لوحة الربيع - 13
خرجت مباشرةً لقصر عمها، منزل والدها سابقًا وجنة طفولتها .. دخلت قاصدةً غرفة والديها التي أصبحت غرفة عمها وزوجته، بحثت بين الأغراض لكنّها لم تجد تذكارًا باقيًا منهما، قد باعها عمها وتخلص منها جميعها .. وجدت صدفةً بين أغراض زوجة عمها مشبك شعرٍ مرصع بالمجوهرات، زاهٍ يلمع بشدة، كان ملكًا لوالدتها هدية من والدها .. أمسكته برفق وتأملته مسترجعة ذكرياتٍ مر عليها 13 عامًا من التخبط والمعاناة، حيث أهداها والدها قبيل موته بشهر وكأنه يترك تذكار مابعد موته، أحبته والدتها كثيرًا ولم تنزعه حتى طردها عمها لتسرع زوجته مقتلعةً المشبك من شعر والدة يومي غير مبالية كمَّ الشعر الهائل الذي أُقتلع معه، تنهدت يومي براحة وابتسمت إبتسامة رضى ثم خرجت لتمحو كل الذكريات الأليمة مع لقب هذه العائلة المشؤومة.
حالما خرجت وجدت أمامها هارو وكازو مترقبين أيَّ حالة حزن قد تظهر، لكن يومي كانت سعيدة .. سُعِدا لذلك وسألا عن ما أخذته فأظهرته لهما.
-“أهذا فقط؟”. سأل كازو
-“لم أجد سواه .. كما أنني أمتلك خاتم زفافهما، أخذته من يدي والدتي بعد وفاتها، حتى أن عمي أراده بشدة فعندما أعادني ضربني ليالٍ عديدة يسألني عن مكانه، إلى أن فقد أمله مني وحبسني بغرفتي ل7 سنوات”.
ضمّت يومي المشبك بلطف وابتسمت إبتسامةً كبيرةً :
-” كم انا سعيدة .. لدي خاتمهما ومشبك شعرها”.
ابتسم هارو بعدما اطمأن وأخذ المشبك من يدها برفق، ثم زين شعرها به .
-” تليق بكِ السعادة”.
عاد ثلاثتهم للمخبز لتحزم يومي أمتعتها للعودة لقريتها، ودعت الخباز بعدما شكرته كثيرًا وقدمت له زينة باب جميلة ليعلقها مع جرس بابه الذي كان صوته بداية الأمل ليومي.
انطلقت رفقة هارو وكازو للعودة أخيرًا لديارهم بلا هم أو خوف، إنتهى كل شيء ..
فورًا احتفل ثلاثتهم رفقة كايو والسيد توماس بمناسبة حرية يومي وانتصارها السعيد، رقصوا وغنوا وكأنّ الدنيا ملكهم وتبدد مع هذه الفرحة ألم الفقد والحزن، عندما همَّ السيد توماس بالخروج طلب من يومي أن تمره بالغد في منزله ثم ودعهم وذهب رفقة كايو.
-” إنهما لطيفان ..”.
-” فعلًا لطيفة”. وابتسم كازو وهو يحمل صحون الكعك
سكتت يومي ونظرت له بينما ابتسم هارو إبتسامته الكبيرة مستعدًا لسخرية جديدة
-” أقلتَ لطيفة؟ بالتأكيد لاتعني يومي هاه”. وضحك هارو
-” يالك من عاشق كتوم لِمَ لَمْ تخبرنا !”.
صُعق كازو من زلة لسانه وقال موبخًا :
-” أيُّ حبٍ تتحدثان عنه؟ ألا تنظران لنفسيكما رجاءً؟ كلاكما تعشقان بعضكما حد الموت ولكنكما بقرة وثورة تخجلان!!”.
ثم مشى غاضبًا للمطبخ وغسل الأطباق، بينما هرب هارو ويومي لكل حدب وصوب من خجلهما بعد قنبلة كازو المتفجرة.
أتى الصباح، ولا زال هارو ويومي تحت تأثير ماحدث البارحة، عمَّ الصمت وجبة الإفطار حتى أنّ كازو تعجب من صمتهما
-” هل حدث شيء؟ أتشاجرتما؟”.
