في الصحراء - 4
استيقظت ثرى بعد أن اُغميَ عليها لمدةٍ طويله ، لعلها إستَمرت بها لخمسةٍ وعشرون ساعه .. نَظَرت لمن حولها بإستغرابٍ وغضب إذ بهم مجموعةٌ يرتدون لِثاما غريبَ الشكل ..
ثرى : من انتم ! وأين فيروز ! اقسم لأقطعنّكم إربا إن لم تُخرجوها الآن !
خَرَجَ المُلثَّمونَ بهدوءٍ مريب ، قال آخر مَن خرج : اتبَعينا ، هنالك من يود لقاءكِ .. لا يجب عليكِ القلق .. لن يؤذيكِ احد
تعجَّبت ثرى من كلامه .. كأنهُ يُثير غيضها ويذهب !
ثرى ايَمزح ! يخطفونني ثم يتركون لي خيار الاحتجاز ام الذهابَ معهم ! حتى التفكيرُ بالامر يجعلني اشعُرُ بالغباء ! وماذا أملكُ غير اللحاق بك !)
اتٌبعت ثرى ذلِك الحَشد بِنِيَّةِ الهَرَبِ طبعا ، لأنها لم تعلم من ستُقابِل .. ومن يَهتَم ؟ تريدُ حُرّيتها وحسب ، اوه ! وكأنها نسِيَت شيءً ؟
ثرى فيروز ! يا إلهي لقد نسيتُ امرها ! ماذا حلَّ بها الآن ! الا شُلَّت الأيدي !)
فُتِحَ بابٌ أمامَ ثرى ، قيلَ لها أُدخُلي ..
ثرى : وأدخل لمن لا أعلم !
سحبت إحدى المُلَثَّمين لِجانِبِها وادخَلَتها معها
ثرى : إن كُنتُ سأدخل فستدخُلِين معي .
قلِقت المُلثمه ، إذ بِرِفاقها يلَوِّحُون لها بالذَّهاب مع ثرى ، فذهبت .
دخَلت ثرى تتبعها المُلَثمة بخوف ، تعجبت ثرى مِمَا تراهُ منَ المُلَثمه ، يكفي أن ارجُلها ترتجف !
ثرى : أليس مانذهب إليه غيرَ مؤذي ؟ لِمَ ترتجفينَ إذا ؟
المُلثمه : م-من قالَ انني قَلِقه !
ثرى : لا أعلم .. لربما ساقيكِ ؟
المُلثمه : دعينا ننهي ذلِك وحسب .
ثرى مجموعةُ غريبي اطوار .. يبدو انهم يريدون إخافة الناس بتلكَ الالثِمه نظرةُ فيروز تِلك ستجعلهم يبكون .. انها تجلبُ لي السعادةَ حقًا .. سأبحث عنها عندما أجِد طريقًا للذهاب ).
..: بمن تفكرين يا إبنتي ؟
ثرى : ب-
تجَمَّدت فيروز في مكانِها إذ بِها ترى والدها ! ، تَوقعَت لِقاءً مؤثِّرًا مليئٌ بالدموعِ والاحضان لكن … لم يبادر أحدهما حتى بمد يدهِ للسَّلام
ثرى : ابي ..
..: ألَم يأتكِ شوقٌ إليّ ؟
ثرى : ب .. بلى ولكن .. رأيت رأسكَ أمامي في باحةِ المدينه !
..: يوهِمونكِ بأشياءٍ لا وجودَ لها .. قلتُ لكِ أن لديَّ عملٌ بالخارج وسأعود ؟
حَضَنَ والد ثرى إيّاها .. وبالكاد ترفع يدها لتضَعها على ظهره .. إذ بها تبكي في حِضنه ، تعجَّبَ والدها منها ومن تلكَ الدُّموعِ المبهمه
..: مابكِ ! ماذا حصل !
