اعتنيا بنفسكما، لدي عمل في الوقت الحالي ”
لوحت الطبيبة بالملف ورحلت.
فتحت باب الغرفة وتبعني إيروس، عند رؤيته للوكان كان لديه تعبير غريب وبقي هادئًا دون أن يدلي بتعليقاته الشكاكة المعتادة.
وضع إيروس الباقة على المنضدة بجانب السرير.
دون أن أسأل.. لابد أنه ابن السيد كاتب.
لابد أن هذا ما فكر فيه إيروس وقتها لأنه جلس بهدوء على المقعد بجانب السرير.
ثم تحدث أخيرًا :
” كيف.. آل به الأمر هكذا يا سيدي الكاتب؟ ”
سحبت مقعدًا وجلست بالقرب من لوكان، أبعدت بضع خصلات كانت تغطي عيناه.
” كان محبوسًا في مصعد أثناء حريق وقد تسمم بأول أكسيد الكربون، نظرًا لأنه كان بالخامسة فقد تأثر دماغه بشدة من قلة الأكسجين، هل تعرف حادث انفجار المبنى التجاري قبل سبعة عشر سنة؟ لقد ماتت زوجتي أيضًا أثناء الحادث ”
أومأ إيروس بخفة.
” أخبرني جدي أنه كان حادث انفجار كبير في يوم الهالوين، كما أن.. عائلتي كانت واحدة من الضحايا، نجوت لأنني كنت بعيدًا قليلاً عن الانفجار لكن والداي قد توفيا فيه ”
جده أخبره..
” هل لا تتذكر شيئًا من الحادث؟ ”
هز إيروس رأسه نفيًا.
” فقدت ذكرياتي عن الحادث وما قبله، لا أتذكر والداي ولا أي شيء، بقيت فاقدًا للوعي بعد الحادث وكان جدي أول شخص قابلته بعد استيقاظي، كان هو من اهتم بي ورعاني منذ وقتها.. ”
” هل هو ليس جدك الحقيقي..؟ ”
” آه نعم هو فقط اعتنى بي بعد أن فقدت والداي لذا كنت أناديه بجدي لكنه رحل أيضًا قبل سنتين.. لم أفتقد والداي كثيرًا من قبل لأن جدي كان معي دائمًا لكن منذ أن رحل جدي بت أفتقدهم أكثر وأكثر مع أنني لا أتذكرهم ”
كان إيروس يبتسم، لكنني قرأت الشوق في عينيه. كان يجيد التظاهر أنه بخير، كان علي قول شيء ما وقتها. كشخص بالغ.. أو حتى كأب كان علي قول شيء ما لكن لم يخرج شيء.
أمكنني إخباره وقتها.. أمكنني مواساته لكن رغم ذلك لم يخرج شيء.
لكن على النقيض مني أنا الجبان كان إيروس هو من تحدث.
” أظن أن ابنك سيكون سعيدًا حقًا لأن والده لا زال معه وأنه لا زال ينتظر استيقاظه رغم كل هذه السنين الطويلة وأنك لم تتخلى عنه، هو محظوظ أيضاً لأنه حتى في حالته هذه لا يزال يملك والده معه، أنا أقول أنه أمر مدهش تحملك كل هذا لسبعة عشر سنة لذا لا يجب أن تفقد الأمل فلا نعلم.. قد يستيقظ لوكان اليوم أو غدًا أو أي يوم قريب.. ”
أحيانًا، لبعض الكلمات البسيطة، أثر أقوى من أي أحاديث طويلة.
أحيانًا يتخذ الصغار بعض الخطوات المهمة بثقة على النقيض من الكبار من يبدؤون بحساب النتائج حتى قبل أخذ الخطوة.
تؤثر فينا أحيانًا هذه الكلمات البسيطة والغير مرتبة أكثر مما تفعل الكلمات المدروسة من قبل، على الأقل في هذه الحالة.. يمكنك التأكد أنها نابعة من قلب صادق.