-” كلا”.
-” كلا”.
-” مابكما إذًا؟”.
-” بربك أأنت تسأل ؟”.
-” يا لكما من غريبان، كلنا نعلم بحبكم أتنويان المماطلة مثلًا؟”.
-” عزيزي كازو هلّا أكملت إفطارك رجاءً”.
-” إن أردتَ فتح مواضيع الحب فما رأيك أن نبدأ بك وبكايو؟”.
-” أكمل إفطارك واسكت، هارو”.
انزعج هارو من كازو بينما شربت يومي حليبها وهي تكاد تنفجر خجلًا، أما كازو شعر بالضيق فمشاعره تكاد تُكشف من هذين الغبيين.
ذهبت يومي حالًا للسيد توماس، طرقت الباب لكن بلا مجيب، وجدته مفتوحًا قليلًا فترددت من الدخول لكيلا يغضب كما حدث في آخر مرة، استمرت بالطرق لكن لم يفتح أحد، أخذت شهيقًا ودخلت وهي تتمنى داخلها أن لايتكرر ذاك الموقف، وجدت أمامها السيد توماس جالسًا عند مكتبته فارتعبت وانحنت فورًا :
-” إعذرني على دخولي ياسيدي، لم أقصد تكرار الموقف لتغضب لكن طرقته كثيرًا ..”.
-” على رسلك، انا تعمدت تركه مفتوحًا لأرى ماذا ستفعلين، لم أغضب سابقًا لكونك دخلتِ هكذا لذا لاتقلقي”.
وابتسم السيد توماس، شعرت يومي بالراحة وجلست مقابل السيد توماس
-” طلبتَ لقائي سيدي”.
-” سيد؟ ياللضيق فالجميع يناديني بالعم توماس، ألا تزالين ساخطة علي من أول لقاء؟”.
-” كلا! ولكن خفتُ أن تغضب أنت من ذلك”.
ضحك السيد توماس وأردف :
-” يالكِ من لطيفة .. أود أن تتركي مناداتي بالسيد توماس، على كلٍ .. دائمًا مايبقى في القلب فتات غضب وحزن من فعلٍ فعله أحدهم، حتى لو قلنا عكس ذلك، المواقف تترك أثرًا وتُبقِي ندوبًا مالم نعالجها ياعزيزتي .. لذا طلبت رؤيتكِ هنا اليوم”.
وقف وأمسك كتابًا بدا عليه القِدم والعَتُق ثم مده ليومي :
-” تصفحيه”.
قلَّبت يومي صفحاته، كانت مذكرات يومية .. لكنها مختصرة لاتحكي تفاصيل اليوم، قرأت يومي عدة صفحات، تبدو كصفحات متقلبة لعدة أدوار .. تارة ممرضة وتارة أم، وتارة مراهقة عاشقة وتارة شاعرة، تعجبت يومي واستبقها السيد توماس حيث سأل :
-” ماهو انطباعكِ عنها؟”.
-” إنّها متشتتة بشكل غريب، تلعب عدة أدوار، لكنِّي ألمس في جميعها شيئًا مميزًا”.
-” أصبتِ في ذلك فعلًا .. إنَّها مذكرات زوجتي كاي، كانت ممرضة غريبة حينما ألتقيت بها، أمستعدة لحكاية قد تطول؟”.
-” يسعدني ذلك! فلتطلها كما تود”.
ابتسم السيد توماس ثم نظر للأوراق المعلقة عند مكتبه ..
