بوابة الطوائف - 1
الفصل الأول – عالمنا
في هذا العالم… هناك الكثير من الأكاذيب… وحقيقة واحدة فقط… لا يمكننا أن نفهم هذا العالم
بدونها… لقد بحثنا عنها كثيرا… ولكن لم نصل إلا إلى أن “الحقيقة موجودة خلف البوابة
الكبرى”.
لسبب ما، تذكرت هذه العبارات هذا الصباح، وأنا كنت ذاهبا إلى مكان ما ليس له أي علاقة
بها، لا من قريب ولا من بعيد، وتذكرت معها بعض الذكريات الغريبة، والتي لا يمكنني أن
أجد لها تفسيرا حتى الآن.
لم أنتبه إلا على صوت أحد ما بجانبي “ستبدأ المبارزة قريبا، موها سان.”.
كما ترون، اسمي هو موها، لا أعرف نفسي بغيره، ولا يعرفني غيري بغيره، وأنا مجرد حاكم
بسيط لإقليم بسيط في امبراطورية بسيطة ، اسمها الإمبراطورية السنجارية، التي تغطي كوكب
الأرض كاملا بحكمها.
والذي ناداني قبل قليل هو امبراطور هذه الإمبراطورية بذاته، سنجر الأول، وهو أيضا
مؤسس هذه الإمبراطورية.
على العموم، كنت حاضرا في القصر السنجاري، وهو مقر الحكم الرئيسي في هذه
الإمبراطورية، لمبارزة بين ابني سنجر الأول، سنجر الثاني وميكاتويا ، ربما تقول ون أن هذه
المبارزة ليست مهمة، ولكن أهميتها تكمن في كونها أول مبارزة بين أفراد العوائل السحرية
منذ زمن طويل.
لنخبركم قليلا عن العوائل السحرية، تسمى هذه العوائل بالسحرية لكونها الوحيدة في هذا العالم
التي تستطيع استعمال السحر، وهما عائلتان، السنجاريون، وهم عائلة سنجر الأول، والماتو.
وعائلة الماتو لها صلة قرابة بالسنجاريين حيث إنهم يشتركون في أحد الأجداد، عموما، فإن
استعمال السحر محصور في هاتين العائلتين المقاربتين على الانقراض، وذلك لم يحصل إلا
لأن الطاقة السحرية لا توجد إلا معهم من بين جميع عوائل الأرض، وإلا فإن السنجاريين
والماتو كانوا يريدون كشف أسرار هذا السحر للعالم، ولكنهم لن يس تفيدوا منه لأنهم بلا طاقة،
فتركوه محفوظا معهم، ولا زلنا نبحث عن تفسير لسبب انحصاره في هاتين العائلتين فقط دون
غيرهما.
المبارزة التي ستقوم اليوم – بخلاف سابقتها – ودية، لهذا لا يجوز قتل الخصم، ولو زاد
الضرر على الخصم إلى حد معين، فإن المبارزة تنتهي، ويعتبر الطرف الساقط فائزا .
لنعد إلى صلب الموضوع، صعد سنجر الأول إلى المنصة – التي كانت مصممة له خصيصا
كونه شخصا طوله مترا ونصف المتر فقط – وسأل ميكاتويا وسنجر الثاني س ؤالا: هل أنتما
مستعدان؟
فأجابا بصوت واحد: أجل!
وحينها قال سنجر الأول بصوت عال: ابدأوا!
ولم تمض لحظات، إلا وسنجر الثاني منطلق بالسيف في وجه ميكا تشان )ونحن اعتدنا على
اختصار أسماء بعضنا البعض نظرا للمعرفة المتبادلة(، ولكن ميكا تشان تصد بسرعة.
بدأوا يتبادلون الضربات بهذه السرعة وهو مما لم يكن معتادا أبدا في أي قتال مع أي مستعمل
للسحر، ولكنني قلت في نفسي أن هذا ربما يكون لأن كلا منهما يعرف مقاربة الآخر، كونهما
أخوين شقيقين.
ولكن عندما لاحظت أن سنجر هو الذي بدأ بالهجوم، قررت أن سنجر مندفع بطبيعته ولذلك
هجم دون أن يعطي ميكا تشان أي فرصة للدفاع، ولكن يبدو أن ميكا كانت هي الأخرى تعرف
أنه سيفعل هذا لذا كانت في وضع الدفاع من البداية.
وبعد عدة ضربات تمكن سنجر من كسر دفاع ميكا، لكن قبل أن يتمكن سنجر من تسديد
ضربته قفزت ميكا بعيدا عنها، واستعملت السحر لتطلق كرة نارية في وجه سنجر الثاني
لكن…
يوجه سنجر سيفه في وجه الكرة النارية التي أطلقتها ميكا ويمتصها بكل سرعة، ثم قال: ميكا
تشان، لقد أخبرتك من قبل أن سيفي ليس طبيعيا، إنه مصنوع من بلور الفوضى الذي يمكنه
امتصاص الطاقة السحرية.
فقالت ميكاتويا: كما يبدو أنني أواجه شخصا صعب المراس.
فسكت سنجر ، وكانت ميكاتويا متجهة نحوه محاولة مهاجمته ، ولكن ينطق سنجر موقفا إياها.
” تأثير الصدمة، القيود الفراغية”، كان هذا سحرا محايدا، لا أعرف متى تعلمه سنجر، ولكنه
أبلى حسنا بإيقاف ضربة ميكا.