ربما لأن هذا ما أردت أن أسمعه من أحدهم، أنني عملت بجد وأنني تحملت جيدًا وأن كل جهودي لم تكن مضيعة للوقت وأن النتائج تستحق معاناة البداية.
أخذت أحدق بإيروس، لا علم لي عن نوع التعبير الذي كان يعتلي وجهي، لأن حمرة خفيفة اكتسحت وجنتا إيروس وأخذ يتحدث عن كل ما يخطر في عقله في محاولة منه لتغيير الموضوع.
هو شاب صادق لكنه طفل بالرغم من عمره برؤية كيف أنه بدأ بالتحدث عن أي شيء خطر في رأسه ولم يكلف نفسه عناء ترتيب كلماته حتى، أظنه غير معتاد على المواساة والكلمات المريحة لأنه بدا محرجاً وحاول تجنب النظر إلي ولم أكن لأفوت فرصة كهذه.
ابتسمت بينما أنظر إليه.
” لقد قلت شيئًا جميلاً للتو يا إيروس، هل ربما أنت قلق بشأني..؟ لم أكن أعلم أنك شخص طيب القلب هكذا.. ”
صاح إيروس بوجه أحمر.
” من قلق بشأن من..؟! أنا كنت أقول فقط وهذا كل شي..! ”
” وجهك أحمر يا إيروس.. ”
” هذا بسبب الإضاءة هنا..! ”
” نعم نعم بالتأكيد ”
وجهه يقول كل شيء.
صمت إيروس قليلاً ثم تحدث.
” أنا.. كنت أعني ما قلته حقًا يا سيدي الكاتب.. ”
” تعني أنك كنت قلقًا علي حقًا.. ”
صاح إيروس بفراغ صبر.
” ها أنت تلعب بالكلمات مجددًا يا سيدي الكاتب..! ”
” آسف، لن أفعلها مجددًا أكمل ما أردت قوله.. ”
تنهد إيروس وأخذ ينظر إلى لوكان.
” لدي صديق في حالة مماثلة، لكنه بالطبع ليس في غيبوبة منذ ١٧ سنة، مرت ثلاثة أيام فقط على ذلك.. بالأمس عندما زرته في المستشفى شعرت باليأس لأنه لم يستيقظ بعد، كنت غاضبًا.. وشعرت بفراغ صبر، لأنني كرهت فقدان شخص عزيز علي مجددًا، لذا.. ”
رفع إيروس رأسه ونظر إلي.
” عدم فقدانك للأمل في استيقاظ ابنك وتحملك كل هذا لوحدك طوال هذه السنين هو أمر مدهش حقًا يا سيدي الكاتب ”
مجددًا.. كرهت نفسي لكوني جبانًا.
” مرة أخرى، أنت تصنع وجهًا حزينًا مجددًا يا سيدي الكاتب.. ”
كان إيروس ينظر إلي، لسبب ما بدت عيناه في تلك اللحظة دافئة بشكل غريب.
” لا بأس، لا تقلق يا سيدي الكاتب، أنا واثق أن ابنك سيستيقظ قريبًا حقًا، وثم مثلك تمامًا، علي أيضًا أن لا أفقد الأمل في استيقاظ صديقي ”
كان إيروس طفلاً طيبًا، حتى بالرغم من أن أحدًا لم يقم بمواساته كان يحاول مواساتي أنا الذي لم أستطع قول شيء حتى.
” فظيع ما حدث وقتها حقًا، لا أريد التفكير في عدد الأعزاء الذين فقدوا أثناء الحادث.. أيًا كان من تسبب في ذلك الانفجار لاشك أنه أسوء شخص في الوجود، ما كنت لأسامحه أبدًا، أبدًا لولاه.. لكنت مع والدي اليوم ولكنت مع عائلتك يا سيدي الكاتب ولعاشت عائلات كثيرة.. ”
كان صامتًا للحظة ثم صاح فجأة.
” انتظر لحظة يا سيدي الكاتب..! إن كان ابنك بالخامسة قبل سبعة عشر سنة إذن كم عمرك الآن بحق الجحيم..؟ ”
لم أستطع منع نفسي من الضحك هذه المرة.