لم تَستطِع ثرى الوقوف .. امسَكها والدُها وثمّ اجلسها على كُرسِي
ثرى : أؤلئكَ رِجالُك ؟
..: نعم ! ماذا فعلوا بكِ !
ثرى : طُعِنَت ساقي ، إنّهُ واحدٌ منهم ..
إتَّجه والدها إلى من كانت تتبعها من المُلثمين فأوقفتهُ ثرى قائلةً
ثرى : ليست هي .. من طعنَني كان رجُلا ..
بدأت ثرى بشقِّ ثوبها وتضدميدِ جَرحها به ، تعجب والدها من فِعلها مرةً اُخرى ! لِمَ لم تَقُل له ان يأتيها بطبيب او على الاقل تطلبُ المساعده !
..: ماذا تفعلين ! ذلك خاطئ ! يجب عليّ الإتيان لكِ بطبيب !
ثرى : وما فائدة الطبيب الآن يا ابي ! استطيع شفاء جروحي كما ترى على وجهي ويداي ! كما عالجت جروحَ نسيانك لي سنينَ طويله والآن تأتي لي بطبيب ! او عندما تأتي بمجموعة كهذه لتأتي بيَ إلى هنا ! جرحوا ساقي وآتوني إليكَ جرًا كما تساقُ البهائم ! وهذا يُعتبر تعاطفًا وحُسنَ معامله لأنني إبنتك ، ماذا حصل لصديقتي ياترى ؟ قتلت ؟ عُذِّبت ؟ جوّعوها ؟ قطّعوها ؟ من يستطيع علاج من جروحِك يا ابتي !
مشت ثرى وهي تعرُج نحو الخارج ، فأمر والدها بذهاب تلك المُقنعةِ معها .. تحيُّزا لأي مشاكِل .
جلست ثرى مُحدِّثةً نفسها .. مُستنكرةً حياةَ والدها ..
ثرى المفترض انني كُنت اُمثِّل .. لم اعتقد أن تلك المشاعر ستكونُ بتِلك القوه ! ، على الاقل نجحَت خُطتي ، والآن .. ماذا يجب أن أفعل ؟ إنَّ فيروز تنتظِر ! لكنَّنِي لا أعلم أين هي …
وقفت ثرى ثُمَّ قامت بإِشهار سيفِها أمام تلك المُلثَّمةِ قائلةً
ثرى : أستفضحينني ؟ لن اترددَ لحظةً بجعلِ سيفي هذا في قلبك !
المُلثَّمه : إفعَلي ماتشائلين .
ثرى : تتَحدِّينَنِي إذا ؟
فعلت ثرى ماقالته ، وإذ بالملثمةِ تختفي وكأنها سراب .. أكانت سرابٌا حقًا ؟ أم شيءً آخر ؟
على أيّ حال ، قامت ثرى بالهرب وهي لا تعلم إلى أين حتى .. مايهمُ الآن هو الإبتعادُ عن هذهِ المِنطَقَةِ وحسب .
أثناء هروبِها ، كانَ هنالِك نقاشٌ حادٌ يجري بين والدها والمُلثمه
الملثمه : لقد هربت .
والد ثرى : كنت أعلم ان هذا سيحصل ! ماللذي اتى بكم إلى هُنا ! أرسلتُ أُناسًا افضلَ منكم وهذا ماعاد إليّ !
المثلمه : استَمِع إليّ أيها العجوزُ الخرِف ! ستعود .. وبدل الواحدةِ ثلاث ! اجلس وراقب كيف تتم حل الأمور .
والد ثرى : ستخالفين أوامرهُ وتلقين حتفكِ ، لن يهمني ماذا ستفعلين ، لكنه شدَّدَ ان تعودَ حيه ، ليست بالضعف اللذي تتخيلينه ، لا تنسِ انها إبنةُ تِلك المرأه .
الملثمه : سأُكرّم على افعالي هذه وسترى .
