إيطاليا القرمزية - 2
ظلامٌ دامسٌ يطغى على أركان الغرفة غير المنظمةِ أغراضها ، كان مصدر الضوء الوحيد هو أشعةُ شاشةِ حاسوبِ تُعْمِي الأبصار، أمام هذه الأخيرة تماماً كان يستكين جسده مقوس الظهر من كثرة جلوسه بوضعية غير صحيحة، بدا أشبه بالميت من شدة شحوب ملامحه، أصابع يده النحيلة تجولت بحرية على لوحة المفاتيح و كأنها ترقص على وقع الكلمات التي تسطرها الشاشة، مكونة عبارة تساؤل غريب، ربما لكون جوابه بديهياً او لأن مجرد طرح ذاك السؤال في حد ذاته غباء، فمن ذا الذي يسأل
” لما نتناول الطعام؟ “
تابع طقطقته يكمل سيمفونية جوابه على سؤاله البليد
” نتناول الطعام إشباعاً لرغبتنا الداخلية و التي تعززها غريزتنا للبقاء، لكن حين نتحدث عن الطعام فإننا نتحدث عن التفضيلات التي ليس لها أي حد أو سد، هناك من يفضل المُمَلحات و هناك من يفضل الأكلات الحلوة، و هناك و هناك، عالم واسع ، مثيرٌ وغامضٌ لنْ يفهمه إلَّا الذواق أو المهووس بالطعام .
لكن ماذا إن كانت لك تفضيلات غريبة ؟ …. كأكل لحوم البشر مثلا !
حينها ألن تحصل على طبق انتقام لذيذ؟! ”
ابتسم برضى شديدٍ على ما أنجزته يداه، ثم انصرف تاركاً حاسوبه يبث أشعته و كأنما يريد من الجدران أن تشهد على تلك الأسئلة الغامضة.