” هل هذا ما تفكر به الآن؟ أنا في الثالثة والأربعين من عمري.. ”
هب واقفًا وهو ينظر إلي بعيون لا تصدقني.
” أنت تمزح..! أظنك تقصد الرابعة والثلاثين أليس كذلك..؟ ”
” أنا في الثالثة والأربعين حقًا ألم أخبرك أنني عجوز لم أنت متفاجئ هكذا؟ ”
أخذ ينظر إلي بذهول.
” لا يصدق.. أنت تبدو شابًا جدًا يا سيدي الكاتب، ظننتك في بداية الثلاثينات لم تبدو شابًا هكذا؟ ”
” شكرًا لك أعلم أنني وسيم ”
رمقني وهو يجعد فمه.
” ماذا تقول لابد أن جريمتك كانت التنكر والاحتيال كيف لك أن تكون عجوزًا بوجه كهذا يا سيدي الكاتب ”
” انظر إلى وجهك أولاً تبدو كطالب في الإعدادية من سيصدق أنك شرطي ”
” أنا معذور لأنني لا أزال صغيرًا لكنك من المفترض أن تكون أبًا..! من يراك سيظن أنك أخاه الأكبر وليس والده ”
” هذا جيد أنا متأكد أن ابني كان ليحب الأمر هكذا ”
حدق بي إيروس قليلاً بينما يجعد حاجبيه ثم جلس في مقعده مجددًا.
” إذًا لماذا أردت مني القدوم معك إلى هنا يا سيدي الكاتب؟ ”
” لم أردك أن تعبث في منزلي أثناء رحيلي لهذا سحبتك معي إلى هنا، إن كنت تريد مراقبتي فسأفضل أن تراقبني من حيث يمكنني مراقبتك أيضاً ”
” محتال، مشكوك في أمره، مثير للشبهة.. ”
” صاخب، غير ناضج، متطفل، ذو وجه أحمر.. ”
صاح إيروس مجددًا.
” وجهي ليس أحمر..! ”
رفعت سبابتي بينما أنظر إلى لوكان.
” ششش..! سينزعج لوكان هكذا ”
غطى إيروس فمه بيده بينما يومأ برأسه.
أخرجت الكتاب الذي أحضرته معي وأسندت رأسي إلى الخلف.
” يمكنك الجلوس بهدوء بينما أقرأ قصة للوكان.. ”
” لا أقصد شيئًا وإنما أشعر بالفضول فقط ولكن أليس هو في غيبوبة، هل يستطيع سماعك حقًا..؟ ”
ابتسمت بينما أفتح الكتاب.
” سمعت أن الناس في الغيبوية يستطيعون الاستماع إلى ما حولهم والشعور بوجود أحدهم أيضًا لكنهم لا يستطيعون الاستجابة لكل هذا ”
” حسنًا.. ”
صمت لبرهة ثم بدأ بالتحدث مجددًا.
” لكن يبدو وجهه مألوفًا لي بشكل غريب هل هو يشبهك يا سيدي الكاتب؟ ”
حدقت في إيروس بصمت.
كان شعر لوكان أشقرًا بلاتينيًا وكان يملك عيون زرقاء هادئة رغم أنه لم يفتح عيناه وكان يملك بشرة شديدة البياض وبالمقابل كنت أملك شعرًا أسودًا وعيون رمادية وبشرة لا تشبه خاصة لوكان بتاتًا.
” أعرف طبيب عيون جيد هل نذهب إليه بينما نحن هنا بالفعل؟ أليس واضحًا أنه لا يشبهني في أي شيء، يمكنني قول أنك أنت تشبهني أكثر حتى، إنه يشبه والدته يا قصير النظر ”
” كيف لي أن أعرف أنه يبدو كوالدته؟ ”
” هل أنت أحمق؟ لا، أنت أحمق بالفعل ”
” حسنًا حسنًا كنت أقول فقط توقف عن قول أنني أحمق..! ”
” إن توقفت أنت أولًا عن قول الهراء.. ”
أخذ إيروس يدور بالمقعد الذي كان يجلس عليه بانزعاج بينما بدأت أروي القصة للوكان.