-” تلك جميعها كتابات كاي، كانت إمرأة مذهلة بحق .. طوال 28 عامًا كنتُ مجرد رجل عادي نشأ بين كنف والده بعد وفاة والدته بسن صغير لا يتذكره حتى، تعلم وكبر ثم أصبح المعلم التالي لأطفال القرية، شاع عني أني معلم غريب .. كنتُ هادئًا على عكس معلمي السابق الذي كان حيويًا مبتهجًا حتى بعدما شاب وكبُر، لطالما كانت لي نظرة دقيقة وخيال واسع فلسفي، لم يفهمني الكثير لكني كنت ألامس قلوب طلابي، أحببتهم فعلًا ولم أنظر لهم سوى نظرة أب يودُّ الخير لأبنائه، لم أحتك بالنساء ولم أتحدث معهم كثيرًا، حتى أصابني أحد الطلاب إصابة غير مقصودة فجرح ساعدي بأداة حادة فذهبت للمشفى وهناك وجدت من كانت لي كل الدرب لا شريكه فقط، عالجتني كاي والتي بدورها شيع عنها أنَّها غريبة الفكر والتصرفات، كنت أتفكر مالذي دعاهم ليقولوا عنها ماقالو وانا لم أرى فيها من الغُرْبِ ظفرًا، لم أقمع نفسي وسألتها مستفسرًا :
-” لِمَ يقولون عنكِ أنكِ غريبة يا آنسة؟”.
-” ربما لأنني ألامس أفكارهم .. “.
-” المسي فكري إذًا”.
ضحكت وأجابت :
-” ليس هكذا .. ربما يومًا ما”.
لم أفهمها ولم أفهم ماقصدته، حتى ظننت بدوري أيضًا أنّها غريبة .. لكن فيها غرابة مميزة !، خرجت وتبعتني كاي مودعة لأجد الطالب الذي جرحني رفقة والده قد قلق عليَّ وأتيا يعتذران، ركض الطفل إليّ باكيًا وضمني يعتذر، طبطبت على رأسه وطمأنته أنني بخير، قالت كاي مشجعة:
-” إنّه قوي! لم يخف من إبرتي أبدًا!!”.
فخاف الطفل أكثر وعلا بكاؤه حتى أخذه والده وهدأه ثم اعتذرا وذهبا، وعدتُ بدوري بعدما أخبرتني كاي أن أعود لاحقًا لفك خيوط جرحي، توالت الأيام وبقيت كاي في عالقة في أفكاري أتفكر في جوابها، عدتُ مجددًا للمشفى لفك تلك الخيوط، وجدت كاي عند مريضة كانت راقصة باليه لكنّها أصيبت بحادث أجهل تفاصيله لتفقد قدماها حريتها وتُسلب منها تلك القدرة .. كانت كاي تفحصها في مراجعتها الدورية ثم طمأنتها كاي أنَّها بخير، استفسرت المريضة عن أيِّ أمل لتستعيد حركتها لكن كاي أجابتها بأنه شلل دائم، فاكتفت المريضة بالنظر لقدميها وسكتت، أخذت كاي ورقة وقلمًا وكتبت سطرًا أعطته لتلك المريضة ؛
” بُترت قدرة قدماي ولاتزال أوردة قلبي ترقص ”
بكت المريضة وضمت تلك الورقة وقالت بفرحة اختلطت بالحزن :
-” فعلًا!! فعلًا!! هذا ما أشعر به! قلبي لا زال يرقص لكن لا أحد يصدقني! لستُ مجنونة انا راقصة باليه حتى النخاع!”.
-” إن صادفكِ أيُّ احباط كذاك الذي اعتلى وجهك للتو، الزمي الكتابة وفرغي شعوركِ هُناك، إنَّه مفرِّغ مشاعر ودافع يجدد الأمل!”.
بُهِرْتُ منها حينها وانتابني الفضول حيالها أكثر، حان دوري وفكّت خيوط جرحي، فحدثتني قائلة :
-” عهدتُكَ تسأل، ما سؤالك لليوم؟”.
-” وما عهدكِ بي؟ ماكان سوا سويعات لا أكثر”.
-” إنني أعرف الناس فورًا .. رأيتكُ للتو تراقبني رفقة تلك المريضة، أفهمتَ غرابتي الآن؟”.
-” إن كان ذلك فعلًا منبع غرابتكِ فأولائك هم الغرباء!”.
-” إنك أول شخص خارج الموقف لا يراني غريبة .. غالبًا مرافقو المرضى يزدرونني على الرغم من أنهم يرون تأثيره الإيجابي على المريض، كما أنّك أول من فهم جوابي ذاك”.
ابتسمت كاي إبتسامة نبض قلبي بشدة من بعدها وقالت بكل ود :
-” شكرًا لك”.
-” الغرباء يفهمون بعضهم كما أظن .. انا أيضًا غريب كما يصفونني”.