انطلقت الملثمة خلفَ آثار ثرى .. لكنها لم تجد أي آثارٍ حتى ، إن اعتمَدَت على المنطِق فبالتأكيد انها ذاهِبةٌ للمدينه ، ثم انطلقت نحوها .
عندما وقفت ثرى أمامَ بوَّابه .. وقفت ساكنةً لما تراهُ أمامها ، برعشه ؟ خوف ؟ سعاده ؟ ماعاشته بهذهِ المدينة كان أمرًا مُروِّعا لكن بِكُلِّ الأحوال .. ليست هذِه المشاعِرُ اللتي تُكِنُّها لها !
سارت قليلا إلى الأمام بذهولٍ غريب ، جاء رجالُ من خلفِها ثم ضربها على رأسها بقارورةٍ مِن زُجاجٍ لكنها لم تشعُر بشعور ضربةِ حتى .. التفت نحو ذلك الرجل لوهله ، ثُمّ هَرَب مُرتعبا .. رأت في مُنتصفِ ساحةِ المدينه امرأه ، كانت من يُشعِلُ النيران ويقتلَ كُل من رأت فيهِ شرا .. مُمسكةً والدها ورافعتهُ إلى الاعلى .. حاولت الصراخ بإسمهِ لكن المُلثَمةَ امسكتها ثُم وَضعت يدها على فاهِ ثرى لعدم لفتِ الإنتباه .. او هذا ماضنتهُ ثرى ..
بدأت تلك المرأة تُتَمتِم ، لكن ماسمعته ثرى كان وكأنه يقول .. مُجرِمه .. انتقمي .. يتّمَتكِ ! شَعَرت بالعَجَزِ والخذلان .. وبعض الفضول وشعورٍ بالارتياح بعضَ الشيء .. لكن بعد التَّمتَمةِ تِلك ، وكأن دِماغها قد غُسِل .
إذا انتقلنا إلى الجهة الأُخرى مِن الساحه .. سنجدُ والِدَ ثرى وتلك المرأةَ يتحدثان وكأنه الخِطابُ الاخير ..
المرأة : فقط قُل لي .. لماذا فعلت هذا !
والد ثرى : في الواقع .. كان ذلِك للعيش اطول فترةٍ ممكنه .. أطول من أي أحدٍ سبقني ، لكنني خسرت .
الموت بيدكِ رحمةٌ يا إمرأه .. بفارق يد ذلك النجس .
قتلته المرأة بهدوء .. ثم وضعت جثتهُ تلك على الأرض .. ثُم وَقَفَت ورفعت يديها قائلةً :
“ذلك جزاؤكم بما فعلتم سابقًا ، وما تفعلون ، وما تسوون فِعله ! وعدتُكُم انني سأعود مرة أُخرى إن عَرقلتم طريقي .. او طريق احجاري الكريمه !
لمحت تلك المرأه شيءً يلمَعُ من بعيد .. تقدمت نحوه .. وإذ به قلادةٌ جميله ، تزينها أحجارٌ لامعه ..
قالت بائعة القلائد :
خذيها رجاءً ، خذي كل ماتودينه ! لكن اعفِ عن حياتي ارجوكِ !
المرأه : انها قلادتي .. سآخذها بسرورٍ بالتأكيد .. ولا تعودي لآخذ ماليس لكِ !
لم ترد تلك المرأه .. بل نجت بجلدها وهربت .. إذ بسهم يأتي من بعيدٍ نحوها .. إلتَفّت المرأه .. وإذ بها الملثمةُ تُطلِق أسهُمًا ، ابتسمت المرأه ، وإذ بها خلفَ المُلَثمه .. وسيفها حول عنقها ، ثم قتلتها ونظرت نحو ثرى ..
المرأه : ثرى إذا ؟
ثرى : أيتها !..
لم تستطِع ثرى تحمٌلَ جِراحها فسقطت طريحه .
المرأه : أيتها المسكينه ، آسفةٌ على ذلك .
هذا ماكان يجِبُ عليّ فِعله .. الصمودُ شِعاركِ إذا ؟