لم يكن إيروس من النوع الذي يستطيع الاستماع إلى قصة بهدوء لذا تدخل في العديد من المرات وأخذ يكرر أسئلة مثل لماذا وكيف ومتى وأين بينما يدور بالمقعد.
مر الوقت سريعًا وفي الوقت الذي انتهيت فيه من القصة كان المكان هادئًا لذا رفعت رأسي ووجدت إيروس نائمًا على مقعده.
كان الجو باردًا قليلاً لذا نهضت وغطيته بمعطفي.
ابتسمت بينما أنظر إليه.
” قلت أنك شاب بالغ ومسؤول لكن انظر إليك الآن تغط في نوم عميق بعد استماعك لقصة أطفال.. ”
نكزت جبينه بخفة.
” أنت حقًا لا تزال طفلاً.. ”
كان ينام بهدوء بينما غطت خصلات شعره الداكنة عيناه.
يبدو هادئًا ومسالمًا وهو نائم بينما يبصق بكل أنواع الهراء فور استيقاظه.
أراهن أنك أيضًا تشبه والدتك.
حسنًا، بعض اللحظات الجميلة فقط لا تدوم طويلاً، بصقت الدماء وقتها وكأن الأمر يخبرني أنني سأرحل قريبًا لذا لا يجب أن أتقرب من أحدهم حتى لا يكون الوداع صعبًا.
ليس لي فقط بل له أيضًا.
على أي حال، أظن أنني كنت قد نسيت أخذ أدويتي لذا كان الأمر مؤلمًا لفترة، مسحت الدماء وعدت إلى مقعدي.
في محاولة مني لتناسي الألم، أخذت أكتب هذا الكتاب لكن لم يجدي الأمر لذا أغلقت الكتاب بعد فترة وخرجت لأتحدث مع طبيبة لوكان.
أخبرتها عن مرضي وعن رسوم المستشفى وأن صديقي سيهتم بالأمر بعد رحيلي.
عند عودتي إلى الغرفة سمعت صوت إيروس وهو يصيح بصوت مسموع من خارج الغرفة.
” يا لي من شرطي مهمل..! كيف لي أن أخفض حذري وأترك المشتبه به يفلت من يداي بينما أغط في نوم عميق هكذا.. اوه تبًا لي..! ”
فتحت الباب بهدوء بينما أخاطبه.
” توقف عن صنع الجلبة، ذهبت لأتحدث مع طبيبة لوكان لا أكثر ”
أخذت حقيبتي من على جانب السرير وتوجهت ناحية الباب.
” أحضر معطفي وتعال لنذهب يا إيروس ”
وقف إيروس ينظر إلي.
” معطفك؟ اوه هل وضعته علي أثناء نومي؟ لهذا لم أكن أشعر بالبرد، شكرًا لك يا سيدي الكاتب، بالمناسبة إلى أين نحن ذاهبان؟ ”
تبعني إيروس وناولني معطفي.
أمسكت معطفي وأنا أنظر إليه.
” هل عادة ما تتخطى الغداء أيضًا؟ إنها الواحدة ظهرًا سنذهب لتناول الغداء ”
” مجرم مثير للشبهة يدعوني إلى الغداء، هذا مريب.. مثير للشبهة..! لابد أن جريمتك كانت دعوة أحدهم وثم تسميم طعامه ”
نفشت شعره.
” أيها الشقي..! هل تقول هذا بعد أن التهمت شطائري؟ ”
ابتسم إيروس بشكل طفولي.
” حسنًا يبدو أن هذه لم تكن جريمتك.. ”
” أنت تخفض حذرك كثيرًا.. ”
” اوه من فضلك لا تظن أنني شخص سهل المنال وأحمق، تم تربيتي من قبل جندي متقاعد، أنا فقط أحب فعل ما أريده ”
” لنرجو فقط أن لا تفعل شيئًا غبيًا.. ”