ذلك أنه بعد أن نطق بهذه الكلمات، امتدت أربع قيود من الفراغ وأمسكت بمعصمي وكاحلي
ميكا، رابطة اياها في الهواء، ثم أشار بيده آمرا القيود بالتمدد، فتمددت القيود حتى كادت أن
تخلع ذراعيها وساق يها وهي تحاول أن تتحمل الألم وألا تصرخ
حينها كلمني سنجر الأول فقال لي أن أحضر محفة للإسعاف، ولم يحدد لمن أحضرها، وحينما
قمت من مقعدي، فتحت ميكا تشان فاها وحاولت التلفظ بتقنية ما.
“تأثير… الصدمة… الطاقة… المضادة”، وهذا أيضا سحر محايد، كنت أعلم – نظرا لاطلاعي
على بعض كتب السحر – أن هذه التقنية تحتاج تركيزا عاليا في توجيه الطاقة، لأن أبسط
الأخطاء قد تخرج الطاقة إلى المحيط الخارجي ، وتجعل الأمر أسوأ لميكا.
في تلك اللحظة، تفككت القيود الفراغية حول ميكا، وهبطت الى الأرض، فقررت أن تهجم
على سنجر وتنهي هذا القتال.
ابتسمت بكل هدوء ومشت متجهة نحو سنجر، رافعة سيفها كأنما هي تتدرب على التلويح به،
وهوت على سنجر بالسيف كأنما هي في تدريب على الأساسيات، لكن سنجر تلفظ بتقنية ما
بهدوء: أسلوب الرياح، درع الرياح الصاعدة .
تكون حول سنجر حاجز نصف كروي من الرياح الصاعدة، وتمكن من صد ضربة ميكا
تشان.
ولكن ميكا تتلفظ هي الأخرى بتقنيتها المميزة: أسلوب النار، نيران آماراد، المستوى الثاني.
هذا الأسلوب كان غريبا علي ولم أستطع أن أفهم هدف ميكا من هذه الهجمة، إلا عندما رأيت
سنجر الثاني يتصبب عرقا بشكل مبالغ فيه. حينها عرفت أن ميكا كانت تريد أن تجبره على
ابطال الدرع باستعمال هذه التقنية، التي يمكنها أن تلصق النار بأي شيء متحرك حتى ولو
كان هواء.
ولكن سنجر فطن لذلك، فرفع سيفه إلى قمة القبة المشتعلة، وامتص كل الطاقة المتبقية سواء
من درعه أو من نارها.
ثم أدركت ميكا أنها بلا حيلة، فقالت في نفسها: لم يبق لي إلا ذلك الهجوم ، لم أجربه أبدا، ولا
أعرفه، ولكن حان الوقت لأجربه.
فنطقت ميكا بالاسم: العالم المقفل.
في تلك اللحظة، انبثقت من الأرض أربعة حوائط من الطاقة، حمراء وشفافة كالزجاج الملون
وأكملت هذه الرباعية بسقف أحمر شفاف مثلها.
خرجت من هذه الحواجز الخمس قبضات، وبدأ سنجر يصد منها ما استطاع صده، ولكن ماذا
يفعل الشخص الواحد في مواجهة عشرات القبضات.
لقد ضرب سنجر الثاني بالقبضات حتى سقط، وحينها وقف سنجر الأول، وكان الضرب
مستمرا حتى بعد أن سقط، ذلك أن ميكا لم تعرف كيف تلغي التقنية.
“تع طيل”، هكذا قال سنجر، فتوقف الضرب على سنجر الثاني.
حينئذ سألت ميكا: أوني تشان، هل أنت بخير؟
فقال سنجر بصوت مقطع: م…ميكا تشان… إنك قوية للغاية. وسقط بعدها مغشيا عليه.
بعدها نزل من المنصة شخص آخر، وكان هذا الشخص هو أيضا أحد النواب الثمانية ، ورئيس
مجلس النواب، ميرو تي ماتو، حاكم عائلة الماتو التي ليس فيها حتى هذه اللحظة إلا ثلاثة
أشخاص.
فقال له سنجر الأول: هل يمكنك ترتيب زواج ميكاتويا وابنك ميوكوندو في أقرب وقت ممكن ؟
فأجابه ميرو بالإيجاب، ولا أعلم لماذا أراد أن يزوجهم بهذه السرعة، إنها مجرد فتاة في
الخامسة عشر من العمر ، صحيح أنها لا تعتبر قاصرا هنا، ولكن هكذا…
بعد هذا حملنا سنجر عل ى المحفة ومنها إلى المستشفى.
وانتهت أحداث هذا اليوم الغريب.
بعد يومين، كان اليوم هو الرابع من ابريل في عام 2050 .
كنا نحضر زواج ميكاتويا وميوكوند و تي ماتو، ميكا هي كما تعلمون، أما ميوكوندو فهو الابن
الأصغر لميرو تي ماتو، وهو أيضا ابن خمسة عشر عاما. انتهى هذا الزواج على خير،
وبعدها خرج سنجر الأول إلى صندوق البريد ووجد هناك رسالة قرأها بسرعة ثم أوقد فيها
النار وهو يقول: يبدو أن الأمر سيصير ممتعا.
ثم أصبح علينا الصباح التالي. في ذلك اليوم استيقظ سنجر في الصباح الباكر كعادته، وجلس
لتناول الإفطار، وأخذ كوب الماء، ولم يكمله حتى.
في ذلك الوقت خرج سنجر الثاني من غرفة نومه إلى صالة الطعام حيث كان والده جالسا، لقد
صدم سنجر، لأنه رأى كوب الماء ساقطا ومكسورا، حينئذ هاتف سنجر الثاني النواب جميعا،
لكي يقول لهم كلمتين فقط.
“لقد سقط.”
النهاية.