-” أأنت معلم أطفال القرية؟؟”.
-” هو بعينه، أرأيتِ الغرباء يفهمون بعضهم”.
ضحكت كاي وأردفت :
-” سرّني لقاؤك سيد توماس”.
-” انا أيضًا آنسة كاي”.
السمعة تطغى .. فكلانا غريبا القرية عرفنا بعضنا من إشاعاتهم المتناقلة، “المعلم توماس الغريب والممرضة كاي الغريبة”، فعلًا الغرباء يفهمون بعضهم .. شعرنا بتجاذب وتشابه فظيع، أصبحت هي تزورني في مقر تعليمي بحجة أن تفحص الطلاب، وانا آتيها للمشفى بحجة صداع أو ألم بطن، كنت أراها كثيرًا ماتكتب مشاعر المرضى، كانت فعلًا تلامس أفكارهم .. لطالما نصحَت بالكتابة لتفريغ المشاعر .. كل تلك المعلقات هناك ما أستطعت كتابته من كتابات كاي للمرضى، حينما توفي والدي بشتاء قارص شديد البرودة لم أنسى برده حتى اليوم، ضاقت بي الأرض مارحبت وشعرت بالوحدة الخانقة، بعد دفنه وجدتني بمنتصف الليل أمام المشفى المغلق أنتظر كاي عند البوابة .. أمطرت السماء تلك الليلة وبقيت أنتظر عند المشفى حتى الصباح، أتى الأطباء والممرضات ودخلو للمشفى بعدما سألوني ما إن كنت أحتاج شيئًا ثم يعزونني ويذهبون، بقيت أنتظر كاي .. أتت أخيرًا وسألتني بتعجب وقلق :
-” سيد توماس! هل أنت بخير؟؟”.
نظرت لها وبقايا ماء المطر باقية في ثيابي ومنظري في حالٍ مزرٍ مثير للشفقة، كنت في حالة مابين الوعي وعدمه، قلت لها وكلي ألم يتناثر :
-” هلّا عالجتِ جرح قلبي المكلوم ..”.
ركضت حالًا وضمتني بشدة، بينما خرت عيناي في سبيل بحرها تهيج، بكيت حتى خف دمعي وجف، ثم أخذتني لمنزلها، أعدّت لي الإفطار وأجبرتني على تناوله، أخَذَت كتابًا وجلست أمامي قائلة :
-” عليك بالكتابة .. إنها علاجٌ للروح”.
-” مالذي جعلك تهيمين بالكتابة هكذا؟”.
-” صدقًا لستُ أدري .. علّه ناتج من فقدي لذلك؟، ففي النهاية انا فتاة يتيمة بلا والدين ولا أقرباء، وجدني أحد الخبازين أمام بابه فتبناني وقام بتربيتي، عشت 10 سنوات أميّة جاهلة أقوم بالخبز مع الخباز وبيعه حتى مات، فاحتار أهل القرية بأمري ليأخذني معلم القرية حينها، شعر أنه حق من حقوقي التعليم وعيش طفولة طبيعية كطفلة، فعلمني كل شيء، القراءة والكتابة والحساب، وها انا اليوم ممرضة والفضل يعود له، لجأت للكتابة كثيرًا وأراحتني بشدة”.
-” علميني .. مانوع الكتابة التي تقصدينها”.
-” ليست درسًا تتلقاه، أكتب مايجول بخاطرك، لا أطلب منك أن تكون شاعرًا”.
حاولت حينها وكتبت كل ماشعرت به .. أفضيت بقلبي حتى خلا من همه، ارتحت كثيرًا حينها، أغمى علي فجأة من قلة النوم وتعرضي للمطر في هذا البرد الشديد، دفئتني في سريرها واعتنت بي، شعرت بالحرج على الرغم من أنّها ممرضة لذا فمن الطبيعي ذلك ..
أمضيت شهورًا أكتب وأكتب وأقرأ كتابات كاي، بعد عامٍ تزوجنا وقد كنت دخلت ال30 وكاي 26، لم تكن تنوي الزواج لأنها خافت الإنجاب .. خافت من أن تموت وتترك أبناءها أيتام كما حدث معها، لكن الحب يغير الكثير ..
