روح القلادة الغامضة - 5
**الفصل الخامس: المهمة**
كان الصباح باردًا والضباب يلف الغابة الكثيفة التي أحاطت بالمقر السري للمقاومة. استيقظ كايروس مبكرًا، ورغم الألم الذي لا يزال يراوده في كل عضلة من عضلاته بسبب تدريبات الأمس، إلا أن عقله كان مشغولًا بما هو آتٍ. اليوم سيخوض أول مهمة حقيقية له خارج المقر، برفقة القائد ذي المرتبة الثالثة والعشرين وفريقه.
حين وصل إلى الساحة، كان الفريق مستعدًا، وكل فرد فيهم يرتدي عتاده الخاص. كان القائد يقف بجانب خريطة كبيرة مرسومة على الأرض، يُلقي عليهم آخر التعليمات. كانت عيونه الصارمة تراقب الجميع، لكنه توقف للحظة لينظر إلى كايروس. كان واضحًا أنه يتساءل إن كان الفتى مستعدًا لهذه المهمة.
“تذكروا، هذا ليس تدريبًا. الأعداء الذين سنواجههم هذه المرة لن يترددوا في قتلكم إذا سنحت لهم الفرصة. نتحرك بصمت، ننجز المهمة، ونعود قبل أن يلاحظ أحد غيابنا.”
أومأ الجميع برؤوسهم، وكان كايروس يحاول إخفاء التوتر الذي بداخله. لقد تدرب بقسوة خلال الأيام الماضية، لكنه لم يكن مستعدًا نفسيًا لمواجهة العدو الحقيقي بعد. ومع ذلك، لم يكن أمامه خيار سوى التقدم.
انطلقوا في الغابة، وكانت حركاتهم متناغمة ومدروسة. لم يكن هناك صوت سوى الرياح التي تعبث بأوراق الأشجار. كانوا يعرفون طريقهم، فقد تم تدريبهم على كل خطوة يخطونها. لكن كايروس شعر بوجود شيء غير طبيعي. كان لديه إحساس غريب بأن هناك من يراقبهم.
عند وصولهم إلى الموقع المستهدف، كانت الأجواء مشحونة بالتوتر. كان عليهم اختراق معسكر صغير تابع للإمبراطورية، وجمع معلومات حول حركة القوات في المنطقة. بدأت الأمور تسير كما خطط لها. الفريق قسم نفسه إلى مجموعات صغيرة، كل مجموعة تؤدي دورها في الخطة.
لكن فجأة، حدث ما لم يكن في الحسبان. انطلقت صافرة إنذار من أحد الأبراج، تلتها صرخات جنود الإمبراطورية. كانوا قد اكتشفوا وجودهم. تحول الهدوء إلى فوضى عارمة في ثوانٍ. اشتبك الفريق مع الجنود، والسيوف تتلاقى في الهواء، وتصدح أصوات السحر في الأرجاء.
كايروس وجد نفسه في قلب المعركة. كان يقاتل بشراسة، محاولًا استعادة كل ما تعلمه في تدريباته. لكن عدد الأعداء كان كبيرًا جدًا، وكان يبدو أن المهمة ستنتهي بكارثة. بينما كان يحاول إيجاد مخرج، ظهر أمامه قائد فرقة الفرسان السحريين.
كان هذا القائد هائل البنية، يرتدي درعًا مظلمًا ويُحيط به هالة من القوة السحرية. لم يكن كايروس مستعدًا لمواجهته، لكنه لم يتراجع. بدأ القتال بينهما، وكل ضربة كانت تزداد قوة وشراسة. لكن سرعان ما أدرك كايروس أنه لن يتمكن من الانتصار عليه بمفرده.
بعد معركة مريرة، كان القائد قد بدأ يفقد توازنه. شعر كايروس بشعور غريب، وكأنه شيء ما كان يراقبهم. بعد لحظات، استطاع كايروس توجيه ضربة أخيرة جعلت القائد يسقط على ركبتيه، مثخنًا بالجراح. عندما كان كايروس يستعد لإنهاء الأمر، شعر فجأة ببرودة شديدة تحيط المكان.
عندما هدأت الفوضى، وقف “كايروس” بصعوبة. كانت المعركة قد دمرت كل شيء من حوله. أصدقاؤه من المقاومة كانوا يحاولون النهوض من بين الأنقاض. لكن شيئًا ما كان مختلفًا، شعور غير مريح يجتاح كيانه.
فجأة، وقبل أن يتمكن من فهم ما يجري، ظهرت يد قوية من العدم، وأمسكت برقبته بقوة لم يتوقعها. كانت القبضة باردة كالثلج، وكان قلب “كايروس” ينبض بسرعة من المفاجأة والخوف.
رفع رأسه ببطء، ليرى وجه “سيلفر” المظلم، يقف أمامه وعلى شفتيه ابتسامة باردة. كانت عيناه تتلألآن بشكل مروع، وعندما تكلم، كان صوته عميقًا ومخيفًا.
“مرحبًا، هل اشتقت لي؟” قال “سيلفر” بنبرة هادئة ولكنها تحمل تهديدًا واضحًا.
شعر “كايروس” بالرعب يتسرب إلى عروقه، غير قادر على الرد أو التحرك، وكأنه في مواجهة قوة لا يمكن الهروب منها. كانت هذه اللحظة تعلن عن قدوم شيء أكبر وأكثر رعبًا مما تخيله.
—
يتبع