أنجبنا فتاتنا وأسميتها كايو .. كما كنت أحب أن أنادي كاي، فأصبحت أنادي كل واحدة بإسم الأخرى، لطالما ناديت بإسم إحداهما لترد كلاهما فأضحك بشدة، ليوبخاني أن أُنادي كل واحدة باسمها وأترك لعبي هذا، لكنني لم أكن ألعب، أحب أن أنادي أغلى فتاتين بحياتي بأحب إسمين لقلبي ..
قبل عامين مرضت كاي مرضًا أطاحها بالفراش وأفقدها حيويتها وقوتها، شعرَت باليأس والحزن الشديد حتى كرِهَت العيش والحياة .. ذبلت وهزلت وأصبحت هادئة محبطة تنتظر من الموت أن يأخذها، كانت تردد دائمًا بغضب وخذلان ؛” انا ممرضة! كيف لي أن أمرض ..”
رفضت حقيقة أنَّها بشرية عادية وليست خارقة، كانت تسخط على نفسها كيف نالها المرض هكذا وهي التي تعالج أمراض غيرها، كنت أعلم أنَّها مشيئة الله قبل كل شيء لذا أحضرتُ كتابًا وقلمًا وأخبرتها أن تكتب، نظرَت لي بطرف عينها التي بالكاد تفتحها ثم بكت وأبعدت وجهها عني
-” حتى الكتابة لم تعد علاجًا لي ..”.
أمسكت بيدها ووضعت القلم وقلت لها عازمًا :
-” أكتبي!”.
جلسَت بوهن وكتبت ماكتبته في الكتاب بين يديك في الصفحة الأخيرة .. افتحيها واقرأي ..”
(“أما آن الأوان لعمري أن يُقضى
وألم يأن لجسدي أن يُفنى
فلا لي بدواء أرتجي منه
ولا داء أنقضي عنه”)
-” إنَّها متشتتة صحيح؟ لم تكتب كعادتها، طغى اليأس عليها حتى أفقدها بلاغة كتاباتها وجمالها، حتى في عبارتها تلك أثر إكتئاب شديد “.
-” لكن حتى هذه العبارات استطاعت أن توصل إليّ شعورًا شديدًا بالحزن ..”.
-” فعلًا، فقد ماتت فورًا بعدما كتبت تلك العبارات .. واعتزلت انا من بعدها الكتابة، لكنني لازلت أؤمن بكلام كاي في أن الكتابة أنسب حل للمشاعر .. إنَّها تفرغها فعلًا، لذا يابنتي لم أقصد أن أغضب عليكِ حينما امتدحتِ تلك الكتابات .. تلك ليست لي .. كما أن مديحكِ ذاك أعاد لي بذكريات مريرة، فانا أتجرع الألم كلما عشتُ في ذكرى نعيم حياتي معها، كتاباتها تملأ منزلي لكن لا أفضل قراءتها، إنني فقط أتركها لأتذكر حينما أراها أن أبقى أُحيي ذكراها في الترديد بالكتابة .. ولكيلا أترك تفريغ شعوري بالكتابة .. أمّا أنتِ يابنتي فلا سخط يمسكِ ولذا سردتُ لكِ قصتي علكِ بهذا تسامحينني وتمحين خطيئتي في قلبك، لا لكي أوجعكِ بحكايتي .. إمسحي دموعكِ رجاءً”.
-” إعذرني لأنني فتحتُ عليك بابًا أليمًا .. أنت عظيم كما قال هارو فعلًا أيّها العم”.
-” لا عليكِ لا ألم لي بوجود كايو .. أصبَحَت ممرضة بدورها بعد موت والدتها، أصرّت على أن تغدو إمرأة قديرة كوالدتها”.
-” هي كذلك فعلًا!”.
بقيت يومي طيلة ذاك اليوم عند السيد توماس، قرأت كتاباته وبقية كتابات كاي، وحاولت الكتابة بدورها رفقة إشراف السيد توماس، حتى غابت الشمس لتعود لمنزلها وقد أُشبعت بمختلف المشاعر والأحاسيس.
يُتبع ..
حساب الانستغرام : @imamy03